الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرب وحواره المشروط

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2006 / 12 / 9
ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن


يصر بعض المثقفين الغربيين على إدخال الحوار بين الحضارات إلى صومعة الصدام , نظراً لافتقاده إلى جملة الشروط التي يضعونها أمامه , ولعل أهمها في هذا الصدد , قضية الديمقراطية التي من خلالها تتحدد شروطهم التعجيزية , سواء في استئناف الحوار أو السير قدماً في طريق الصدام الحضاري .
الملاحظ أن الحوار المطلوب تطبيقه جرت قولبته وفقاً لرؤى الغرب بما يحقق مصالحه السياسية أولاً, أضف إلى ذلك أن الحوار لا يتم بدون لغة حاضنة وراعية
له , وهذا شرط آخر يحتم استخدام لغة الغرب سبيلاً للحوار وليس لغة الشرق.
إنّ ما يتعرض له الغرب من عمليات تفجيرية طائشة بين فترة وأخرى , لا يقتصر اتهامه فيها لجماعات إسلامية بعينها , بل يسعى إلى تعميم اتهاماته , ليؤمن على مصالحه وليحقق غرضين جوهريين في أن واحد ,
الأول: للثأر من بعض الدول والجماعات وتصفية ما تبقى معها من حسابات قديمة طويت بفعل ظروف قاهرة .
الثاني: لتنميط التفكير الإسلامي وإخضاعه للثقافة الغربية قسراً , والوصول به إلى الكونية أو العالمية التي يريد.
ويزداد الحوار صداماً بين الشرق والغرب نتيجة الخلط المتعمد بين أطراف الحوار , كل طرف أضحى مخول بالحديث نيابة عن الآخر, بمعنى أن السياسي انتهك حرمة الديني , والديني تطفل على الإيديولوجي , بذلك تعمقت رؤية الغرب سوداويةً في حواره مع الشرق الإسلامي واعتباره بؤرةً من بؤر التطرف الخطيرة.
بالعودة إلى إحدى أهم شروط الحوار المطلوب غربياً , ألا وهي قضية الديمقراطية, الواضح أن الغربيين استغلوا هذه القضية ليملوا ما لديهم من شروط أساسية للحوار بدلاً من أن تكون موضوعاً له , فشرط الديمقراطية يكاد يكون مفجراً لصدامات هوجاء بين الشرق والغرب , المعروف أن فكرة الديمقراطية صناعة غربية صرفة , وهو ما أعطى الغربيين الشرط الأكبر والسبب الكافي للاستعلاء في حوارهم مع الشرق , بالزعم أنّ الإسلام لم يعرف الديمقراطية قط , كما أنه لا يشجع عليها , إضافةً إلى ظاهرة تفرد الأنظمة العربية بالحكم , يزيد من شروطهم ويصعد من تأجيجهم للصدام مع الشرق.
القول بأنّ الإسلام يخلو من الديمقراطية يقابله في الجهة الأخرى خلو المسيحية واليهودية من الديمقراطية أيضاً , باعتراف الغربيين أنفسهم, لم تبشر المسيحية بالديمقراطية يوماً , وبالتالي إن ما يسمى بحوار الحضارات أو صدامها , ما هو إلا حوار بين سياسات ومصالح دولية تتصارع على بسط نفوذها في مناطق واسعة من العالم , فتغدو عندها الحضارات مرهونة بحوار السياسات قبل كل شيء , فإمّا أن تتصادم في حال تصادمت المصالح , أو أن تتلاقى حين يتم الاتفاق .
طبيعة الحوار التي يهدف من ورائها الغرب مع الإسلام , أن يتم إفساح المجال أمام القيم الغربية التي لم تجد لها منفذاً للسريان في عروق الشرق , وهذه القيم تتمثل بالديمقراطية الغربية المتعارضة مع عقائد وتراث الشرق , وعليه , فإن الحوار يستهدف تغيير ونسف العقائد الدينية وفرض عقائد سياسية تتجاوب مع شروط الغرب ومتطلباته.
كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معدن اليورانيوم يتفوق على الجميع


.. حل مجلس الحرب.. لماذا قرر نتنياهو فض التوافق وما التداعيات؟




.. انحسار التصعيد نسبيّاً على الجبهة اللبنانية.. في انتظار هوكش


.. مع استمرار مناسك الحج.. أين تذهب الجمرات التي يرميها الحجاج؟




.. قراءة عسكرية.. ما مدى تأثير حل مجلس الحرب الإسرائيلي على الم