الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومة المؤمنة والعاقلة هي من يوحدنا

عماد صلاح الدين

2006 / 11 / 13
القضية الفلسطينية


أثبتت الأيام من حياة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت قهر واعتداء وظلم العدو الصهيوني أن الذي يجمع ويوحد هذا الشعب بكافة قواه وفصائل عمله السياسي والنضالي هي المقاومة ومواجته بكل ما هو متاح من امكانات ووسائل ، حالة التوحد والتكافل والتضامن والتلاحم للشعوب المحتلة والمغتصبة حالة طبيعية لايمكن أن يناقش أو يجادل حولها المرء ، بل العكس تكون حالة التلاحم والتوحد الشعبي في حالة الاحتلال أكثر منها في الاوضاع العادية حيث الحرية والاستقلال والاستقرار ، فمن من المعروف إجتماعيا وإنسانيا على وجه العموم أن الناس يتقاربون أكثر حينما تعصف بهم المشاكل والازمات ، فكيف بالامر حينما تكون المشكلة والازمة العاصفة هي الاحتلال أبغض أنواع الازمات والعواصف الانسانية ،على الاطلاق ،على مر التاريخ .

حينما تتعرض شعوب الأرض إلى الاحتلال فإن الخيار الطبيعي والاساسي والاستراتيجي لها ، والذي لامفر لها عنه هو لاشك خيار المقاومة بكافة اشكالها الايجابية والفاعلة وفي القلب والاساس منها المقاومة العسكرية أو الكفاح المسلح ، بل إنه في الفلسفة السياسية الاساسية لقيام ونشوء حركات التحرر الوطني هو أنها قامت من اجل مقاومة الاحتلال واتباع الكفاح المسلح ضده حتى دحره ، فمثلا فإن الفلسفة والسبب وراء إنشاء حركة فتح ومنظمة التحرير هو تحرير فلسطين باستخدام اسلوب الكفاح المسلح ضد الاحتلال الصهيوني وهذا واضح من ميثاقها وميثاق منظمة التحرير لكن قبل تعديل ميثاق الاخيرة بموجب أوسلو سنة 1996 في غزة .

رغم ما أصاب الشعب الفلسطيني خلال هذه الايام من مجازرة بشعة ونازية على أيدي قوات الاحتلال الصهيونية في بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا وجنين ، بحيث أدمت القلوب وأدمعت العيون وبللت المقل وتركت جرحا عاماأصاب الفلسطينيين جميعا أينما كانوا وحيثما وجدوا ، إلا أنه على اية حال ثبت بما لايجد مجالا للشك أن خيار المقاومة هو الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني ، وأن حديث البعض ممن لايزال ينخدع بوهم وأكذوبة السلام الزائف والتفاوض العبثي حول أن التفاوض والخيار السلمي مع اسرائيل هو خيار استراتيجي للشعب الفلسطيني هو حديث لايقبله العقل والمنطق والتجربة والتاريخ .

فاللذين فاوضوا المحتل وعقدوا معه الاتفاقيات المختلفة دون أن يأخذوا رأي الشعب لا قبل التفاوض ولا اثناءه ولابعده ودون أن يتمسكوا بالحد الادنى من حقوق الشعب الفلسطيني ضمن مرجعية بينة وواضحة ، ودون أيضا أن يجعلوا المقاومة خيارهم الاساسي والداعم لتحقيق الحقوق واسترجاعها ، لم يجلبوا لنا سوى المزيد من الاحتلال والدمار وسرقة المزيد من الاراضي وبناء المستوطنات عليها واستقدام المستوطنين اليها ، والجدار وعزل الاغوار أصبحت ضرورة أمنية اسرائيلية بنظر المجتمع الدولي حيث المبرر أننا بمقاومتنا إنما نمارس الارهاب بحق دولة اسرائيل الوادعة والآمنة ، أصبحنا إرهابيين بفضل عبقرية عرابي السلام الفلسطينيين حينما قبلوا بتجريم المقاومة المشروعة تحت بند وشرط نبذ الارهاب .

عملية السلام المخادعة جلبت لنا كل الشرور من آفة السلطة ومؤسساتها البائسة التي تتناسب مع مقاسات أهل التنازل والانبطاح السياسي والاخلاقي ومن ثم الاستغراق بالفساد المالي والاداري كعلف للذين باعوا الاوطان وتنازلوا عن حق اللاجئين بالعودة وقايضوا القدس بالملايين من الدولارات الامريكية وببعض اكياس العلف الرديء للشعب .

فريق الانبطاح والتنازل الفلسطيني جلب علينا كل المشاكل والمآسي ، وما حالة الحصار والدمار المطبق من كل صوب وحدب إلا نتيجة للخطايا الكبيرة التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني ، بخطاياهم أصبحنا عرضة للابتزاز السياسي والاخلاقي عبر ربطنا اقتصاديا وماليا بإسرائيل وتسوليا بالدول الاوروبية العالفة .

إن حالة التناحر والاقتتال الداخلي الفلسطيني فضلا عن حالة الفلتان الامني التي يقودونها بشكل فاضح وعلني ، كل هذه الآفات إنما هي نتيجة اعمالهم وانتهاجهم لخط ورؤية سياسية لاتخدم بالمطلق مصالح الشعب الفلسطيني وإنما تخدم المصالح الامريكية والصهيونية .

تيار البيع الرخيص الفلسطيني خطه الاساس هو الاعتراف والتنازل وتجريم المقاومة والتمسك باتفاقات هزيلة داسها الامريكان والصهاينة ،منذ زمن باقدامهم، ولم يتغير حالهم ونهجهم حتى في ظل المجازر التي ارتكبت وترتكب يوميا بحق الشعب الفلسطيني ، ففي اللحظة التي كان الشعب الفلسطيني يغلي غيظا ويشتعل ناراعلى الاحتلال على ما اقترفه من قتل الابرياء من أطفال ونساء وشيوخ وإبادة عائلات باكملها كعائلة العثامنة، لم يتورع السيد عباس عن ادانة المقاومة وتحميلها المسؤولية لكونها تدافع عن نفسها وعن شعبها ، وأما المفتي الاكبر والناطق المظفر في التصريحات والتحليلات السيد جمال نزال هو الآخر لم يستح عن قول أن اطلاق الصواريخ تستغل من قبل بعض الفصائل لاغراض سياسية تحول دون فتح أي آفاق للتسوية أنها بالتالي تتساوق مع الذي يريده الاحتلال.

مشكلة الشعب الفلسطيني ومأزقه الحقيقي هو بوجود هؤلاء المستسلمين والكاذبين المنبطحين المفرطين، وبوجود السلطة التي لاتحمي شعبها وغير مؤهلة لأن تصبح مشروعا وطنيا حقيقيا ، بل هي عبء وعائق أمام مشروع التحرر الوطني الفلسطيني ، صدقوني إذا ما تم التخلص من هؤلاء وآفتهم المسماة السلطة فإن الشعب الفلسطيني حتما سيسير في الاتجاه الصحيح .

رغم الحديث عن أنه بات الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية قاب قوس أو ادنى وأنه تم الاتفاق على الاسس والقواعد وبقيت الامور الفنية والاجرائية فقط ، إلا أنه من حق المرء أن يتساءل هل عباس ومن معه يريدون فعلا حكومة وحدة وطنية أم أنهم فقط يناورون كما هي مناوراتهم التي اعتدنا عليها ومللناها وبتنا لانصدقها ، أليس من الممكن بعد الاتفاق على القواعد والاسس أن يصر عباس ورجال الرئاسة على ترشيح قيادات في حركة فتح لاتقبلها حماس لأنها أصلاغير مقبولة من الشعب الفلسطيني ثم بعد ذلك ليلقوا باللائمة على حركة حماس كونها لاتريد التوافق والاتفاق ثم يقوم عباس باستقدام قوات بدر الاردنية التي اتفق بشأنها مع أولمرت والتي أعلن الأخير اليوم رسميا عن الموافقة على إدخالها وعن دعم مؤسسة الرئاسة والرئيس الذي امتدحه أولمرت على أنه شخص وطني لأنه ضد المقاومة ، أمريكا وإسرائيل وعباس وبعض الانظمة العربية تريد تأليب الشعب الفلسطيني أكثر على حماس حتى يصل الامر لدرجة أن يثور الشعب في وجه حماس من أجل القبول بالشروط الامريكية والصهيونية ومن بينها العمل ضد المقاومة ومنع إطلاق الصواريخ بالقوة من خلال قوات بدر وربما أيضا من خلال قوات مراقبة دولية لعزل القطاع عن الصراع الدائر .

سأكون متفائلا جدا ، على فرض أنه تم تشكيل حكومة وحدة وطنية فهل ستستمر هذه الحكومة ؟، هل سترفع الحصار ، أم أنها ستكون فاتحة للضغط على حماس أكثر للمزيد من التنازل ، ليري عباس الشعب الفلسطيني بأن الحل في رفع الحصار لايكون إلا بالقبول الصريح والواضح بالشروط الدولية ، وأنه بالتالي هوومن معه من الاشاوس من يفهمون الواقع الدولي أكثر من غيرهم ، ولذلك لابد من الاستماع اليهم لا إلى غيرهم .
عباس ،على فرض تشكيل حكومة الوحدة ، يريد أمرا معينا منها وربما هو أن يصل بحماس إلى الاعتراف بالشرعية الدولية ومن ثم الانقلاب على كل شيء كما فعل في حوار القاهرة طلب من الفصائل المقاومة التهدئة وماأن حصل على مطلبه أدار الظهر للمطالب الاخرى ومن بينها إعادة اصلاح وبناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس سليمة .
على حماس أن تدرك أن الدخول في جزئيات وتفاصيل المشكلة هو ضرب من العبث ، علاج المشكلة عقليا ومنطقيا يكون دوما من أساسها ، الأساس أن هنالك اتفاقات وسلطة باطلة وجماعة من المنبطحين معيارها المزيد من الامعان في الباطل وارتكاب الخطايا بحق الشعب والقضية ، لذلك عليكم العمل على إزاحة هذه العناصر الثلاثة الباطلة لتصحيح المسار والبوصلة .

المسار الصحيح والبوصلة الموصلة إلى الهدف الوطني الفلسطيني هو انتهاج وسلوك استراتيجية المقاومة العاقلة والمؤمنة بأحقية وشرعية ما تقوم به ، وهي التي توحد الفلسطينيين وتجمع شتاتهم وترأب صدع خلافاتهم وتناحرهم وتفرقهم ، خيار المقاومة والدم يجعل حتى المنبطحين يتوارون خجلا من عارهم وشنارهم وليس أدل على ذلك من موقف الحد الاجباري الاقصى لبعضهم مما حدث من تلاحم وتضحيات النساء والاطفال في بيت حانون .

11 – 11 – 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يحصل على -الحصانة الجزئية- ما معنى ذلك؟ • فرانس 24


.. حزب الله: قصفنا كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا ردا على




.. مشاهد من كاميرا مراقبة توثق لحظة إطلاق النار على مستوطن قرب


.. ما الوجهة التي سينزح إليها السكان بعد استيلاء قوات الدعم على




.. هاريس: فخورة بكوني نائبة الرئيس بايدن