الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السابع من أكتوبر والولايات المتحدة وإسرائيل

سنية الحسيني

2023 / 10 / 12
القضية الفلسطينية


جاء هجوم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس على مستوطنات محيط غزة، في صورة اختراق واسع ومباشر للحدود التي وضعها الاحتلال لفصل غزة عن محيطها الفلسطيني، وهو الهجوم الأول من نوعه في قوته وحدوده، وأعلنت إسرائيل الحرب على غزة، وبدأت بحشد عسكري ضخم على الحدود مع غزة، اعداداً لاجتياح بري. ويتبلور المشهد الميداني باتجاه التصعيد ساعة بعد ساعة، قصف شديد ومدمر لغزة، واستمرار اطلاق الصورايخ من القطاع، وبعض الاشتباكات لمقاتلين فلسطينيين، من هناك وهناك، في منطقة غلاف غزة، واشتباكات متصاعدة على الجبهة الاسرائيلية اللبنانية الشمالية، واحيانا تتصاعد على الجبهة السورية، فإلى أين تتجه الأوضاع في المنطقة، في ظل هذا التصعيد الاسرائيلي، والدعم الأميركي المطلق لإسرائيل لشن حرب واسعة ومدمرة ضد غزة، وحشد الدعم الغربي لذلك.

لو رجعنا قليلاً للحدث وأسبابه ورد الفعل عليه، بعيداً عن الانفعال العاطفي، قد نستوعب ما وصلت اليه الأمور، وذلك بهدف الابتعاد عن السيناريوهات القاتمة، التي ستكون مكلفة للجميع. فبداية وحسب تصريحات مسؤولين دوليين ومحللين اسرائيليين وأميركيين، كان هناك توقع لرد فعل فلسطيني، خصوصاً في ظل تصاعد سياسات الاحتلال التي تستهين بالفلسطينيين وحياة أبنائهم ومقدساتهم وممتلكاتهم التي تفاقمت بشكل غير مسبوق مؤخراً، في ظل انعدام أي أفق لحل سياسي مستقبلي للفلسطينيين. وتعود المشكلة في الأساس لاستهانة الولايات المتحدة والعالم الغربي بحل القضية الفلسطينية، حسب قرارات الشرعية الدولية، ومحاباة إسرائيل في ذلك، والاكتفاء بوضع خطط لاحتواء الفلسطينيين في غزة والضفة، للمماطلة في حل القضية، بهدف التجاوز عن حل القضية الفلسطينية بالتعويل على عامل الزمن، كما تخطط إسرائيل. كما دعمت الدول الغربية تحقيق التوجه الأميركي الإسرائيلي وعملت في تنفيذه على الأرض، بينما جاء موقف الدول العربية بعدم الضغط لحل هذه القضية، في ظل انخراطها بسياساتها الداخلية ومصالحها الاقليمية وتحالفاتها مع الولايات المتحدة.

وتعتقد الولايات المتحدة، التي وضعت نفسها كعدو للفلسطينيين دون مواربة اليوم، أن الترويج لمصطلحات الارهاب الفلسطيني، ووصم أي مقاومة للاحتلال بذلك، وهو حق مشروع، يكفي للتعميم لدول العالم الأخرى. اليوم وبعد هجوم القسام على غلاف غزة، تعتبر دول عربية واقليمية حليفة مقربة من الولايات المتحدة، أن هذا الهجوم جاء رداً على ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين، سواء كان ذلك في غزة التي تخضع لحصار منذ 16 عام، أو في الضفة التي تعاني من ممارسات الاحتلال اليومية ضد السكان المدنيين. وتنادي تلك الدول وغيرها من الدول الغربية بضرورة اعطاء الفلسطينيين دولتهم.

قد يكون هدف الولايات المتحدة من ارسالها لحاملة الطائرات العملاقة، والتي لا تحتاجها إسرائيل لتدمير كل غزة إن أرادت، ارسال رسالة لأطراف في الاقليم، لثنيها عن التدخل في هذه الحرب. الا أن محاولات حزب الله أيضاً بالتصعيد المضبوط من لبنان، حتى الان، تريد أن يرسل رسالة واضحة للاحتلال، بعدم الذهاب لتدمير غزة. إن الرد الذي توجهه إسرائيل في هذه اللحظات ضد الابرياء في غزة، والتهديد بالتصعيد الذي تبثه الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية، لن يأت بالأمن لاسرائيل وحتى للولايات المتحدة في المنطقة. فقد عانت واشنطن في السنوات الأخيرة من استهداف ميليشيات عسكرية عديدة في بقع مختلفة في المنطقة. ولم تؤد الحرب العنيفة والجبارة التي خاطتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان بالخير والأمن لها، ولا للمنطقة. إن سفك المزيد من الدماء في غزة، لن يجني الا مزيداً من العداء لاسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة.

كما أن التعويل على امتلاك أدوات القوة الخارقة، لا يعد ضمانة أيضا لتحقيق النصر. إن اجتياح غزة، وسفك دماء مواطنيها، سيفتح الباب لسيناريوهات عديدة أصعبها حرب الاقليمية. والحروب الكبرى دائماً مكلفة حتى للطرف الأقوى. أليس هذا ما عولت عليه الولايات المتحدة في أوكرانيا! فلن تكون حرب اقليمية في المنطقة نزهة لأي من الأطراف، وستفتح جبهة صراع جديدة ومعقدة في العالم. وحتى في حالة الاجتياح الإسرائيلي البري لغزة، فطالما قدمت التحليلات الأمنية الإسرائيلية صورة متشائمة لهذا السيناريو، فإسرائيل انسحبت من غزة، في العام 2005، ولم تقدم على اجتياح غزة بشكل كامل مطلقاً، رغم خوضها عدة حروب ضدها، آخذة في الاعتبار، من ضمن اعتبارات أخرى التكلفة البشرية للحرب في صفوف جيشها. وحتى في حالة انفجار معارك داخلية في الأراضي المحتلة ومناطق أخرى، ستكون أيضاً مكلفة لاسرائيل، وتقلق إسرائيل من سيناريو وحدة الساحات بشكل كبير، فالمعارك في العمق الإسرائيلي ستكون شديدة التعقيد لاسرائيل. ولن يحسم استخدام القوة من قبل الاحتلال ضد الفلسطينيين الصراع يوماً في الأراض المحتلة.

على الصعيد السياسي، فإن التقدم باتجاه اجتياح بري لغزة سيكون مكلفاً للولايات المتحدة تماماً كما سيكون مكلفاً لاسرائيل. فالقضية الفلسطينية تحصد اجماعاً شعبياً عربياً صلباً، وكذلك على المستوى الرسمي العربي، لا يمكن حتى لحلفاء الولايات المتحدة الوقوف في وجه طوفان التعاطف الشعبي مع الفلسطينيين في بلدانهم. يأتي ذلك في ظل صعود قوى قطبية صاعدة في المنطقة، تنافس الولايات المتحدة فيها، وتتطلع لأدوار أكبر مع دولها. وعلى الجانب الإسرائيلي سيصبح حلم التطبيع مع العرب أكثر بعداً. وعلى المستوى الدولي، لن يبقى حتى العالم الغربي متعاطفاً مع إسرائيل، مع استخدام رد فعل للقوة غير متناسب للفعل طويلاً، خصوصاً في ظل التطورات الميدانية في غزة.

كما أن المحاولات الأميركية والإسرائيلية لشيطنة حركة حماس لتبرير غزو غزة والتمثيل بالغزيين لن يكون مفيداً أيضاً، ويذكرنا بمحاولة الولايات المتحدة لشيطنة العراق قبل غزوها، عندما ادعت وجود أسلحة دمار شامل لتبرير ذلك الغزو، ثم عادت بعد أن غزت ودمرت العراق، لتعتذر عن عدم وجود تلك الأسلحة، المبرر المعلن للغزو. فمقاومة الفلسطينيين للاحتلال حق مشروع، وهجمات حركة حماس لا تشبه بأي شكل من الأشكال هجمات 11 سبتمبر أو هجمات بيرل هاربر، كما تروج إسرائيل وأميركا. كما أن حركة حماس، التي ظهرت في الانتفاضة الفلسطينية في العام 1987 جاءت لمقاومة الاحتلال، ليس لها أي علاقة بالجماعات الإرهابية، ومن يتابع الملف الفلسطيني يعلم تماما حدود سياسة هذه الحركة ونشاطها في الأراضي المحتلة. إن جرائم إسرائيل بقصف المدنيين في منازلهم، ومشاهد انتشال جثامين الأطفال في غزة من تحت الانقاض، والتي تتكرر مع كل هجوم إسرائيلي على هذه المدينة الصغيرة، في ظل عالم دولي صامت أمام مجازر إسرائيل، يعيد إلى ذاكرتنا المجازر اليهودية من قتل وحرق واغتصاب وتهجير بحق الفلسطينيين أبان نكبة عام 1948، ومجزرة بحر البقر على مدرسة ابتدائية في مصر، ومجزرة قانا لمدنيين احتموا بمبنى تابع للأمم المتحدة في لبنان، وبمجزرة صبرا وشاتيلا، التي يصعب نسيان مشاهدها وغيرها من المشاهد التي تقشعر لها الابدان.

رغم الحصار، استطاعت حركة حماس تطوير قدراتها في غزة، ورغم القمع، تصاعدت المواجهات مع الاحتلال في الضفة، فالقمع والعنف لم يحل في الماضي القضية الفلسطينية ولن يحلها اليوم. إن طرد سكان غزة إلى سيناء، كما تتطلع إسرائيل، ضد الرغبة المصرية، وإعادة احتلال الضفة الغربية على غير الرضا الغربي، لن يحل مشكلة إسرائيل، على العكس، ستبقى قضية الاحتلال واللاجئين قائمة، والنضال من أجل الحرية سيستمر، في ظل عالم متغير، لن تبقى فيه الغلبة لقوى معينة حتى النهاية. وفي النهاية، من يستطيع اليوم ضبط فتيل الانفجار هو الولايات المتحدة، فهل ستنجح الحكمة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماتت في عروق قلوبهم همم الرجال *
محمد بن زكري ( 2023 / 10 / 13 - 09:25 )
بينما يحرك الرئيس الأميركي حاملتي طائرات ، مصحوبتين بأسطول من المدمرات والطرادات ، لحماية إسرائيل .
وبينما يصدر زعما الدول الغربية الكبرى (اميركا و بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا) بيانا مشتركا يعلنون فيه الدعم المطلق لإسرائيل .
وبينما تعلن بريطانيا وألمانيا و فرنسا عن إرسال قوات وتعزيزات عسكرية لدعم العدوان على غزة .
وبينما تستعمل إسرائيل ذخائر الفوسفور الابيض في قصف أطفال غزة ، وتمنع عن 2,2 مليون غزاوي الماء والغذاء والدواء والكهرباء والوقود .
وبينما تقصف إسرائيل مطاري دمشق وحلب وإخراجهما من الخدمة .
فبالمقابل :
- محمود عباس يستجدي المجتمع الدولي (أي أميركا وبريطانيا وفرنسا) لإقناع إسرائيل بوقف قتل الفلسطينيين !
- محمد بن زايد يطلب من سوريا ضبط النفس وعدم التدخل في الحرب !
- جامعة الدول العبرية - كعادتها - تشجب وتدين وتستجدي محادثات السلام مع إسرائيل ، وتطلب من (جميع الأطراف) ضبط النفس
- عبد الفتاح السيسي يستجدي إسرائيل ألا تحل مشكلتها مع الشعب الفلسطيني على حساب مصر .
- محمد بن سلمان يستجدي ماكرون أن يتدخل لإقناع نتن ياهو بأن يرأف بالفلسطينيين في غزة .
* يقولون إنهم عرب


2 - الحل واضح الاعتراف بالاخر ونبذ العنصرية الاسلامية
الدكتور صادق الكحلاوي- ( 2023 / 10 / 13 - 20:30 )
ونبذ العنصرية الاسلامية المتاءصلة بدين البدو المتوحشين دين محمد الذي اعتبر اليهود انجاسا لامكان لهم معنا او بيننا-وليس فقط اليهود وانما كل من لايخضع لارادة البدو المتوحشين غزاة بلداننا وسبي اهلنا وقتل شبابنا في هذه الجريمة التاريخية غير المسبوقه التي سميت بالفتح الاسلامي-اليهود اخرجوا من جميع البلدان العربيه في ال75سنة الاخيره-واوصلهم مهجريهم-حكومات العربجه والاسلامجه الى فلسطين-زميلنا في ثانوية العماره ومندوب العماره الى اول مؤتمر لطلبة العراق -مؤتمر السباع-حسقيل كوهين الذي كان يصرخ انا عراقي لااريد ترك العراق-كسروا يديه ورجليه واخذوه على حماله الى طائرة اوصلته الى قبرص ومنها الى اسرائيل -فلسطين بالعربيه-وهكذا جمع الفاشست العرب والمسلمين يهود المغرب وتونس والجزائر وليبيا ومصر واليمن و و و حتى اثيوبيا-العنصريه الاسلامية العربية المقيته هجرت جميع الطوائف والاديان من السكان الاصليين لبلادنا خيرة ابناء شعبنا من المتعلمين والكوادر والعلماء الاولين في بلداننا من المسيحيين والصابئه والبهائيين وصار ممنوعا الدفاع عن اهلنا وخيرة ابنائنا والا فالتهم بالعماله للصهيونيه والامبريالية-العار للعنصرية


3 - اصبع ايران
منير كريم ( 2023 / 10 / 13 - 22:51 )
تحية للحضور الكريم
كل ماحدث بسبب ايران
اينما تضع ايران اصبعها يحل الخراب
في لبنان والعراق واليمن وسوريا والان في غزة
ايران هدفها الاساسي اعادة بناء الامبراطورية الفارسية على حساب الدول العربية
فلا يجب ان ننسى ايران كونترا ودور ايران في الحرب على افغانستان والعراق
شكرا


4 - من يجب أن يعترف بمن؟
عبدالله عطية شناوة ( 2023 / 10 / 14 - 18:45 )
منظمة التحرير الفلسطينية أعترفت رسميا بأسرائيل وقبلت في أتفاق أوسلو أقل القليل من الحقوق الفلسطينية، في المقابل رفضت إسراائيل وترفض الأعتراف بحق الفلسطينيين في أقامة دولتهم على أرضهم التي أحتلتها عام 1967، ليس هذا فقط بل قامت بزرع تلك الأراضي بمستوطنات عسكرية لغلاة الصهاينة الذين يرون أن كل فلسطين التأريخية هي أرض إسرائيل، ومع هذا هناك من يسطر كلاما من قبيل - الحل واضح الاعتراف بالاخر -ملمحا إلى عدم أعتراف الفلسطينيين بالآخر، قمة بيروت العربية تقدمت يمبادرة الأرض مقابل السلام رفضتها إسرائيل أيضا، وطرحت صيغة السلام مقابل السلام، أي لا أرض لكم أيها الفلسطينيون، وعليكم القبول بالعيش في قطاع محاصر، وضفة مزروعة بالمستوطنات ومعزولة بجدران عازلة عن عاصمة الفلسطينيين التأريخية القدي المحتلة، التي ضمت بالضد من القانون الدولي إلى دولة الأحتلال. تزوير الواقع لن يغير من الحقيقة شيئا، وهي أن أسرائيل تحتل منذ 51 عاما أرضا ليست لها وتسجن سكانها، وتتحدى الشرعية الدولية برفض تطبيق قراراتها التي تلزمها بالأنسحاب، وتطالبها بالسماح للاجئين بالعودة الى بلادهم.

اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟