الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ممارسة غير حضارية ضد المسيحيين أفرادا ومؤسسات

سعيد مضيه

2023 / 10 / 11
حقوق الانسان


عادة يهودية قديمة

رؤوف حلبي كان من سكان البقعة الفوقا بمدينة القدس، كما يقول ، قبل ان يهاجر مع الأسرة الى الولايات المتحدة. شاهد بام عينه عادة مقززة يمارسها اليهود تجاه المسيحيين؛ كتب عنها في 6أكتوبر. اليهود امام محل تجاري يملكه عمه( اوخاله). في زمن استشراء التطرف العنصري بين يهود إسرائيل، يقول رؤوف حلبي، بروفيسور الأدب الإنجليزي والفنون، والكاتب والمصور والنحات ومنسق الحدائق والناشط في الدفاع عن السلم، "والمحزن ان هذا السلوك غير المتحضر بعد سبعين عاما من مغادرتنا مدينة القدس غدا سلوكا له مؤسساته الوقحة بين المستوطنين اليهود وأنصارهم الهريديين":

بات عليك ان تسلمها الى صحيفة هآرتس ومحرريها ، أشهرهم غيدعون ليفي وأمير ة هاس.
في مرجل الجنون والاضطراب هذه الأيام ربما تكون صحيفة هآرتس والمجلة الإليكترونية بلوغ +972 صوتي الضمير الوحيدين في إسرائيل. المجتمع الإسرائيلي يهبط بسرعة، تحت حكم بنيامين نتنياهو وأشياعه من الائتلاف اليميني، أتباع الحزب الديني المتعصبين ، ناشري ثقافة الكراهية، نحو التسيب والفوضى بما يحاذي الفلتان؛ يميط اللثام اخيرا عن الفشل المتلاحق من الآن فصاعدا عبر الخطوط الخاطئة لماضي إسرائيل وحاضرها .أقدمت هآرتس على ما لم تجرؤ عليه الميديا في اوروبا والولايات المتحدة ؛ في 3 أكتوبر 2023 وتحت العنوان "مستوطنة نشيطة مشهورة تقول ان البصق على المسيحيين ’ عادة يهودية قديمة‘"، نقلت هآرتس ان " ان المستوطنة الإسرائيلية إيليشا ييرِد المشتبهة بالمشاركة في اغتيال الصبي الفلسطيني قصي (ميئتان) هي التي علقت وسط تزايد حالات البصق على او بالقرب من المسيحيين الذين يؤدون طقوس العبادة في مدينة القدس القديمة". ولكي نتوصل الى البرهان العياني المثير للغثيان يرجى من القارئ مشاهدة فيديو خاص لحملات البصق المتلاحقة، يقوم بها الذكورمن المستوطنين والهريدين من جميع الأعمار من سن الخامسة حتى سن الشيخوخة .
في تعليق إيليشا ييرد على تويتر يوم 3 اكتوبر 2023 حول البصق على المسيحيين قولها انها "عادة يهودية قديمة‘"، استثار اهتمام صحيفة هآرتس ؛ فكتبت الصحيفة الجريئة إن تعليق إيليشا لا يتجاوز التقرير الصحفي المعتاد على هذه الممارسة الحقيرة، والتي التقطت عدة صور لها يومي الأحد والأثنين(2و3 اكتوبر). احدث الأخبار ، كما تقول هآرتس،" تعطي المزيد من البينات على حقيقة ان هذه الممارسات غدت واسعة الانتشار".

حين كنت طفلا في اوائل ومنتصف خمسينات القرن الماضي وكنت اعيش في القدس، كان عمي نعيم يملك مخزنا صغيرا بالبقعة الفوقا ، ضاحية في الجنوب الغربي لمدينة القدس ، على طريق القدس بيت لحم. ونظرا لكوننا مسيحيين فلسطينيين كان عمي يغلق الدكان أيام الأحد؛ ونحن بضع أسر فلسطينية عشنا في هذه الضاحية مع يهود أوروبيين. عمليا كان اليهود العلمانيون رجالا ونساءًأ؛ يؤمون الكنيس ايام السبت؛ يرتدي الرجال أفضل ما لديهم ويؤمون دور العبادة، يمرون امام المخزن ؛ وفي كل يوم سبت كان ثلاثة على اقل من الأوباش يقومون بأفعال مشينة ؛ أجل كانت الإساءات تتكرر.
معظم اولئك المتنزهين خلال نهارات السبت كانوا يهود هاريدين من اوروبا (أشكيناز)؛ مظهرهم المميز قمصان بيض وبدلات غامقة اللون وقبعات من الفرو يطلق عليها فيدورا تتوج رؤوسهم. كنت صغير السن ، استغرب اي حيوان ذي فراء مضطر ان يوفر الفراء لهذا العدد من الرؤوس المدورة. كان البعض من الرجال الهريدين يتنخنع وهويسير ، بينما الآخرون يجتازون عتبة المخزن خطوة او خطوتين ، يقفون بتحد داخل المخزن ، يأخذون نفسا عميقا ويبصقون البلغم على الأرض المفروشة .
طريق بيت لحم تغري بالقسدرة المسلية؛ وكان اليهود السفارديون(الشرقيون) يخرجون من معازلهم الى الجنوب كي يستمتعوا بقسدرة يوم السبت. وشأن الهريدين أصيبوا بعدوى البصق ، واختلفوا عنهم بشيء واحد فقط؛ كان الرجال(فقط رجال) السفارديين مزودين ببزر عباد الشمس والفول السوداني والشمام، يملاون أفواههم بقشور عباد الشمس، يمرون أو يعبرون الدكان ويبصقون كميات من القشور على ارضية المخزن.
هكذا كان الكثير من التسامح حيال سلوك السبت بعد صلاة الصبح بالكنيس؛ كان روتين أسرتنا يوم السبت كالتالي: الثامنة صباحا كنت مع اخي التوام نسير مسافة نصف كيلومتر الى مخزن العم نعيم لقضاء ساعات الصباح نلعب مع الأطفال؛ وامنا الأرملة تبقى البيت تعصر بآلة يدوية الخضار والفواكه وتنجز الواجبات المنزلية؛ أثناء فترة خلو الدكان من الزبائن كان العم نعيم يعدنا لكنيسة يوم الأحد ، يقص الأظافر ويقص الشعر ، وفي أغلب الأحيان يقرأ لنا من أشعاره المحببة ومن كتب أخرى.
كنا في السابعة ، رمزي، الأخ التوام وانا، و كان علينا ان نشاهد عمليات البصق بشعور التقزز ؛ وما أدهشنا بالأكثر صبر نعيم الرزين إزاء التصرف الوقح للرجال الكبار وبين الحين والآخر أطفالهم الذين يقلدونهم. لماذا يقومون بهذه التصرفات؟ ولماذا لا تشكو للشرطة على هذا السلوك؟ والكثير من أمثال هذه الأسئلة كانت تنطلق من أفواهنا الصغيرة.
رد نعيم ما زال منغرسا بعمق في تلافيف ذهني: لا يعرفون أفضل من هذا ، إنهم سيئو الرشاد ؛ عليكم ان لا تقلدوا هذا السلوك ، وعلى المرء ان يسامح وينسى ، والله سوف لن يسامحهم على مسلكهم الذي سمعنا بعض ردات الفعل حياله.
في زاوية خلف الباب مكنسة بعصا وكيس مملوء بمادة معقمة؛ ووعاء مليء بالخل يضيف قطرات لمزيد من النظافة. وكان عمي يقوم بتنظيف البصاق.
من أول أكتوبر حتى السادس منه كان اسبوع عيد العرش، عطلة مطولة لليهود يحتفلون خلاله بنضج المحاصيل؛ والمحزن ان هذا السلوك غير المتحضر بعد سبعين عاما من مغادرتنا مدينة القدس غدت عادة البضق على غير اليهود سلوكا له مؤسساته الوقحة بين المستوطنين اليهود وأنصارهم الهريديين. كتبت هآرتس ان "عشرات آلاف اليهود انضموا في المناسبات وأثناء الصلوات في عطلة عيد العرش حدث أثناءه العديد من البصق". شوهد الكثير من الهريدين ، رجال وأطفال من مختلف الأعمار يبصقون على السياح المسيحيين ( من أميركا اللاتينية والفيليبين ) الحجاج الى الأرض المقدسة . لقطات فيديو لرجال وأطفال يرتدون ازياء الهريديين الأرثوذكس يسيرون في أزقة القدس ويبصقون على السياح المسيحيين ممن يحملون الصليب.

كيف تتجاهل بعض الميديا الأميركية هذا السلوك المشين. وهل يوجد كبار السن بين المجتمع الديني المتطرف في إسرائيل؟
تكتب ييرد،" زمن طيب أن نذكر بان البصق قرب الكهنة (المسيحيين) او الكنائس عادة يهودية قديمة ، وهناك تبريك خاص بالقانون اليهودي يتوجب تلاوته لدى رؤية كنيسة "، تضيف ،" ربما تحت تأثير الثقافة الغربية نسينا، لحد ما، ما هي المسيحية ، لكنني اعتقد ان ملايين اليهود ممن كابدوا بالمنفى على ايدي المسيحييين، التعذيب في محاكم التفتيش (إسبانيا)المذابح الجماعية – لن تنسى ابدا". يدعو للإعجاب ان وزير السياحة حاييم كاتس استنكر هذا التفكير وقال ، رغم ذلك فهذه " عادة يهودية قديمة وحتى مقبولة " وانه " لمما يثير الرعب ان حفنة من المتطرفين يدفعون الشعب لكراهية الديانة اليهودية وتدمير صورة إسرائيل ويلحقون الضرر بالسياحة"
بالمثل استنكر رئيس حاخامات الأشكيناز ديفيد لاو ووزير الأديان مالكيلي تكرار هجمات البصق على السياح المسيحيين. وما زلت أنتظر سماع تنديدات مماثلة لهجمات على البصق على المسيحيين الفلسطينيين والهجمات الموجهة ضد كنائسهم ومقابرهم ، بما في ذلك الهجمات التي لا يمكن تفهمها على الأقصى.
قلقا من ظاهرة البصق أصدر في الأسبوع الماضي رئيس القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي ، ميجر جنرال ييهودا فوخس أمرا بمنع ييرد من دخول الضفة الغربية لمدة خمسة أشهر ومنعها من الاتصال بخمس من نشاطى المستوطنين".
لو ان حوادث البصق اليهودية على المسيحيين انقلبت في مكان ما بصق المسيحيين على اليهود لاعتبر ذلك – كما يجب اعتباره- لاسامية، ولطاف خبره العالم . الى ان يحين الوقت ويغدو الإسرائيليون وانصارهم في أنحاء العالم مستعدين للدخول في حوار نزيه حول العدالة ورهاب الأجانب ( بكل صنوفه) والتوسع الاستيطاني الكولنيالي ، والمجازر ، والقتل اليومي المنتشر بتصريح من حكومة تحاول تغيير نظامها السياسي لتخليص الفاسد نتنياهو من التهم الموجهة ضده بالمحاكم وزيادة سلطات المتعصبين الدينيين، فإن إسرائيل تمضي بطريق نحو المزيد من الفوضى والفلتان وبالتأكيد نحو المزيد من التشظي.
م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان.. طوابير من النازحين في انتظار المساعدات بولاية القض


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بعقد صفقة تبا




.. مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع لدراسة رد حماس على مقترح صفقة تب


.. حرب غزة: لا تقدّم في مفاوضات الهدنة.. حماس تتمسك بشروطها ونت




.. مظاهرات في تونس لإجلاء الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين