الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق / عديد التحالفات و الفارق سارمات. (10)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 10 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


10. إنك ستدمر إمبراطورية عظيمة.

نورالدين علاك الأسفي.
[email protected]

روبرت فرانسيس كينيدي الصغير، بإعلانه عن ترشحه للرئاسة، أعلن أنه ليس من المصلحة الوطنية الأمريكية دفع روسيا إلى الاقتراب من الصين.
هذه كارثة في نظره. فبتوسط بيكين في اتفاق سلام بين إيران والمملكة العربية السعودية، انهارت إستراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط تماما، وكذلك سوف ينهار و الكلام لروبرت؛ اقتصادنا إذا لم نفعل شيئا و بسرعة.
مجلة " The American Thinker" لمت أطراف المعادلة التي تعدت النصاب المتاح؛ المؤلفان باتريشيا آدامز ولورانس سولومون وصف فيها العقوبات المفروضة على روسيا بأنها "أخطر سوء تقدير في التاريخ الحديث". عام 1972،هنري كيسنجر سعى إلى تخفيف وطأة هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام بإقامة علاقات مع الصين، واستغلال الانقسام بين بكين وموسكو.
و المعمول على مدى الخمسين عاما القادمة، منع أي شيء يشبه التحالف بين الصين وروسيا. الحديث فيه سائر بمفعول رجعي؛ و إن علق ظرفا بعد الحرب الباردة إلى حين.
و الشاهد؛ أن مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية تتكون الآن بشكل أساسي من أتباع زبغنيو بريجسنكي، وليس كيسنجر.
عام 1997، كتب برجينسكي دليلا للهيمنة الأمريكية على العالم بعنوان رقعة الشطرنج الكبرى / The Grand Chessboard، يركز على السيطرة على أوكرانيا كوسيلة لمنع عودة روسيا.
هذا الاستراتيجي المحنك. يدعي الفضل في زوال الاتحاد السوفيتي، بحجة أن خطته لعام 1979 لدعم المسلحين الإسلاميين في أفغانستان كانت تهدف إلى إطلاق غزو سوفيتي ومنح موسكو فيتنام خاصة بها. و هو ما صار.
لكن بعد لأي؛ ستجد أمريكا نفسها في ذات المعقل غب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. والحرب التي استمرت 20 عاما على "الإرهاب" في أفغانستان والعراق، انتهى بنزيف الولايات المتحدة. حملته معها و عدى به الناتو إلى أوكرانيا. لتوصله على أبواب الشرق الأوسط. نزعه الأخير نشاهده عيانا تحت أقدام المقاومة بفلسطين.
و البال مشغول بالعمل على بذل قصاراها لاستعداء بكين، أعلن عدد السياسيين أن جزيرة تايوان هي أوكرانيا بصيغة أخرى، في مزيد الحاجة لضخ أسلحة غربية لصد غزو صيني محتمل.
الغرب لم يحسم في معركته الوجودية الأولى؛ أو بالأحرى يفصل الخطاب فيها. و نراه على عجل من أمره يبغي تدارك حاله مع ثانية باتت منه وشيكة.
آرون غود؛ المؤرخ الأمريكي والعالم السياسي انتهى مؤكدا إلى أن الولايات المتحدة بدأت تفقد هيمنتها العالمية بسبب الصراع في أوكرانيا.وأضاف في مقال نشره في صحيفة غلوبال تايمز الصينية إن "أسوأ كابوس جيوسياسي تخشاه لواشنطن يمكن أن يصبح حقيقة بسبب الصراع في أوكرانيا".
آرون شدد على أن الولايات المتحدة دخلت مرحلة الانحدار، فقدت ريادتها العالمية، و الأمر محصلة قرار البيت الأبيض إطلاق العنان للصراع في أوكرانيا ودفع روسيا لشن عملية خاصة.
المؤرخ السياسي؛ من انزعاجه صدع جاهرا: "على القادة الأمريكيين أن يلوموا أنفسهم على ذلك. لقد كان سعيهم وراء التفوق العالمي جنونا".
فالحرب في أوكرانيا تتجه نحو طريق مسدود ودموي أو حرب استنزاف روسية ناجحة، و بات جليا عند الجميع أن رهان واشنطن على صراع أوكرانيا يتحول إلى فشل استراتيجي.
فمن واقع تجربتها التي راكمت؛ الولايات المتحدة اعتادت استدراج الخصوم إلى حروب بالأصالة أو بالوكالة. تعتقد نخبة السلطة الأميركية، أنّها ستعود بالفائدة على الهيمنة الأميركية.
ليس من مغالاة التحليل توكيد التخمين بأنّ الولايات المتحدة نازعتها فكرة براغماتية بالمثل في حرب روسيا وأوكرانيا. مع فارق استخباري لم يرهن إطلاق روسيا للعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا إلى المفاجأة، بيقين ساورهم؛ فليس من “المصلحة الوطنية الروسية القيام بذلك”.
لكن واشنطن كان يحدوها أمل. تعمل عليه كأمل راودها؛ غب انهيار الاتحاد السوفياتي. فسعت إلى توسيع حلف شمال الأطلسي “الناتو” في أوكرانيا، رغم اعتباره خطاً أحمر لموسكو.
سوء التقدير عجل بما كان خارج الرهان. خطط واشنطن الأصلية كانت تهدف إلى إضعاف روسيا، ولكن ما حدث هو العكس تماما، فقد عملت الحرب على تسريع زوال الهيمنة الأميركية.
فيونا هيل؛ السياسية الأميركية والمسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي الأميركي، لن تكون أخر من يعترف بأنّه ”ربما تكون الحرب في أوكرانيا هي الحدث الذي يجعل وفاة نظام (pax Americana) واضحة للجميع“، وهو المصطلح الذي يُقصد به النظام الذي ساد فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وفيه تزايد النفوذ الأميركي.
توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق؛ في منتدى لدعم التحالف بين الولايات المتحدة وأوروبا يدلي بما لاح له يقينا لا ينازعه فيه ريب. ففي محاضرة حملت عنوان "بعد أوكرانيا، ما الدروس الحالية للقيادة الغربية؟"، حسم رأيه بغير مواربة "نحن نشهد نهاية الهيمنة السياسية والاقتصادية الغربية". و "سيصبح العالم ثنائي القطب على الأقل أو متعدد الأقطاب، التغيير الجيوسياسي الأكبر في هذا القرن سيأتي من الصين وليس من روسيا". و "العالم في مرحلة تحول في التاريخ يمكن مقارنتها بنهاية الحرب العالمية الثانية أو انهيار الاتحاد السوفييتي، لكن هذه المرة وبوضوح الغرب ليس في الكفة الراجحة".
وهذا يعيد إلى الأذهان قليلا من الحكمة القديمة، وفقا لما سجله هيرودوت، حيث أن الملك كروسوس من ليديا طلب من وسيط الوحي في دلفي الإغريقية المشورة بشأن الذهاب إلى الحرب. فقيل له إنه سيدمر إمبراطورية عظيمة، فأعلن الحرب على قورش الكبير عظيم فارس وخسر.
و هو درس من التاريخ التطبيقي المتنازع في أوالياته و مدى راهنيتها العملية. النبوءة تحققت بخلاف المتعشم: لقد دمرت إمبراطورية كروسوس عينها.
لما تضع الحرب أوزارها، تنجلي فداحة الأخطاء التي ارتكبت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات