الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطبيع - سيسقط - نظام محمد السادس ، وجبهة البوليساريو صناعة إسرائيلية ..

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 10 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


الجزء الأول : التطبيع يسقط نظام محمد السادس .
نشرت احد المواقف الالكترونية التي لها اقبال ، تصريحا لاحد آخر القموجيين العرب اليتامى بمنطقة شمال افريقيا ، الذين اندثروا في معاقلهم الرئيسية ، خاصة حين كانت أنظمة سياسية دكتاتورية تسلط القمع باسم القومية العربية ، وباسم الدفاع عن فلسطين ، شماعتهم لمحو فشلهم المدوي عبر التاريخ ، وانتهى الى ما انتهى له من افول مدو بعقر الدار " الشرق الأوسطية " ، والافول ستكون بدايته سنة 1982 لاتفاق مدريد ، وزاد اكثر باتفاق 1993 المسمى باتفاق او بأوفاق اسلو Oslo ، الذي اعترف بالدولة الإسرائيلية كدولة يهودية ، دون ان يكون هناك اعتراف مماثل من قبل الدولة العبرية او ضمانات بمستقبل " الدولة الفلسطينية " ولو شَبَه دولة او حتى نصف دولة تحت الحراسة المشددة لدولة إسرائيل ، التي خرجت منتصرة من هذه اللقاءات التاريخية ، التي فرشت الأرضية لانطلاقة إسرائيلية جديدة ، لكن دون الحلم بشَبَه الدولة ، ودون الحلم بالرجوع الى الأرض التي غادروها يوما من الأيام . أي القطع مع حلم " الدولة " ، والقطع مع " حق العودة " .. وامام هذا الواقع الفاقع للاعين ، لم يتردد القومجي اليتيم من ترديد عبارته " ان التطبيع سيسقط نظام محمد السادس" ، وفي نفس الخرجة بموقع الكتروني آخر يحظى بإقبال اكثر من الموقع الأول ، اعتبر جبهة البوليساريو صناعة إسرائيلية .. وهنا يكون الشخص قد سقط في شرك الفهم لواقع الصراع الجاري اليوم ، ويكون قد اهمل الواقع الفلسطيني الحالي ، مع نبوءات الستينات والسبعينات التي ذهبت ادراج الرياح ، وكأن التاريخ لم يتطور ، والواقع لم يتغير ..
فهل المضي والتمسك بالتطبيع مع الدولة الإسرائيلية ، سيسقط نظام محمد السادس ، ومنذ متى كان في التاريخ العربي ، ان تطبيع الأنظمة السياسية العربية ، يسقط أنظمة التطبيع لصالح أنظمة اللاّتطبيع ..
بل سنجد ان سقوط الأنظمة السياسية الملكية ، والأنظمة الجمهورية العربية ، لم يكن بسبب التطبيع ، بل كان حبا للعسكر في الاستيلاء على السلطة .. فهل الانقلابات التي حصلت في سورية ، والعراق ، ومصر ( الضباط الاحرار ) ، وانقلاب الهواري بومدين ضد احمد بن بلا ، وانقلاب ضباط الجيش المغربي باسم الثورة المغربية كما اذيع عبر الإذاعة ، كان بسبب التطبيع مع الدولة الإسرائيلية ، ام كان بسبب الصراع على السلطة ؟
وحتى في اوج التفاعل بين الأنظمة السياسية العربية ، وبين الدولة الإسرائيلية ، لم تثر الجيوش لسبب التطبيع ، ولم تثر الجماهير التي يتحرك الجميع باسمها ، وهي المغيب في هذا الصراع ، ضد الأنظمة التي ربطت علاقات مع الدولة العبرية .. بل سنجد عندنا في المغرب الذي يحكمه نظام مخزني ، رغم انتهازية بعض التنظيمات الاسلاموية التي كانت تسيطر على الساحة ، لاستغلال اسم فلسطين ، في خذمة مصالح واهداف خاصة لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية ، وخروج بعض الهيئات القليلة العدد ، في النزول الى شارع محمد الخامس للوقوف امام البرلمان باسم القضية الفلسطينية المتاجر بها على اكثر من درج وصعيد ، فهؤلاء لم يحركوا ساكنا ، ولا دعوا الى مسيرة مليونية باسم فلسطين ، وضد التطبيع الذي لم يكن جديدا حتى عهد محمد السادس ، بل ان التطبيع وعلى عدة واجهات كان زمن الحسن الثاني ، بل كان زمن محمد الخامس الذي قدم خدمات خاصة لليهود كجالية مغربية ، وليس كقضية اثنية دينية مفروضة على المجتمع المغربي ..
وهنا . لماذا لزم هؤلاء دعاة الإسلام السياسي مكانتهم ، ولم يدعو الى النزول في مسيرة مليونية ضد التطبيع ؟ بل لماذا قبل سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ، التوقيع وبطريقة مذلة على الاتفاق المبرم بين النظام المخزني وبالضبط بين الملك محمد السادس ، وبين دولة إسرائيل عند اخراج العلاقات بين الدولتين الى العلن .. ؟
واذا كان التطبيع يشجع الجيوش على الانقلاب على الأنظمة المطبعة ، فلماذا كان جيش النظام المخزني هو من يوقع الاتفاقيات ذات المجال العسكري مع نظراءه من الجيش الإسرائيلي ، ولم ينقلب ولم يثر على النظام المخزني الذي كان وراء التطبيع ؟
والسؤال . هل قرار اخراج العلاقات بين الرباط وبين تل أبيب كان وراءه شخص محمد السادس ، ام كانت وراءه هيئات وشخصيات تتحرك في الظلام ، وهي من يتحكم من قريب او حتى من بعيد بأسس النظام الذي هو نظام محمد السادس ، ومنه الدولة العلوية ..
ولو كان التطبيع يسقط الدول المطبعة ، لماذا لم يتحرك الشارع المغربي ، ولا تحرك تجار الدين الاسلامويين ، ولا تحرك القومجيون حتى في بدايتهم التي كانت منافسة ، او ثار الجيش ، من نتائج مؤتمر القمة العربي بالدارالبيضاء في سنة 1965 ، وكان سببا في نكسة 1967 ، التي انهت مع الوضع القانوني للقدس الشرقية ، التي تم ضمها الى القدس الغربية لتصبح عاصمة الدولة الأبدية لدولة إسرائيل البراغماتية والميكيافيلية .. وفي السياسية تنتفي الاخلاق بالمرة ..
ان من يربط بين التطبيع ، والتطبيع في المغرب لم يكن جديدا ، بل يرجع الى فترة الحماية الفرنسية للمغرب ، وبين اسقاط نظام محمد السادس ، او اسقاط الدولة ، يجهل السياسة والتحليل السياسي للمعطيات المتحكمة في الوضع ، والراسمة لحدود التصرف ، طبعا مع الجديد الذي يطرأ بغثة دون توقعه . فلو لم توفر معطيات بالساحة ، ما كان اخراج التطبيع الى العلن ان يحصل دون ان تصبح فاكهته ناضجة .
ان اسقاط او سقوط نظام محمد السادس ، لن يكون بسبب التطبيع ، لأنه لم يسبق ان سقط نظام مطبع مع دولة إسرائيل . ان اسقاط او سقوط نظام محمد السادس سيكون من خارج المغرب ، لا من داخله .. وطبعا فلان لكل مشروع او برنامج سبب ومسببات ، فان السبب الذي سيلعب الدور الرئيسي في اسقاط النظام ، سيكون نزاع الصحراء الغربية .. وهنا فأصحاب ، او الواقفين وراء المشروع الانقلابي ، ليسوا مغاربة ، بل هم من كانوا بالأمس من الحلفاء ومن الأصدقاء الذي يتطورون حسب مصالحهم ، في حين ظل النظام على طقوسه التي لم تعد تنفعه في شيء ، فغلبوا المصالح ، على العلاقات وعلى التقاليد ، واصبح العدو خارج المغرب لا داخله .
لكن عندما يخططون لتوظيف نزاع الصحراء ، في الحسم السياسي مع النظام ، فان المقصود ليس نظام ملك الذي هو محمد السادس ، بل ان مشروعهم يستهدف الدولة التي لم تعد بطقوسها مقبولة بالنسبة لهم . لكن وامام المعطيات المتوافرة اليوم ، والتي تحكم الوضع بكل حيثياته ، تعني ان أصحاب المشروع الانقلابي على الدولة ، خاصة حين يتحدثون عن النظام ، فهم لا يزالون يقصدون شخص ونظام محمد السادس ؟
بالنسبة للواقفين وراء تغيير شكل الدولة ، او تغيير شكل النظام ، بنظام اخر يكون على راسه حاكم اخر ، يحمل موروثا ثقافيا غربيا في كل مفاصله ، او حاكم يقبل الجمع بين التحديث الذي لا بد منه ، وبين الحفاظ على الأصيل التي يعطي الطابع الخاص للدولة من بين الدول التي لها طابعها الخاص ، ومميزاتها التي تميزها عن غيرها من الدول ، مع التركيز على الأصل او القاعدة التي هي النظام الديمقراطي ، وتغليب الكوني على المحلي ، وعند التعارض بين التحديث وبين التقليد ، يرجح جانب التحديث بما لا يؤثر في خصوصية النظام .. ، فان الاستمرار في ترديد الأسطوانة التي تدور من ان المستهدف هو شخص محمد السادس ونظامه ، من دون النظر الثاقب الى ما يتعدى ويتجاوز مشروع اسقاط نظام محمد السادس ، سيكون متخلفا عن مواكبة اصل الصراع ، وسيكون جاهلا بحقيقة المرحلة او الوضعية التي وصلها الصراع ، الذي لم يعد كذلك ، فاصبح التركيز على شخص محمد السادس ونظامه ، من القضايا المتجاوزة التي لا تحتاج الى ضياع للقوت للتفكير فيها ، وهي أصبحت حتمية النهاية ، لا يبعدها عن هذه الحتمية سوى دقائق او ثواني معدودة .. فبالنسبة لهم ، ان نظام محمد السادس انتهى ، واجله قريب ويقترب بسرعة قياسية ، حولت تفكيرهم من الانكباب على شخص محمد السادس ونظامه ، الى انتظار سقوط نظام محمد السادس الذي قد يحصل بين ليلة وضحاها ، طبعا اذا توفي الملك المصاب بالمرض الخطير .. فاذا توفي الملك وكل ينتظر هذا الحدث ، اتومتاتيكيا سيسقط نظامه ، ليأتي على انقاضه نظام أخرى لملك اخر . فنظام الحسن الثاني ليس هو نظام محمد السادس . ونظام محمد السادس لن يكون نظام الملك الجديد القادم . أكان ولي العهد الأمير الحسن الذي يعطيه الدستور حق الخلافة ، وسيكون مدعما من قبل الجيش ، او كان الأمير هشام الذي يرتكز على المشروعية ( محمد الخامس ) والمناصر من قبل دعاة الملكية البرلمانية ، والمدعم من باريس وواشنطن ..
فالمشروع الغربي تجاوز التفكير في شخص محمد السادس ، وفي نظامه ، لانه بالنسبة له يكون قد سقط من تلقاء نفسه ، رغم بعض التأجيل ، ويكون التفكير قد انتقل الى انتظار الحاكم / الملك القادم ، وطبيعة الدولة العلوية بين الحداثة والتحديث والتقليد والتقليدانية .. وبين الوضع الذي سيكون عليه النظام ، والدولة ، والوضع الداخلي ، خاصة النظام العام ، والمصالح المتداخلة بين العواصم المعنية ، وبين التناقضات التي ستبرز بين الداخل وبين الخارج ..
وطبعا سيتم تحريك موضوع نزاع الصحراء الغربية ، في حسم موضوع النظام القادم الذي ينتظرونه لمعرفة حقيقة البديل الجديد ، وفي التحكم في شكل الدولة بعد تغييرها ، او قد يكون القرار الدفع بالأحداث وبالوقائع الى الانتحار . أي الى Chaos . فجميع المشاريع تبقى مطروحة ، ويجب الاستعداد لمواجهة اية حالة باستعمال سلاحها الأنسب ..
ان ترديد أسطوانة ان التطبيع سيسقط شخص محمد السادس ، ونظامه ، ليس صحيحا ، لأنه لم يسبق في التاريخ ان التطبيع اسقط الأنظمة التي طبعت ، لكن اسقاط النظام كمشروع يحضر خارج المغرب لا داخله ، من عواصم غربية ، لا دخل لايّ مغربي في هذه المشاريع التي تستهدف كل المغرب وليس فقط الدولة.
الجزاء الثاني : جبهة البوليساريو صناعة إسرائيلية .
هل حقا ان جبهة البوليساريو صنيعة إسرائيلية ؟ . ومنذ متى كانت كذلك ، وما هي الأدلة والحجج الدالة على إسرائيلية الجبهة ؟ .
سنعالج الموضوع كالأول بنوع من التجرد والموضوعية ، انصافا للتاريخ ، وانصافا للرعيل الأول من مناضلي حركة المقاومة وجيش التحرير الذين انخرطوا كرعيل اول في عملية التحرير ، ووقفوا مواقف وطنية من احتلال الصحراء الغربية من قبل الدولة الاسبانية ، ومن جميع الاتفاقيات المذلة التي استهدفت المغرب ، واستهدفت تاريخه وشعبه الذي فشل فشل نظام الحماية في شقه عندما اصدر الظهير العنصري المشؤوم المسمى بالظهير ( البربري ) الفرنسي ، لان فرنسا من أصدرته باسم البرابرة ، وليس هؤلاء البريئين منه من أصدره للتفرقة ، والبرابرة كانوا اول المتقدمين في المساجد التي قرأوا فيها اللطيف من الظهير الفرنسي ( البربري ) .
فهل تأسيس جبهة البوليساريو حقا كان صناعة إسرائيلية ؟
لو كان اصل الجبهة إسرائيل ، هل كان لها ان تخوض حربها العنيفة ضد النظام المخزني لما يزيد عن ستة عشر سنة ، عرفت نهايتها بتوقيع اتفاق 1991 ، الذي جمد الحرب لما يزيد عن اكثر من ثلاثين سنة ، قبل عودتها مجددا منذ 13 نونبر 2020 ، لكن لم يصل عنفها الى العنف الذي عرفته الحرب من 1975 وحتى 1991 .
بالرجوع الى تاريخ وظروف نشأة جبهة البوليساريو ، سنجد ان نشأتها لم تكن صناعة إسرائيلية ، بل بالعكس كانت صناعة مغربية مائة بالمائة . والحركة التقدمية المغربية التي كانت متمركزة بالجزائر كحركة تحرير ، وعلى رأسهم الفقيه محمد البصري ، سعيد بونعيلات ، عبدالفتاح سباطة ، إبراهيم أگوليز المكنى ب " شيخ العرب " ، عبدالسلام الجبلي .... الخ ، هم من وقف وراء انشاء جبهة البوليساريو لاستعمالها لهدفين أساسيين ومترابطين واستراتيجيين ، من جهة التحرير ، ومن جهة الدولة التي كان مشروعها واضحا . أي الربط بين استراتيجية التحرير وبين استراتيجية الديمقراطية التي ستمثلها الدولة الديمقراطية .. والبرنامج كان يستهدف استعمال جبهة البوليساريو من قبل القيادة التقدمية من الرعيل الأول لحركة جيش التحرير والمقاومة المغربية لتحرير الصحراء من الاستعمار الاسباني .. وغي نفس الوقت استخدام جبهة البوليساريو كحركة تحرير مسلحة لقلب النظام الملكي وبناء النظام الجمهوري الذي كان سيكون شبيها بنظام الرئيس الجزائري احمد بن بلا ، وبعده نظام الجزائر ( الاشتراكية ) .. وطبعا سيكون هذا المشروع الثوري ، الذي فشل في المهمتين ، الربط بين التحرير وبين الدولة الديمقراطية ، متلازما وموازيا لحركة ثورية تقدمية تكونت من الثوريين الذين كانوا متمركزين كلاجئين بالجزائر ، هي حركة 3 مارس 1973 المسلحة التي عرفت بأحداث " گلميمة ، خنيفرة ، مولاي بوعزة " .
وبالطبع وما يبرهن على المشروع ، هو ان تأسيس جبهة البوليساريو كحركة تحرير في سنة 1973 ، واحداث حركة 3 مارس 1973 ، كانا متداخلتين يستهدفان الربط بين استراتيجية التحرير ، وبين استراتيجية الدولة الديمقراطية .. وقبل هذا التاريخ 1973 ، كان هناك مشروع الجيش الانقلابي على النظام في سنة 1971 ، باسم الضباط الوطنيين الاحرار ، وباسم الثورة المغربية .. وكان هناك انقلاب الطائرة في سنة 1972 ، حيث شارك الفقيه محمد البصري ، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مع ضباط من الجيش في قلب النظام الملكي ، حين تم الهجوم على الطائرة الملكية ، وهو نفس الانقلاب كاد ان يتورط فيه الفقيه محمد البصري مع الجنرال احمد الدليمي في سنة 1982 .
وطبعا ، ستأتي الثورة المسلحة في 3 مارس 1973 ، مباشرة بعد الاعدامات للضباط ولمناضلين ثوريين من الاختيار الثوري من بعد . وبعد ان خطف السفاح المجرم القبطان حميدو لعنگري الذي سيصبح جنرالا مديرا عاما ل DGST ، ومديرا عاما ل DGSN ، في احد ليالي سنة 1973 ، الضباط وضباط الصف والجنود الى السجن السيء الذكر " تزمامارت " Tazmamart .
ان العناصر التي كونت الرعيل الأول لجبهة البوليساريو، كانوا طلابا مغاربة يدرسون بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ، وبكلية الحقوق ، وكانوا تلاميذ بمدارس محمد الخامس مدرسة الوطنيين الاحرار . كما كانوا مناضلين بالأحزاب المغربية ، خاصة منها حزب الاستقلال الذي كان يطالب بتحرير الصحراء ، وكان يدعو الى الوحدة . كما كانوا مناضلين بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، وبالحزب الشيوعي المغربي في اطاره الأصلي الأول " حزب التحرر والاشتراكية " ، وجميعهم كانوا مناضلين في المنظمة التاريخية العتيدة " الاتحاد الوطني لطلبة المغرب " UNEM . لكن الخطأ الزلة التي قلبت هؤلاء الشباب الذي كان يرفع شعارات مغربية الصحراء ، ويطالب برئاسة الوالي مصطفى السيد بإعادتها الى المغرب ، وهناك كلمة مكتوبة وموقعة بخط يده تدعو الى مغربية الصحراء التي يجب ارجاعها الى أراض الوطن ، هو ان النظام المخزني تبرأ منه . بل حاربهم واداقهم العذاب والقمع . كما تنكر لهم من كان يطلق عليهم ( زعماء ) الأحزاب ، ورفضوا حتى الاستماع اليهم ، وعلى رأسهم علال الفاسي وقيادة حزب الاستقلال ، عبدالله إبراهيم وعبدالرحيم بوعبيد عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي سيتحول بعد ثورة 3 مارس 1973 ، وبامر من الحسن الثاني الى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في يناير 1975 . وانتهى به المطاف الى الجلوس في حضن فؤاد الهمة . وحزب التحرر والاشتراكية علي يعتة ، قبل ان يصبح حزب التقدم والاشتراكية ، وابراهام السرفاتي الذي رفض الاستماع اليهم ، لانه كان يشتغل على مشروع تحويل الصحراء الغربية الى بؤرة ثورية لقلب النظام الملك لتحرير المغرب منه ، لا هو بمن سيحرر الصحراء ..
ان الخطأ الذي كان بسبب ادعاء ( الزعماء ) السياسيين بان قضية الصحراء من اختصاص النظام الملكي ومن اختصاص الملك شخصيا ، هو ما جعل الجبهة تصبح لقمة صائغة بيد الجزائر وبيد ليبيا ، خاصة وقد تم توظيفها ضمن الحرب الباردة التي قسمت العالم الى معسكرين متقابلين ( رأسمالي ) ، و ( اشتراكي ) ..
وبالطبع سيتحول الصراع تحولا خطيرا ، عندما تبته الأمم المتحدة ، واصبح يحظى باهتمام مجلس الامن ، وباهتمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، التي تعتبر الصحراء ارضا محتلة ومستعمرة وتنتظر مثل ستة عشر اقليما اخرا الحل عن طريق الاستفتاء وتقرير المصير .. بل سيلتحق بالنزاع الاتحادات القارية ، كالاتحاد الأوربي ، وعلى رأسه اليوم فرنسا العميقة Le palais de l’Elysée ، برئاسة رئيس الجمهورية الفرنسية شخصيا السيد Emanuel Macron ، الذين يرفضون مغربية الصحراء ، ويتشبثون بحل الاستفتاء وتقرير المصير كحل ديمقراطي ، والاتحاد الافريقي الذي اعترف بالجمهورية الصحراوية ، لكنه لم يؤثر على وزن المنتظم الدولي الذي تجاهل بالمرة مثل تجاهله للحكم الذاتي الذي اقترحه في ابريل 2007 ، دون ان يحظى باهتمام احد ، اعتراف النظام والملك محمد السادس شخصيا بالجمهورية الصحراوية .. وسبب التجاهل طبعا ان لا حل الحكم الذاتي ، ولا حل النظام الجمهوري تعترف بهم الأمم المتحدة ، لانهما غير منصوص عليهما في القرارات التي يصدرها مجلس الامن وتصدرها الجمعية العامة ، الذين يركزون مع العالم بالاستفتاء وتقرير المصير . فالطابع القانوني لاي نظام في الصحراء الغربية ، يجب ان يكون منبعه القانون الدولي والمشروعية الدولية ، وليس إرادة الدول ، لان النزاع هو نزاع اممي وليس بنزاع دولتي ..
فمثلا لو قررت جبهة البوليساريو التنازل عن حق الاستفتاء وتقرير المصير ، وتندمج مباشرة مع النظام المخزني ، فانها لا ولن تستطيع ، لان النزاع ليس نزاعها ، لكنه نزاع اممي من حق واختصاص الأمم المتحدة التي يجب ان تمر من معيار نصوص المرجعية القانونية الدولية حتى يمكن قبول شكل النظام او الحل القادم .. طبعا فان التدويل للقضية الصحراوية ، جعل الجزائر تنتصر ما دام انها تتظاهر بالتشبث بالقانون الدولي ..
فحين تصف الولايات المتحدة الامريكية ، والاتحاد الأوربي ، والبرلمان الأوربي ، والقضاء العالمي والقاري الأوربي الافريقي ... وهو نفس الوصف للنظام المخزني للجبهة .. فيعتبرونها بجبهة تحرير وجبهة كفاح مسلح .. فهم يؤيدون الحرب التي تدور منذ 13 نونبر 2020 ، لانهم يعتبرون تلك الأقاليم بالمناطق الخاضعة للاحتلال ، واينما يكون هناك احتلال ، تكون حرب التحرير والمقاومة مشروعة ...
ففرق بين الوضع الحالي الذي عليه نزاع الصحراء ، وبين وضع الامس الذي كان لا يزال لم يحسم النزاع دوليا بعد ، وكانت القوى الوطنية ذات المصداقية تؤثر في المفاوضات ، وتشارك في اقتراح الحلول التي تخدم مصلحة الجميع تطبيقا للقاعدة الشرعية " أخف الضررين " ، " الضرر الأكبر يدفع بالضرر الأصغر " ، " لا ضررا ولا ضرار " ، أي لا غالب ولا مغلوب ..
وتدعيما للحقائق التاريخية سننشر بيان تاريخي للمعارضة التقدمية المغربية ، سليلي المقاومة وجيش التحرير ، الذي جاء في وقته الأساسي ، متفاديا ومتجاوزا للحزازات الشخصية التي فرقت بين بلدان المنطقة .. وتتعرض لشتى مشروعات من عواصم غربية ، فاصبح الخطر خارجي ، وليس داخلي .. وهو ينتظر الشروع في الفعل ..
بيان مناضلين بجيش التحرير والمقاومة المغربية حول مغربية الصحراء
" تأتي أهمية هذا البيان ، ( يقول احد قادة جيش التحرير بالجنوب المغربي محمد بنسعيد ) ، الذي وقعه منتسبون للمقاومة ولجيش التحرير المغربي ، من أنهم شاركوا في تأسيس المقاومة المدينية ، وجيش التحرير بالبوادي والجبال ، ومنهم من ساهم مساهمة فعالة في الثورة الجزائرية ، ومنهم من وضعوا اللبنة الأولى لتأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، واغلبهم من الذين شنوا الكفاح المسلح عمليا ، ضد الاستعمار الفرنسي والاسباني ، وحُكِمَ على كثير منهم بالإعدام في فترة الاستعمار ، كما واصلوا مسيرة النضال ضد النظام الملكي في المغرب ، وحُكِمَ على بعضهم بالإعدام في عهد الاستقلال . ان الموقعين على بيان مايو ، شكلوا ذاك الرعيل الأول من المناضلين الذين ربطوا في نضالهم بين المعركتين : المعركة الوطنية والمعركة الطبقية .
ان المواقف التي تم العبير عنها في بيان فاتح مايو 1976 ، هي المواقف الجذرية التي تجسد الوفاء ، والتزام حركة المقاومة وجيش التحرير، للأهداف التي استشهد من اجلها الآلاف من المناضلين ، والالتزام بقضية الجماهير الشعبية في التحرير الفعلي من الاستعمار وعملاءه .
وإذا كانت هناك محاولات جارية من طرف الحكم الرجعي لإظهار حركة المقاومة على غير وجهها الحقيقي ، وتوظيف سمعتها الوطنية في تبييض وجهه ، وتحويل خياناته الى انتصار وتحرير ، فإنني أوجه النداء صادقا لكل المقاومة وجيش التحرير ، بان يُغلبوا مصلحة الجماهير ، ويضعوها فوق كل اعتبار ، وان يعززوا كفاحها المستميت ضد كافة أشكال الاستعمار الجديد وتلويناته .
في الفاتح من مايو 1976 ، أصدرت مجموعة من مناضلي المقاومة وجيش التحرير المغربي ، منهم من كان لاجئا سياسيا بالجزائر ، ومنهم من كان بإسبانيا ، ومنهم بفرنسا ، بيانا حددوا فيه موقفهم من قضية الصحراء المغربية ، بحيث أدانوا كل محاولات إقامة دويلة مصطنعة في الصحراء ، ونددوا بالاتفاقية الثلاثية ، بين المغرب ، وموريتانيا ، واسبانيا ، وربطوا بين النضال الديمقراطي ، والنضال الوطني ، لتحرير كل الأراضي المغربية المحتلة . وتأتي أهمية هذا البيان ، من ان الموقعين عليه ، هم من المساهمين الأساسيين في الكفاح الوطني ضد الاستعمار الفرنسي والاسباني في إطار المقاومة وجيش التحرير ، كما تابعوا ، وما زالوا ، نضالهم ضد الحكم الرجعي القائم ، لإعطاء الاستقلال مضمونه الحقيقي ، وذلك في أطار الحركة التقدمية والثورية ، حيث كانوا من المؤسسين للجامعات الوطنية ، والاتحاد الوطني للقوات الشعبية فيما بعد ، مجسدين بذلك الاستمرارية النضالية لشعبنا ، لتحقيق مطامحه العميقة في التحرر ، والديمقراطية ، والاشتراكية . وقد خلف البيان ، صدى واسعا لدى المناضلين والجماهير، والرأي العام ، وذلك بالرغم من محاولات بعض الصحف الوطنية الصادرة في المغرب تشويه مضمونه . وفيما يلي نص البيان :
" نحن أعضاء جيش التحرير والمقاومة المغربية الموقعين على هذا البيان ، اعتبارا للمضاعفات التي آلت وتؤول إليها قضية الصحراء المغربية ، ونظرا لتطورات المشكل عبر مراحل وملابسات لا بد من التذكير بها ، لفضح مساعي النظام الملكي الإقطاعي ، العامل من اجل تطويق الكفاحات الجماهيرية ، وإجهاضها ، وتفتيت نضالات الكادحين على طريق الديمقراطية والاشتراكية . نصدر هذا البيان :
فغداة الاستقلال الشكلي ، وجدت فصائل جيش التحرير ، والمقاومة ، وجماهير الشعب المغربي الواعية ، نفسها أمام مناورات القصر الملكي ، ابتداء من قبول الاستقلال الناقص ، الذي لم يشمل كل الأراضي المغربية المستعمرة ، الى التّناوُرِ مع الاستعمار لتثبيت نظامه الفردي .
وكان البديل الثوري ، أنْ تعمل قوات الشعب الحية ، وفي طليعتها جيش التحرير المغربي في الجنوب ، على خوض المعارك المسلحة ، بهدف تتميم الاستقلال ، ووحدة التراب الوطني .
وقد تجلت في هذه الفترة التاريخية ، ومن خلال الكفاح المسلح ، النظرة الثورية والوحدوية على صعيد المغرب العربي ، الشيء الذي أثار حفيظة الاستعمارين الفرنسي والاسباني ، ودفع بهما إلى التحالف المسلح ، لقمع هذا التيار التحرري وتوقيفه .
وفي هذه الفترة أيضا ، برزت مناورات القصر ، لتشتيت صفوف المقاومة وجيش التحرير ، وحرمان القوات المقاتلة من الذخيرة ، واصطناع " المؤامرة ضد ولي العهد " ، لتبرير عمليات اعتقال قادة المقاومة ، والرمي بهم في السجون ، وحل جيش التحرير ، والاتصال بالقوات الاستعمارية المحتلة ، لتعطيل كل تنازل في موضوع الصحراء ، من شأنه ان يكون لحساب العناصر التقدمية آنذاك في أجهزة الدولة . ( حكومة عبدالله ابراهيم ) التشديد من عندي .
وقد ظل النظام الملكي طيلة العشرين سنة الماضية ، متواطئا مع الاستعمار الاسباني ، فيما يتعلق بالصحراء المغربية ، وبقية المدن المحتلة في الشمال . وقد تميزت هذه الفترة بتصفية جيش التحرير في الجنوب ( المكنسة او ايكوفيون ) – التشديد من عندي -- ، وتصفية ومطاردة العناصر الثورية داخل الحركة التقدمية المغربية ، وقمع كل التحركات الشعبية .
ثم كان أنْ قام النظام العميل ، بمبادرة تحريك موضوع الصحراء ، بهدف تجاوز مشاكله ، اعتمادا على استعداد الجماهير للتعبئة والتضحية من جهة ، والمتاجرة بالسيادة والخيرات الطبيعية مع الحلفاء الاستعماريين من جهة ثانية .
ان رجال المقاومة وجيش التحرير الموقعين أسفله ، في الوقت الذي يسجلون فيه تراجع الامبريالية عن مشروع تكوين دويلة مصطنعة في الصحراء ، نتيجة تناقضاتها الداخلية ، ونتيجة تدخل الجماهير المغربية في الصراع ، ينددون بالمساومة التي أقدم عليها النظام الرجعي من خلال اتفاقية مدريد ، والتي نتج عنها :
1 ) تكريس احتلال اسبانيا لمدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية .
2 ) تقسيم الصحراء المغربية وتفتيت الشعب المغربي .
3 ) اقتسام خيرات البلاد الطبيعية مع القوات الاستعمارية والرجعية .
4 ) استمرار وتثبيت القواعد العسكرية الأجنبية فوق تراب الوطن .
إننا إذ ندين سياسة الاستمرار في الارتماء بين أحضان الامبريالية ، ندين أيضا كل المساعي الرامية إلى إقامة دويلة مصطنعة في الصحراء ، لان ذلك يتنافى مع المصالح الحقيقية لمجموع شعوب المنطقة .
كما ندين كل حرب بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري ، هذه الحرب التي من شأنها ، تحطيم آمال شعوب المغرب العربي في التحرر والوحدة .
إننا نتوجه بالنداء ، الى كافة التقدميين والوطنيين في المغرب ، للعمل على فضح المخطط الامبريالي الرجعي ، الساعي الى ضرب الأهداف النبيلة ، التي ناضلت من اجلها الحركة التقدمية المغربية منذ فترة الاستعمار حتى الآن ، والتمسك بالاختيارات الجذرية ، التي تَميّز بها النضال ضد الاستعمار والاستعمار الجديد ، ومضاعفة النضال في الظرف الراهن ، من اجل انتزاع الحقوق الديمقراطية ، الاجتماعية ، والسياسية ، للجماهير الشعبية ، وفرض إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ، من مدنيين وعسكريين .
ونوجه النداء أيضا ، لكافة الوطنيين والتقدميين في المغرب العربي ، لمساندة حق الشعب المغربي في تحرير كافة أجزاءه المحتلة ، ودعم نضاله ضد الحكم الرجعي القائم ، وليكن ذلك نقطة معاودة الانطلاق لتوحيد كل الجهود ، من اجل تحرير المغرب العربي واشتراكيته ووحدته . --- فاتح مايو 1976 -- .
الموقعون على البيان :
الفقيه محمد البصري . محمد بن سعيد آيت إيدر . عبدالفتاح سباطة . بوزاليم كجاج محمد . الحسين الخضار . باهي محمد . أومدة محمد . ناصر عمر صالح ( الفرشي ) . المالكي احمد ( جحا ) . محمد بن الحسين ( أزلماط ) . صابر عبدالحميد ( حمدون ) . رشيد سكيرج . مولاي عبدالله الفيلالي. احمد الفقيه الدكالي . ممحمد الجعواني بن محمد . نعيم محمد بن الاشقر . الدكالي عبدالله . ساهر العربي الفيكيكي . المنتصر حسن لعتابي . المعلم بوشعيب . الملازم مخلص محمد . رزقي محمد بن موحا ( المعلم احمد ) . الميداوي احمد . محمد عبروق . ناجي زايد بن موحا آيت مبارك . الداودي العربي . ساعة محمد عبدالحق . سعيد بن يخلف نايت الديح . مرزوق حسن . بورحيم محمد . بنسعيد الصغير . الناهري محمد الحداد . اويدير موح وعلي . العربي بن ناجم . ملحاوي عبدالرحمان . الطاهر محمد الورطاسي . عمرو العطاوي . تراغة الحسين ( الحسين الصغير ) ."
تعليق : يلاحظ ان البيان ، " بيان مايو 1976 " ، جاء سنة بعد انقلاب الصورة ، عند تأسيس جبهة البوليساريو سنة 1973 . فبعد ان كان هدف المؤسسين ، هو استرجاع الصحراء إلى أصلها المغرب ، سنجد انه بعد أن تدخلت الجزائر كطرف محرض ، ومعرقل ، وبتوجيه من هنري كيسينجر ، الذي أوحى للهواري بومدين ، بأخذ نصيبه من الصحراء يُمَكِّنُهُ من الصول الى المحيط الأطلسي ، وبسبب الأخطاء التي ارتكبها ما يسمى بزعماء الأحزاب ، الذين اعتبروا قضية الصحراء ، هي قضية القصر ، وليس قضيتهم ، ولا قضية الشعب ، أصبح الهدف ، هو الانفصال ، وتأسيس جمهورية ، أي كما سماها البيان " الدويلة " . وهذا يعني ، توسيع دائرة الصراع ، بدخول الجزائر كطرف رئيسي لم يتوانى من دخول امغالا لفرض الأمر الواقع ، كما أوحى لهم بذلك كيسنجر .
الجهاز الذي اصدر البيان ، " بيان مايو 1976 " ، كانوا يتمركزون في الجزائر ، وفي فرنسا ، وبلجيكا ، وبدمشق ، ومدريد ، كلاجئين سياسيين . فمنهم من غادر على اثر أحداث 16 يوليوز ،1963 ، ومنهم من غادر اثر أحداث 3 مارس 1973 . لذا فمشروعية البيان ، تأتي من انتماء بعضهم إلى المقاومة المدينية ، وانتماء البعض الأخر الى جيش التحرير ، وانتماء الجميع إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، خاصة ذراعه المسلح .
عندما يصدر بيان من قبل المقاومة وجيش التحرير ، ومن قبل الحركة التقدمية المغربية ، التي كانت تبحث عن توظيف إنشاء جبهة البوليساريو ، كقوة متعارضة مع النظام ، وربط النضال المسلح ضد الأسبان ، بالنضال المسلح في الداخل في 3 مارس 1973 ، تبطل كل دعاوى الانفصال ، كما تفند كل الشعارات التي تشكك لأسباب سياسية بمغربية الصحراء .
ومن خلال الشخصيات الموقعة على البيان ، وانتماءها الى جيش التحرير في الجنوب ، الذي واصل حربه التحريرية ضد الأسبان ، فان الانتماء القانوني ، والجغرافي ، والبشري للصحراء هو المغرب ، ومن ثم يكون الصراع المفتعل بالمنطقة ، هو صراع بين الجزائر وبين المغرب ، اي انه صراع نفوذ ، وصراع هيمنة ، وصراع جيو – استراتيجي ، و جيو – بوليتيكي . ومن ثم فان جميع دعوات الانفصال ، والدعوة إلى الاستفتاء ، تصبح لا غية ، وعديمة المشروعية .
بعد صدور هذا البيان القومي والوطني ، تحركت العسكرتارية الجزائرية ، وأجهزة المخابرات ، لتضغط على المناضلين الموجودين فوق ترابها ، وتعتدي على بعضهم بحرمانهم من الامتيازات التي كانوا يتوصلون بها ، كلاجئين سياسيين . كما انها لم تتوانى ، ولم تخجل في حربها العدوانية ، من طرد آلاف المغاربة من الجزائر ، ومصادرة ممتلكاتهم ، وتفريق عائلاتهم بشكل هستيري وجنوني ، ينم عن الحقد والكراهية التي تكنها الجزائر إلى المغرب . أمام هذا الهجوم الانتقامي اضطر المقاومون وأعضاء جيش التحرير المتمركزون بالجزائر ، الى مغادرتها صوب فرنسا باريس .
وبما ان المسألة الديمقراطية عند القوى الثورية كانت هي الحكم ، وليس اقتسامه او المشاركة في الحكومة ، فقد اعتبروا قضية الصحراء عاملا في فرز العدو الأساسي من العدو الثانوي . وبما ان كل السلالات التي حكمت المغرب جاءت من الصحراء وسقطت من الصحراء ، فإنهم آمنوا بالبؤرة الثورية ، اي اعتبار الصحراء بؤرة ثورية تنطلق منها الثورة لإسقاط الحكم ، فالمغرب في حاجة الى من سيحرره من النظام ، وليس النظام من سيحرر الصحراء من الأسبان . وهنا إضافة الى أطروحة الجناح المسلح لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، سارت منظمة الى الأمام ، في نفس الخط ، فاعتبرت الصحراء بدورها بؤرة ثورية لإسقاط النظام . وعندما أصبحت الجزائر طرفا رئيسيا في الصراع ، بادرت القوى الوطنية والتقدمية في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، لتدارك الخطر المحدق بوحدة المغرب ، في حين استمرت منظمة الى الأمام تتبنى نفس الأطروحة من الصحراء ، اي الانفصال والاعتراف ب ( الشعب الصحراوي وبالجمهورية الصحراوية ) . وللإشارة ، فقط استعملت منظمة الى الأمام في وصف سكان الصحراء ، تعابير وأوصاف مختلفة ، بدءا بالجماهير المغربية في الصحراء ، الى الشعب العربي في الصحراء ، الى إيمانها إيمان العجائز بالشعب الصحراوي الذي اكتشفوه في أواخر سنة 1977 ، رغم ان الجبهة تم تأسيسها في سنة 1973 تزامنا مع أحداث 3 مارس 1973 ، وتم إنشاء جمهورية الصحراوية من قبل الهواري بومدين ومعمر القدافي في سنة 1976 ، وهي السنة التي صدر فيها بيان فاتح مايو 1976 .
يمكن لكل مغربي أن يعارض النظام ، ويمكنه ان يطالب بإسقاطه لصالح ( ملكية برلمانية ) ، كما يمكنه ان يطالب بإسقاط الدولة لنظام ( الجمهورية ) ، لكن ليس من حقه ان يطالب بفصل ترابه وشعبه . ان النظام إذا ذهب ، يمكن ان يعوضه نظام آخر ، والدولة إذا ذهبت ، يمكن تعويضها بدولة أخرى . لكن إذا ذهب الإقليم ، واي إقليم يستحيل له العودة . فلا تخلطوا بين النظام والصحراء ، وتتخذوا قرارات ستندمون عليها مستقبلا . الصحراء مغربية تاريخيا وقانونيا وبشريا . والعديد من المناضلين الأوائل لجبهة البوليساريو يؤمنون بهذا ، لكن تدخل الجزائر ، وخيانات النظام ، اخلط الأوراق ، وعمق الأزمة المفتعلة .
قال احد قادة البوليساريو ، وهو مصطفى بوهْ الملقب ب ( البرزاني ) ، أنه عندما التقى أول مرة عام 1973 في موريتانيا الوالي مصطفى السيد مؤسس الجبهة ، والذي قتل في الثامن والعشرين من العمر على أبواب نواكشوط ، لم تكن فكرة الاستقلال مطروحة في رؤيته ، وأن أدبيات البوليساريو حتى عام 1975 تخلو من أية إشارة الى كلمة الاستقلال او الانفصال ، مضيفا ان النزعة الانفصالية عند أعضاء جبهة البوليساريو ، لم تظهر إلاّ بعدما دخلت الجزائر على الخط عام 1976 .
الخلاصة : التطبيع لن يسقط محمد السادس ، وجبهة البوليساريو صناعة مغربية ، وليست بصناعة إسرائيلية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جلال عمارة يختبر نارين بيوتي في تحدي الثقة ???? سوشي ولا مصا


.. شرطي إسرائيلي يتعرض لعملية طعن في القدس على يد تركي قُتل إثر




.. بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة


.. تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا




.. أسترازنيكا.. سبب للجلطات الدموية