الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جولة من الحرب ضد شعب فلسطين

سعيد مضيه

2023 / 10 / 13
القضية الفلسطينية


إسرائيل الضحية

تواصل إسرائيل حروبها المعتادة ضد الشعب الفلسطيني، تدعمها دول الغرب الامبريالية ، بمسوغ "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، مسوغ يقلب الوقائع ويحيل المعتدي ضحية؛ تنضح ذرائع الحرب بالكذب وتفضح النفاق في تعليقات دول الغرب ومعارضتها الكلامية للتوسع الاستيطاني والعدوان المتواتر على مناطق في فلسطين. تعلن دول الامبريالية مجتمعة وقوفها بجانب إسرائيل وتحظر فرنسا وبريطانيا التضامن مع الشعب الفلسطيني ملتزمة بذلك بالتلفيق الصهيوني أن التضامن مع فلسطين لاسامية . الانتداب البريطاني ، الذي اقرته مجموعة دول الغرب الامبريالية في مؤتمر سان ريمو عام1922، يكتب الخالدي في مؤلفه "حرب المائة عام على فلسطين،" ترجع جذور ما اطلق عليه علماء الاجتماع الإسرائيلي مصطلح’الإبادة السياسية‘ للشعب الفلسطيني موجودة بكل وضوح وجلاء في مقدمة صك الانتداب. اضمن طريقة لاستئصال حقوق شعب وحرمانه من أرضه هي إنكارارتباطهم التاريخي بها... في الحقيقة فإن كلمة ’عربي‘ او ’ فلسطيني‘ لم ترد فيه مثلما هي الحالة في وعد بلفور." يقول الخالدي
تؤيد دول الامبريالية حل الدولتين بالكلام وتثبت في هذه الأزمة الجديدة تأييدها المطلق لمشروع الصهيونية تحويل فلسطين الى دولة يهودية خالصة . فحرب الأرض المحروقة التي تشن منذ أيام على غزة ممارسة لإبادة الجنس، أبشع جريمة حرب يليها نظام الأبارتهايد المحرم دوليا. نتنياهو ربيب بيت أضمر العداء العنصري للشعب الفلسطيني،يصعب تصديق أن ما تقوم به حكومته في قطاع غزة دفاعا عن النفس؛ فأي دفاع يكن في تدمير أحياء بكاملها، وتدمير البنى التحتية ومنظومة الخدمات الاجتماعية، او تشريد مئات الوف البشر بدون ماوى؟ نتنياهو سليل بيت جاهر باقتلاع الفلسطينيينن حين كانت الصهيونية تتبع التقية في هذا الباب.
احزاب شيوعية في اوروبا وانحاء العالم رجعت بمسلسل الأحداث الى عربدة المستوطنين في الحرم الأقصى أيام عيد العرش وكذلك عمليات القتل الممنهج في مدن الضفة ومخيمات اللاجئين فيها. وانطلقت في أنحاء المعمورة مظاهرات جماهيرية تضامنا مع الشعب الفلسطيني وتنديدا بحروب إسرائيل ضد شعب فلسطين.
نصيحة قدمها كاتب أميركي لإسرائيل، ولكن إسرائيل سترفضها بكل تأكيد:" افضل ضمان لأمن إسرائيل هو استعادة الشعب الفلسطيني لكرامته، وليس من خلال’إعادة غزة الى العصور الوسطى‘ كما اوصى وزير داخلية إسرائيل إيلي ييشاي". يمكن القول ان إسرائيل تمارس ما قامت به الولايات المتحدة في فييتنام، حيث قتلت أربعة ملايين إنسان ، او في العراق حيث أجهزت على مليونين ، وكذلك في أفغانستان . إسرائيل تمارس جريمة إبادة الجنس، عملية تنفذها على مراحل.
باتريك هاوليت –مارتين دبلوماسي يعيش في باريس، فسر ما يحدث حاليا في غزة بنهج إسرائيل خلال عقود خلت : قطاع غزة يعيش تحت الحصار منذ العام 2007، كان خلالها هدفا لثلاث غزوات عسكرية إسرائيلية عام 2009، 2014،2012. خلال 22 يوما (27 ديسمبر 2008- 18 يناير 2009 )قتل 1434فلسطيني بينهم 1259 مدنيا و288 طفلا. خلال سبعة أيام 14-21 نوفمبر/ تشرين ثاني- 2012 قتل 103فلسطينيين بينهم 30 طفلا ؛ وخلال أقل من شهرين ( 8تموز -26 أب 2014) قتل من غير المسلحين 1462،بينهم 551 طفلا. اما خلال العدوان الأخيرفتم تدمير أو تخريب 136 مدرسة 15 مستشفى، و43 مركز رعاية صحية . دمر 20000 بيت سكني تقريبا، وترك 105000 إنسان يعيشون بالعراء. في أيار 2021 أسفرت الصدامات عن موت 232 فلسطيني بينهم 65 طفلا . فهل يضمن امن إسرائيل تدمير المدارس والمستشفيات وبيوت السكن؟
ربما يكون من باب العبث محاورة تصرفات إسرائيل وفقا لقواعد المنطق؛ فإسرائيل تستثني ذاتها من الالتزام بالقانون الدولي وبحقوق الإنسان وبمبادئ العلاقات الدولية كافة وقوانين الحروب، مستندة في ذلك كله الى دعم ومساندة الولايات المتحدة الأميركية، هذا الدعم الذي يأتي مواصلة لدعم القوى الامبريالية للمشروع الصهيوني منذ صدور وعد بلفور.
ديف ليندورف كاتب أميركي ومخرج أفلام وثائقية، عقد مقارنة بين إسرائيل والنازية، فكتب مؤخرا في مقالة ،" لدى مواجهة أقل مقاومة من قرية صغيرة كان النازيون يدمرون المدن ويحرقونها ، بعد قتل كل إنسان فيها –رجلا أو امرأة أو طفلا – كعقوبات جماعية. وانه لأمر شديد الفظاعة ان نسمع من وزير الحرب الإسرائيلي غالانت يستعمل لغة الصدى، حين احاطت القوات النازية بالأسوار معسكر غيتو وارصو واحتجز داخله حوالي نصف مليون يهودي وبولوني ثم حرقتهم وإنهت المجزرة بقنابل ومدفعية حارقة تقذف على الضحايا". وأضاف ليندورف، " إسرائيل لن تصغي الى مجرد الكلام ينطلق من أفواه الرؤساء الأميركيين يتلعثمون بصدد جرائم الحرب الإسرائيلية. لن يصغوا إلا حين توقف عنهم المساعدات الحربية ، ولن يحدث ذلك إلا حين يطالب به الأميركيون.
"إذن، كي لا نضيع الوقت في الاحتجاج ضد مجرمي الحرب، لنحمل قادتنا على وقف المساعدات وبسرعة وإلا فسيدمغون أيضا مجرمي حرب".
وبنفس المنطق نضيف، لاحاجة للضرب في الرمل لمعرفة هل ستشترك الولايات التحدة في الحرب؛ فهي شريك لإسرائيل في جميع مغامراتها الحربية وفي هذه المغامرة ايضا؛ ولن يعود بالفائدة وليس تضامنا فعليا مسلك منظمات عراقية مهرت في القول دون فعل ، خاصة بصدد الوجود الأميركي بالعراق، فاشترطت دخول الولايات المتحدة في الحرب على غزة كي ي تتحرك ضد المصالح الأميركية بالمنطقة. فكل ما يدور في غزة طائرات تقصف بدون مقاومة ، ولا حاجة لإسرائيل سوى قنابل القتل بالجملة تزودها بها الولايات المتحدة؛ لكن الانتظاريين يتجاهلون هذا كي يبرروا تكتيف الأيدي بمسوغ انتظار الترياق الأميركي!! والدبلوماسية الأميركية تتجول في المنطقة كي تضغط على دول بتأييد عدوان إسرائيل صراحة وبلا مواربة .
الدلائل كثيرة يعرفها المراقبون في أرجاء العالم على أن الصهيونية، ونتنياهو على وجه الخصوص، تضمر العداء والقتل الجماعي لشعب فلسطين لأنه يعيش فوق ارض وطنه؛ الصهيونية ، وقبل وعد بلفور، تحمل النظرة العنصرية والتصميم على تصفية الوجود الفلسطيني فوق ارض الوطن. لم تخف رفضها التعايش مع غير اليهود في فلسطين، وقدمت الدلائل الكثيرة عبر تاريخ حروبها او إعدادها للحروب .
"لا يمكن تنفيذ وعد بلفورإلا بدعم قوة مسلحة"؛ هذا ما ختمت به لجنة شكلها الرئيس الأميركي، ويلسون عام 1919، من هنري كينغ و تشارلز كراين؛ طافت بفلسطين وأجرت اتصالاتها بالأهالي وسافرت الى دمشق واتصلت بأصحاب الرأي، وقدمت نتيجة اتصالاتها الى مؤتمر فرسايل أوصت بالعدول عن الوعد المشئوم. همل تقريرها حتى من قبل من أرسلها.
حدث بالفعل ان بن غوريون شكل التنظيم العسكري(الهاغاناه – الدفاع) التي تحولت الى جيش (الدفاع)، جيش عدوان واحتلالات. شجع بن غوريون اليهود على التطوع بالجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية، ليعودوا وينضموا الى جيش (الدفاع) الإسرائيلي، ويشكلوا منظومة عسكرية بأركان حرب تنظم العمليات العسكرية في أرجاء فلسطين الانتدابية ، تحاربها فصائل متطوعين فلسطينيين حتى تنفذ الذخيرة من أيديهم.
الامبريالة دعامة للمشروع الصهيوني
قبل أيام قليلة أبلغ البروفيسور والمؤرخ الأميركي، لورنس دافيدسون قراءه بتصميم الصهيونية عام 1943، أي قبل صدور قرار التقسيم في تشرين ثاني / نوفمبر 1947،على ان " فلسطين سوف لن تكون أرضا عربية من جديد"، ويضيف القول ان " لذلك الموقف تاريخ يبدا من زمن إعلان وعد بلفور( نوفمبر/ تشرين ثاني1917) ولم يجر التزحزح عنه من قبل النواة الصلبة من الحركة الصهيونية. بالنسبة لهم فإن هدف تحويل أرض عربية الى ’دولة يهودية‘ ( لاحظوا من فضلكم ان عددا متناميا من اليهود لم يعودوا يؤيدون هذا الهدف) هو أهم من الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي او مجرد اللياقة الإنسانية البسيطة". هذا المؤرخ والأكاديمي الأميركي أحد الشهود على أن الحركة الصهيوينة وضعت في مخططاتها عدم مراعاة اعتبارات "الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي أو مجرد اللياقة السياسية".صرح في وقت مبكر بالنوايا الصهيوينة، في فبراير / شباط 1943، احد أقطابها ، حاييم وايزمن رئيس الكونغرس الصهيوني العالمي، واول رئيس للدولة لدى قيامها، وذلك في لقاء جمعه مع موظفي قسم الشرق الأدنى بوزارة خارجية الولايات المتحدة الأميركية .
في العام 1942 قرر المؤتمر الصهيوني المنعقد لأول مرة في نيويورك بالولايات المتحدة الإعلان عن هدف إقامة الدولة اليهودية بفلسطين. اندمجت الصهيوينة بالامبريالية الأميركية بعلاقة عضوية لافكاك لها. في العام 1941 ، وكما اورد إيلان بابه في كتابه "التطهير العرقي في فلسطين"، كتب بن غوريون في مذكراته "بات الآن الترحيل الإجباري لأكبر عدد من العرب خطوة ضرورية للحصول على دولة يهودية حقيقية... واي تردد من طرفنا حول اهمية عملية الترحيل ، وأي شك من جهتنا في إمكان تحقيقها ، او اي حيرة في عدالتها ستجعلنا على الأرجح نخسر فرصة تاريخية لن تتكرر...", وفي مذكراته التي نقل عنها إيلان بابه في مؤلفه "التطهير العرقي في فلسطين" سجل أيضا " من الصعب تصورعملية ترحيل بدون إكراه، وإكراه وحشي من أجل ذلك".
قبل هذا، طالب بن غوريون وحاييم وايزمن بترحيل العرب ممن لا أرض لهم الى شرقي الأردن. طبعا، المشروع الصهيوين بالذات خلق فلسطينيين لا أرض لهم؛ تم طرد المزارعين من أرص يفلحونها وآباؤهم عبر قرون بعد ان امتلكها الصندوق القومي اليهودي – كيرنكايميت. وفي لقاء مع المندوب السامي البريطاني في أيلول 1936 أقترح بن غوروين نقل من لا أرض لهم الى شرقي الأردن. قال ان الحركة الصهيونية على استعداد للانفاق على إسكان الفلسطينيين هناك.
كان المرجل هو نظام أبارتهايد، يحرم الفلسطينيين الحقوق الإنسانية، تمهيدا لاقتلاعهم، هو الحط من الشعب الفلسطيني لدرجة تصويره كائنات لم تبلغ مرتبة الإنسانية؛ تسقط عليه من طبائعها كل خسة ونذالة لدرجة انتزاع آدميته. وقد شارك الاستشراق الأوروبي والأميركي في هذه العملية العنصرية بشكل مكشوف. والحقيقة ان العنصرية تجاه الشعوب الملونة، وتفوق البيض العرقي سمة ملازمة لثقافة الامبريالية في بلدان الغرب، وهي في صعود وتعمق هذه الأيام.
ألقي الدكتور إدوارد سعيد، في نقده الموجه للدراسات االاستشراقية الغربية، التي كونت صورة عن العرب "المتخلفين" و "المعادين للحضارة الأوروبية"، و"العسير تحضرهم" بناءً على مشاهدات تمت في زمن كانت الشعوب العربية ترسف في قيود الحكم العثماني الذي دام أربعة قرون. ألقى إدوارد سعيد الضوء على التحيز الطبقي ذي المنحى العنصري للبحوث االاستشراقية في الغرب، وكتب ،"... وأود هنا إيضاح نقطة ابتدائية مفادها أن موضوعا مثل النص الأدبي، ورغم صفته الخامدة نسبيا يظل خاضعا للقراءات... الشائع حول اكتسابه لبعض هويته من برهته التاريخية التي تتبادل التفاعل مع حالا ت الانتباه والأحكام والبحث العلمي والأداء التي تصدر عن القراء؛ ولكنني اكتشفت أن هذا الامتياز لم يمنح للشرق والعرب والإسلام. حيث لجأ التيار الرئيس في الفكر الأكادميي الى اعتبار تلك الموضوعات محصورة ضمن الموقع الثابت الذي جمدته نظرة الإدراك الغربي في مسار الزمان، مرة و إلى الأبد".
لم يقتصر التزييف على جهود الفكر الاستشراقي ؛ فتشويه صورة العرب ضرورية لتبرير إخضاع بلدانهم والاستئثار بثرواتهم. في مجال السينما ، على سبيل المثال، رصد الأكاديمي غاريكاي تشينغو ، الباحث بجامعة هارفارد، ان سينما هوليوود تقدم المسلمين إرهابيين وخطرا يهدد الأمن القومي، الأمر الذي يخدم في تبرير العسكرة المتضخمة بشكل خطر في الخارج والمراقبة وتدهورالحريات المدنية بشكل لم يسبق له مثيل داخل البلاد. " رغم ان تقارير مكتب التحقيات الفيدرالي تؤكد ان جرائم العنصريين البيض تفوق بكثير ما يسجل على الإرهابيين المسلمين فإن أفلام هوليوود الداعية لتفوق البيض تواصل تصوير المسلمين مجرمين ومتوحشين بحيث لا يرتقون الى مستوى التمدن الأميركي".
روج العداء للمسلمين بشكل مكثف ومنهجي بعد تفجيرات نيويرك في 22 أيلول 2001؛ وكان ترمب لا يخفي أحقاده العنصرية ضد المسلمين والملونين كافة.
الشعب الفلسطيني المنذور للاقتلاع يتعرض لجرعات عنصرية أقوى، تنكر حتى وجوده رغم ان بلفور شهد وجود سبعمائة ألف عربي (غير يهود)على الأرض. يورد المؤرخ والأكاديمي، رشيد الخالدي، بناء على اطلاع مباشر، في مؤلفه "حرب المائة عام على فلسطين" ، "كتابات اكاديمية مليئة بالأخطاء والمغالطات التاريخية وسوء التمثيل وتصل احيانا الى حد التزييف الصريح. تؤكد هذه الكتابات في أفضل حالاتها على ان البلاد كان يسكنها شعب قليل العدد وبلا جذور تاريخية وأغلبهم من البدو الرحل الذين لم يكن لهم هوية محددة ولا ارتباط بالأرض التي كانوا يمرون بها بشكل عابر لا أكثر". ويضيف " وعد بلفور لم يذكرالفلسطينيين أبدا... أنكرت شخصيات سياسية (اميركية) وجود الفلسطينيين بكل صراحة ، فمثلا قال نورت غينغريش ، رئيس سابق لمجلس النواب ’اعتقد ان لدينا شعب فلسطيني مخترع‘ ... وقال حاكم ولاية اركنساس، مايك هوكابي، أثناءعودته من زيارة الى فلسطين في مارس2015 ’ لا يوجد في الحقيقة شيء اسمه الفلسطينيين‘". وفي الهامش يذكر الخالدي اسماء متبرعين سياسيين رئيسيين مثل بليونير الكازينوهات شيلدون اديلسون( توفي بعد صدور الكتاب) الذي قال "الفلسطينيون شعب مخترع".
اما الناقد الأدبي كلاوزنر، فتناول كتبا ومقالات تتحدث عن شعب فلسطيني وانتقدها بحدة؛ استهجن في مقالة نقدية نشرها عام 1907 تكلم اليهود بالعربية وتشبههم بالعرب، ودعواتهم للأخذ بيد الفلاح الفلسطيني ألأخ؛ فمن الأفضل البقاء في الغربة والذوبان في مجتمعات الغرب. أنذر المقال ان العلاقة مع العرب في فلسطين يجب ان تكون عدائية مطلقة. وقال "عشنا الفي عام بين قوم متحضرين ومن غير اللائق ان نقبل العيش مع أشباه وحوش". ويصدف ان يصل كلاوزنر فلسطين عام 1919 ويمارس التعليم في فلسطين، وينقل فكره العنصري الى تلميذه بن زيون نتنياهو ويقيم معه علاقة متينة. وكتب بن زيون نتنياهو، والد رئيس حكومة أسرائيل الحالي، في صحيفة أصدرها في القدس عام 1936 تحدث فيها عن العرب أشباه متوحشين. طالب بالاستيطان في جميع انحاء فلسطين كي تترابط الدولة اليهودية وضرب مثالا الولايات المتحدة ؛ فلولا تملك مناطق الوسط لما امكن ربط نيويورك على المحيط الأطلسي بمدينة سان فرتسيسكو على المحيط الهادي في أقصى غرب الولايات المتحدة.
بن زيون نتنياهو عمل سكرتيرا لجابوتينسكي مؤسس حزب حيروت، سلف الليكود الحاكم في إسرائيل؛ في مقالة كتباها عام 1923، تحدثا عن "جدار حديدي... لا يتقدم الاستعمار الصهيوني ولا يمكن ان يتطورإلا تحت حماية قوة مستقلة عن السكان المحليين وراءجدار حديدي لا يستطيع السكان المحليون اختراقه" ، نقل العبارة رشيد الخالدي في كتابه، ويضيف "كان جابوتينسكي واتباعه من القلائل الذين كانوا صرحاء في اعترافهم علنا وبكل وضوح بالحقائق القاسية التي لا بد من حدوثها عند زرع مجتمع استعماري استيطاني بين السكان المحليين الموجودين". تحدث عن حتمية استعمال القوة ، حيث "يستحيل ان يتخلى شعب عن أرضه طواعية".

بعد صدور قرار التقسيم شرع بن غوريون وحاشيته يتجاهلون حدود التقسيم، وتغاضت بريطانيا المنتدبة وكذلك قوى الامبريالية الأخرى عن التجاوزات. "لدى مهاجمة قرية الخصاص الصغيرة ذات المركز الاستراتيجي في 18 كانون اول / ديسمبر 1947، أي بعد عشرين يوما من صدور قرار تقسيم فلسطين. دخلت القرية الساعة التاسعة مساءً مفرزة من الهاغاناة بقيادة يغئال آلون؛ وراحت تنسف البيوت فوق رؤوس ساكنيها النيام. راقب مراسل نيويورك تايمز العملية ، فأصيب بالصدمة وتوجه الى القيادة العسكرية يستفسر؛ انكروا في البداية ولدى إصرار المراسل اضطروا للاعتراف بوقوعه. اصدر بن غوريون إعتذارا علنيا دراميا مدعيا ان العملية لم يكن مصادقا عليها؛ لكن بعد نيسان 1948أدرجت ضمن العمليات الناجحة" وهذا ما أورده إيلان بابه في كتابه " التطهير العرقي في فلسطين". لم تمنع القوات البريطانية احتلال حيفا ويافا، وكذلك مراقبو الأمم المتحدة بالطائرات شاهدوا جموع اللادئين تسير عبر الحدود اللبنانية ولا تحرك ساكنا.
المقاومة
لا ينتظر ان يستجيب التحالف الامبريالي الصهيوني لاحتجاجات الجماهير بالمنطقة وفي العالم . لم يبد نتنياهو التجاوب مع مطالب أنظمة عربية ، خاصة مصر باعتراضها على النوايا الخبيثة بتهجير جماهير غزة الى سيناء. يبدو ان التحالف رأى الفرصة مواتية كي ينفذ مخطط تهجير كان ينتويه بالضفة أولا، غير أن الأحداث وضعت القطاع على جدول أعمالها. يبدي نتنياهو التصميم على إفشال مسعى روسيا والرئيس بوتين للتهدئة والعودة الى التفاوض. نتنياهو لا يضع التفاوض نصب عينيه مع طرف فلسطيني، ولا حتى مجرد الحوار ، طالما يحظى بدعم الامبريالية الأميركية. لوقف هذا الدعم المادي والسياسي لا بد من تدفيع الامبريالية ثمن تواطئها مع المشروع الإجرامي الصهيوني؛ وعلى من رأى واجبه في هذا الظرف العسير معاقبة الولايات المتحدة ان يدرك انها مشاركة عمليا في العدوان الهمجي الإسرائيلي.
لم تستجب الجماهير الشعبية بالضفة لنداء محمد ضيف وآخرين في قيادات فصائل المقاومة لمهاجمة المستوطنات على أرض الضفة . من الخطأ لوم الجماهير ومن الخطا إكراهها على عمل لا تقتنع به او هي غير مؤهلة للقيام به . في هذه الحالة على القوى السياسية ان تلوم نفسها لتقصيرها في حشد وتعبئة الجماهير وتأهيلها لمقاومة شعبية متنامية . المنظمات المسلحة ركزت على تربية الكوادر المسلحة ؛ واحتاجت الى سنوات من التدريب والتعبئة والممارسة العملية واجراء المناورات كي تقوم بما قامت به يوم السبت الماضي ، 7 اكتوبر الجاري. فلا تنتظر من الجماهير المعزولة عن المشاركة السياسية ان تهب كما القطعات العسكرية وتنفذ مهمات برشاد وخبرة ويقظة .
مهمة تأهيل الجماهير للمقاومة الشعبية المستدامة والمتنامية تقع على عاتق اليسار ، واليسار الماركسي بالذات . فلا يكون ماركسيا حقيقيا من لا يثق بالطاقات الكفاحية المجمدة لدى الجماهير الشعبية، ويؤهلها للممارسة العملية ، ببذل جهوده في التربية السياسية والفكرية عبر الممارسة العملية للنضال السياسي . قد تتحرك الجماهير بالحماس الوطني متأثرة بعمليات كفاحية ناجحة، او ردا على ضغوط الاضطهاد السياسي من جانب احتلال أو نظام استبدادي؛ غير ان الحماس لوحده لا يكفي للقيام بنشاط ثوري هادف وواع لكل العقبات والمطبات في الطريق. قد يتحول الحماس فجاة الى إحباط مع الاصطدام بعقبة ، ولابد إلا أن يتبدد ان لم تحتضنه القيادة الواعية المرشدة، خاصة من جانب اليسار. اتضح عمليا إن الاقتصار على النشاط العسكري يحمل خطورة محاصرته وقطع التأييد الشعبي والإمداد الدائم كي يتواصل حتى إنجاز التحرر . تأهيل الجماهير بالتوعية والتنظيم عملية عقلية تتم في وقت الهدوء، وليس إبان الحماس الانفعالي؛ في حالة الانفعال يتعذر شكم اندفاعة الجماهير غير المرشدة.
خلاصة القول ان الكفاح المسلح، كي يتواصل واتنامى حتى تحقيق النصر يلزمه رديف من النضال الشعبي المنظم الواعي. التنظيم والوعي يرتبطان بعلاقة جدلية.


.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار