الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة تحليلية لحديث الحاخام يسرائيل ديفيد وايس حول الصراع الاسرائيلى الفلسطيني.

عبير سويكت

2023 / 10 / 13
القضية الفلسطينية


عبير المجمر (سويكت)

لقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بفيديو لحاخام يسرائيل ديفيد وايس الأمريكى الجنسية والناطق الرسمي باسم أحد فروع جماعة ناتورى كارتا اليهودية و كان عنوان الفيديو مقتبس من حديثه " إسرائيل ضد الله و التوارة و سوف تزول".
موضحًا ان اليهودية دين من الآلاف السنين له كتاب التوارة من عند الله و الشعب اليهودي هم من يتبعون التوارة. و ان الله أعطى اليهود أرضًا و هم ارتكبوا خطيئة فأخرجوا من الأرض ، مشددًا على ان كتب الأنبياء تقول بكل صراحة ان اليهود طردوا بسبب خطيئتهم تلك من الأرض، دون ان يوضح لنا الحاخام تاريخيًا و دينيًا ما هى تلك الأرض التى طرد منها اليهود؟ و الجدير بالذكر ان فى القرآن حديث عن أرض الميعاد فى سورة المائدة (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين) تفسر على أنها مخاطبة الرسول موسى لبنى إسرائيل و هناك تفسيرات اخرى معاكسة لهذا التفسير، لكن الحاخام لم يتكرم و يحدثنا عن ما هى تلك الأرض التى طرد منها اليهود؟ و ان فعلها لكان بذلك قد آزال اللغط و الجدل حول ما هى تلك الأرض التى طرد منها اليهود على حد قوله او ارض الميعاد حسب ما ورد ذكره فى القرآن.
يواصل الحاخام مبينًا ان كل يهودي مؤمن يعترف بذلك و حتى فى صلواتهم يطلبون العفو عن تلك الاخطاء التي طردوا بسببها من الأرض و قبلوا بالعقاب، واصفًا ذلك العقاب بانه كُتب عليهم ان يعيشوا فى حالة شتات بين دول العالم و هم قبلوا بذلك على ان يعيشوا فى شتات بين الأمم بسلام و إحترام.
متهمًا فى ذات الوقت ما أسماه بالحركة الصهيونية العلمانية على أنها أرادت ان تغيير ذلك واصفًا إياهم بانهم ولدوا يهودًا لكن لم يكونوا مؤمنين و لا متدينين قائلًا ان تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية لم يكن و اصدقائه متدينين و تركوا تعاليم التوارة و يضيف قائلًا : أنهم لم يقبلوا بمعاداة السامية على أنها حكم من الله اى عقاب و ان التوارة تنص على انه اذا عُقبت فان عليك ان تقبل بالعقاب، اى ان الحاخام يصف معاداة السامية على أنها حكم عقاب من الله على خطاياهم و ان اليهود المؤمنين يقبلون بحكم التوارة على حد قوله. و على حسب حديثه ان الصهيونيين كان يريدون تغيير تلك اليهودية التى تميزهم عن الآخرين فأردوا التحول لحركة علمانية و حددوا آرض يقيمون فيها و يحمون انفسهم فيها و هذا كفر ضد الله، هكذا وصفه "كفر ضد الله"، مردفاً ان الله منع اليهود من هذا الكفر و قال انه سيبقيهم فى التشرد كعقوبة و عليهم ان يتوبوا و يتقربوا الى الله و يواصل قائلًا: لكن ان تقيمون دولة فهذا يعنى معاداة الله و تحريض ضد الله ثم يذهب الحاخام الى أبعد من ذلك و يصفه بالتمرد ضد الله.
و فى ذات السياق يُشير الى انه سابقًا خرج فى مظاهرات عدة يقول فيها بآنه لن يعم سلام فى الشرق الأوسط إلا بإزالة دولة إسرائيل بالكامل و انه ضد إتفاقية أوسلو ، يضيف قائلًا: نحن بموجب التوارة محظورا علينا ان نقيم دولة على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الأرض، مردفاً: نريد ان نعيش تحت ظل الفلسطينيين و حكمهم، لن يكون هناك سلام تحت ظل دولة صهيونية او ما يسمونها عبرية.
و يختم حديثه بانه هذا ما ورد فى التوارة و أنهم يصلون من آجل ان تزال دولة إسرائيل كليًا بطريقة سلمية دون ان يكون هناك سفك لدماء الفلسطينيين و اليهود.

و لتحليل خطاب الحاخام و التعقيب عليه أقول آهل مكة أدرى بشعابها فقد يكون هو أعلم بالتوارة منا، و لكن بناءا على المرجعية الاسلامية حديثه هذا لا يتطابق و تعاليم الإسلام السمحة المتسامحة، و لا تتطابق مع الإسلام كدين وسطية يدعوا للوسطية و ينبذ التشدد و التعصب "أتركوها أنها نتنه"، و حديثه الذى فيما معناه ان الأجيال اليهودية المتعاقبة عليها ان تقبل بالعقاب على الخطايا التى أرتكبها سلفهم و ان لا يفعلوا ذلك فهو كفر و تمرد على التوارة فهذا امر عجيب و غريب للغاية و لا يتوافق و الآدب الإسلامى الذى و ان كان يذكر بالعقاب لتهذيب النفوس و إنذارًا لمن يرتكبون الجرائم و لإصلاح الجاني و تهذيبه لا تعذيبه فالاسلام يذكر مرارًا و تكرارًا بان الله عفوًا غفور و ان الله يحب من عباده الخطائين التوابين، و انه غافر الذنوب و قابل التوبه، و هو الذى يقبل التوبة من عباده و يعفو عن السيئات، و ان الله يحب التوابين و يحب المتطهرين، و هو الذى يذكر عباده دومًا انه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون و لا يقنط من روح الله إلا القوم الضالون حسب المرجعية الإسلامية (يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، و يقول فى وصفه لنفسه فى سورة البروج بأنه (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ)، و يقول رسول الإسلام فى آدبه المحمدي :” والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم)، و جميع البشر خطائون جل من لا يخطئ و لا يسهو و لا ينسى، فحقيقةً أنا لا أفهم ما هى دوافع الحاخام يسرائيل ديفيد لنشر هذا الحديث فى الأوساط العربية و الإسلامية بان بنى إسرائيل عليهم ان يقبلوا بالعقاب الوراثي لما ارتكبه أسلافهم و حثهم على قبول معاداة السامية كنوع من العقاب و رفض حل الدولتين و الدعوة لإزالة إسرائيل كليًا ؟ لا أدرى ما هى دوافع الحاخام من هذه الأفكار الغربية مع كامل إحترامنا للتوارة و لكن حرصنا من على نشر السلام أعظم . فان كان يريد هو إزالة إسرائيل بدوافع دينية فليذهب و يفعل ذلك هو بنفسه و من معه و يترك الشباب الفلسطيني يعيش و يعمر فى ظل دولتين ، فتعاليم الإسلام الحقيقية لا تقبل بمثل هذا الحديث الذى لا ادرى ما هو الغرض الحقيقي منه؟ ثم ان هذا المفهوم لا يتوافق و الإسلام لان ليس فى الاسلام مفهوم العقاب الوراثي و ان يقضي بنى إسرائيل حياتهم لتكفير ذنوب أسلافهم المزعومة على حد قول الحاخام يسرائيل ديفيد، لآن الإسلام لا يعترف بالعقوبة الجماعيه و لا موضوع توارث الذنوب و الخطايا بل يقولها بصريح العبارة (ولا تزر وازرة وزر أخرى) كل مسؤول عن أفعاله الفردية و حتى فى وصف يوم القيامة يُشار الى ان المساءلة تكون فردية لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه اى لكل امرىء منهم ما أكتسب من الذنب، اى بمعنى كل مسؤول من فعله و ان ادعى ارتكابه باسم الجماعة و ان هلل و كبر و قال الله اكبر هو لا يمثل إلا نفسه، و المحاسبة فردية و ليست جماعية و لا يرث بنى إسرائيل ذنوب أسلافهم و لا يتوجب عليهم قضاء حياتهم فى تكفير ذنوب لم يرتكبوه و يصبح الدين عبارة عن آلة تهديد و رعب مع احترامي لاجتهاده فى فهم التوارة.
كما ان حديثه عن ان اليهود يريدون ان يعيشوا تحت ظل الفلسطينيين و حكمهم فهذا الأمر يدعونا للتفكير و التأمل فيما وراء السطور ، فالمسلم العادل لن يقبل بذلك لن يقبل بان يعيش شخص رهينة حكمه لان حتى فى الإسلام قيل وان حكمتم فاحكموا بالعدل و لا فرق بين عربي و لا أعجمي إلا بالتقوى و حتى و ان كانت التقوى معيارًا و مقياسًا إلا ان الاسلام يتحدث عن ان الفرد ليس من حقه ان ينصب نفسه حكمًا على أخيه الأنسان و من ثم يفتى من هو أتقى و أكرم عند الله لذا قيل لا تزكوا أنفسكم إن الله أعلم بمن أتقى.
ثم من حق الحاخام يسرائيل ديفيد وايس هو و مجموعة من اليهود المحافظة و لا اقول متشددة و لا متطرفة لان الدين هو الاخلاق و المعاملة قبل كل شئ و الألفاظ و الكلمات لها تاثيرها فى النفوس البشرية و هى سلاح ذو حدين و يقال فى الأدب الاسلامى و جادلهم بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم، و لا تجادلوا آهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن، و أدعو الى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة، و جادلهم بالتى هى أحسن ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله و هو أعلم بمن أهتدى، و عليه فمن حق الحاخام يسرائيل ديفيد وايس ان يكون له تحفظات و ان يكون له رأى في من يصفهم بالصهاينة الغير متدينين الخارجين عن تعاليم التوارة على حد وصفه، و هذا شأنه، لكن الاسلام ينهى عن ذلك و يقول هو أعلم بمن ضل عن سبيله و هو أعلم بمن أتقي. و ليس من مصلحة الشعب العربى و الاسلامى آن يتأثر بمثل هذا الحديث و ان ينعكس على علاقته باسرائيل و لا حتى ان ينعكس ذلك سلبيًا على خيار الدولتين، و ليذهب الحاخام يسرائيل ديفيد وايس و يزيل إسرائيل بنفسه و يكون هو فى وجه المدافع النارية ان اراد ذلك و لكن لا يجوز ان يكتفى هو بالصلاة بينما يشجع مثل حديثه هذا مختلف الاطراف المتقاتلة على التصعيد و التصعيد المضاد و يجعل من أرواح الشباب الفلسطينيين وقودًا للحرب.
ثم انى استمعت لحديثه عن من أسماهم الصهاينه العلمانيين من ولدوا يهودًا ثم تعلمنوا على حد وصفه، مع كامل احترامي و تقديري لوجهه نظره إلا ان ذلك لا يتفق و الاسلام الوسطي الذى هو فى حقيقة جوهره متسامح مع العلمانية و ضد التشدد و التعصب و التطرف و الدليل على ذلك ان السيرة النوبية الشريفة تُشير إلى ان رسول الإسلام كان علمانيًا فى تعاملاته مع المختلف دينيًا و ثقافيًا و لغويًا و فكريًا و اثنياً، حيث يُذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية عندما وصل سهيل بن عمر من قريش لعقد هدنة لمدة عشر سنوات، فقال الرسول صعلم : أكتب يا على بسم الله الرحمن الرحيم، و هنا قال سهيل : من الرحمن الرحيم؟ نحن لا نعرف الرحمن الرحيم أكتب : بأسمك أللهم، فرد الرسول صلعم :إذن امحوها يا علي، فمحاها على رضى الله عنه، ثم تابع الرسول صلعم :هذا ما أتفق عليه محمد رسول الله، و هنا أوقفه سهيل وقال : لا تكتبها لأني لا أقر أنك رسول الله ولو كنت أقر بذلك لأمنت بك، فقال الرسول صلعم : لا بأس امحوها يا علي، فرد على : لا و الله لا امحوها، فقال الرسول صلعم : أرني إياها يا علي وقام الرسول صعلم بمحوها بنفسه. كذلك يُذكر بأن آحد الأمم أظنه الإمام أحمد بن حنبل ان لم تخذلني الذاكرة عندما قام بتغير جزئيه في مذهبه إحلالا لمبدأ تقبل الأخر ، و اتباعا للموضوعية والوسطية و المرونة، فالامام أحمد بن حنبل في مذهبه كان معروفًا عنه انه يقرأ البسمله في سره لا يجهر بها، ولكن عندما صل بالمدينة جهر بالبسملة و عندما سئل : لماذا خالفت جزئيه في مذهبك؟ فرد قائلاً : فعلتها احتراماً لصاحب هذا المقام الذي كان يجهر بالسملة.
و عليه أنا أعتقد ان الشرق الأوسط و فلسطين بالتحديد عانت من ويلات الحروب و كذلك إسرائيل مهددة أمنيًا. و فلسطين دفعت الثمن و الأفضل للإنسانية جمعاء العمل على إحلال سلام عادل شامل كامل، و لمن له وجهة نظر اخرى كالحاخام يسرائيل ديفيد وايس تدعوا لإزالة إسرائيل كليًا و رفض خيار الدولتين فليذهب هو و يزيل إسرائيل بنفسه هو و من يشاطره الراى بدلًا من ان يكتفي هو بالصلاة و الدعاء فى آمن و أمان بينما يموت شباب فلسطين فعليًا فى آرض المعركة كوقودا للحرب و تنفيذًا لافكار و تصريحات جهات ظاهرها خير و بطانها ملغمة بالشر كدس السم فى العسل.

نواصل للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة