الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوفان الأقصى، نتنياهو يرقص رقصة المذبوح

حسام تيمور

2023 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


إن تهديد "اسرائيل" باستهداف دمشق و نظام الاسد في قلب دمشق، و ذلك في حال دخول حزب الله على خط التصعيد، هو تهديد اجوف و فارغ، حتى إذا كان مرفقا بفزاعة "جيرالد فورد"، و هو حرفيا موضوع الرسالة التي اوصلتها فرنسا عبر قنواتها الدبلوماسية الى"حزب الله"، نيابة عن اسرائيل، و بما مفاده "قيام جيش الدفاع أو الاسطول الامريكي باستهداف القيادة السورية و العاصمة بيروت، و كذا تصفية بشار الاسد شخصيا".
هنا و بعيدا عن معنى او مفهوم "بلطجة الخنازير" في وضع محموم و حالة حرجة، يُغفِلُ صناع القرار أو الكلام في تل ابيب هنا مسألة هامة و محورية، هي السبب الأول و الأخير أساسا في بقاء نظام "الاسد" صامدا الى يومنا هذا، ألا و هي التواجد الروسي الثقيل في سوريا، و الغير قابل للتنازل او التفاوض، باعتبارها المكان الوحيد حيث يضع الروس اقدامهم، في المياه الدافئة.
هل يمكن تخيل الرد الروسي، على هكذا فعل ؟ طبعا لا، و لسبب بسيط، هو انعدام امكانية حدوثه، كما تعلم جيدا، كل قيادات الجيش، و كما سبق ان صرح اغلبهم، عن استحالة الاقدام على هذا الفعل، و إن على استحياء، او بشكل جبان، يقفز على الحقيقة.
و بالعودة قليلا الى الوراء، سبق أن صرح قائد الأركان الأسبق في جيش الدفاع "غادي ايزنكوت"، بأن الطيران الاسرائيلي يحلق فوق قصر بشار، و يلتقط الصور، و يعود ادراجه، و كذلك، هدد حرفيا، بازاحة النظام السوري من الوجود، في حال هوجمت اسرائيل من جبهة الجولان، تزامنا مع هجوم آخر على جبهة أخرى، بادوات ايرانية، في سياق حادث الهجوم على اسرائيل بطائرة درون ايرانية كذلك، انطلقت من سوريا سنة 2018 .
هذا التهديد البئيس، لم يتجاوز نطاق الندوة الصحفية التي اخرجته الى الوجود، و استمرت طبعا سياسة الاخذ و الرد عسكريا، بشكل عبثي، و تم تكثيف الضربات على سوريا، جويا و حتى بحريا، بتسامح او إذن روسي طبعا من خلال الخط الساخن الذي تم اقراره، و حتى نهاية مهام "ايزنكوت" أواخر سنة 2019، على وقع الفشل الكامل و العجز المزمن، في انجاز البرنامج الاساسي الذي جاء به الى قيادة هيئة اركان الجيش و هو بعنوانه العريض، معالجة معضلة التواجد الايراني في سوريا.
هذا الفشل، الذي تكرر مع لاحقه "افيف كوخافي"، المنتهية ولايته حديثا، هو جواب على سؤال "انهاء وجود نظام الأسد"، حيث لم يكن هذا الأخير، أفضل حظا أو حظوظا، بل تلقى توبيخا مباشرا من القيادة العسكرية و السياسية في واشنطن، خلال الولاية الحكومية القصيرة ل"نفتالي بينيت"، مفاده الأمر المباشر بضرورة تقليص دائرة الاستهداف و الهجوم على التواجد و المصالح الايرانية في سوريا و المنطقة، خوفا على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من ردود الفعل، و كذا مع انعدام وجود أي نية او سياق للعمل على التدخل عسكريا ضد ايران، و تجاوز الأمر التوبيخ المباشر ل "افيف كوخافي"، من قبل وزير الدفاع الأمريكي "لويد اوستن"، الى ازمة سياسية صامتة، ترجمت بما تناقله الاعلام العبري و كذا الأمريكي، عن انعدام التواصل لشهور بين القيادتين، او بتعبير آخر رفض "بايدن" بشكل مطلق استقبال "ن.بينيت" أو حتى الإجابة على مكالماته الهاتفية.
اليوم لم يتغير الشيء الكثير طبعا، بخصوص حالة "حمّى الخنازير" في الداخل اليهودي، و هي حالة قديمة جديدة و مؤكدة، و ليست مستجدة.. فما قامت به حماس، كان موضوع تقييمات متواترة و تقارير مستمرة ترفعها الجهات المختصة الى القرارين السياسي و العسكري، و كلها كانت تشير الى الكارثة القادمة، و تحذر مما سمي حرفيا "تلاشي قدرات الردع لدى الجيش" و تآكل هياكله و بنياته الاساسية، و بالتالي استحالة صموده و صمود الدولة امام حرب على أكثر من جبهة، لأكثر من اسبوع، و هو ما كان بالمناسبة، للخزي و القرف، موضوع تدريب مشترك بمعية سلاح المدفعية الملكية المغربية مؤخرا، و كان مقابلُه حصول المغرب فيما بعد، أي بعد تلاشي الخبر، على خردة "ميركافا" غير قابلة للتدوير هناك، و لا يمكن بأي حال إرسالها كذلك الى اوكرانيا، خوفا من غضب الروس، و صبرهم الذي بدأ ينفذ، تجاه الكيان المأزوم !
بالنسبة للادارة الامريكية، قد يكون المتغير هو تطورات الحرب الاوكرانية، و ضرورة الاسراع بمعالجة "الاشكال" الايراني قبل ان تتحول ايران، الى جسر روسي، او ممر آمن و سلس، للتغلغل في المنطقة، ممر مدعوم بحزب الله و سوريا، و حماس، كنظائر مشعّة اقليميا، لمجموعة فاغنر، الروسية، أو شيشان قديروف ؟
الولايات المتحدة كذلك مرعوبة جدا من الأسوء، فمقابل التفاؤل الصهيوني بالتطبيع مع "سُنَّةِ ابن سلمان"، نجد ضربة المُعَلِّم التي انجزتها إيران في المنطقة، أولا بقبولها المبدئي، او الشكلي، بالسلام مع السعودية، و ثانيا قبل ذلك، إنجازها للمصالحة بين نظام الاسد و حركة حماس الاخوانية، و هنا حيث بدأ رسميا، ذاك التنسيق المحكم الجميل و الأسطوري، بين حماس و حزب الله.
في الواقع نجد أن الاخوان يكرهون جدا الرُّوس، اكثر من الأنظمة العربية، و أكثر من الصهيونية، و اكثر من امريكا و الغرب، كون ان روسيا لا تمثل فقط، قاتل الربيع الديمقراطي الغرب-أمريكي، الذي اوصلهم الى الحكم و مكّن لهم ما مكّن من منصب او مكسب او قواعدٍ جماهيرية، بل إنها تمثل هنا، الجهة التي اغتالت بشكل رسمي "حلم الخلافة" الذي يصبون اليه، سرا و علنا، و الذي وُلد قسرا، و ميّتا، في ارض الشّام، حيث يستوطن الروس.
إن هذا التقارب الذي نسميه هنا "التقارب الحرج"، و الذي يتجاوز المعنى او البعد الاستراتيجي و الجيوستراتيجي، هو الذي يؤرق دوائر الغرب و واشنطن، خصوصا و أن كافة الظروف باتت ناضجة لاستكماله بعد الانقلاب "التركي" على جزء كبير من منظومة الاخوان العالمية، و الحملة الشرسة التي خاضتها ادارة الولايات المتحدة في عهد ترامب، على هذا التنظيم، و هنا يجب ان نأخذ بجد النظرية التي تقول بأن ترامب كان عميلا او متعاونا مع الروس، و إن من باب الهزل او المكر في الجيوستراتيجيا، و على الأقل في هذه القضية، و كذلك في المسألة الايرانية !
إن اتجاه الادارة الأمريكية نحو صدام عسكري مباشر او مقاربة استئصالية عنيفة، مع ايران و اذرعها، هو مسألة وقت، على الأقل بالنسبة للإدارة الراهنة التي اوصلت الولايات المتحدة و الغرب الى الباب المسدود و "الخيار الصفر"، في السياسة الخارجية، و بالخصوص في منطقة الشرق الأوسط، و كما لن يكون لدى أي إدارة قادمة خيارات أفضل، حتى في حال إنهاء الازمة الأوكرانية بتقديم تنازلات حرجة للروس، كون أن التنازل لروسيا في هذه الحالة سوف يزيد من نهمها نحو منطقة الشرق الاوسط بالخصوص، و سوف يعزز من حظوظ و موقف و قوة حلفاء روسيا، في المنطقة، و ذلك باعتبارهم مشاركا في "غزوة اوكرانيا"، و لهم بطبيعة الحال، نصيب من الغنيمة.
و غير بعيد كذلك تستعد الصين لقفزتها الكبرى نحو "تايوان"، و لها في نفس شبكة الحلفاء، خير سند طبعا، خصوصا و أن الطابع الوحيد المتوقع لأي فعل و رد فعل مقابل بمفهوم الصدام و المواجهة، سيكون "بَحْرِيًّا" هذه المرة، و هنا حيث تتألق ايران، أكثر و أكثر، و يتألق الحرس الثوري خصوصا، بزوارقه الانتحارية، اكثر من تألق إيران بدروناتها، في حرب اوكرانيا.
يظهر هنا بوضوح، أن صفارات الانذار تدوي في واشنطن، اكثر من "تل ابيب"، و يظهر كذلك أن الإدارة الامريكية تحاول ما امكن تطويق الكارثة القادمة و المطبقة عليها من كل جانب، و ذلك باستعمال كيان لقيط و مهزوم، في مهام ابادة قذرة بالوكالة، و كذا اختراق بالوكالة، لأنظمة مهترئة و جيوش صدئة، و حُكَّامٍ مثقوبين و قَوَّادِينَ بالوراثة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة