الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسمالية العنصرية الصهيونية في فلسطين

زهير الصباغ

2023 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


تتناول المقالة البحثية التالية قضية الرأسمالية العنصرية في فلسطين. سيتم أولا تقديم بعض التعريفات لكل من الرأسمالية العنصرية والعنصرية، بعدها سيتم دراسة تطور الرأسمالية الاستعمارية في فلسطين، من قبل كل من الإمبريالية البريطانية والاستعمار الاستيطاني الصهيوني. وخلال ذلك، سيتم قياس الاختراق الراسمالي للاستعمار الاستيطاني الصهيوني، بموجب القانون الدولي.
تعريف الرأسمالية العنصرية
حاول عدد من الناشطين والأكاديميين وعلماء الاجتماع تعريف ظاهرة الرأسمالية العنصرية. لقد عالجوا هذا المفهوم من زوايا مختلفة وتوصلوا إلى عدد من التعريفات.
أول من استخدم مفهوم الرأسمالية العنصرية كان "... الحركة المناهضة للفصل العنصري في لندن عام 1976، حيث نشرت كتيبا بعنوان الاستثمار الأجنبي وإعادة إنتاج الرأسمالية العنصرية في جنوب أفريقيا. "... (1)
عرَّف ماثيو فيغا، مرشح الدكتوراه في جامعة شيكاغو، الرأسمالية العرقية على النحو التالي: ... يقصد بالمصطلح وصف العلاقة التاريخية أو النظرية بين العرق والرأسمالية. يتتبع المؤرخون كيف تستمر هذه العلاقة وتتكيف عبر الزمان والمكان والقطاعات الاقتصادية. يحاول المنظرون فهم هذه العلاقة: هل العلاقة بين العرق والرأسمالية ضرورية أم طارئة؟ هل العرق ظاهرة عرضية للنظام الرأسمالي؟ هل تحافظ على منطقها الخاص؟... (2)
وفقا لتعريفGargi Bhattacharyya ، عالم الاجتماع البريطاني،
"الرأسمالية العنصرية ليست وصفا لكيفية تعامل الرأسمالية مع "المجموعات العرقية" المختلفة. إنه سرد لكيفية تشكيل العالم من خلال العنصرية لأنماط التطور الرأسمالي. في هذا، تفهم الرأسمالية العرقية بشكل أفضل على أنها مجموعة متنوعة من الحرف العرقية في المجال الاقتصادي ".(3)
عرَّف شون إيلينج، الصحفي الأمريكي، الرأسمالية العنصرية داخل الوسط الأمريكي، على أنها،
... عملية الحصول على نوع من المنفعة الاجتماعية أو الاقتصادية من الهوية العرقية لشخص آخر. في الولايات المتحدة، عادة ما يشمل هذا، وإن لم يكن دائما، الأشخاص البيض الذين يستفيدون من الهوية العرقية غير البيضاء. وذلك لأن الأشخاص البيض في الولايات المتحدة هم أكثر عرضة لأن يكون لديهم القوة والموارد لاستخدام هوية شخص آخر لإفادة أنفسهم. (4)
على ما يبدو، فَهِم كلا الكاتبين الرأسمالية العنصرية كنظام اقتصادي يشكل التنمية الرأسمالية ويستفيد من الهوية العرقية غير البيضاء. ومع ذلك، اعتبر أكاديميون آخرون الرأسمالية العنصرية، انها،
... ليست دائما اقتصادية بالمعنى المباشر، على الرغم من أنه قد تتحول في كثير من الأحيان إلى مصطلحات اقتصادية. على سبيل المثال، قد يسمح الحصول على رأس المال العرقي لشخص ما بإبعاد اتهامات العنصرية. قد يوفر المصداقية في اتخاذ القرارات التي تؤثر على السياسة العامة. أو قد يسمح لمؤسسة ما بتجنب المسؤولية القانونية عن التمييز القائم على العرق. (5)
تعريف العنصرية
هناك تعريفات مختلفة لمفهوم العنصرية. وسأذكر بعضها الذي قد يوفر بعض الوضوح لهذه الظاهرة المعقدة.
وفقا لموسوعة بريتانيكا، فان العنصرية، ... والاعتقاد بأن البشر يمكن تقسيمهم إلى كيانات بيولوجية منفصلة وحصرية تسمى "الأجناس"؛ أن هناك علاقة سببية بين السمات الجسدية الموروثة وسمات الشخصية والفكر والأخلاق وغيرها من السمات الثقافية والسلوكية؛ وأن بعض الأجناس متفوقة بالفطرة على غيرها. ينطبق المصطلح أيضا على المؤسسات والأنظمة السياسية أو الاقتصادية أو القانونية التي تشارك في التمييز على أساس العرق أو تديمه أو تعزز عدم المساواة العرقية في الثروة والدخل والتعليم والرعاية الصحية والحقوق المدنية وغيرها من المجالات ... .(6)
وينبغي التأكيد على أن "... العنصرية هي ليست التشنج. إنها نمط من العلاقات الاجتماعية. كما أنها ليست شيئا يمكن أن تتمثل من تلقاء ذاتها. إنها موجودة فقط كما يتم استنساخها داخل ترتيبات اجتماعية محددة في مجتمعات محددة وفي ظل ظروف محددة تاريخيا للقانون والدولة والسلطة الطبقية ".(7)
علاوة على ذلك، "... فان العنصرية ليست نتاجا عضويا للطبقة العاملة، التي تسعى جاهدة نحو الوحدة، بل هي إرث القذارة الذي يورثه الرأسماليون. العنصرية سم، وسم قوي في ذلك. ومع ذلك، لا يوجد سم قوي لدرجة أنه يمكن أن يعيق التاريخ إلى الأبد ".(8)
وبالتالي، يعتقد كلا الكاتبين، أدولف ريد وماركو لاغروتا، أن العنصرية ليست حالة شريرة أبدية ولا مصيرا لا يمكن القضاء عليه. وبناء على ذلك، إذا تمكن المجتمع البشري من تغيير بيئته الاجتماعية والاقتصادية بشكل جذري، يمكن القضاء على العنصرية. وبعبارة أخرى، فإن إقامة نظام اشتراكي ديمقراطي حقيقي قد يساعد في القضاء على ممارسة العنصرية.

إدخال الرأسمالية الاستعمارية في فلسطين
بادئ ذي بدء، تم إدخال الرأسمالية الأوروبية إلى الإمبراطورية العثمانية الإقطاعية في أواخر القرن التاسع عشر. من خلال الانخراط في سياسة التجارة والقروض، تمكنت أوروبا الرأسمالية من المساعدة في تحويل الإمبراطورية العثمانية من اقتصاد إقطاعي إلى اقتصاد رأسمالي.
ومع ذلك، تحول الاقتصاد الفلسطيني إلى أسلوب الإنتاج الرأسمالي عندما احتلت فلسطين من قبل بريطانيا الاستعمارية في عام 1917. علاوة على ذلك، ترسخت الرأسمالية في فلسطين بسبب تدخل الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، حيث شكلت بريطانيا بمثابة بلدها الأم. عمل كل من الاستعمار البريطاني والاستعمار الاستيطاني الصهيوني كقوة خارجية مهيمنة للرأسمالية العنصرية.
تم فرض القوانين الاقتصادية الراسمالية للاقتصاد الفلسطيني من قبل الحكم الاستعماري البريطاني ورسخها الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.
القانون الدولي والرأسمالية العنصرية
يحظر القانون الدولي، المنطبق على الضفة الغربية المحتلة، الضم ونزع الملكية وتدمير الممتلكات وإنشاء المستوطنات الاستعمارية. وتعتبر كل من لوائح لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، هذه التدابير الإسرائيلية غير قانونية.
عندما يتعلق الأمر بالملكية الخاصة والعامة، ينص القانون الدولي على ما يلي:
"مصادرة الممتلكات الخاصة من قبل المحتل محظورة". و"يحظر تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها، إلا إذا اقتضت الضرورة العسكرية ذلك بصورة قصوى أثناء سير الأعمال العدائية".(9)
"لا يكتسب المحتل ملكية الممتلكات العامة غير المنقولة في الأرض المحتلة ، لأنه مجرد مدير مؤقت... ." (10)
علاوة على ذلك "يحظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للسكان من الأراضي المحتلة وداخلها". في حين أن "نقل السكان المدنيين التابعين لسلطة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة محظور، بغض النظر عما إذا كان قسريا أو طوعيا". (11)
التراكم عن طريق نزع الملكية
تستند أنظمة المستوطنين في حكمها في المقام الأول إلى نهب السكان الأصلانيين واستغلالهم. وصادر المستوطنون الاستعماريون الإسرائيليون الأراضي المملوكة للفلسطينيين وموارد المياه والغاز والنفط في بحر غزة.
أدت البلترة القسرية للفلاحين الفلسطينيين إلى انتاج عمال جدد. لم يكن من المفترض أن يتم توظيف هؤلاء العمال من قبل المصانع الصهيونية، ولكن تم توظيفهم من قبل مقاولي البناء، الشركات، الكيبوتسات، والخدمات الإسرائيلية.
وبالتالي، يمكن تقسيم الطبقة العاملة الإسرائيلية إلى مجموعتين متميزتين من العمال: العمال اليهود الإسرائيليون، والعمال العرب الفلسطينيون. كونهم مستوطنين، فإن العمال اليهود يضمرون كراهية عنصرية تجاه العمال العرب الفلسطينيين. إنهم لا يتعاطفون مع العمال العرب الفلسطينيين، بالرغم من تعرضهم للتمييز، وتلقيهم أجورا أقل من العمال اليهود، وتعرضهم للاستغلال أكثر من قبل البرجوازية الاستيطانية الصهيونية. كما أن العمال اليهود لا يرون أي مصالح مشتركة مع العمال العرب الفلسطينيين.
الاستعمار الاستيطاني والرأسمالية العنصرية
مارس كل من نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وصهيونستان (12) الإسرائيلي سياسات مماثلة تجاه سكانهما الأصليين. وبالتالي، يمكن تعريف صهيونستان بأنها: أرض خصصتها إسرائيل للفلسطينيين الأصلانيين ومنحتهم الاستقلال المحلي مع ضمان تبعيتهم السياسية والاقتصادية لإسرائيل. تأسست هذه الصهيونستانات تدريجيا في الفترة 1993-2020، ككيانات منفصلة عنصريا في الضفة الغربية وسابقا في قطاع غزة. وفي وقت لاحق، وفي عام 2005، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي إريك شارون تفكيك المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية من قطاع غزة.
السياسات الاستعمارية الاستيطانية داخل نظامي الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وإسرائيل الصهيونية، متشابهة جدا في الممارسة. وفيما يلي لمحة عن هذه السياسات.
(أ‌) الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ويستند الاستعمار الاستيطاني إلى النهب الاستعماري للسكان الأصلانيين. نهب نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا للأراضي الصالحة للزراعة والموارد المائية للسكان الأصلانيين الأفارقة وقام بتطهيرهم عرقيا داخل أراضي جنوب إفريقيا. حتى بعد الزوال السياسي لنظام الفصل العنصري، لا يزال المستوطنون البيض في جنوب إفريقيا يمتلكون "... اثنان وسبعون في المائة من الأراضي التي يملكها الأفراد في البلاد. ..." (13) بالإضافة إلى ذلك، لا تزال البرجوازية الاستيطانية البيضاء تسيطر على المواد الخام الكاملة في جنوب إفريقيا.
(ب‌) الصهيونستان الإسرائيلي
ذكر الكاتب الإسرائيلي، إيال وايزمان، كيف أن الجيش الصهيوني في عام 1948 قام "... بتطهير 90٪ من بدو النقب عرقيا باستخدام أساليب وحشية مثل: القتل، الاقتلاع، حرق الخيام، هدم البيوت الحجرية، تدمير آبار المياه، وقصفهم بالطائرات الحربية. ..." تعرض البدو الذين بقوا في النقب لحكم عسكري استعماري، فرض عليهم في الفترة (1948-1966)، ثم أعيد توطين جزء منهم في سبع بلدات معزولة تحيط بمدينة بئر السبع اليهودية ... (14)
تعرض البدو الذين بقوا في النقب لحكم عسكري استعماري (1948-1966) ، ثم أعيد توطين جزء منهم في سبع بلدات معزولة تحيط بمدينة بئر السبع اليهودية... (15)
أنشأ المستوطنون الاستعماريون الصهاينة كيانات خاصة للفلسطينيين الأصلانيين، داخل الضفة الغربية. وقد وصفت هذه المناطق الفلسطينية التي يحكمها الصهاينة داخل الضفة الغربية بمصطلحات مختلفة مثل: "مناطق الحكم الذاتي" و "الكانتونات الفلسطينية" و "البانتوستانات" الفلسطينية. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار هذه المصطلحات سوى تسمية خاطئة. إنها غير كافية، وفي الوقت نفسه، تكشف عن عدم وجود مصطلح موجز لوصف هذه الكيانات السياسية بدقة. لذلك، قررت أن أسميهم "صهيونستان"، وهو الاسم الذي صغته لوصف الكيان الشبيه بالفصل العنصري الذي طوره المستعمرون الاستيطانيون الإسرائيليون. هذا المفهوم الجديد أكثر ملاءمة لطبيعتها الاستعمارية ويمكن أن يصف بشكل كاف سماتها الشبيهة بالفصل العنصري الاستيطاني.

البدو والماعز الأسود والاستعمار الاستيطاني الصهيوني

في عام 1948، قررت البرجوازية الاستيطانية الصهيونية القيام بالتطهير العرقي للبدو الفلسطينيين في منطقة النقب الجنوبية. تم إجلاء جزء من البدو إلى قطاع غزة، الذي كان في حينه تحت الإدارة العسكرية المصرية، بينما تم إجلاء الآخرين إلى الأردن والضفة الغربية، اللتين كانتا تحت الحكم الأردني. تم تأكيد جريمة الحرب هذه من قبل كاتب إسرائيلي يدعى إيال وايزمان.
في كتابه بعنوان "عن الصهيونية وأهل النقب"، "... ذكر المؤلف كيف قام الجيش الصهيوني بالتطهير العرقي لبدو النقب.
وتجدر الإشارة إلى أن حملة عداء عنصري شنتها كل من الإمبريالية البريطانية والاستعمار الاستيطاني الصهيوني ضد السكان الأصلانيين الفلسطينيين وماعزهم السوداء. واتهم كلاهما بالتسبب في تصحر الأرض وتدهور خصوبتها، لأن الماعز السوداء أكلت كل عشب أخضر وكل شجيرة استطاعت العثور عليها.
وردا على ذلك، تم سن عدد من القوانين الراسمالية من أجل القضاء على هذا "الخطر" المتصاعد.
ولحل هذه المشكلة، سن البرلمان الصهيوني عددا من القوانين الاستعمارية. ويحظر أحد هذه القوانين تربية ورعي الماعز الفلسطيني الأسود من خلال فرض إجراءات صارمة تجعل من المستحيل أن تكون الماعز مملوكة بشكل قانوني. كان ما هو مسموح به بموجب هذا القانون، هو اقتناء ورعي الماعز في الأراضي المملوكة ملكية خاصة على أساس رأس ماعز واحد لكل 40 دونما من الأراضي البعلية، أو 10 دونمات من الأراضي المروية، أي كامل مساحة القرية لقطيع متوسط الحجم! كما أنه يحظر، بشكل صارم، كل من رعي الماعز في الغابات أو المناطق المخصصة للغابات، ومرورها وحركتها في الأراضي التي لا تنتمي إلى مالك القطيع، بما في ذلك ما يسمى بأراضي الدولة. يحق للمفتش المعتمد الدخول إلى أي مكان وفي أي وقت (باستثناء داخل المنازل) للبحث عن الماعز، وحجز "الماعز غير القانوني" وبيعها بسعر يحدده ممثل وزارة الزراعة، ومن ثم يسترد صاحب القطيع ثمن ماعزه بعد خصم نفقات النقل، الحيازة والبيع. بموجب هذا القانون، يعاقب أي شخص يخالفه بالسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر، أو غرامة قدرها 150 ليرة، أو كليهما. (16)
خلال المناقشات البرلمانية لهذه القوانين، سأل عضو البرلمان شلومو ليفه المدير العام لوزير الزراعة: "لماذا التمييز بين الماعز والأغنام؟" بقي سؤاله دون إجابة، مثل سؤاله التالي، الذي لم تتم الإجابة عليه أيضا: "أنت تدعي أن الماعز دمرت النقب، ألم تعتقد أن ما دمر النقب هو قلة الأمطار؟"(17)
أما المدير العام لوزارة الزراعة الإسرائيلية، فقد أعلن في جلسة اللجنة الاقتصادية التي ناقشت، في 20-6-1950، قانون الخراب الذي يسببه الماعز: "إن قضية الماعز قضية خطيرة، ولا يمكن الاستخفاف بها. أصبحت البلاد أرضا قاحلة وخرابا بسبب العرب وبسبب الماعز. لقد تخلصنا من العرب، ويمكننا التخلص من الماعز". (18)
زراعة أشجار الصنوبر لخلق مظهر من الطبيعية الأوروبية
وفقا للكاتب الفلسطيني جمال زحالقة، استخدمت الدولة الصهيونية القوانين وزراعة أشجار الصنوبر من أجل تحقيق ثلاثة أهداف (19):
1. محو وإخفاء آثار مئات القرى الفلسطينية المهجرة، ومنع عودة اللاجئين النازحين بشكل دائم.
2. تقديم مظهر أوروبي مشابه لما اعتادت عليه عيون المستوطنين القادمين من بعيد.
3. خلق حقائق على الأرض، حيث تهدف المضايقات إلى تثبيت الاستيلاء على الأرض، وجعلها أرض محمية يمكن استخدامها لأغراض المشروع الإسرائيلي الصهيوني في أي وقت.
وتابع المؤلف جمال زحالقة تحليله بالتأكيد على أنه: ... كانت إحدى الخطوات الأولى التي اتخذتها إسرائيل بعد النكبة هي استبدال المشهد الفلسطيني بمشهد استعماري، نوع من البيئة الاستعمارية، حيث لا يوجد استيطان استعماري، تزرع أشجار الصنوبر الأوروبية كنوع من الاستعمار البيئي. كان هناك إجماع في المؤسسات الصهيونية على أن وجود الغابات منع "غزو أراضي الدولة من قبل العرب" وأبقاها في حوزة الشعب اليهودي ودولته الفتية. (20)
وفقا للكاتب العربي الفلسطيني مجد كيال، ... كانت السياسة الرسمية للدولة الصهيونية هي تقوية الزراعة اليهودية وتقوية تمسك المستوطنين بالأراضي التي تم الاستيلاء عليها، مقابل إزالة ارتباط الفلسطينيين بأرضهم ودفعهم إلى سوق العمل المأجور في الزراعة والصناعة والبناء لدعم الاقتصاد الإسرائيلي، وهو ما كان منسجما تماما مع مصادرة الأراضي والمواشي من الفلاحين والبدو. ومع ذلك، "تبقى الأهداف التجارية ثانوية بالنسبة للهاجس الصهيوني الحقيقي: السيطرة الكاملة على الأرض من خلال تقييد حركة الفلسطينيين هناك".(21)

حريق الكرمل يكشف الادعاءات الصهيونية الخاطئة

بدأت حرائق الغابات تنتشر في جبل الكرمل في عام 2010. لم تستطع الحكومة الإسرائيلية السيطرة عليها أو إخمادها. لذلك، طلبت المساعدة من اليونان وقبرص. أفاد المؤلف جمال زحالقة أنه، كان من الواضح أن أشجار الصنوبر الكثيفة اشتعلت فيها النيران من الأعلى، مما يؤدي إلى انتشار النيران بسرعة مذهلة، خاصة وأن أشجار الصنوبر شديدة الاشتعال. بالإضافة إلى ذلك، أدت الحملة ضد الماعز الأسود وإزالته من الغابات إلى كثافة غير مسبوقة للأعشاب والشجيرات الصغيرة على الأرض بين الأشجار الكبيرة، مما ساهم في انتشار الحريق في جميع الاتجاهات وبسرعة في غياب المناطق العازلة ... . (22)
خلال الحملة الإسرائيلية ضد حرائق الغابات، "ارتفعت أصوات عديدة تدعو إلى عودة الماعز الأسود إلى الغابات لمنع الحرائق. ..." (23)
كتب الصحفي البريطاني، جوناثان كوك، مقالا بعنوان: "في الفترة التي تحترق فيها الغابات، يكشف القانون الإسرائيلي ضد الماعز الفلسطيني كيف تؤذي الصهيونية ذاتها". وذكر المقال أن إسرائيل تهدف إلى ضرب الفلسطينيين بالقانون، فضربت ذاتها، حيث أدت إلى الحرائق التي اندلعت في السنوات الأخيرة والتي تسببت في خسائر فادحة، وتسببت في حرق قرى بأكملها ومساحات شاسعة من الغابات. (24)
خلال عمله البرلماني كعضو في البرلمان الإسرائيلي، سن المؤلف زحالقة قانون إلغاء "قانون الماعز الأسود"، وتم تمرير القانون بنجاح وهكذا تم إلغاء قانون الماعز الأسود. (25)
في تلك المناسبة، افاد المؤلف زحالقة بقوله "... اليوم لا جدال في أن الماعز جيدة للبيئة! ... كان الهدف من القانون الذي قدمته هو "إعادة تأهيل الماعز الأسود الذي تعرض لعقود من الاضطهاد والتمييز والتشهير". (26)

التراكم الصهيوني عن طريق نزع الملكية

أدت السياسات الصهيونية العدوانية ضد الزراعة الفلسطينية إلى التحويل القسري للفلاحين الفلسطينيين الى البروليتاريا. وأدت المصادرة، واسعة النطاق للأراضي والموارد المائية، المملوكة من قبل الفلسطينيين، إلى خلق عمال جدد. لم يكن من المفترض أن يتم تجنيد هؤلاء العمال من قبل المصانع الصهيونية، بل تم توظيفهم من قبل مقاولي البناء، الكيبوتسات، والخدمات الإسرائيلية.


ملاحظات ختامية

عادة ما كان الحكم البريطاني على فلسطين يوصف في العديد من المصادر بأنه "الانتداب البريطاني" (1922-1948). أعتقد أن هذه تسمية خاطئة لأنها لا تتوافق مع الواقع. فبدلا من إعداد شعب فلسطين للحكم الذاتي والاستقلال كما كان ينبغي أن يكون الانتداب، تعامل الحكم البريطاني مع فلسطين كمستعمرة بريطانية نموذجية، ولم يكن "الانتداب" سوى عباءة لتحويل فلسطين إلى الكيان الاستعماري الاستيطاني الصهيوني. بالإضافة إلى ذلك، كان "الانتداب" البريطاني على فلسطين مشابها إلى حد كبير للانتداب الذي فرضته جنوب أفريقيا على ناميبيا. لقد تحولت كل من ناميبيا وفلسطين بوحشية إلى مشاريع استعمارية استيطانية من قبل مديري الانتداب النظري الذي كان بمثابة تمويه للسياسات الاستعمارية الكلاسيكية.
ونتيجة لذلك، تم تبني الرأسمالية العنصرية وممارستها من قبل المستعمرين المستوطنين الصهاينة في فلسطين، ضد المصالح الحقيقية للفلسطينيين الأصلانيين. لقد برروا ذلك بالدعاية الدينية لعودة "شعب الله المختار" إلى وطنه القديم.
إن الممارسات الإجرامية الصهيونية اليوم ضد الفلسطينيين الأصلانيين، تشبه مراحل التراكم عن طريق نزع الملكية، والتي هي ببساطة نهب استعماري وخلق كيان استعماري استيطاني حقير لا يمكنه إلا أن يطور صهيونستاناته المتوافقة.

الدكتور زهير صباغ هو محاضر سابق لعلم الاجتماع في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية المستعمَرة. وهو من سكان الناصرة، فلسطين. وهو حاصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة مانشستر ومؤلف لعدد من الكتب والمقالات البحثية.
الهوامش

Kundnani, Arun, “What is racial capitalism?”, https://www.kundnani.org, 23-10-2020
2 Vega, Matthew, “Racial Capitalism”, https://politicaltheology.com, 3-5-2022
3 Bhattacharyya, Gargi, 2018, Rethinking Racial Capitalism: Questions of Reproduction and Survival (Rowman and Littlefield) , p103. As quoted by Robinson, Cedric, “Cedric Robinson, racial capitalism and the return of black radicalism”, https://mronline.org, 6-1-2021
4 Illing, Sean, “How capitalism reduced diversity to a brand” https://www.vox.com, 16-2-2019
5 Leong, Nancy, “RACIAL CAPITALISM”, The Harvard Law Review Association, VOLUME 126 JUNE 2013 NUMBER 8, 2013
6 The Editors of Encyclopaedia Britannica, “Racism”, https://www.britannica.com, 27-8-2023
7 Reed Jr., Adolf, “Race and Class in the Work of Oliver Cromwell Cox “, Monthly Review, 2001, Volume 52, Issue 09 (February), https://monthlyreview.org, 1-2-2001
8 La Grotta, Marco, “Why capitalism needs racism”, https://www.marxist.ca, 24-6-2020
9 International Committee of the Red Cross, “Occupation and international humanitarian law: questions and answers”, https://www.icrc.org, 4-8-2004
10 Ibid.
11 Ibid.
12 Zionistan is a concept that was coined by me to describe the Apartheid-like entity that Israeli settler colonialists have developed inside the colonized West Bank in the period 1967-2020.
13 Levy, Ariel, “Who Owns South Africa?”, https://www.newyorker.com, 1-9-2023
14Weizman, Iyal, “About Zionism and the people of the Negev”, Arab48, (2/2)،https://www.arab48.com، 2-8-2022. As reported by: Zahalka, Jamal, "Zionism and the Black Goat", Journal of Palestine Studies, https://www.palestine-studies.org, Issue 125 - Winter 2021
15 Ibid.
16 Weizmann, Eyal, Arab48 “On Zionism and the People of the Negev", (2/2), https://www.arab48.com, 2-8-2022.As reported by: Zahalka, Jamal, "Zionism and the Black Goat", Journal of Palestine Studies, https://www.palestine-studies.org, Issue 125 - Winter 2021
17 "Protocol of the Economic Committee Session on the Goat Law", 20-6-1950, (in Hebrew). As reported by: Zahalka, Jamal, "Zionism and the Black Goat", Journal of Palestine Studies, https://www.palestine-studies.org, Issue 125 - Winter 2021
18 Ibid.
19 Zahalka, Jamal, "Zionism and the Black Goat", Journal of Palestine Studies, https://www.palestine-studies.org, Issue 125 - Winter 2021
20 Ibid.
21 Kayal, Majd, "We were eaten the day the black goats were eaten", As-Safir newspaper, 16-4-2014. As quoted by: Zahalka, Jamal, "Zionism and the Black Goat", Journal of Palestine Studies, https://www.palestine-studies.org, Issue 125 - Winter 2021
22 Zahalka, Jamal, "Zionism and the Black Goat", (in Arabic) Journal of Palestine Studies, https://www.palestine-studies.org, Issue 125 - Winter 2021
23 Ibid.
24 Cook, Jonathan, “In Age of Forest Fires, Israel s Law against Palestinian Goats Proves Self-Infected Wound for Zionism”, Jonathan Cook s Blog, 12-1-2017. As reported by: Zahalka, Jamal, "Zionism and the Black Goat", (in Arabic) Journal of Palestine Studies, https://www.palestine-studies.org, Issue 125 - Winter 2021
25 Zahalka, Jamal, "Zionism and the Black Goat", (in Arabic) Journal of Palestine Studies, https://www.palestine-studies.org, Issue 125 - Winter 2021
26Ibid.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة