الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصور الذاتي الثقافي

فايز الخواجا

2023 / 10 / 15
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


مرحبا بالجميع
سوف اتكلم هنا عن ظاهرة القصور الذاتي للثقافة.
القصور الذاتي يعني للاجسام الجامدة والصماء عدم قدرتها على تغيير ذاتها مضمونا وشكلا ..او مكانا وحركة.. فالكتاب على سطح الطاولة سوف يبقى ولن يغير من مكانه الا بقوة خارجية.. والجسم المتحرك بسرعة ثابته وباتجاه معين سوف يستمر بنفس السرعة والاتجاه ما لم تؤثر عليه قوة خارجية..
ولكن كيف يتم تطبيق القانون السابق على الجانب الثقافي والجانب السيسولوجي- الاجتماعي- والسياسي وجانب ردود الافعال والمسلكيات تجاه المؤثرات والتي قد تكون عاصفة وقاتلة وتهدد الانسان في مستويات كثيرة ومتنوعة.
هنا رد فعل الكائن الحي يقسم الى قسمين.. رد فعل غريزي مرتبط بالدوافع الاولية.. والتي تظهر احيانا في الانسان.. ورد فعل انساني عقلاني يقوم على المعرفة اولا والتفكير ثانيا وقراءة مردودات رد الفعل وتصوراته الذهنية على الواقع الذي يعيشه الانسان . هل هو ذو نتائج ارتقائية الى اعلى او هبوطا الى اسفل قياسا للحالة السابقة.
وعندما يقرأ الانسان الفعل بجميع محاوره وقواه وتشعباته وارضيته بتجرد ومعرفة وعقل بارد بعيدا عن العواطف والانفعالات والمسبقات والمعرفة المشوهة والعشوائية والارتجالية مرفقة مع الغوغائية والنرجسية نكون امام عقل يخطط ويدرس ويضع كل توقعات النتائج ويحضر لها كل الاستجابات المناسبة ليس شرطا الارتقاء بل على الاقل الصمود والثبات في تلك المرحلة.
هذا يتوقف على طبيعة الثقافة المسيطرة وطبيعة مدخلاتها للعقول ورسم ادوات التفكير وخريطتها ثم المخرجات على مستوى فهم الواقع وتشكيل خريطته الذهنية بأقل اخطاء ممكنة.
طبعا هنا اتحدث عن الثقافة المسيطرة في مجتمعاتنا وردود افعالها وليس عن ثقافة قبائل السنسكريت حتى اكون واضحا.. فثقافتنا المسيطرة هي ثقافة لغويات ولسانيات وتحريك السنة وليس لها علاقة اطلاقا بالبحث والدراسة وقراءة واقعها الضيق او الواسع حيث تشكل نواتها مجموعات من الافكار والمعتقدات والاتجاهات تم اسقاط القداسة عليها وعليه تم تخزينها في قاع ملفات الدماغ للاجيال منذ الصغر مترحلة في عدة اجيال ولا تزال.. وهنا اضرب بعض الامثلة فقط للتوضيح.. اللفظ يحتل مكان الفعل.. الفاظ كبيرة حول الانتصارات.. يجعلنا نتهيأ اننا منتصرون ونحن في الفاع.. نحن اقوياء جدا والاعداء يهابوننا ونحن في الغرف المغلقة نتسولهم ونقبل ايديهم.. نمارس الدعاء ليل نهار لتحقيق ما نريد في حين اننا نتراجع ونسقط وعندها يبدأ الصراخ والعويل والبكاء.. وهنا تدخل التبريرات والترقيعات والاكاذيب من رواد وقادة هذه المدرسة في هذا الاتجاه الثقافي.. لا احترام للمعرفة ولا للعقل ولا للنقد ولا للتعديل او المراجعة وتزداد احوال شعوبنا سوءا وفقرا وضياعا واندثارا وهزائما..
هذه الحالة ساكنة متحجرة متخثرة شلت حياة مجتمعاتنا وادخلتها في الموت الزؤآم بالحياة.
نعم هذه الحالة هي حالة القصور الذاتي وعليه فهي بحاجة الى قوى خارجية للتغيير... وقد يعتقد البعض ان القوى الخارجية المطلوبة هي قوة عسكرية خارجية او قوة قمع مادية.. وهكذا فهم او تفكير لا استغربه ولا اندهش منه لانه تعبير صادق عن هذه الثقافة ومخرجاتها.
القوة هي من القوى العقلية والمعرفية والفكرية من داخلها التي عاشت وقرأت وراقبت ورصدت وحللت واعطت الحرية لعقولها بدون وجل او خوف.. حيث انها تملك بعدا معرفيا وفلسفيا واطلاعات واسعة على تجارب الشعوب وثقافتها وعلى ثقافتنا وتشكيل هندسة بذورها وما تم من رسم وهندسة للتراث عبر قراءات تقوم على النقد والتحليل من خلال نظرية الانفصال والاتصال في تفاعل خلاق مع الواقع وطبيعة العصر التاريخي وهذا لا يتم الا باعطاء العقول حريتها وللمعرفة انظلاقاتها وهذه هي القوة من خارج الثقافة المسيطرة والا سوف تبقى شعوبنا في قاع المرحلة التاريخية الحالية والآخر يحركها بطريقة مباشرة او غير مباشرة تماماكالريشة في مهب الرياح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحفية غدير الشرعبي


.. لوحة كوزيت




.. شاعرة كردية الحرية تولد الإبداع


.. اطفال غزة يحلمون بالعودة إلى ديارهم




.. ردينة مكارم المرشحة لعضوية بلدية حمانا