الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استهداف سيناء والأقصى: صراع المكانات بعد عملية 7 أكتوبر

حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)

2023 / 10 / 11
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


مع كامل التقدير للتحليلات السياسية التي ترى أن هدف عملية 7 أكتوبر الحربية العظيمة التي قام بها الفلسطينييون ضد دولة الاحتلال؛ كان هو الحصول على أكبر قدر من الأسرى من المستوطنين الصهاينة لمبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين..؛ إلا أن هذا التصور ليس هو جوهر الأمر حقيقة.
جوهر العملية الحربية الفلسطينية كان المحاولة الأخيرة لوقف المخططات الصهيونية –وفق صفققة القرن والاتفاقيات الإبراهيمية- تحديدا فيما يخص مخططات السيطرة على القدس والمسجد الأقصى، خاصة في ظل جملة التناقضات التي تفجرت في الحاضنة العربية في مرحلة ما بعد الثورات العربية في العقد الماضي، وبعد غواية بعض دول الخليج للصعود الإقليمي على حساب الدول العربية المركزية القديمة.. شرط تبنيها لمشروع الصهيونية الإبراهيمية وصفقة القرن.
كان مركز صفقة القرن والاتفاقيات الإبراهيمية الفعلي إذا استبعدت كافة الرطانات والديباجات الزخرفية والشعارات الرنانة، يقوم على نقطتين:
- سيطرة دولة الاحتلال تماما على مدينة القدس العربية و"المسجد الأقصى" تحديدا.
- تنفيذ الهدف الصهيوني الدائم بعملية "الترانسفير" والتهجير ودفع الفلسطينيين إلى الاستيطان في سيناء المصرية.
وقد يتخيل البعض أن "صفقة القرن" انتهت مع رحيل دونالد ترامب، إلا ان الواقع العملي أثبت أن إدارة بايدن قدمت نسخة خاصة بها من "صفقة القرن"، وتوالت تصريحات إدارة بايدن الداعمة لاستكمال الاتفاقيات الإبراهيمية بشكل علني وصريح دون أدنى خجل!
لذا ونحن في شهر أكتوبر 2023م لم يكن أمام الفلسطينيين سوى حل أخير، وهو "الخيار شمشون" بهدم المعبد وتغيير قواعد اللعبة تماما، فطوال عشرات السنين تجمعت لدى المقاومة الفلسطينية خبرات متراكمة للقتال ضد "عدو متفوق" تفوقا تماما، وتراكمت لديها التكتيكات الفعالة في هذا الصدد، مستفيدة من خبرات المقاومة في لبنان، والقدرات العسكرية الإيرانية التي اكتسبت عبر السنوات الطويلة مهارة مواجهة أمريكا بصفتها "عدو متفوق"، تكاد تكون التكتيكات التي تستخدمها أمريكا هي ذاتها التي تستخدمها دولة الاحتلال. فحدث ما لم يتوقعه أحد وهو "السيناريو الغائب" بأنن جمع الفلسطينييون كل خبرات السنين في عملية حربية رائعة ستدخل سجل التاريخ من أوسع أبوابه.. بهدف كسر شوكة الغرور الصهيوني وردع محاولات هدم المسجد الأقصى الجدية والسيطرة الصهيونية التامة عليه.
وإذا انطلقنا من هذا الفهم بأن غرض عملية 7 أكتوبر 2023م كان ضرب صفقة القرن بعد تفكيك كل الموانع أمامها، يمكن لنا تصور ما يحدث حاليا ووضع البدائل للتعاطي معه، لأن ما يجري الآن هو محاولات لتغيير أو تأكيد المكانات المستقرة في المنطقة العربية برمتها (وفق تراتبات صفقة القرن والاتفاقيات الإبراهيمية)، واستعادة دولة الاحتلال لمكانتها ومن خلفها أمريكا التي أرسلت حاملة طائرات وأعلنت أن الثانية في طريقها، لمواجهة مجموعات فلسطينية مسلحة بأسلحة بدائية وفردية!
والأخطر من ذلك سيمكن فهم ما صرحت به دولة الاحتلال من أنه على الفلسطينيين في غزة أن ينزحوا باتجاه سيناء، ومن بعدها التجاوز الخطير وخرق القانون الدولي وقصف معبر رفح الدولي بين مصر ودولة الاحتلال.. هم يعلنون ما كان يدور في الخفاء، وأنه مع الاقتحام النهائي للأقصى وتفجر المواجهات كانوا سينفذون مخطط صفقة القرن وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وكذلك قصفوا بوابة "معبر رفح" في رسالة إلى مصر بأن ما هو على المحك غير قابل للتفاوض، وأنهم يملكون –بمساعدة الغرب- الكثير من الأوراق في الكثير من التناقضات التي أوقعوا فيها مصر، وعلى الصعيد الدولي ربما تعتبرها مراكز الأبحاث الأمريكية المتشبعى بفكرة الهيمنة والمسألة الأوربية القديمة، فرصة للتقدم للإمام وضرب الحضور الروسي/ الصيني/ الإيراني في المنطقة، ردا على الفشل والعجز في الملف الأوكراني.
من هنا ولكي نكون صرحاء مع أنفسنا؛ لابد من الوعي بأن أمريكا ودولة الاحتلال ستعود إلى تكتيكات "إدارة التناقضات" المباشرة والفجة كما كان مع إدارة ترامب (وللننظر جيدا في خطاب بايدن اليوم)، وسيحاولون استخدام التناقضات المتفجرة للضغط في كل الاتجاهات لاستعادة المكانة المهتزة، والقفز للأمام.. وسوف يبقى هاجسهم هو مركز صفقة القرن القديمة/ الجديدة يدورون حوله دون هوادة، المتمثل في السيطرة على المسجد الأقصى ومدينة القدس، والترانسفير والتهجير إلى سيناء.
وفي الوقت نفسه يجب الإشارة والتأكيد على أن كل تأخر في دفع مركز ثقل صفقة القرن للوراء في مخططات القدس والتهجير معا.. سيرفع الثمن والتكلفة والموارد الممكن حشدها على كل المستويات، للتصدي للهيمنة ومشروع الصهيونية الإبراهيمية الجديدة.
إنما يكمن الأمل وعنوان الحل للوضع الراهن؛ في تأسيس "مظلة سياسية" عربية إسلامية عالمية للقضية الفلسطينية وفق الظرف الحالي، ودمج حضورها في السياسات العالمية والاستقطاب الدولي الراهن بحضور الصين وروسيا وإيران، ليصبح ذلك أولوية تسبق كل الأولويات بمهنية دبلوماسية وسياسية رفيعة وفاعلة، تتطلب تضافر كل الجهود المصرية والعربية المخلصة لإدارة عملية سياسية دولية متشابكة واستباقية وفاعلة، وعامرة بالتناقضات التي يجب فهما والتعامل معها أيضا.




- راجع دراستي المنشورة في نوفمبر 2022م
صفقة القرن بين الديمقراطيين والجمهوريين.. تفجير التناقضات العربية وسبل مواجهتها
https://www.mediafire.com/file/sfhzmy66rx09dk5/%25D8%25B5%25D9%2581%25D9%2582%25D8%25A9_%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2582%25D8%25B1%25D9%2586_%25D8%25A8%25D9%258A%25D9%2586_%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AF%25D9%258A%25D9%2585%25D9%2582%25D8%25B1%25D8%25A7%25D8%25B7%25D9%258A%25D9%258A%25D9%2586_%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D9%2585%25D9%2587%25D9%2588%25D8%25B1%25D9%258A%25D9%258A%25D9%2586-_%25D8%25AF.%25D8%25AD%25D8%25A7%25D8%25AA%25D9%2585_%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D9%2588%25D9%2587%25D8%25B1%25D9%258A.pdf/file








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة