الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق / عديد التحالفات و الفارق سارمات. (13)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 10 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


13. راقبوا بهدوء.. و انتظروا الفرصة المناسبة.

العقوبات سارية؛ الاقتصادات من الموارد عارية و التهديدات الإلكترونية قارية.
لم كل شيء بات في حكم التسليح؟
شي؛ زعيم الصين يجيب على جهة التقرير باتخاذ ما يجري قرينة. و العلة؛ لا يمكن ضمان الأمن بالتحالفات أو المؤسسات العديدة الأطراف.
يونغدينغ؛ الاقتصادي الصيني المؤثر؛ ومن واقع خبرة تأخذ إليها بخيوط اللعبة، صاغ لبكين نظرية الدوران المزدوج بمفهومين جديدين:" العجلة الاحتياطية "و"قفل الجسم".
"العجلة الاحتياطية"بموجبها، الصين في لازم توفرها على بدائل جاهزة إذا فقدت الوصول إلى الموارد الطبيعية والمكونات والتقنيات الحيوية. الفكرة رد على الاستخدام المتزايد للعقوبات الغربية، و هو جدل في حدة تزداد بين الصين وأمريكا على ماجريات من يحسم سباق الرقائق الإلكترونية.
"قفل الجسم" استعارة للمصارعة. بمقتضاه بكين في لازب جعلها الشركات الغربية تعتمد على الصين، الانفصال منه في حكم الشد و الربط لا انفصام له. و هو علة تنهض بالعمل على ربط أكبر عدد ممكن من البلدان بالقواعد و المعايير الصينية.
الحكومة الصينية بإقرارها تبني هذا النهج؛ تعمل على حماية نفسها من أي محاولات لعزلها؛ بالقيام باستثمارات هائلة في التقنيات الحيوية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات. حالما حدوث صراع مرتقب. يخرج عن السيطرة.
فمن وحي واقع ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية، بكين ترغم نفسها على محاولة استغلال المشهد الجيوسياسي الجديد للحد من اعتماد الاقتصاد العالمي على الاقتصاديات الغربية والنظام المالي الذي تقوده الولايات المتحدة.
الحزب الشيوعي الصيني؛ بأدبياته الثورية، يشجع على التحول في الداخل من النمو القائم على التصدير إلى النمو المدفوع بالطلب المحلي؛ كما يروج لليوان كبديل للدولار.
الروس؛ وبناء على ما استجد من الغرب حيالهم، يقومون بزيادة احتياطياتهم من اليوان، ولم تعد موسكو تستخدم الدولار عند التداول مع الصين.
منظمة شنغهاي للتعاون؛ زادت من وثيرة هذا الزحف.فقد وافقت مؤخرا على استخدام العملات الوطنية، بديلا عن الدولار للتجارة بين الدول الأعضاء فيها.
هذه التطورات محدودة، برغمها؛ جعلت القادة الصينيين يوطنون حذرا مشوبا بأمل؛ فتسليح النظام المالي الأمريكي والعقوبات الضخمة ضد روسيا من شأنها أن تفضي إلى مزيد الفوضى وزيادة استعداد الدول الأخرى للتحوط من هيمنة الدولار.
نهج بكين من الدقة يقارع الرجحان؛ الظرف الحالي يختلف عن حقبة الحرب الباردة.الأيديولوجيات اليوم واهنة بكثير. بعد زخم جاب الآفاق، قدمت فيه كلا من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي رؤى متفائلة ومقنعة للمستقبل جذبت النخب والعمال على سعة المعمور.
الصين المعاصرة ليس لديها مثل هذه الرسالة، والولايات المتحدة تتخبط في وحل التقليدانية الحارقة للنخب. فالرؤى الديمقراطية الليبرالية تضاءلت بشكل كبير غب حرب العراق، والأزمة المالية العالمية لعام 2008، لتنتهي بشعبوية رئاسة دونالد ترامب.
الصين؛ من جهتها لا تراهن على تقديم أيديولوجيات بشكل صارخ و على خلاف، مما يبقيها ظرفا بمحاذاة الولايات المتحدة بشكل متزايد؛ بدون رسائل أيديولوجية تقطع بالتوجه المرغوب؛ و الانخراط في إنشاء تحالفات دولية.
الولايات المتحدة؛ و برهان حصر سيرورة الزمن بدون طفرة؛ تعتقد أن التاريخ يعيد نفسه؛ تجعل صناع السياسة بها على صلة ببعث الإستراتيجية التي نجحت ضد الاتحاد السوفيتي. غاضين الطرف عن روسيا الوريثة؛ و قد ركبت استرجاع الأمجاد.
و من واقع جديد يزيد في تقسيم العالم وحشد الحلفاء. بكين لا تراهن عليه كثيرا، و غدت لها رؤية سياسية تتناسب رهانا راكنا إلى يقين. إن العالم يدخل حقبة يتفوق فيها الانتصار إلى الهويات السيادية والتعدد القطبي على الصراع الأيديولوجي.
من محطات التاريخ، عمل الغرب على جعل الصين تقبل قواعده. والآن، الصين مصممة على جعل الآخرين يرضخون لمعاييرها، فقد استثمرت بكثافة في تعزيز صوتها في مختلف الهيئات الدولية لوضع المعايير. كما تستخدم بكين أيضا مبادراتها للتنمية العالمية ومبادرات الحزام والطريق لتصدير نموذجها لرأسمالية الدولة المدعومة والمعايير الصينية إلى أكبر عدد ممكن من البلدان.
كان هدف الصين في يوم من الأيام هو الاندماج في السوق العالمية، و هذا ما سعت إليه بأقدام تابثة لتكرس سالف ديدنها الموروث.
اسبينوزا؛ برجاحة عقل ناقد؛ سجل ذات عهد على وجه التقرير: "صحيح أنهم {= الصينيون} لم يبقوا على إمبراطوريتهم دون فترات انقطاع، و لكنهم كانوا دائما يعيدون بناءها عندما تنهار، و سيقيمونها من جديد حتما.." (اسبينوزا؛ رسالة في اللاهوت و السياسة. ص182).
و لهذه الرؤية دوي ما يزال رجعه إلى يومنا يردد ما جاء كعنوان لكتاب الان بيريفيت/ Alain Peyrefitte: عندما تستيقظ الصين. العالم سيرج Quand la Chine s éveillera… le monde tremblera. Fayard.1973
بريجنسكي بخبرته لم يترك نصيبه: "إن قادة الصين ظلوا متحلين بحكمة التحفظ و الامتناع عن إطلاق أي دعاوي مكشوفة فيما يخص قيادة كوكب الأرض. عموما، ما زالوا مسترشدين بشعار دنغ هسياو بينغ الشهير:" راقبوا بهدوء؛ أمنوا مواقعكم؛ تدبروا شؤونكم بهدوء، اخفوا قدراتنا و انتظروا الفرصة المناسبة. أتقنوا فن التواضع، حذار ادعاء القيادة"، ذلك المزاج الحذر بل الخادع متوافق على ما يبدو أيضا مع الإرشاد الاستراتيجي القديم للمفكر صن تزو الذي جادل مقنعا قائلا إن أكثر المواقف حكمة في القتال هو موقف الانتظار، دفع الخصم إلى اقتراف أخطاء قاتلة، ثم الإجهاز عليه.( زبغينيو بريجينسكي؛ رؤ ية إستراتيجية، ص96).
و هي صيغة عملية لما دعا إليه خليفة ماو، دنغ الصين إلى أن تبقى"هادئة وهادئة وأكثر هدوءا. و هو الأمر الذي يزعج أكثر مما يريح.
و بنظرة عابرة على ما ينشر بالصدد في أيامنا؛ يأتيك الخبر اليقين.
أسطورة حرب التحويل الصينية / (15/Sep/2023 M. Taylor Fravel Foreign Affairs) The Myth of Chinese Diversionary Warو طريق الصين إلى الخراب / China’s Road to Ruin(28/Ago/2023 Francis Fukuyama, Michael Bennon Foreign Affairs) و الصين مستعدة لعالم من الفوضى/ China Is Ready for a World of Disorder(22/Jun/2023 Mark Leonard Foreign Affairs).
بهذا الكم من المقالات؛ و غيرها كثير؛ و بعناوين مثيرة تحفل بها مواقع الكترونية عابرة للمعمور. يراد هز صورة بكين.
و ردا على تقرير صدر حديثا عن وزارة الخارجية الأمريكية، يزعم أن الصين استثمرت مليارات الدولارات لنشر معلومات مضللة على مستوى العالم. تجادل بكين بأن تقرير الخارجية الأمريكية بحد ذاته معلومات مضللة لأنه يحرف الوقائع والحقيقة.
بكين انتصرت لما هو بالحقيقة ينضح: "في الواقع، الولايات المتحدة هي التي اخترعت تسليح الفضاء المعلوماتي العالمي". و الثابت يقينا في توكيدها؛ أن المركز المعني الذي أعد التقرير، هو مصدر للتضليل ومركز لقيادة حرب الإدراك. و يشارك في الدعاية والتسلل باسم "الانخراط العالمي".
الصينيون و ببعد نظر؛ أكدوا أن الحقائق والتاريخ أثبتا مرارا بأن"إمبراطورية الأكاذيب" هي من تقف وراءها. و ها العالم يقف على هذه الحقيقة عيانا. بعدما جرف شظاياها طوفان الأقصى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24