الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية نور وشمس

جدو سامى
كاتب وباحث وروائى متنور ومؤمن بالحريات الجنسيةوالدينية والابداعية والفكرية كاملة

2023 / 10 / 12
الادب والفن


نور وشمس

الفصل الاول

تململت المراة جوار زوجها ونهضت اخيرا تتنهد من الفراش. وعدلت قميص نومها الساتان الابيض القريب من الفضى ذا الحمالات الرفيعة الطويل المشقوق على طول جانب الساق والمزينة حوافه بالدانتيل. هو ذاته مزين بالدانتيل الشفاف المعقد الزخارف والنقوش عند اكواب النهدين. كانت ذات نهد ثقيل وجميل يزين كل ثوب ترتدى للنوم او للبيت او للشارع. نهد جرئ وقح كاعب يعلن عن ثقله مصوبا للامام يفرض نفسه على صاحبته وعلى الجميع. مما يجعل عيون الرجال سريعة فى الانتقال لاشعوريا من وجهها الى صدرها.

قبلت المراة زوجها من خده. ثم بشراهة وحب من فمه. فبادلها القبلة وقد استفاق قليلا من نعاسه وصار محصورا بين اليقظة والنوم وتململ من اصرارها رغم انه لا يفعل ذلك فى يقظته. فى يقظته يكون متاججا مثلها. تشن عليه عدوانا غراميا احيانا او يبدا هو بالعدوان احيانا اخرى. لكنها ابدا لم تنفر او ترفض ذلك. كانت ساعة جسدها تلقائيا منضبطة على مواعيد ونشاط حبيب قلبها الذى التقته منذ مراهقتهما. بل منذ طفولتهما. كانا جيران وزميلين فى نفس المدرسة التجريبية المشتركة حتى الثانوية. كان يدور حولها دوران النجم حول نجمه الثنائى التوأم. واما هى فكانت تدور حوله دوران القمر حول الارض او الارض حول الشمس او الشمس حول المجرة. لم يكن يقلل منها ولكنها كانت تكبره وتعظمه وتحترمه. لم تكن من هؤلاء النسويات المصريات المعقدات والمريضات نفسيا اللواتى يكرهن الرجال ويودن لو يسحقنهم ويستعبدنهم او يخصينهم ويتمردن على قيادتهم للاسرة. لم تكن تعرف هؤلاء النسويات ولا هو. فقد تزوجا قبل ظهورهن. ورغم ان كل الفتيات فى عصرهما كن ينادين ازواجهن او عشاقهن باسمائهم مجردة يا فلان. الا انها كانت تصر على ان تنادى زوجها يا سى فلان. او حتى يا استاذ فلان. وهو بالمثل كان يناديها يا مدام فلانة. كان يحترمها جدا وحاول مرارا اثناءها عن كلمة سى. لكنها كانت مصممة عليها. فاستسلم لرغبتها. كانت عنيدة جدا وشرسة اذا تشاجرت وعصبية وانفعالية سريعة الغضب قوية السخط بشكل انفجارى. وكان هو ايضا عصبيا ولكنه اهدا منها. راها هكذا مع ابنيهما. لكن لم تفعل ذلك معه الا اذا تدخل لصالح الاولاد او دفاعا عنهما.

ذهبت المراة المتوسطة الطول المائلة للقصر قليلا. الى الحمام. عدلت شعرها الطويل ونظرت فى المرآة مطولا لوجهها وتجردت وتاملت جسدها الشهى من قمة راسها حتى قدميها الحافيتين. تذكرت كلمات الغزل الكثيرة التى يتحفها بها زوجها كلما وقعت عيناه عليها فى كل مكان وكل زمان. وفى كل ملبس تلبسه وحين تتجرد ايضا. لم تكن تفهم ماذا يحب فيها وكيف يراها بكل هذه الجاذبية. وهى ترى نفسها مجرد انسانة عادية جدا. معظم النساء مثلها متواضعات. لمست بيدها معبد اللذة بزر الورد وبتلات الوردة. والذى كان غارقا فياضا بنهر الحب العاجى الذى جاد به زوجها فى اعماقها الحريرية نهار امس وقررت بعدها ان تبقى محتفظا به لاطول وقت ممكن. كانا ورغم مرور نحو عشرين عاما ونيف الان على زواجهما. كانا غاية فى الرغبة المتقدة. كانا ينتهزان كل فرصة ولو كل يوم حتى ليجددان الثورة ولعبة جبال القمر وبحيرة فيكتوريا وفيضان النيل كما يسميانها او يخبران بها اولادهما. لم يكن يقوى على الصبر حتى نوم الاولاد. ولم يكن يفضل السهر اصلا. كان مبكر النوم ومبكر اليقظة. وهى ملتزمة بطباعه رغم انها تميل لغير ذلك لكن تحترم اختلافه ولا تسهر ولا تقلق نومه وراحته.

لم تعرف رجلا سواه فى حياتها وكان ابو عذرتها. مع ذلك لم تكن تتصور ان هناك افضل منه فى الحب او امتاع معبد لذتها وعمود متعته. او اقوى او اغرب. كانت حين يمارس معها لعبة الجبال والبحيرة والفيضان تشعر ان الامر يدوم ساعات. وبالفعل كان يدوم ساعات. راحة وعودة. تخفيف اتقاد الجمرة ثم اشعالها مجددا. كانت تشعر فى كل لقاء وكل دور من ادوار اللعبة انها نعجة مشوية. يلتهمها آكل جائع لم ياكل منذ سنين. لم يكن عنيفا بل كان فى رقة النسيم معها. لكن لهفته عليها لم تضعف يوما او مرة. كان يبذل الحب لكل شبر فى بدنها. لم يكن يقتصر على المطارحة الاساسية الفاصلة الحاسمة النهائية ايا كان اسمها. بل على العكس كانت اخر اهتماماته. وهى بالمثل اصبحت لديها اخر ما يشغلها فى اللعبة.

تبولت وتغوطت وغسلت شعرها الاسود الناعم الطويل وسمعت صوت زوجها ينادى: يا نور. يا نور. خرجت مسرعة اليه كما ولدتها امها وقالت له: لبيك حبيب قلبى. هل تريد منى شيئا يا سى كمال. قال وهو ينهض وعيونها منجذبة لشعره الناعم وبياضه الناصع كبياضها. بل افتقدتك فى الفراش وخفت ان تكونى رحلت. قالت فى نفسها: يا الله. كم مرة يكرر على مسامعى هذه الكلمة رحلت. كيف ارحل يا حبيب قلبى ونور عينى وروح قلبى. ولماذا ارحل. وهل لى سواك. انت ترى بنفسك كيف اطعتك وقاطعت اهلى الا لماما زيارة كل عام لهم. اننى يتيمة من كل احد مقطوعة من شجرة. وانت شجرتى. لقد واعدتك واوفيت ولست نادمة. انت ابى وامى وصديقى وصديقاتى واختى واخى وابنى وزوجى وعشيقى وكل شئ. ارحل لمن ولماذا. اننى اخاف من نظرات زملائى بالعمل ونظرات الشباب والرجال وحتى كبار السن والاطفال الذكور النهمة نحوى. لانها تشعرنى ان اصحابها على استعداد تام ان يختطفونى منك ويحرمونى منك ومن اولادنا. اتعلم انى احبك اكثر من اولادنا حتى رغم انك وبختنى واتهمتنى بكراهيتى لهم. انا اعبدك. ودون تكلف او تصنع.

كل هذا فكرت فيه نور وعيون زوجها كمال تلتهمها بجوع لا ينضب من شعرها حتى قدميها. نظراته تذيبنى وتسعدنى. قالت له: لا لن ارحل اليوم الى العمل. اليوم اجازة ولكنك نسيت. تعمدت ان تجعل كلمة الرحيل تشير الى العمل. كان كمال يعلم انها تتهرب. لقد تثور بشدة انفجارية احيانا اذا سالها هذا السؤال. لقد كان يكرره على مسامعها كل يوم. يشعر انها كثيرة عليه. ام انها ولابد ستحبه غيره. رغم انه لم يخنها ابدا. لكنه يشعر ان امراة بجمالها الباهر الذى لا تؤمن به هى نفسها وياللعجب. وبجراتها فى العمل حيث تدير العمل فى المؤسسة التى تعمل بها بقوة وصلابة. كانت اتان عمل على وزن حمار شغل. تحب العمل جدا. وترهق نفسها فيه. مرات كان يزورها فى العمل فيختلى به بعض موظفيها وعمالها ويشتكون له من انها ترهق نفسها جدا. والحقيقة انهم يكرهونها جدا لانها تثقل عليهم فى العمل او بالاحرى ترغمهم على الالتزام بواجبات وظائفهم وعدم التكاسل او التزويغ. لم بكونوا يجرؤون على عصيانها لانها كانت شرسة وقوية وحازمة وانفجارية فى صراخها وتعليماتها المشددة لهم. ولانها على حق. ولو اشتكوها لرؤسائها لنالوا العقوبة لانهم بالفعل كسالى ومتقاعسين واتعبوا عملاء المؤسسة والمواطنين الذين يتعاملون معها. فكان كمال يشعر ان مثلها لابد ان تفرد اجنحتها الملائكية وتكشف عن زيها الاسطورى او المارفلى او الدى سياوى. بارادتها. او يخطفها منه اى قوى السلطة والنفوذ واى معجب مغتلم. كان يرى خلال نزهاتهما هو وهى واولادهما فى المتحف المصرى او حديقة المسلة او حديقة الحيوان او سينما كوزموس. نظرات كل الذكور على اختلاف اعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية نحوها ويقسم انه يقرا افكارهم. ويشعر انهم يملكون وسيلة ما لاختطاف نور منه للابد. وحرمانه منها. كان يفزعه ذلك ويتعصب عليها ويتنرفز بسبب ذلك. وهى تعلم لكنها كانت تتحمل واحيانا تثور ويصبح البيت مليئا بالصواريخ والالعاب النارية.

اقتربت نور من الفراش واستلقت جوار كمال. وهى تنظر اليه تلك النظرات التى لا تدرى اهى لعوب اغرائية ام انها مجرد نظرات شاردة عادية. نهض كمال وقبل على الفور اظافر يديها وقدميها. فنهضت هى وقبلت يديه وقدميه ووجهه. قال لها: لماذا تفعلين ذلك كل مرة يا نور. الم انهك. قالت: مثلما ستفعل بى سافعل بك. تقبل يدى وقدمى ساقبل يدك وقدمك واكثر ايضا انا لست اقل منك حبا لك كما انك لست اقل منى حبا لى. سافعل مثلك واكثر. وصدقت قولها بالفعل وغمرت وجهه وشعره بالقبلات الرطبة المتشوقة. كانت ترتجف من البرد قليلا. قبل وجهها واخذ يتامله وتقاطيعه ويمسح بظهر يده على خدها ويلمس باصبعه انفها فقبلت شفتيه بعدوانية وجراة كانت ولا تزال تشعله وتعجبه. قال لها: عيد ميلاد سعيد يا قلب كمال وروحه وعقله. واحتضنها وشعرت نور بقوة عناقه. انها تعلم كم هو امتلاكى لها ولا تمانع. رغم انه يصرح بامتلاكه لها بكل السبل اللطيفة او الشديدة. بالعكس ذلك يسعدها ويرضيها. وهى ايضا امتلاكية له. لكنها لا تبدى له ذلك حفظا لكبريائه كرجل واحتراما منها لمقامه العالى عندها فهى تراه دوما اعلى منها واعلم وارقى وتتعجب كيف احبها وهو يستحق من هى اروع واجمل ويستحق كثيرات شهيرات ومغمورات مصريات وعربيات واجنبيات من كل قارة ودولة ودين وجيل. كانت اذا باحت له بمكنون فكرها هذا وبخها بشدة وعصبية وقال لها: لماذا تستهينين هكذا بنفسك يا نور. لم اجد فى العالم من اجمل ولا اشهى ولا احق منك بى سواك. ولن اجد. كان يصرح لها انه يود لو يقيدها بطوق وسلسلة جواره او يقيدها فى كرسى او سرير بالمنزل كيلا ترحل. كان يعجبها ذلك ويشعلها ولا يغضبها. حتى اذا صار ساديا احيانا فى الفراش وقيدها او صفعها او شتمها او بصق عليها كانت سعيدة بكل ما يفعله بها ويقوله لها سواء بلطف او بعنف. لم يكن على الدوام ساديا بل فى بعض المناسبات القليلة. وهو علمها بل وصمم رغم رفضها باستمرار صمم على ان تمارس السادية معه احيانا. تقيده وتشتمه وتبصق عليه او تصفعه. كانت تفعلها فقط لارضائه واسعاده. وبعد الحاح شديد منه وبتردد وبغير اقتناع. كانت تهوى فقط ان تكون اما حنونة له وهو يرضى بذلك معظم الوقت.

قالت نور: شكرا يا حبيب قلبى. لم اكن اتذكر ان عيد ميلادى اليوم. قال كمال: وكيف انسى ذلك التاريخ 28 ديسمبر من كل عام. عيد ميلاد الهتى الحلوة المتوجة بكواكب المجموعة الشمسية والمتناسخة والفضائية القادمة من كون موازى او من كوكب بكوننا لكنه شبيه بالارض يدور حول نجم فى كوكبة الجبار. وقنطورتى او فامبايرى الخالدة والبطلة الخارقة او القادمة من عصر مضى فرعونية او باريسية او رومانية... يا مصنع الكواكب ومصنع السكر. شردت نور فى هيام فى كلمات زوجها. كم يتقن الغزل ويبدع فيه. لقد ملات نور اجندة بما يقوله لها تحتفظ بها سرا ولا يعلم عنها شيئا. ستكتب ما قاله اليوم. حفظته عن ظهر قلب. عانقته وقال: هذان المدفعان الثقيلان يسعداننى. بارك الله فيهما وفى صاحبتهما. قالت نور ضاحكة: اكثر من ذلك. انهما يفضحاننى فى الشارع. اود لو اقطعهما والقيهما للكلاب. قال كمال: حينها اموت. قالت على الفور: يبعد الشر عنك. ولكنى حقا اضيق بهما بسبب نظرات الطامعين. لكنى اعشقهما واعشق جسدى وانوثتى رغم نظراتهم. ولكن احيانا يضيق بى الامر.

نهضت نور فجاة وقالت: ساذهب لاستحم. رائحتى بالتاكيد منفرة لك. لم تطالبه بالاستحمام فهى تعشقه متعرقا او نظيفا. وهو كسول فى الاستحمام عنها. قال كمال: رائحتك حلوة وانت حلوة دائما وفى كل حال. قالت تمازحه: انت تريدنى بنهر حليبك وبعرقى ووسخى وقذارتى. تحبنى عفنة. قال يمازحها: نعم احبك عفنة جدا جدا. يشعلنى ذلك. هيا تعالى با عفنة. ضحكت وهربت لداخل الحمام وسمع صوت المياه الساخنة تنهمر. لما خرجت اخيرا. كان كمال قد نهض وجلس فى الشرفة. لعله تغوط فى الحمام الاخر بالمنزل. قولونه عصبى ولن يطيق الصبر معها. لقد انشا هذا الحمام فى منزلهما الواسع المبنى على الطراز الامريكى 5 غرف وحمام مطبخ وطابقان بينهما سلالم وسقف جمالون وعلية. لم يبنيه كمال ولا يملك مالا لذلك اصلا. ولكن والده الراحل اشتراه من مالكه الامريكى. لم ينجب والده سواه فهو ابنه الوحيد ووالدته توفيت فى طفولته. وارتحل مع والده الى دولة اوروبية عمل فيها الوالد لفترة وجنى مالا وفيرا. وحين عاد لمصر لم يعد للعشة الصغيرة فوق السطوح التى كان يسكن فيها وقرر شراء هذا المنزل المنعزل فى مزارع قرى الجيزة قرب الحوامدية مواجها لنيل حلوان. عاش فيه هو وابنه وتوفى. ونور متزوجة من ابنه لها سنوات. وامر كمال احد البنائين والسباكين بتحويل الغرفة الخامسة الى حمام. كان للمنزل حديقة امامية وخلفية وسور.

ارتدت نور ملابسها المنزلية على عجالة. كانت صحيحة البدن ونشيطة جدا لم يرها كمال مرضت يوما وهذا اعجبه فيها. لقد حدثه ابوه عن معاناته الطويلة لسنوات مع مرض امه العضال حتى وفاتها. كانت اياما وشهورا وسنوات من العذاب المتواصل فكان كمال يتمنى لنفسه زوجة صحيحة البدن لو امكن. بينما يميل زوجها كمال للكسل. وعليها كل اعباء المنزل من طبخ وكنس ومسح وغسيل كاى زوجة مثالية مما يغيظ النسويات. لو علمن.

خرجت نور ترتدى شبشبا عالى الكعب ذى فراء فى مقدمته وقميص نوم ساتان اغلقته بروب طويل مثل طوله ومن الساتان الازرق ايضا. دخلت الى غرف الاولاد توقظهم. كانوا ولدين وبنتين. كان الولدان شابين فى الجامعة. واحدى البنتين فى الثانوية والاخرى فى الابتدائية. نهض الاولاد الذكور للاغتسال وذهبت البنتان مع امهما الى حمام والدهما كمال. غسلت نور وجه ابنتها الصغرى وشعرها وتركتها تقضى حاجتها ثم انصرفتا ودخلت الابنة الاخرى لتغتسل وتقضى حاجتها. تركتهم نور وطرقعت بكعبها نزولا السلم حيث سمعت كمال يغنى ويدندن.

نور وشمس
بقلم جدو سامى احمد ح. بن تحتمس

الفصل الثانى

نزلت نور الى صالة منزلها الامريكى الطراز القريب من الحوامدية والمطل على نيل حلوان. فوجدت زوجها كمال جالسا يغنى ويدندن بعض الاغانى القديمة والجديدة. كان مزاجه اذن رائقا. جلست جواره. فوضع ذراعه حول عنقها. وقبل خدها قبلة سريعة والصق جنبه بجنبها على الاريكة. نظرت اليه نور بعيونها الملونة ووجهها الشبيه الملامح جدا بملامح الممثلة نسرين. كانت ملامحها جادة مثلها وشبيهة جدا وعيونها ملونة كلون عينى نسرين. مدت يدها بخجل الى يد كمال فاحتضنت يده يدها فورا. بياض على بياض ونور على نور كان كلاهما. كما لو كانا توامين متماثلين لكن بمعجزة ما مخالفة للقاعدة خرج احدهما ذكرا والاخر انثى. وكانهما يحملان نفس البصمة الوراثية ونفس الحمض النووى بنفس تسلسله وشفرته ماعدا الكرومسوم اكس واى. لدى كمال اكس واى ولدى نور اكس اكس.

اخرج كمال من جيب روبه الشتوى الانيق علبة قطيفة مربعة كبيرة نسبيا. قالت له نور: ما هذا ؟ قال كمال: افتحيها. فتحت نور العلبة وانبهرت بالخلخال الذهبى السميك وكذلك اسورة الذراع الثعبان. كان الذهب فى ذلك الزمن زمن اوائل الثمانينات من القرن العشرين رخيصا وليس كما فى عهد السيسى. ثم قال: عيد ميلاد سعيد يا حبيبة قلب كمال. ونور عين كمال. وروح قلب كمال. قالت نور: لماذا كلفت نفسك هكذا ؟ كانت تكفينى زهور او حتى كارت معايدة منك يا حبيبى. قال كمال: لقد كنت تتمنين هذه الاسورة وهذا الخلخال منذ سنوات وقد ظللت ادخر من اجلهما فى صمت. حتى حان وقتهما. قبل شفتيها. نهضت نور وقالت: حسنا يكفى حبا الان. ساذهب لاعداد افطارنا وافطار الاولاد.

ذهبت نور الى المطبخ وبدات اعداد الفول المدمس والجبن والبيض وتقلى الطعمية. كانت سيدة بيت ماهرة جدا تدمس الفول. وتطبخ الطبيخ وتخبز الحلوى. وتخزن فى الديب فريزر اللحوم والدجاج والطبيخ. تحيك الملابس وتتقن التفصيل والتريكو والمكرمية والكروشيه والكنافاه. اشعلت النار تحت الطاسة على البوتاجاز. وسخنت الحليب والفول. سلقت البيض. وجلست على كرسى المطبخ شاردة صامتة ولا يسمع فى المطبخ سوى صوت الغليان والقلى وحسيس النار الزرقاء.

اعدت نور الطعام ووضعته فى الاوانى والاطباق والاكواب. وجلس كمال واولادهما الاربعة حول المائدة الكبيرة فى القاعة المجاورة لباب المنزل الخارجى الزجاجى المشوش "زجاج انجليزى". وخرجت نور من المطبخ الى القاعة حيث ان المطبخ يقع بالدور الارضى. تحمل الاطباق والصوانى. واخذت بعض المخلل وبعض الخيار والطماطم التى قطعتها ووضعتها فى اطباق صغيرة كعادتها كل صباح. ولكن اليوم اجازة للجميع. ولذلك قررت نور تجويد وتحسين الافطار. بدل الافطار المتعجل الذى تعده كل صباح.

جلست نور جوار زوجها كمال الذى كان عند مقدمة المائدة فى مقعد رب الاسرة. وامامها جلس ولداهما الاكبر منصور والاصغر منه قليلا وجدى. وجوارها جلست بنتاهما الكبرى كوثر والصغرى داليا.

استذكرت نور لبنتيها الدروس استعدادا للامتحانات. ثم جلست تحيك بلوفر تريكو لزوجها. وشاهدا معا فيلم عفريتة اسماعيل يس.. ضحكا وانبهرا كأنهما يشاهدانه للمرة الاولى. قال. اتعلمين يا نور ان اسماعيل يس مولود فى نفس يوم ميلادى. قالت. احقا ؟ 15 سبتمبر ؟ قال: ولماذا عجيب يا نور ؟ ضحكت نور ضحكة قصيرة وقالت: لانه موميدى ومضحك. اما انت فجاد الى درجة الاكتئاب. قال كمال وهو يتصنع الغضب: هكذا اذن يا قطة. ونهض فنهضت وهى تغالب نفسها من الضحك. وظلا يعدوان خلف بعضهما وهى تهرب منه وهو يقول: اانا كئيب ؟ ضحكت نور ونظرت الى وجهه وقالت تغيظه وتخرج لسانها وتحرك قبضتها فى كفها: نعم جدا. اقترب منها فلم تهرب هذه المرة. وبدا يتكلم فلم تمهله بل دفعته الى الحائط وسمرت يديه بيديها على الحائط ونظرت فى وجهه قليلا ثم نزلت بوجهها الى وجهه تلتهم شفتيه بقوة. كانت تعلم ان هذا الوضع يعجب وهو كذلك يعجبها. تصلب عمود البردى الكرنكى وطرق باب معبدها ذى البتلات وزر الورد والصروح يفصلهما قماش الثياب. لكنها تركت كمال بناره وضحكت وجلست وعادت للامساك بابر التريكو لتنسج له بلوفر اخضر من كرة خيط الصوف التى لديها. كان يحب ذلك كله منها.

اعدت الغداء ارز وقلقاس من ما حفظته منذ الشتاء الماضى فى الديب فريزر. ومعه صدور دجاج. مر الجمعة وكان السبت ايضا اى غدا اجازة لديهما. قرر كمال ان يتنزه هو وزوجته واولادهما الاربعة على النيل وفى حديقة الحيوانات. ارتدى منصور ووجدى ملابسهما فى غرفتيهما. وكذلك فعلت كوثر. بينما البست نور ابنتها الصغيرة داليا ملابسها بنفسها. كانت داليا مدللة امها وابيها واخوتها. رقيقة كثيرة. استقلوا المعدية الى المعادى. ومن هناك استقلوا اوتوبيس نقل عام الى حديقة الحيوانات. وقفوا عند كوبرى الجامعة واعجب منصور ووجدى كثيرا بالنيل. لكن تركيز منصور كان منصبا اكثر على التفرس فى وجه وبدن امه نور. بينما كان وجدى يتامل اخته كوثر... كان كل منهما يعشق معشوقة مستحيلة فى صمت. ولم يكن يطمع باكثر من الكتمان والعذاب. كان منصور يكفيه ان يشبع عينيه بوجه امه نور او يسمع صوتها. او يتاملها وهى فى ملابس المنزل او ملابس الشارع. كانت قريبة منه فهما يعيشان معا وفى منزل واحد. هى من ربته حتى نما. وكان اهتمامها منصبا عليه وعلى اخوته وابيه اى عائلته. كان قلبه العاشق ورغم ان عقله يعلم انه مجرد دفء امومى وحضن قلب امومى. الا ان قلبه يفسر كل اهتمامها به حبا غراميا. هو يعلم جيدا انه ليس كذلك. لكن ليشبع قلبه وجوعه وامنيته فانه يترجم قربها وكلامها وتدليلها له واعتبارها له اخوها كونه ابنها الاكبر. الى اهتمام فتاة بفتى. وكان ذلك يرضيه ويشبعه. هو يعلم ان حبه لها خطير جدا ومدمر له ولها وللاسرة كلها اذا تمادى فيه او رغب فى غصبها عليه او انتزاعها من ابيه والاسرة لنفسه بالقوة او بالاقناع. لذلك هو قانع من ذلك الحب المستحيل بوجوده قربها. كان حب منصور لامه نور مثل حب احمد رامى او القصبجى لام كلثوم بلا امل ولا نتيجة. لكنه جعله يساعدها فى المطبخ احيانا تطوعا من نفسه رغم رفضها لذلك لكنه يلح عليها. وتضطر لتركه. وتشكر وتمتن له. تقربه من امه بالخدمات التطوعية جعلها تراه عكازها وعكاز ابيه. كان ايضا يساعد اباه كثيرا ليس فقط لحبه له ولكن لانه قرة عين نور وحبيبها الاول والاخير والاكبر والوحيد. فمنصور راى نظرات امه نور لابيه كمال طيلة مراهقته. ورغم شعوره بالغيرة تاكله والحزن وتمنى ان يكون مكان ابيه فى قلب امه. الا انه حول طاقة الرغبة فى امتلاك امه والارتباط جسديا ورسميا بها كزوجة وحبه الفياض لها الى طاقة ايجابية وليست تدميرية او كراهية. فكان يرضيها باسعاد ابيه. وينظر لوجهها الجميل وهى تبتسم له بسعادة حين تراها ارضى اباه او ساعده فى اى امر.

كذلك كان حال وجدى مع اخته كوثر. كان كمال يقف مستندا بيده على الكورنيش الجرانيتى المطل على النيل الشاسع الرهيب الفضى قرب كوبرى الجامعة. وعن يمينه يقف منصور جوار امه نور يكاد يلصق جنبه بجنبها وهى مشغولة عنه بالحديث مع ابيه او مداعبة داليا التى تقف امامها وتكلمها. لكن عيونه لا تفارق وجه امه الحلو. كان يتغذى روحيا ونفسيا وقلبيا وعقليا من مجرد التطلع الى وجهها طويلا. وعن يسار كمال يقف وجدى وجواره كوثر التى تتامل ايضا النيل. ومد وجدى يده فى كيس الطعام الذى حملوه معهم. وتناول سندويتش من قالب اللحم ومنحه لكوثر. شكرته وبدات تاكل بنهم وهى تتامل النيل. ووجدى لا تفارق نظراته خدها ووجهها. انه يحسد ابناء ادم ابو البشر حسب الميثولوجيا الابراهيمية. ويحسد رمسيس الثانى فقد كان بامكانهم الاقتراب بشقيقة يحبونها دون تحريم ولا تابو ولا ممانعة. لكن هذا لا يجعل حظ منصور مشابها لحظ وجدى. ففى مصر القديمة تزوج الاب ابنته والاخ اخته ولكن لم يحصل ابدا ان اقترب الابن بامه ابدا ابدا. كانت كوثر ايضا قريبة السن من وجدى وتشعر بحبه الجارف لها. واما نور فلم تكن تدرى بما يشعر به ابنها الاكبر منصور نحوها. كانت تظنه شهما وابنا بارا فحسب. ويحبها ويحب اباه حبا معتادا. استسلم منصور وقنع بهذا القدر من امه. وبقبلة منه على خدها او عناق من وقت لاخر يتنهد فيه باستمتاع وحزن وشوق لكنه يكتفى بحب عذرى بعيد لامه. اما وجدى فقد كان متهورا بطبعه. وكانت كوثر فى الحقيقة تشاغله لم يكن يدرى اهى تشاغله بطبع الفتاة المراهقة لمشاغلة عدة رجال والشعور بانها مرغوبة ام بالفعل تشاغله لانها تحبه مثلما يحبها. كان يذاكر لها ويتقرب منها بهدايا فى عيد ميلادها. ويمازحها. ويشاكسها.

ذهب الجميع الى حديقة الحيوانات. وكان يوما رائعا. وعادوا لمنزلهم الامريكى الطراز قرب الحوامدية.

*****

كان كمال يدير شركة استيراد وتصدير صغيرة. لصالح مالكها شمس عبد الملك. وما لم يكن كمال يعلمه ان شمس هذا قد راى زوجته نور ذات مرة فى حفل اقامته الشركة بمناسبة عيد ميلاد شمس فى 28 اغسطس وحضر فيها الموظفون والمديرون وزوجاتهم. اعجب بها شمس كثيرا وراودها عن نفسها. لكنها صدته بشدة وسبته. فاعتذر لها كثيرا فلم تهدا وحينها هددها اذا شكته لزوجها ان يلفق له قضية ويسجنه ويدمر مستقبله ومستقبلها ومستقبل اولادهما للابد. لانت عندها وتوسلت اليه الا يفعل وستنسى هى ما عرضه عليها كأن لم يكن. ابتسم وقال: فتاة جيدة. هكذا ظنى بك. حصل ذلك منذ خمس سنوات مضت الان. ولم تسمع عنه نور شيئا منذ ذلك الحين. وظنت انها امنت شره وانها كانت نزوة عابرة عرض عليها فلما رفضت اتجه لغيرها ونسيها. ولكن وهذا ما لم تكن تعلمه انه لم ينسها لحظة واحدة. بل كان يفكر ويدبر كيف يذلها ويمرغ كبرياءها وغرورها.

تزوج شمس هذا زواج صالونات. وكان اكبر من كمال ونور. كان فى الستين. كان شمس قارئا مطلعا على عكس كمال الذى لا يحب الكتب ولا القراءة. لديه فى مكتبه بالشركة مكتبة عامرة وفى منزله ايضا. كانت ميوله كبيرة للعلمانية واللادينية والاشتراكية والناصرية والحرية وايضا للربوبية. كان شمس يحب الفنون. ودرس دراسة علمية فى الثانوية. لكن دراسته الجامعية كانت ادبية تاريخية. ولكن كان حظ شمس هذا رديئا جدا مع النساء. لانه خجول جدا وانطوائى لا يتقن الاعيب النسونجية وصيادى البنات من الرجال والشباب. اضافة الى انه يضع كرامته فوق التذلل لاى امراة. فشل فى الحصول على امراة او فتاة يرغبها فى شبابه ومراهقته وحتى سن الاربعين لم ينل اى امراة يريدها. كان يشتهى الطفلات احيانا من كان عمرها 13 او 15 سنة لا اكثر. ويشتهى المتزوجات الاكبر منه سنا وذوات العيال واذا عرف انها شريفة لم تعرف رجلا قط سوى زوجها يشتعل رغبة فيها اكثر من غيرها كذلك اذا عرف ان زوجها سعيدا بها وانها ربة منزل ممتازة فى الطهى والاشغال النسوية. ويشتهى بنات من مختلف الاعمار والاجيال وحتى الدول والاديان. لكنه كان محدود الدخل جدا. فلم ترض به اى امراة. كما كان عاديا بلا نفوذ اوسلطة. لذلك امتلا عزما على ان يمتلك قوة المال والنفوذ لكى ينال من يشتهيهن من النساء ولو اختطفها من حضن زوجها. لم يشفع له مع النساء تنوره ولا سعة اطلاعه. بالفعل ثابر واجتهد وتعب وعرق حتى كون هذه الشركة واموالا طائلة اضافة لانضمامه للحزب السياسى الحاكم وفوزه بعضوية البرلمان. كان دافعه لذلك كله هو النساء. يريد ان يتفاخر امام اصدقائه الذين يزعمون نجاحهم مع النساء. كان يتمنى لو انه ولد فى امريكا او المانيا او اى بلد لا عربى ولا اسلامى. كى يسهل عليه ان يعشق ويرافق جميلات وعشيقات منذ مراهقته حتى مماته. يريد ان يستعيد كرامته وكبرياءه كرجل بانه مرغوب ومحبوب ومقبول من النساء. رغم علمه الغزير وموسوعيته رفضته النساء وقبلن باقل منه وبالجهلاء. كمال مثلا لم يقرا كتابا فى حياته ولا يهتم بالسياسة ولا اى شئ. وغيره. كمال لم يكن اسعد حظا منه ولم يعرف سوى نور ولكن نور احبته ولم يكن زواجهما زواج صالونات بل زواج عن حب وصداقة وجيرة طويلة منذ الطفولة حتى الجامعة. وغيره رجال بلا ثقافة وناجحون فى علاقات متعددة مع النساء. اما شمس فكان خجولا وخيبة. ولم تحبه النساء.

فى صباح الاحد ذهب الاولاد الى مدارسهم وكلياتهم للامتحانات. وذهبت نور الى عملها فى المؤسسة. كما ذهب كمال الى عمله فى شركة الاستيراد والتصدير.

نور وشمس
بقلم جدو سامى احمد ح. بن تحتمس

الفصل الثالث

استقلت نور المعدية للمعادى مع زوجها كمال واولادهما الاربعة. ومن المعادى استقل كل منهما هى وزوجها المواصلة التى توصلهما الى عملهما. وهو اوتوبيس العمل. احيانا يتاخران فيفوتهما فيضطران الى ركوب اوتوبيس النقل العام مع زحامه وتحرشاته وسخافاته. اما هذا الصباح الباكر فقد نجحا فى اللحاق بالاوتوبيس الرسمى لكليهما. ركب كمال وتفرس كالعادة فى وجوه الموظفين التابعين له. وابتسموا له وشعر ان بعضهم يبتسم له ابتسامة صفراء تخفى احقادا وكراهية او استهزاء وسخرية. كاد ان يجلس بمفرده فى الخلف كعادته ليتجنب نظرات الموظفين او ثرثرة احد منهم معه بكلمة قد تؤذيه مع حساسيته الزائدة. لكن فردوس سكرتيرته ابتسمت له ابتسامة ساحرة لاول مرة منذ تعيينها وربتت على المقعد المجاور للنافذة جوارها فهى تجلس على المقعد المجاور للممر الداخلى فى الاوتوبيس. انه مقعده المفضل ذلك المجاور للنافذة. يحب كالاطفال النظر الى معالم الطريق والمحلات والمبانى. جلس كمال الى جوارها. وقد ارتفعت حرارة جسده وبدات يداه وقدماه فى الحذاء تعرقان. تصلب جسده. كأنه فتى يلتقى بفتاة لاول مرة فى حياته. كان كمال قليل الخبرة جدا بالنساء. ولولا ان نور كانت جارته وصديقة الطفولة وزميلة المراهقة والطفولة ايضا فى نفس المدرسة ونفس الفصل حتى. لربما لما تزوج ابدا ولا اتيحت له فرصة ممارسة الحب مع فتاة او امراة خارج اطار الزواج. كان اقرانه يفاخرون امامه فى عزوبيتهم وحتى بعد زواجهم بمغامراتهم النسائية وكيف التقوا سرا بعاملة الجنس الفلانية. وهى بالطبع لقاءات محفوفة بالمخاطر كون بيوت الدعارة ممنوعة فى مصر وغير مقننة ولا مسموح بها ولا يتم فحص العاملات فى هذه المهنة. وهن معرضات للقبض عليهن فى اى لحظة. ويعملن بسرية شديدة. ولا يستطيع الوصول اليهن الا واسعو الحيلة والنسونجية المحترفون. وليس غرا ساذجا مثله. كما انه ولا تخبروا نور. ورغم اكتفائه بنور عاطفيا وجنسيا ومن كل جانب. ويحمد الله على طعامها وكل مهاراتها الفنية والمنزلية. وحتى على ثقافتها وحبها للكتب التى لا يحبها. رغم ذلك كله فقد اعجب بنساء وحاول التقرب منهن لكنهن كن يصددنه او يشتمنه. او يسخرن من خجله وطيبته. فشل مع النساء فشلا ذريعا وكن يكرهنه. سواء حين كان لا يزال فى العزوبية. او حين انضم للمتزوجين. لذلك تعجب كمال من ما فعلته فردوس والتى هى نفسها كانت من قبل باردة وجادة جدا معه. هو لم يحاول التقرب منها وبالتالى لا يستطيع ان يجزم انها نافرة منه وانقلب حالها. لعلها منجذبة له منذ البداية ولكن كانت تتانى لعله يبادر بالخطوة الاولى ولكنه لما لم يفعل قررت هى المبادرة بها.

قطع افكاره صوت فردوس وهى تقول: كيف حالك يا استاذ كمال ؟ اانت بخير. نظر كمال فى ملامحها عن قرب فوجدا مبتسمة. غالب خجله وقال لها. انا بخير يا انسة فردوس. ضحكت وارته الدبلة الذهبية فى يدها اليسرى. وقالت. مدام. قال مصححا باضطراب وقد ظهرت على وجهه خيبة الامل بادية. مدام فردوس. ولكن لا يبدو انك متزوجة. ضحكت وقالت. ومنجبة ايضا لدى طفلان. قال كمال. تبدين يافعة جدا على الزواج. ضحكت فردوس وقالت. شكرا يا شقى. احمر وجه كمال واصبعها لمس انفه سريعا واختفى ولم يلحظه احد من من فى الاوتوبيس سواه. شعر بالرغبة الجسدية الشديدة تدب فى عموده الكرنكى البردى اللوتسى وفى جسده وعقله. هذه الحركة ولمسة الاصبع على الانف تشعله نارا. نور علمت ذلك. وكانت تفعلها معه اضافة لامور اكتشفتها لديه. فكان دائما يطلق فيضان نهر الحب العاجى على يدها او فى معبدها ذى الصروح والبتلات وزر الورد فيضانا رهيبا وسعادة تجتاحه حتى يكاد ان يموت من السعادة فقد كانت نور تعرف كيف تشعله وتعذبه وتشبعه.

مدت فردوس يدها ووضعتها على يده وهى تنظر بعيدا. كان كمال منشغلا فى الاستمتاع بالنظر الى النافذة. ورؤية الشوارع والناس والمعالم. لكن ما ان لمست يدها يده حتى نظر مصعوقا. لم ينزع يده رغم خجله الشديد. ابتسم فى نفسه. وتساءل كيف استطاعت ان تجعله لا ينزع يده من يدها رغم خجله وتلقائية فعله لو فعل. نظر الى يدها. كانت يدها جميلة وممتلئة وجميلة الاصابع والاظافر جدا. وكانت بيضاء ناصعة كيده ويد نور زوجته. كانت ناعمة وحضن كفها لكفه حلو دهنى. نظر فى وجهها الذى يشبه وجه صابرين فوجدها تبتسم له ابتسامة ام تطمئن ابنها الخجول الخائف وخيل اليه ايضا انها هزت راسها بشكل خفيف يكاد الا يلاحظه احد. ايجابا. لتشجيعه. او لتخبره انها تفعل ذلك بارادتها. قالت فردوس. وما اخبارك مدام نور واخبار الاولاد ؟ انطلق عندئذ كمال كالمسحور يحكى لها تفاصيل حياته مع نور والاولاد. وهى تستمع بتركيز وتشجيع كالمذيعة والضيف. ثم سالها كمال. وما اخبارك مع زوجك واولادك. شكت له من شقاوة الاولاد بعكس اولاده المؤدبين الهادئين المطيعين.

وصلوا الى الشركة وتوقف الاوتوبيس فقطعت فردوس كلامها. ونهضت وكمال خلفها. صعدوا مع بقية الموظفين والعاملين. حتى وصل كمال الى مكتبه. دخل. وبقيت فردوس فى حجرة السكرتارية. بعد قليل استدعاها كمال عبر جهاز الاتصال. دخلت قائلة. هل طلبتنى يا استاذ كمال. قال لها مستجمعا جراته قبل ان تهرب ويعود لخجله. اجلسى هنا. قالت. لا يصح يا كمال بك. قال كمال. اجلسى كيلا اغضب منك. جلست فردوس. فقال كمال. الان العمل خفيف. يمكنك اكمال كلامك. ماذا بشان زوجك. قالت فردوس وهى تتنهد. هل يمكننى ان ائتمنك على بعض اسرار حياتى الشخصية يا كمال بك. لاننى فى الحقيقة احتاج لمن افضفض معه بدخيلة نفسى. قال كمال. تفضلى واطمئنى فاسرارك فى بئر عميق بلا قرار. قالت فردوس. الحقيقة زوجى هو من يحق له ان يشتكى منى. هو يسعدنى ويلبى كل طلباتى. حتى فى .. فى . فى الفراش. لكنه بصراحة ورغم ضخامة الته وقوته وفحولته الا انه لا يكفينى. لا تكفينى طاقة رجل واحد. انا حتى الان اتعذب فى صمت. واكافح ضد نفسى ورغباتى. كيلا اخونه. ولكن الشجار والخلافات بيننا كبيرة جدا وملتهبة بسبب ذلك. حتى وان غلفتها باسباب تتعلق بالاولاد او النقود الخ. ولعله يعلم. نهضت فردوس وكمال مصعوق وشارد فى القنبلة التى القتها عليه. ووقفت حول كرسى مكتبه واحاطت كتفيه بيديها واستمرت تتكلم. فجاة بدات تغنى برقة عجيبة وحركت كرسى كمال وانحنت امامه واصبح وجهها امام وجهه او فوق وجهه مثل الهة تلقى الوحى على عبدها. واستمرت تغنى مثل ام تغنى تهويدة لطفلها المدلل. كان كمال ينظر اليها كالمنوم. وسرعان ما التقت الشفتان. بنهم وقوة.


دخلت نور الى مبنى المؤسسة فى نشاط كعادتها. ترتدى فستانا اخضر اللون وفوقه معطف شتوى انثوى انيق طويل ازرق. نطقت بصباح الخير لحارس البوابة الذى رد عليها مبتسما. هى تعرف الحراس والسعاة ومعظم من فى المؤسسة منذ سنوات وهم يعرفونها. صعدت السلالم الرخامية بنشاط. لم تكن تفضل المصعد بل السلالم. وطرقعت بكعبها العالى المستدق الابيض الكلاسيكى المقفول. وهدات رائحة الجو القديمة والمبنى العريق اعصابها. وكان قلبها يدق بهدوء ورتابة تشى ببرودة اعصابها الان. لم تكن نور من النوع الحساس مثل كمال. كانت تفكر. كمال لو اساء اليه احد بكلمة تافهة يظل مكتئبا ومتغير المزاج راسا على عقب يوما كاملا وقد يصاب بامساك او احتباس بولى او ارق ليلى. اما نور فتسمع الكثير من التلميحات او المعاكسات والتحرشات اللفظية فى الشارع والاوتوبيس وحتى من زملاء العمل والزميلات ولا تتاثر. تتبع مبدا يا جبل ما يهزك ريح.

وصلت الى الطابق الثالث لا تلهث. بل فى منتهى القوة والنشاط. نظر اليها موظف شاب جديد عين منذ ايام قليلة كما لو كان يراها لاول مرة وانبهر وفتح فاه كالابله. كتمت نور ضحكتها. وقالت. على الاقل هو خجول ولا يعاكس. جيد. احسن من غيره. ثم مرت على غرفة اخرى فيها زميلتان اصغر منها سنا واقل درجة وظيفية منها مصمصن حين راينها فى اعتراض نسوة وتقليل منها. لم تهتم نور. هى تعلم انهما لعوبتان وسمعتهما سيئة فى المؤسسة ومسنودتان من جهات عليا فى المؤسسة. مغتاظتان منها لانها شريفة ومحترمة على عكسهن. لم تسمع نور احدهما وهى تقول للاخرى: والله سارفع ساقيها بنفسى ليتفضل حبيبى (وكل راغب فيها فى المؤسسة) وينصب عموده الكرنكى البردى اللوتسى حيث شاء فى معبدها ذى الصروح والبتلات وزر الورد. ومتى شاء وفى كل وضع يشاء. وسابنى داخل معبدها قاعة للاعمدة بدل هذا العمود اليتيم الاوحد الانانى الذى من حقه ان يحتل وحده هذا المعبد الشاسع رافضا ان يشاركه غيره من الاعمدة فيه وسترين. هذه الباردة السخيفة المتزمتة التى تمثل علينا انها شريفة ومحافظة. والله لاجعلن معبدها الامامى والخلفى مشاعا لعمودين بل لخمسة اعمدة بل لخمسين عمودا. ولاجعلن عمود زوجها فى ممر مطاطى واحد مع عمود حبيبى فيمتزج نهرا الحب العاجيان معا فى الممر المطاطى.

كانت نور قد وصلت الى مكتبها. حيث يراسها رجلان اكبر منها سنا كلاهما فى الستينات. والمدير العام من فوقهما. والرجال الثلاثة لا يتوقفون يوما من ايام العمل عن مغازلتها والتحرش اللفظى بها. وحتى اغراءها بالمال. دون جدوى

نور وشمس
بقلم جدو سامى احمد ح. بن تحتمس

الفصل الرابع

فتح منصور الباب الخارجى لمنزل اسرته الامريكى الطراز بالقرب من الحوامدية والمطل على النيل. نيل حلوان. زقزقت العصافير فجاة بصوت عال فى حديقة المنزل الامامية. كما شدت بصره الاشجار الكثيرة الكثيفة والعريقة المترامية خارج سور المنزل. كانت المنطقة المحيطة بمنزل الاسرة ليس فيها منازل اخرى ولا فلاحين ولا قرى قريبة. بل اشجار عريقة وثمينة ورائعة وكثيفة على مرمى النظر من كل الاتجاهات. كم تمشى منصور فى هذه الارجاء والانحاء وهو يفكر ويسرح فى محبوبته الوحيدة التى يحبها حبا رهيبا وعشقا يملا عليه قلبه وحياته ويعيش به ومن اجله ويملاه لحسن الحظ بالامل لا بالياس. فهو وكما قلنا من قبل. يعلم ان امه لن تنفصل عن ابيه ابدا مع كل هذا الحب الذى تشعر به تجاه والده منذ طفولتها. لقد كررت له كثيرا وحكت مرارا عن كيفية لقائهما هى وباباه. وفرجته على البوم الصور لها ولابيه منذ الطفولة. فقد كانا جيران وزملاء فى المدرسة حتى الثانوية وفى الجامعة ايضا وان اختلفت الكليات.

كل شجرة من هذه الاشجار كان منصور يقف عندها حاملا فستان زفاف امه نور على ابيه كمال. الذى اختلسه من دولاب ملابسهما فى غرفة نومهما هى ووالده. يجلس تحت احدى هذه الاشجار. على احدى الارائك التى وضعها ونثرها هناك المالك الامريكى الاصلى للمنزل. ويتحسس فستان زفاف نور. يحفظ كل تفصيلة فيه. كل نقشة وتعريجة وكل خيط وكل غرزة. يحفظ كل لون. وكل خامة قماش فيه مرارا وتكرارا. يتلمس ملمسه. ويتشمم عند انفه رائحته. واحيانا يختلس زجاجة عطر امه التى لم تكن تضع منها فى المنزل ابدا لان كمال يعانى من حساسية فى صدره من العطور عموما. ويرش رشة خفيفة على الفستان. ويضم الفستان الى صدره ويتحسس اذرعه او عنقه او ظهره. متخيلا ان جسد محبوبته العظمى الالهة الخالقة الموجدة له. داخل الفستان. وانها تعانقه.

كل شجرة فى المنطقة لو نطقت ستحكى كيف كان منصور يجلس صباحا او مساء يقرا بعضا من كتب امه المثقفة. فى كل مجال. فى السياسة والاديان والعلمانية والربوبية واللادينية. فى اللغات والعلوم البحتة والفنون والاداب وحتى الرياضات الاولمبية. كيف كان يذرع المكان المجملة ارضه بالاوراق الجافة والغصون اليابسة متناثرة على الارض. كيف يجلس متمسكا بفستان زفاف امه او البوم صورها او بودى ستوكنجها الاسود الشبيكة او جوربها الطويل او كعبها العالى او سوتيانها. اى شئ من متعلقاتها. او حتى بدون اى شئ. يجلس يتامل السماء والاجواء المحيطة وروح ماما نور تضع ذراعها على كتف ابنها الموله بها منصور. او تسير امامه وتنظر للخلف ضاحكة بعيون كلها وعد وغرام وهيام. ويرى كف قدمها او باطن قدمها يرتفع عن الارض فى مشيتها ويتعرى جميلا فاتنا وهى تسير بتؤدة. او تجلس جواره على الاريكة تحت الشجرة ووسط الاشجار والارض المزينة بالاوراق الجافة والاغصان اليابسة. تكلمه وتناجيه وتدلله ويتبادلان همسات الغرام. كان منصور يحيا فى هذا الخيال الممتع على الدوام. ولم يكن ينوى تطوير الامور مع امه او حتى محاولة اغواءها جسديا... لعدة اسباب منها الخوف من ان ترفضه او تفضحه عند ابيه او تكرهه وتقاطعه. وايضا منها انه يفضل هذا النوع من الحب البعيد العذرى والعذاب.

دخل المنزل ووجد المنزل خاليا. لقد عاد مبكرا من الكلية. لم يعد احد بعد الى المنزل. واسرع الى غرفة ابيه وامه ليتناول فستان الزفاف الذى يعيده دوما بعناية وبدقة كيلا تحس امه بانه قد اختلس منها.

****

خلعت نور معطفها وعلقته على الشماعة المجاورة لمكتبها وجلست تتابع اعمالها متجاهلة تعليقات وملاحظات رئيسها شمس يوسف. كانت مصادفة غريبة جدا ان يكون رئيسها ورئيس زوجها كمال يحملان نفس الاسم شمس. والاغرب ان كليهما يشتهيها بشدة. كلاهما وقح وصريح معها فى رغبته فيها. نظرت نور الى زميليها الاكبر منها درجة وسنا اللذين فى نفس الغرفة ياكلانها بعيونهما. وشردت بعيدا وهى تتصفح الملفات والاوراق بصورة روتينية. لقد كانت منذ طفولتها تكره اللوحات العارية جدا. وتكره وتتقزز جدا من رؤية قبلات او مشاهد فراش فى التلفزيون او السينما. او بين العشاق فى الشارع المظلم القريب من منزل اسرتها. وحين تزوجت بكمال. لم تكن قد سمحت له بتقبيلها او لمس جسدها. واستمرت فى برودها ونفورها رغم حبها له. فقد كانت تظن ان الحب بينهما معناه المعيشة معا دون قبلات ولا ممارسة حب ولا تعرى ولا اى شئ. حتى شكا كمال لامها التى امرتها امرا واعطتها تعليمات. بدات تلتزم بها. كانت متالمة فى بداية حياتهما معا بسبب خوفها وتقززها من الجنس اصابها ضيق نفسى فى المهبل. وجفاف شديد. وزادت الامها وعمقت من عقدتها تجاه الجنس. ولكن بفضل حبها الجياش لكمال وبفضل صبره وتعامله بذكاء وحنكة. بدات الامها تختفى وتستحيل متعة وشهوة شديدة جدا. وتحولت فجاة من قطة مغمضة كارهة للجنس الى قطة شبقة جدا تعشق الجنس مع زوجها كمال. لكنها حين يغازلها او يراوده غيره عن نفسها تعود لتقززها الشديد وتكره الجنس بشدة. كانت تقاوم التقيؤ بشدة كلما رات وجه شمس هذا او شمس الاخر.

كان عبد العزيز وزيدان يرويان نكاتا وقصص ذات ايحاءات جسدية على مسامعها كأنهما يرويانها لبعضهما. وكانا مستودين من شمس فلم يكن باستطاعتها الاشتكاء منهما او ازاحتهما من الغرفة اطلاقا. بعض الاحيان كان عبد العزيز يحكى عن امراة يعرفها كانت متزوجة وثرية واحادية الشريك وشريفة جدا. لكنها اختطفت من قبل عصابة مكونة من خمسين رجلا. من اجل فدية كبيرة يدفعها زوجها رجل الاعمال المليونير او الملياردير. لكن الزوج تباطا وسوف واتصل بالشرطة. فاخذت العصابة الزوجة وهربوا الى الخارج. وهناك قرروا التمتع بها. رفضت الزوجة وقاومت وخمشت. لكنهم جوعوها وضربوها. حتى تخضع. وبدا رئيس العصابة فادخل عموده الكرنكى البردى اللوتسى الى معبدها ذى الصروح والبتلات وزر الورد. وبعد 4 اعوام ونصف عادت الزوجة فى سفينة متوسطية الى الاسكندرية. كانت ممزقة الثياب وقذرة البشرة والوجه والشعر. احتجزتها الشرطة المصرية وارسلوا باوصافها نشرة لكل الاقسام. حيث لم يعثروا معها على بطاقة شخصية او جواز او اى شي. وقد اصطحبها الى السفينة رجل بدافع العطف حيث وجدها متشردة فى بعض شوارع لندن. تكتد ان تموت من البرد والضعف. استدل عليها القسم الذى بلغ فيه زوجها منذ 4 اعوام عن اختطافها ثم اختفائها. قصت على زوجها ما جرى. ومنذ ذلك الحين لم تعد امراة شريفة او باردة جنسيا. بل لقد كتبت فى اجندتها اوصاف كل عمود دخل معبدها وشعورها ولذتها. وطباع كل رجل ليس فى العلاقة فقط. بل طباعه عموما كانسان. فقد كان كل رجل من الخمسين يمكث معها شهرا ويحكى لها عن حياته الكثير جدا. قضت معهم خمسين شهرا. اى حوالى 4 سنوات ونصف. كانت تتلذذ بعدما كانت تقاوم وتتمنع. احبتهم كلهم. وكتبت عن شخصية كل منهم وقصة حياته كما حفظتها. حفظتها كلها عن ظهر قلب. كانت تقارن بينهم فى اسلوب الكلام. وفى التقرب منها. تكتب هن عيوبهم. مؤهلاتهم. ما دفعهم للانضمام للعصابة. احساسها مع كل منهم. ايهم اسعدها اكثر. امور كثيرة وشائكة.

سواء كانت القصة من تلفيق عبد العزيز وزيدان او حقيقية. فقد استغربتها نور وتقززت منها جدا. تقيات. فسكتا مذهولين وجلب لها احدهما الطبيب. الذى اكد انها حالة نفسية وربما تكون سمعت شيئا ضايقها جدا. سكت الرجلان بقية اليوم لاول مرة. مما اسعد نور كثيرا.

فى اخر يوم العمل نزلت نور اخيرا وقد ارتدت معطفها الازرق فوق فستانها الاخضر الغامق. وفى الطابق الاول مرت امام مكتب نبيلة وهى المراة التى توعدتها فى الصباح ولم تسمع نور وعيدها لها طبعا. كانت نبيلة هذه صغيرة السن ورشيقة تشبه بشعرها الاسود الطويل وعيونها الواسعة ووجهها واذنيها شريهان. قالت لها نور. كيف حالك يا بلبلة ؟ نظرت اليها نبيلة طويلا وخيل لنور انها لن ترد عليها. ثم ردت ببطء. بخير يا مدام نور. وانت. قالت نور. بخير. كانت وفاء زميلة نبيلة لا تزال تجلس جوارها. وكانت وفاء تشبه هالة صدقى كثيرا نفس الجسم الضخم والملامح. وظلت تنقل بصرها بين المراتين المتخاصمتين لترى ماذا سيحدث فقد ينفجر الوضع فى اية لحظة. قالت نور. انا لا ادرى لماذا تحسين تجاهى بكل هذه الضغينة مع انى صدقا لم اؤذيك فى شئ ؟ تغير وجه نبيلة وكادت تمطر نور بسيل من الشتائم والردح. لكنها منعت نفسها بصعوبة. وتصنعت الابتسام وقالت. انا يا مدام نور ؟ لا ادرى من اوهمك او زرع فى راسك مثل هذه الافكار الغريبة. اننى احبك جدا جدا واسالى وفاء. لكننا فى ادارات مختلفة. والبعيد عن العين بعيد عن القلب. بل انت من لا تلقى على صباح الخير او مساء الخير تمرين امام المكتب وكأننى غير موجودة. قالت نور. حسنا حسنا. اتمنى ان نتوقف عن الخصام غير المبرر هذا. وانت حبيبتى يا بلبلة. قالت نبيلة وهى تنظر لاعلى. وانت ايضا يا نور هانم. وربك يعلم. انصرفت نور وودعتها نبيلة بابتسامة. حتى اذا اختفت نور مبتعدة. بصقت نبيلة على الارض. واخرجت سيجارة محشوة ببعض الحشيش لتشعلها. قائلة. ما احقرك يا بنت الحرام. لماذا تكرهيننى. ومن يحبك يا كريهة يا باردة. ان حبيبى صابر يعكر مزاجى كل لقاء. منذ ان ساقه حظى العاثر وجاء هنا يزورنى على انه اخى. وراها وليته ما راها. وبدات احس انه زوجى الممل الثقيل الدم. وهو ذاته بدا يوبخنى ويقول انه يحس اننى زوجته السخيفة التى يهرب منها. عكرت علينا لقاءاتنا الغرامية. بعيدا عن ازواجنا وبيوتنا. فهو يفكر فيك يا معذبته. كل من ارادها نالها الا انت تمانعين وترفضين ايتها القذرة مدعية الشرف. سالقنك درسا لن تنسيه ولعلك تشكريننى لاحقا عليه. فقط اصبرى على يا عاهرة يا بنت العاهرة. ضحكت وفاء وقالت. يقولون ان الكراهية الشديدة على الحب الشديد. قالت نبيلة فى استنكار. انا ؟ انا احب هذه ؟ انها من ابغض الناس عندى. انما افعل ذلك ارضاء لحبيبى صابر. قالت وفاء. الا تغارين ان تسهلى لعشيقك السبيل لامراة اخرى. قالت نبيلة. لا اقصد لا ادرى. اريد فقط ان يكون سعيدا ويهدا ويستكين لى بعدما يقضى وطره منها. قالت وفاء. وما يدريك انه سيهدا او يتركك. لعله سيتركك ويلتصق بها يا بلهاء. قالت نبيلة. لا لن يفعل. سيمل منها سريعا ويعود لحضنى الذى ادمنه. لقد عرف اخريات خلال علاقتنا الطويلة. وكان بعد يوم او يومين. او ليلة او ليلتين يعود الى مسرعا مثل طفل ضل طريقه الى حضن امه ثم عثر عليها. بعد طول غياب واشتياق. ضحكت وفاء وقالت. لا تثقى كثيرا. هو مشتاق لها وبحالها هذا سيكون ثانى رجل فى حياتها قاطبة. سيداخلها الفضول والمقارنات. وستنبهر به كانها لا تزال عذراء بكرا وكانه الرجل الاول فى حياتها. خصوصا مع امراة خام مثل هذه. ستتعلق به ويتعلق بها. لانها نوع اخر غيرك يا بلبلة. نوع جديد عليه. على الاقل هذا احساسى. هذه المراة مثل الارض المبللة بالغراء. من يقف عليها ستتشبث به ولن تفلته. حتى ولو كانت العلاقة غصبا او ابتزازا.

قالت نبيلة. لا لا تقلقى يا وفاء. مجرد ان احطم قوقعتها واطلق حريتها ستتنقل من حبيب الى حبيب وسترين. قالت وفاء فى تشكك. حسنا سنرى

نور وشمس
بقلم جدو سامى احمد ح. بن تحتمس

الفصل الخامس

عادت وفاء زميلة نبيلة الى منزلها فى عصر ذلك اليوم مع انصراف الموظفين. وجلست فى غرفة نومها على الفراش. بعدما القت التحية على اولادها شيرين وشريف اللذين عادا من المدرسة منذ ساعات بعد تاديتهما الامتحانات. كانت قد دخلت عليهما الغرفة. فوجدت شيرين البالغة من عمرها 12 سنة نائمة على فراشها. فى سبات عميق. بينما كان شريف البالغ عمره 17 عاما. جالسا امام مكتبه يستذكر دروسه. كانت تفكر فى فصلهما. فقد كبرت شيرين ولم يعد من اللائق ولا الآمن ان يظلا فى نفس الغرفة. ولحسن الحظ لديها غرفة فارغة. يمكنها تجهيزها لشيرين. نظر اليها شريف تلك النظرة الغريبة والوقحة التى اعتاد ان يحدجها بها منذ عيد ميلادها بالعام الماضى فى 7 يونيو. وما جرى فيه. كانت تضيق بهذه النظرة كثيرا. ان ما حصل يوم 7 يونيو الماضى كان خارجا تماما عن ارادتها او ارادة ابيه سامى. لقد حصل هكذا فجاة دون مقدمات او خطة او اعداد. فلماذا يلومها. له حق ان يشعر بالصدمة وربما الغيرة على امه. لقد حضر هو وشيرين ما جرى. ولكن شيرين لصغر سنها نسيت الامر برمته. ولم تفهم معناه اصلا. خصوصا بعدما خوفتها امها اذا باحت بما جرى لاحد قريب او غريب.

خرجت وفاء من غرفة طفليها. ودخلت الى غرفة نومها. لم يعد سامى بعد من عمله فلا يزال امامه ساعتان او اكثر. خلعت كعبها العالى. ومددت على الفراش وهى تسترجع ذكرى هذا النهار العجيب. نهار 7 يونيو الماضى. كان عيد ميلادها. وقد اقام لها زوجها حفلا بمناسبته. وحضره كثير من اصدقائه. بعضهم كان اعزب وبعضهم كان متزوجا وله عيال. ولكن الزوجات لم تحضر. والمتزوجون جاؤوا سرا اصلا. كانت النساء زوجات اصدقاء سامى تغار جدا من وفاء. رغم كونها متوسطة الجمال. لكنها كانت تشع جاذبية حسية غريبة. وكانت تشبه هالة صدقى كما قلنا. نفس الجسد والمزاح والملامح. قابلنها فى حفل تابع لشركة سامى ولم يستلطفنها. وكن يخشين على ازواجهن منها. رغم انها لم تكن من النوع اللعوب او متعدد العلاقات. بل كان زوجها هو اول واخر رجل فى حياتها مثل كل امراة عربية او مصرية. لكن الرجال كانوا يحبونها كثيرا ويانسون لحديثها. لذلك اعتبرتها زوجاتهم خطرا محدقا وتهديدا جديا. فقررن تجنبها لاحقا ومنع ذهاب ازواجهن لاى حفل او مناسبة تكون هى حاضرة او مشاركة فيها. لكن ذلك لم يمنع الازواج من حضور كل حفل ولكن فى سرية تامة ودون ان تعرف الزوجات بذلك ابدا. وبمجرد ان عرف زملاء سامى منه بان عيد ميلاد وفاء اليوم الجمعة. قرروا المجئ وعزموا انفسهم بل فرضوا انفسهم عليه. وقد كان سامى ينوى ان تكون مناسبة محدودة يحضره هو وزوجته وفاء فقط ويمنى نفسه بليلة عسل من لياليها الحلوة. لكنه احرج منهم واضطر للموافقة على مجيئهم.

جاء زملاء سامى وكانوا خمسة. خالد وماهر وشوقى وفايز وكريم. خالد وماهر اعزبان وصغيران فى السن. وشوقى وفايز فى اواخر الاربعينات واوائل الخمسينات. ومتزوجان ولهما اولاد. اما كريم ففى اواخر الخمسينات ومتزوج ايضا. كانت وفاء قد اعدت غداء مادبة يكفى لهذا العدد واكثر على اعتبار ان الزوجات قد تاتى اضافة لها ولزوجها سامى. ولابنها وابنتها شريف وشيرين. لكن الاولاد فضلوا الانعزال فى غرفتهما وتناول الطعام هناك. رضخت وفاء لذلك. وجلست هى وسامى بعدما رحبت بالضيوف الخمسة. لم تاتى معهم زوجاتهم. ولم تعلم زوجاتهم اصلا بهذه الزيارة. هنا خالد وفاء وهو يصافحها قائلا. كل عام والقمر بالف خير. عيد ميلاد سعيد يا قمر. كلهم هناوها على التوالى. وتجمهروا حولها. يكادون يعانقونها. حتى ان بعضهم فاجاها وفاجا سامى الذى يقف بعيدا واحتضنها. وبعضهم تمادى اكثر وقبل خدها. اختفت وفاء وسط جمهرة الرجال الخمسة. لم تعترض وفاء على الاحضان والقبلات وتمنت الا يكون زوجها قد لاحظ. لم ترد احراجه معهم. جلس الجميع الى المادبة وتناولوا الطعام. وثرثروا مع سامى ووفاء عن الاولاد والاسرة وعن العمل وكل شئ. كانت الغرفة مزينة بزينة عيد الميلاد.

جن الليل. وقرر سامى الاحتفال بعيد ميلاد زوجته وفاء. واخرج التورتة من الثلاجة. واشعل الشموع واطفا الانوار. وجلس الجميع فى الظلام الا من ضوء الشموع الصغيرة. وغنى لها الرجال الستة. سنة حلوة يا جميل و هابى بيرث داى تو يو. كانت وفاء قد ابدلت تايير النهار الازرق واصبحت ترتدى فستان سواريه طويل اسود بحمالات ومشقوق شقا طوليا فى جانب الساق. وحذاء عالى الكعب اسود ايضا او فضى او ذهبى لا اتذكر. وكان الرجال الستة فى قمة الاناقة ايضا يرتدون بذلات كاملة موضة الثمانينات كل بذلة من البذلات الست ذات لون مختلف احداها بنى والاخرى زرقاء والثالثة بيضاء والرابعة سوداء والخامسة رصاصية او رمادية. جاءت وفاء بالبوم صورها منذ كانت رضيعة. تصفح الرجال الخمسة الالبوم. قال لها فايز. كنت جميلة طيلة عمرك يا فاتنة. يا لحظك يا سامى. عرضت عليهم وفاء ايضا مسودات روايات كاملة كتبتها ولم يتسن لها نشرها ابدا. لم يقراوها سوى بتصفح سريع جدا. وان استرعت انتباههم وتناقشت هى فيها معهم رواية لها تحكى عن مرزوقة وهى مسافرة مغرمة عبر الزمن عشقت رجالا كثيرين ومارست الحب معهم ومع نساء ايضا من كل العصور وكل البلاد والاديان. وكان زوجها مصابا باضطراب نفسى يدعى الانفصام متعدد الشخصيات. كانت وفاء قد استوحتها من زوج زميلتها نبيلة المصاب بنفس المرض. كما طالعوا بسرعة سيناريو كاملا لمسلسل من اربعين حلقة عن حياة تحتمس الثالث وزوجاته. وقالت وفاء انها تحلم ان يتبناه مخرج او قطاع الانتاج او صوت القاهرة. وكذلك تطمح لكتابة مثله عن رمسيس الثانى وزوجاته وحتشبسوت وخوفو وولده وحفيده. نهض كريم ودنا من وفاء ثم فجاة قبلها بعنف وقوة وكمم فمها.

****

عاد كمال الى منزله وحيا زوجته نور. جلس شاردا فيما جرى له مع سكرتيرته فردوس. لم يزد ما جرى عن القبلة التى قبلها لها. ثم تركته وعادت الى مكتبها دون كلمة منه ولا منها. هل اغضبها. هل ستستقيل. لم يعلم. سيكلمها غدا. وسيرى. لقد اشعلت فردوس هذه فيه نارا جديدة. رغم حبه الشديد لنور. الا ان فردوس فتحت امامه بابا على عالم جديد. ماذا لو احب 12 امراة من الابراج ال 12. ولكن كيف سيتسنى له ذلك. وهل هذا يجوز فى حق نور اصلا. كيف يحق له ان يخونها. ولكن فردوس اشعلت فيه شرارة الانسان الطبيعى الذى قمعته افكار العرب والبداوة والاديان الابراهيمية. الانسان الفخور بانه من مملكة الحيوانات من الحبليات والرئيسيات والثدييات والقردة العليا والنسناسيات بسيطة الانف. هذا الانسان الذى هو ملخص السماء والارض. غيار نجوم انفجرت. وخلايا تطورت من حيوانات اولية. وحيوانات اولية ظهرت من حساء الارض الساخنة. الانسان الذى يعشق الجنس والعلوم والفنون واللغات وكل الاديان والمحبة والسلان والعلمانية والتنوير والحريات الكاملة.

ماذا لو عرف زوج فردوس. او مالك المؤسسة. هل سيضيع مستقبله المهنى وينفضخ وتتمزق اسرته من اجل نزوة عابرة. ماذا لو عرفت نور. ماذا لو انتقمت منه وخانته. هل هذا لن يجرحه كرجل مصرى شرق اوسطى عربى اسلامى او قبطى. ماذا لو قررت ابنته المراهقة اقامة علاقة مماثلة بسبب انجرافها للشهوة مثله الان. او اخته الشابة سلوى. ماذا لو قرر مالك المؤسسة شمس استغلال الفضيحة من اجل ان يحصل على نور او سلوى او كوثر او حتى داليا. هذا رجل نسونجى لايتورع عن فعل اى شئ من اجل نيل امراة جديدة ولو باختطافها من حضن زوجها او ابيها او اخيها او ابنها. وله اذواق منحرفة غريبة كما يعرف عنه كمال ومن الاقاويل والشائعات المنتشرة حوله. لقد سمع انه ابتز رجلا متزوجا لينالها. ولكن بشرط غريب. ان يمثل الزوج دور والد الزوجة وان ترتدى المراة فستان زفاف ابيض. ويوصلها والدها اى زوجها الى باب قصر شمس بنفسه. واقام شمس حفل زفاف فعلا وجلس فى الكوشة مع زوجة الرجل ثم لاحقا مارس الحب معها لمدة شهر او شهرين احتجزها بعيدا عن زوجها واولادها. والانكى من ذلك انه بعدما عادت المراة لزوجها واستانفت حياتها الزوجية والعائلية الطبيعية كانت تكن المشاعر لشمس اضافة لزوجها كانت فى حيرة شديدة. وحبلت من شمس حتى وقرر الاحتفاظ بالطفل وعدم اجهاضه. حصلت بينها وبين زوجها شجار طويل ومتكرر. لكن بسبب حبه الشديد لها قرر الاحتفاظ بالطفل وكتابته على اسمه.

وبينما كان كمال شاردا. جن الليل. وخرج منصور الى خارج المنزل. يتامل سماء الليل والكوكبات.. يتامل كوكبة الجبار خصوصا والجوزاء. وكوكبة المثلث والمراة المتسلسلة وذات الكرسى وحامل راس الغول وممسك الاعنة. لقد علمته امه فى صغره هذه الاسماء. واعتاد على حب الفلك. كان يصحو فى الفجر ايضا ليشاهد كوكبة العذراء وكوكبة الميزان وكوكبة الحواء حاوى الثعابين وكوكبة العقرب. وكوكبة الدب الاكبر وكوكبة الاسد. وكوكب المشترى وكوكب الزهرة. والمريخ ايضا.

فى ذلك المساء وهو جالس على اريكة قرب المنزل يراقب النجوم. فى سرور. اذ فوجئ بامه نور قد اتت من بعيد وحيته وجلست جواره. كانت مثل ملاك ينير ظلام الليل او فراشة. يا الله كم يحبها. كانت ترتدى بلوزة وبلوفر وجاكت سويتر وبنطلون جينز. تبدو شابة او مراهقة بجمالها الذى لم يتغير ولم يشيب او يشيخ. جلست جواره وقالت. كنت اعلم انى ساجدك هنا يا نصورى. وجد منصور نفسه ينزل ليضع راسه على حجر امه تلقائيا. ضحكت نور. وقالت. يا ولد لقد كبرت على ذلك. قال منصور وعيونه مثبتة على عيون امه نور. لن اكبر ابدا على حنانك وعسل امومتك يا ماما. كم احبك. فاخذت نور تداعب شعره. وتشير له على الكوكبات ويثرثران حول بعد كل نجم عن الارض بالسنوات الضوئية. واسم كل نجم. والاساطير الاغريقية والمصرية القديمة والرومانية وغيرها عن قصة كل كوكبة واسمها. ومن اكتشفها ومتى تم اكتشافها وتسميتها. ومنصور مستمتع بصوت امه وبمداعبتها لشعره وبراسه المرتاح فى حجرها. قال لها اخيرا. غنى لى يا ماما اغنية نيللى كان فيه فراشة. ضحكت نور وبدات تغنى. صوتها عذب واداءها التمثيلى مثل نيللى ورقتها ودلالها. تلذذ جدا. لما انتهت. نهض منصور فجاة وقبل خد نور قبلة طويلة وشفتها قبلة خاطفة. تفاجات نور. جلس يتاملها فى صمت لمدة طويلة بعيون عاشق. ظلت نور لا تقطع صلة عينيها بهينيه لم تعلم ما تعنيه نظراته. قالت فى نفسها انه مجرد ابن منبهر بامه وعاشق لها عشق ابن عادى لام. كان يتغذى ويتعذب ايضا من وجودها بقربه او بعدها عنه. كان يضفى عليها صفات ملائكية وفانتازية وخيال علمية. مد يده واحتضن يدها. وبمجرظ ان فعل ذلك. تنهد وتاوه واغمض عينبه. وشعرت نور فى دهشة بيده تدفا وترتفع حرارتها فجاة. خافت عليه وجست جبينه فوجدته ساخنا. قالت. يا ويلى انت محموم يا نصورى. لم تعلم انها حرارة الوجد والصبابة. لقد امرضه عشقه لها واصابه بالحمى. فتح عينيه وقال لها بضعف. ابقى معى هنا يا ماما. قالت نور. كلا انت محموم. يجب ان ندخل الى المنزل واستدعى لك الطبيب. قال منصور. لا لا حاجة للطبيب. ساكون بخير الان. فقط ابقى بقربى. كان يتاملها. وقد احضرت كمادات من المنزل ودلو صغير يحوى ماء. وبدات تضع منه على راسه. قال لها منصور وقد استلقى على الاريكة وهى تجلس على الارض جوار الاريكة وتكمد جبينه. يا ماما ابقى وجهك فوق وجهى هكذا. كقرب وجه الله من وجه مخلوقه. انزلى من عليائك يا الهتى واجعلى وجهك فوق وجهى وغنى لى لابرا. حركى حاجبيك وعيونك يا ماما كما كنت تفعلين فى طفولتى. وانت تغنين لى. ابتسمت نور قليلا بعد كم القلق والحزن الذى كان مرتسما على وجهها. وبدات تغنى وتحرك حاجبيها وعيونها بوعود انثوية واندهشت اذ بدات حرارة يده وجبينه تهبط بسرعة. استمرت بالغناء فى حماس وسرور. حتى عاد لوجه منصور لونه واحمراره الطبيعى. فتوقفت وبدات تتاهب للنهوض والابتعاد. قال لها منصور. هل نسيت ام ماذا. قالت نور. نسيت ماذا. قال منصور. انا لم انس. بعدما كنت تغنين كنت تفعلين معى مزحة معينة وانا صغير. انظرى يدى مثلجة جدا ومتيبسة. ماذا كنت تفعلين لاصلاح ذلك. فكرت نور قليلا وضحكت فجاة قائلة. اهااااا ايها الماكر اللئيم. الا تزال تذكر بعد كل هذه السنين. ثم جلست مجددا. ونظرت الى ولدها منصور نظرة لعوب. وعيونه تتابع بتركيز ولهفة وترقب راق لها وهى تمد يدها لتخلع كعبها العالى وتنزل جوربها القصير ذا الكورنيش بما يناسب الجينز. اصبحت حافية القدمين. ورفعت قدماها المطلية الاظافر بالاوكلادور الاحمر. تامل منصور كف قدم امه الحلو الجذاب جدا ووضعت قدمها فى كفه تدفئه. وقدمها الاخرى على وجهه فاستلمها بالقبلات واللعق والعض. اخيرا اعادت نور قدميها المبللتين بلعاب منصور ابنها الى الجورب والحذاء. وقالت له. هيا لعبت كثيرا. هيا ايها الطفل الكبير. امك وافقت ان تكون لعبة لك لبعض الوقت. وهو حلم الرجل من المراة دوما. فهيا انهض الان بلا كسل. واخذته من يده للداخل.

*****

كانت وفاء تضمر وتكتم ايمانها بالديانة المصرية القديمة. تركت الاسلام منذ فترة بعد بحث واتجهت للادينية والربوبية .. ومن الربوبية امنت بالديانة المصرية القديمة. على الاقل تاكدت ان الاب الكونى اله سبينوزا الربوبى ليس واحدا بل هو وقرينته واولادهما الذكور والاناث صنعوا الكون معا. والابراهيميون ضللوا الناس. واما الديانة الاقرب للوصف الصحيح لصناع الكون فهى الديانات المصرية القديمة وغيرها من ديانات الالهة المتعددة... ولديها بعض تماثيل مقلدة نحاسية لامون ورع وغيرهما. تتعبد لها.




قصصى باسمى جدو سامى على جوجل درايف

https://drive.google.com/drive/folders/1N0wKMRM9mRd5pSI4Dyq2zt5orcQwEH3K?usp=drive_link

مقاطع فيديو مهمة على جوجل درايف
https://drive.google.com/drive/folders/1VGtdNEuiaJll4dK0_iSXcCVOKcZqUe6r?usp=drive_link

و
https://drive.google.com/drive/folders/1PayOCf35-FxbHZl04B8LNkd_R6CtET6z?usp=drive_link

قناتى على اليوتيوب بصوتى

https://www.youtube.com/channel/UC1hw85LpXl5LGurYMspSScA/videos

رابط مقالات صديقتى الغالية ديانا احمد بالحوار المتمدن
ولها مواضيع ومشاركات مهمة بشبكة الالحاد العربى

https://www.ahewar.org/m.asp?i=4417








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان