الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولادة من الموت

مصطفى سليمان

2023 / 10 / 14
القضية الفلسطينية


هذه غزةُ، في موت الحصارْ
تتلظّى في ليالٍ
صْبحُها وهْـج الحريقْ.
جثث غرقى ببحر من دماءْ
يحتسي من دمها جُنْدُ التتارْ
في كؤوس من جماجمْ
كُدِّستْ فوق الطريقْ
صرختْ في وجه " هولاكو " الجماجمْ
نبتت في حلقه الأحمر حقلاً،
حاملاً بشرى البيادرْ
وسقَتْـه علقمَ الزَّقُّومِ،
حـرُّ الدمِ سـمٌّ للطغاةْ
حين تحسوه الحناجرْ
صرخت في وجه " هولاكو" نشيدا
فاستحالتْ غصنَ زيتونٍ،
تباهى بالدم الأخضر،
يزهو في تجاويف المحاجرْ
رَفْـرفَـتْ منها الحمائمْ
إنه شرْع الحياةْ
أيها العنقاءُ! يا غزّةُ! يا أشلاءُ،
قومي من رفاتْ!
وانفخي في الصوْرِ؛
بعثاً... وخلودا.
****
يا دراويش العروبةْ!
يا خفافيش الليالي بين أحضانِ العذارى!
يا سكارى! يا حيارى!
اسمعوا كيف يناديكم من القدس هتافٌ
قبةُ الأقصى تصلي،
وتناجي قرعَ أجراس الكنائسْ
إنه يوم القيامةْ.
****
قد عشقنا الأرضَ جدْباً وخصوبةْ
علَّمتْنا أن شوكَ القفرِ،
زهـرُ وثـمارْ
من دموعَ الحقِّ تُرْوى الأرضُ،
يخضرُّ الحصادْ.
يا رماد الموتِ!
أنتَ البعثُ في سِفْرِ المعادْ
****
هذه غزّةُ غرقى بالدماءْ
حاصَروها. ويْحَهم!
قد حاصروا الريحَ بسورٍ
من خيوط العنكبوتْ.
فإذا الريحُ عواصفْ.
وإذا السّورُ حطامْ
دفنوها تحت أنقاض الرّكامْ
وغداً تنفضُ أكفانَ الخرابْ
****
نهضتْ غزّةُ، ها قد بُعِثتْ
مثلما العنقاءُ من جمر الرمادْ
بصقتْ في وجه " هولاكو " الجماجمْ
بصقتْ في وجه " قابيلَ " الشقيقْ!
ها همُ إخوةُ يوسفْ
وبأيديهم خناجرْ
جرحهمْ أمْضى عليها،
من حرابٍ للتتارْ!
****
سجّلتْ في جبهة التاريخِ،
سطراً من ضياءْ:
" تشرق الشّمسُ من الليل،
ويشدو في دياجيها البكاءْ".
****
تركوا غزةَ نهباً للغزاةِ،
استنكروا، احتجوا، أدانوا
عمَّـدوا الأشلاءَ باللغْوِ،
وذلِّ الكلماتْْ
هذه الصحراءُ ماتت!
آهِ يا صحراءَ " سيف الله "، والفاروقِ، والقعقاعِ،
يا غِمْـدَ الرجـولةْ
كنتِ تقتاتين وحشَ القفرِ قوتاً للفحولةْ
جرّدوكِ من عباءات البوادي
وكَسَوكِ بملاءٍ من حريرٍ وقصبْ.
صلبوكِ فوق آبار الذهبْ.
كحَّلوا عينيكِ يا " زرقاءُ" بالنفطِ المُـدَمَّى
غار ضوءُ الكشْفِ في الجفن الكحيـلِ
فَشَتِ النَّعماءُ ذُلاً في الخيولِ
واستباحتْ بأسَ فرسانِ القبيلةْ
لم تعُـدْ خيلُ الصحاري في بوادينا أصيلةْ
علَّموكِ الصمتَ، والعجزَ، إذا نادى المنادي
وقديماً كانتِ الصحراءُ تغزو الأرضَ،
تهتزُّ الأقاصي
إنْ تنادتْ: يا عربْ!
هذه الصحراءُ...ماتتْ!
آهِ يا صحراءَ جـدي
اليـومَ أصبحتِ ... قتيلةْ!
****
أيُّها الجسرُ على مستنقع الشرق تَمَـدَّدْ!
خلفك العشاق ينوون العبورْ.
((يعبرون الجسرَ في الصبـح ِ خِفافاً
أضلعي امتدتْ لهم جسراً وطيـدْ
من كهـوف الشرق، من مستنقع الشرق،
إلى الشرق الجديدْ)).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقطع الأخير من شعر خليل حاوي الشاعر اللبناني
الذي انتحر احتجاجاً على الصمت العربي
حين دخل (شارون) بيروت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ