الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منصات هايكو الشاعرة بلقيس خالد/ إسماعيل إبراهيم عبد

بلقيس خالد

2023 / 10 / 14
الادب والفن


منصات
ها يكو لبلقيس خالد
/ج1/ ..


اسماعيل ابراهيم عبد
لعل بلقيس خالد واحدة من القلائل اللائي جعلن الطبيعة الخفية ثوباً لأزلٍ من صناعتها , وفوق هذا وذاك تصير للعناوين شبكة هايكو تنفصل وتتصل في آن واحد , تعطي للأثر قيمة مستقلة وأُخرى مستمرة بمحاذاة النماذج الأُخرى. ان الشاعرة تعي جيداً انها تكتب شعرها تحت مظلة أفكار الحداثة وما بعدها بحدس مستقبلي , وان تبنيها للهايكو المُطَوَّر عراقياً يضعها في رتبة شعراء الطليعة ممن يقفون مع التجدد السريع للشعر لأجل ان يواكب تطور الفنون والتكنلوجيا عالمياً.سنتعرض للعناوين قبل الومضات , نذيبها ببعضها لنثبت فعل التشابك الجواني , ثم نغطي قيمة الاستقلال الدلالي , وغيره , ثم نستمر في تقصي حال الها يكو لومضات أُخرى منتقيات لغرض فهم جهد الشاعرة في فرادتها كشاعرة (هايكو عراقي)(1) تم تدجينه ليلائم البيئة النفسية للقارئ الجيد الجديد. ستكون متابعنا القرائية على النحو الآتي :
أولاً : المنصات العُليا المنصات العُليا لدينا هي العناوين الافتتاحية .. سنثبت خمسة منها لأغراض شتى /
أ ـ تذويب المنصات (دقيقتان.. ودقيقةٌ واحدةٌ ـ ها يكو عراقي / حكاياتٌ / منحدرات متصدعة / مليئةٌ بالنشيجِ ترتفعُ .. أسئلتي / وحدُهُ .. الذي هجرتْهُ الأسئلةُ ينتظرُ مفتاحاً).
تلك خمسة عناوين سنعدّها عينة لهذه المنصات .. سنتصرف بهن مرة اخرى.
1ـ نشكل العناوين الخمسة بطريقة شعرية تذيبها ببعضها , (بثلاث دقائق يخلق الها يكو حكاياته العراقية , تنحدر أحداثها متصاعدة . متحيرة بين من يملأ الأسئلة بالنشيج ومن يبحث عن مفاتيح الأسئلة المهاجرة).
2 ـ نلاحظ اننا صيرنا العناوين نصاً موحداً يتمسك بعضه ببعض . ولو لم تكن عناصره قابلة للإذابة ببعضها لما تمكنّا من هذه الاذابة .
3 ـ كذلك نلاحظ ان الاذابة كونها لغة لم تفرّق بين عنوان كبير وعنوان أكبر , فمثلاً عنوان (دقيقتان .. ودقيقة واحدة ـ ها يكو عراقي) صار جملة لها الاداء ذاته لعنوان من كلمة واحدة هي (حكايات).
4 ـ ان الاذابة بقيت تحتفظ ببعض جمال الأصل .
5 ـ لا نبتغي التقليل من شأن فنية هايكو مقاطع ومضات الكتاب الشعري , انما نريد ان نبين زاوية يمكن الدنو منها كفهم معرفي وتذوّق فني مضاف من (قصدنا) الى (قصد) المؤلفة (الشاعرة).
ب ـ استقلال المنصات الدلالي في هذا المنحى نجرد المنصات من ذوبانها , ونحاول ان نؤولها بشكل مستقل , لذا فسيكون لكل عنوان دلالته الخاصة .
1ـ دقيقتان .. ودقيقة واحدة ـ ها يكو عراقي : هو العنوان الأكثر بروزاً كونه جاء محتوياً جميع متون الكتاب الشعري , وبهذا سيكون ظلاً وبيئة لمقاطع منثورات الهايكو كلها , ولكنه يستقل ـ كما نرى ـ بمعان خاصة به , مثالها /
ـ ان الزمن مهما طال فلن يحظَ الفرد بغير ثلاث دقائق للشغف.
ـ الشغف واحد من معاني الهايكو المرجعية.
ـ قد يكون المعنى ان الحياة مثل ومضة الهايكو لا تتجاوز الدقيقتين للحياة , ودقيقة واحدة لشهقة الموت.
ـ قد يكون المعنى , ان الزمن كله ليس سوى وقفة تأمل المصير , وهذه الوقفة تحسب بدقيقتين او دقيقة واحدة أو بالدقائق الثلاث التي يسجل فيها الفرد حضوره الكلي بموقف ما, او اكتشاف ما عبر شعرية ومض الهايكو.
2ـ الحكايات : ان التزمنا بعنوان (الحكايات) الذي ورد في الجزء الثاني من كتاب دقيقتان.. دقيقة واحدة ـ ها يكو عراقي , فستعني الحكايات ثلاثة اتجاهات حكائية هي :
ـ حكايات البيئية التي تخص حركة الأشجار والماء والأنهار والطيور .
ـ حكايات القصص التي شكلت فتنة وفنية صوغ ومضة الهايكو.
ـ حكايات شكلت هموم الشاعرة في تبنيها لغائر الرغبات والعواطف الأُنثوية التي تقرنها بالعناصر البيئية الخمسة , (الانسان والحيوان والنبات والحجر والهواء).
ـ وفي حال عدم تمسكنا بالمتون ضمن الكتاب الشعري (لبلقيس خالد) فسوف نفتح التأويل على مطلق حكايات العراق القديمة والجديدة لما قبل التاريخ وما بعده .. وهذا المطلق غير محدد ولن يحتكم الى منهج او منطق , انما يحتكم الى ذائقة وفلسفة القارئ لا غير .. واني لأترك للقارئ الخيارين!.
3ـ منحدرات متصدعة : نرى معانيها المباشرة تتضمن :
ـ مكونات تضاريسية تشبه التلال كون التلال تتصاعد وتتصدع بانحدارها شدة وارتفاعاً كلما تقدمنا نحو أُصولها الجبلية .
ـ تتشبه الومضات ، التي تحت مظلة هذا العنوان , بمخاتلاتها الصياغية المقابلة لالتواء او انحناء التضاريس , تخفي او تضلل المتابع عن تصاعدها في عمق الشغف الشعري بالبيئة الشعرية وبيئة الطبيعة ومرح الاندماج النفسي والشعوري بما تخلقه الشاعرة من بيئة مصنوعة من خيال يقرب من الواقع المادي لو لم يكن كلمات , وفي هذا تضليل ممتع يؤشر دلالة التواء وتصاعد الوفرة الدلالية لشجن (الإنسا ـ طبيعة) الشعري.
ـ يمكن الاعتقاد بأن المعنى لـ (منحدرات متصدعة) يقارب بين المعنى المباشر والمعنى غير المباشر لتصدعات الانحدار والتصاعد لتضاريس الأرض, تضاريس يستحضرها الشعر كاستعارة عن التصدع الفكري والاجتماعي للناس.
4ـ مليئةٌ بالنشيجِ ترتفعُ .. أسئلتي : نرى ان للعنوان وجهين من المعاني :
ـ الأول يخص اليأس المبكي في عدم وجود جواب للأسئلة التي تتضمن مصير الإنسان , والإنسان العراقي تحديداً.
ـ المعنى الثاني يتضمن القول : (ان صوت الحزن بحاجة الى نشيجٍ عالٍ محتجٍ , وأسئلة حقيقية كبرى تتوجه مثل الرصاص بوجه صانعي الخراب العراقي).
5ـ وحدُهُ .. الذي هجرتْهُ الأسئلةُ ينتظرُ مفتاحاً .. : هذا العنوان يضاهي منظومة فكرية فنية تغنية عن التعدد الدلالي.
يتألف العنوان أعلاه من بيت هايكو ناقص , يكاد يصير نصاً مستقلاً تماماً , لولا انه متصل بالعنوان السابق بموضوعة (الأسئلة) , ومتصل بالعناوين اللاحقة (بالبناء) . يمكن النظر الى هذا العنوان بِعَدِّهِ حلاً غير مباشر للكسل السياسي في البلد فمن لا يسأل لن يستحق الحكم ولا يحق له ممارسة السلطة . وكلمة (وحده) علامة للرفض والقبول بشرعة " من ينتظر مفتاحاً فليبحث عنه خارج البلد ويترك البلد لأهله الذين تهمهم أسئلة الوجود , وجودهم ووجود بلدهم في العالم أيضاً.
ج ـ فنية هايكو كائن الطبيعة في خلط الاتجاهين السابقين , اتصال المنصات واستقلال المنصات , يبين لنا المستوى الفني لاتصال القوة الكائنية للطبيعة , كونها فهماً جمالياً عابراً للهايكو والومضة والقصة الشعرية , وهو ما يعني لنا , ان الكائن الطبيعي يتألف من جناحين وأرض واتجاه .
1ـ الجناحان : هما قوتان للعلو والتحرر يمتثلان الى (دقيقتان.. ودقيقةٌ واحدةٌ ـ هايكو عراقي/ حكاياتٌ) , فالوقت جناح متحرر يعلو فوق قدرة الفرد والموجودات ويغدو سُمواً للجمال حال اندساسه بالجملة الشعرية , فهو يرسم (حدة) الحدث الشعري (وطبيعة) التنغيم الشعوري واللا شعوري . اما الحكايات فبمطلقها تؤلف الحرية الممنوحة للأجزاء السابقة عليها , (الهايكو) , والأجزاء اللاحقة بعدها , (الأرض والاتجاه) , كونها تقص وتخص , تُقصي وتنحرف , تهفو وتصنع الدهشة المطلقة والشغف الأثير(الهايكو) , وبها يستقيم الزمن المتوقع للحدث الوجداني في القول الشعري.
2 ـ الأرض : تتمثل بـ (منحدراتٌ متصدعةٌ) , وعليها يصفو الحكي , وفوقها يتمدد جسد الكون الشعوري , ومنها تتخلق الطبيعة الجوانية من مطر وغبار وثمار وبشر , وتحت وفوق منحدراتها تتراكم كنوز الأفكار والثروات والحياة المادية والمعنوية , وهي تضاريس من (الهايكو والحكي والاسئلة ومفاتيحها) , هي (الطبيعة بفنها وأفضيتها).
3 ـ الاتجاه : يتمثل بـ ((مليئةٌ بالنشيجِ ترتفعُ .. أسئلتي / وحدُهُ .. الذي هجرتْهُ الأسئلةُ ينتظرُ مفتاحاً)) , إذ ان نشيج الأسئلة بأثره يضع اتجاه الأرض والجناحين تحت سطوة البحث , الذي يشكك بكل ما في الوجود من حدود , وما فيه من كون لا مرئي , بمعنى ان السؤالَ سيكونه النشيجُ جواباً كونه مفتاحاً سيهاجر الى سؤال جديد ثم الى سؤال جديد آخر, وهكذا ستكون الأسئلة هي فن البحث عن طبيعة لا نشيج فيها .
ثانياً : القصيدة النزيف القصيدة دمعة مطر , والمطر دمعة اسطورة تغري الأرض بالنمو , والنمو يغوي شجرة العشق بالإخصاب , والعشق لن ينزفه غير امرأة .. لنتابع :
أ ـ القصيدة تتحول القصيدة أحياناً الى حَكّائية جوالة لا تحفل بجفاف يفيض على الأرض بالجدب واليباس .. تتجول الحكائية بحرية كبيرة وبغنج مفرط . ترطب الوجدان بقطرات الطرب بالحكي , بطرافة طرب القول ووعورة المعنى . ان القصيدة التي تروي الحكايات ليست قصيدة كلمات وحسب , ليست قصيدة قصص , ليست قصيدة أفعال غريبة.. انها وان كانت حكاية فهي تُروي , وتُرَوّي يباس الضمائر والمشاعر فهي الأمطار : [لا القصائد..
ستروي حكايتي :
الأمطار]
ب ـ نزف لدمعة اسطورة القصيدة الأمطار تؤلف أُسطورة متون , عناصرها عشق وحكي وظل وشجرة : [أسطورة ٌ أخرى
للعشق
تحكيها
ظلال شجرة]
................................................
جريدة الدستور العدد ( 5697) الاربعاء/ 11/ تشرين الأول/ 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة