الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب الديموقراطية لا يجعل الناس مجانين بل يجعلهم يفقدون عقلهم الجماعي - الكويت

أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)

2003 / 6 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


هوامش نقدية على واقعنا السياسي       1ـ4



غياب الديموقراطية لا يجعل الناس مجانين بل يجعلهم يفقدون عقلهم الجماعي

                                                                                   الصادق النيهوم.


تتفق معظم القوى والشخصيات السياسية علي ضرورة الاصلاح السياسي في الكويت، لا سيما مع التطورات الاخيرة وهبوب رياح الديموقراطية على المنطقة بصورة عامة.

ويبدو ان موضوع الاصلاح وحديث التجديد في الحياة السياسية الكويتية هو محل اجماع وطني، حيث لا تتردد الحكومة الكويتية ذاتها من طرح موضوع الاصلاح السياسي او التباحث في شأنه، على ان هذا الاجماع يظل في مستوى الحديث والشكوى والوعود، اما على مستوى الواقع السياسي فإن الاصلاح لم تتبلور آلياته بعد، ولا اظن ان هناك تجيهزا او تفكيرا جادا في هذا الشأن.


ويظهر لي ان جميع الاطراف رغم شكواها وتململها هي المستفيدة عملا من التكلس والجمود السياسي في البلد، اذ يعتقد الكثيرون ان عجلة الاصلاح السياسي اذ ما تركت فإن الساحة ستشهد تغيرات نوعية قد تطيح رؤوسا كبيرة، وهي احتمالات تجعل القلة فقط هم الذين يرغبون فعلا في تحول الشعارات المرفوعة الى برامج عمل اما الاغلبية الظاهرة على السطح فهي تعمل جاهدة لابقاء الوضع على ما هو عليه دون تغيير يذكر.
وتبدو قضية الاصلاح في الكويت اكثر تعقيدا مما يتصوره البعض، اذ تتمثل معاناة المجتمعات الاخرى في تكلس السلطة السياسية التي تقضي بيروقراطيتها وتخلفها واستبدادها السياسي على القوى الفاعلة والحية فيه، كما تعمل «الانظمة السلطوية» على وأد البرامج التنموية التي تطرحها القوى السياسية المعارضة الامر الذي ينتهي الى احباط او تذمر من قبل الشارع العام.


اما في الكويت فإن الامر يبدو مغايرا من ناحية لهذه الصورة، حيث يعاني الشارع الكويتي احباطا شديدا من اعضاء مجلس الامة ومن القوى السياسية التي تقف خلفهم، اكثر من احباطه من حكومته القائمة، ويعتقد الكثيرون ان القوى السياسية وممثليهم في المجلس هم سبب تباطؤ النمو السياسي والاقتصادي في البلد، وانهم يشتركون مع الحكومة في خلق الكثير من المشكلات المتراكمة في الساحة المحلية، وقد استمعت مرات الى شكوى مريرة من المجلس الحالي الذي لم يستطع ان يحقق اي انجاز يذكر سوى عند نوابه.


اما حقيقة الامر فإن السلطة التنفيذية تظل هي صاحبة القرار الاوحد في الحركة السياسية داخل البلد وخارجه، في ظل تهميش غير مسبوق لدور اعضاء السلطة التشريعية، اما الصدامات المفتعلة على شاشات التلفزيون فأغلبها يعالج خلف الكاميرا بصورة ودية وعبر اسلوب الترضيات بما يشير الى فقدان اعضاء المجلس المنتخبين للاستقلال الكافي.


ويمكن اعادة بروز هذه الظواهر لنقاط اساسية:


اولا: ضعف الايمان بالعمل البرلماني، ويبدو للمراقب ان الاصرار على ابقاء الدور الشكلي لمجلس الامة لا ينبع من ايمان بأهمية الدور الرقابي والتشريعي للمجلس وانما ثمة رغبة واضحة لاغلاق النقد السياسي الموجه من الخارج لا سيما بعد ازمة 1991، وبالتالي فلا توجد اجندة محددة ينبغي لهذا المجلس او غيره ان يؤديها بكفاءة.


وفي الوقت ذاته تم فتح المجال واسعا لتقديم ما يعرف «بالخدمات للناخبين، وتلعب مسألة الخدمات دورين سياسيين اساسيين الاول تهميش دور مجلس الامة واعضائه بقضايا فرعية جانبية، والثاني اقناع الناخبين بأهمية النواب ودورهم الحيوي في انجاز معاملات يفترض ان تنجز بآلية ادارية جيدة بدلا من تعيين مراسلين بدرجة نائب، وهو الامر الذي ادى الى عزوف شريحة هامة من الكفاءات السياسية والثقافية عن خوض الانتخابات لانها ترفض ان تلعب هذا الدور.


ثانيا: ضعف التأسيس السياسي للتيارات الفاعلة في الساحة، اذ تفتقر معظم القوى السياسية لبرامج داخلية تؤهل من خلالها اعضاءها للتصدي لقضايا الاصلاح في المجتمع بصورة راقية ونزيهة، فأغلب التيارات السياسية تعتمد اما التحالف مع شخصيات وابرازها بسبب تقاربها الطائفي ولوضعيتها القبلية المؤهلة للنجاح، واما لانها تنحدر من عوائل تجارية وتنتمي لطبقة ارستقراطية عليا، او تنتخب الاكثر ولاء من كوادرها وليس الاكفأ او الاكثر صلاحا، اذ ان معيار الكفاءة لا يزال بعيدا عن ادبيات القوى السياسية في الكويت.


ثالثا: تفتقر القوى السياسية في الكويت لبرامج عمل واضحة المعالم، كما تفتقر لاليات فعالة لتحقيق المطالب الاصلاحية، وفي الوقت ذاته تعاني اغلب التيارات السياسية تكلسا داخليا افقدها مصداقيتها امام جمهورها الذي انتظرها لتساهم في اصلاح البلاد، فوجدها احوج ما تكون الى الاصلاح الداخلي.


فالتيارات السياسية تطالب السلطة «على سبيل المثال» بالتجديد، وضرورة تغيير الدماء، واشراك عناصر شابة ومثقفة في الادارة السياسية، بينما يمثل هذه التيارات شيوخ مسنون لا تتبدل وجوههم ولا تتحرك دماؤهم والحجة دائما جاهزة «لا يوجد صف ثان»، ويعتبر الحديث عن التغيير وتجديد الدماء في اوساط بمثابة العيب الاجتماعي والاخلاقي وهو ما يعمق من الشعور «بالقرف السياسي».


والذي اراه لازما ان اي نائب يجب الا يمثل دائرته اكثر من دورتين متتاليتين، يتم بعدها انتخاب غيره مهما كان النائب فاضلا او محنكا او فريد زمانه، كما يلزم مطالبة كل نائب من قبل دائرته بتقديم برنامج سياسي يتبنى تنفيذه خلال فترة زمنية محددة، ويتم محاسبة المقصرين كما يتم اليوم معاقبة النواب الذين يقصرون في انجاز معاملات ناخبيهم، وهذا يتطلب خطوة جريئة نحو اجازة العمل السياسي بصورة علنية على ان يكون عملا مقننا بمرسوم، تقدم خلالها كل الاطراف قانونا اساسيا وميزانية محددة وبرنامج عمل ونظام محاسبة وانتخابات حرة تحت اشراف رسمي، فثمة حاجة ملحة الى ان تواكب حركة البرلمان حركة التجديد السياسي في البلد، الذي يتطلب دوما تغييرا او تبديلا وإتاحة المزيد من الفرص لأكبر قدر ممكن من الكفاءات حتى لا يتحول البرلمان الى قاعة تشريفات كبيرة، وحتى لا نربح نائبا ونخسر وطنا.


.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |