الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات العراقية التركية في ظل الاتفاقيات الدولية

صباح علو

2023 / 10 / 15
السياسة والعلاقات الدولية


العلاقات العراقية التركية في ظل الاتفاقيات الدولية ...
Iraqi-Turkish relations in light of international agreements...

Safety and energy specialist أ. صباح علو 11/10/2023


قرب نهاية الحرب العالمية الأولى، وقّعت الدولة العثمانية مع البريطانين معاهدة مودروس وتم التوقيع عليها في 30 أكتوبر 1918. هذه الهدنة دعت إلى وقف جميع أعمال القتال بين البريطانيين والعثمانيين. بعد ثلاثة أيام، في 2 تشرين الثاني، قام السير وليام مارشال، وهو جنرال بريطاني، بغزو ولاية الموصل حتى 15نوفمبر 1918 عندما نجح أخيراً في هزيمة القوات العثمانية وأجبرهم على الاستسلام.

ضبّاط بريطانيون وعثمانيون في شمال العراق نوفمبر 1918
في أغسطس 1920، تم التوقيع على (معاهدة سيفر )لإنهاء الحرب، ولكن العثمانيين إحتجّوا على بريطانيا لسيطرتهم على الموصل وعلى طريقة أخذها بشكل غير قانوني بعد (مودروس ).
وحتى عندما تم التوقيع على ( معاهدة لوزان ) بين تركيا وبريطانيا في العام 1923 ، ظلّت تركيا تحتج أن بريطانيا سيطرت على ولاية الموصل بشكل غير قانوني. المسؤولون البريطانيون في لندن وبغداد أصرّوا على أن مرجعية الموصل لازمة لبقاء العراق لما لها من موارد وأمن حدودها الجبلية. القادة الأتراك أيضا كانوا يخشون من أن القومية الكردية سوف تزدهر تحت الانتداب البريطاني وتبدأ مشاكل مع السكان الأكراد في تركيا.
أهم مضامين معاهدة لوزان الثانية 1923:
1- ترسيم حدود إمبراطورية الخلافة العثمانية بحدود الدولة التركية الحديثة وعاصمتها أنقرة.
2- تضمنت 143 مادة موزّعة على 17 وثيقة تتراوح بين " الاتفاقية " و" الميثاق" و"الإعلان" و"الملحق"، وتناولت ترتيبات التوفيق بين الأطراف والموقعين على المعاهدة وإعادة إنشاء العلاقات الدبلوماسية فيما بينهم "وفق المبادئ العامة للقانون الدولي".
3- وضعت قوانين لاستخدام المضائق المائية التركية وقواعد المرور والملاحة فيها وقت الحرب والسلم، وتنصّ على شروط الإقامة والتجارة والقضاء في تركيا، ومراجعة وضع الدولة العثمانية ومصير المناطق التي كانت تابعة لها قبل هزيمتها في الحرب العالمية الأولى (1914-1918).
4- إلغاء "معاهدة سيفر" ( وتضمنت تلك المعاهدة التخلي عن جميع الأراضي العثمانية التي يقطنها غير الناطقين باللغة التركية، إضافة إلى استيلاء الحلفاء على أراض تركية ) وبنودها الجائرة للإمبراطورية العثمانية، وتأسيس ما عُرف لاحقًا باسم "الجمهورية التركية" العلمانية، بعد إلغاء نظام الخلافة الإسلامية، وترسيم حدود اليونان وبلغاريا مع الدولة التركية التي حافظت على ضم اسطمبول وتراقيا الغربية، وتضمّنت أحكامًا لتقسيط ديون الدولة العثمانية.
5- تخلت تركيا عن سيادتها على قبرص وليبيا ومصر والسودان والعراق والشام، باستثناء مدن كانت موجودة في سورية، مثل أورفة وأدنة وغازي عنتاب وكلس ومراش، وتنازلت الإمبراطورية العثمانية عن حقوقها السياسية والمالية المتعلقة بمصر والسودان، اعتبارًا من نوفمبر/ تشرين الثاني 1914.
6- نصّت على استقلال جمهورية تركيا، وحماية الأقلية المسيحية الأرثوذكسية اليونانية فيها والأقلية المسلمة في اليونان، وإلزام الحكومة التركية بالحفاظ على أرواح جميع المواطنين وحقوقهم وحرّيتهم ضمن حدودهم في الإقليم، ولهم حقوق متساوية أمام القانون، بغض النظر عن الأصل والجنسية واللغة والدين، لكن معظم السكان المسيحيين في تركيا والسكان الأتراك في اليونان جرى دفعهم بناءً على معاهدة تبادل السكان اليونانيين والأتراك.
7- وافقت تركيا رسميًا على فقدانها قبرص (استأجرتها الإمبراطورية البريطانية بعد مؤتمر برلين عام 1878، لكنها ظلت أرضًا عثمانية قانونية حتى الحرب العالمية الأولى)، وكذلك مصر والسودان (احتلتها القوات البريطانية بذريعة "إخماد ثورة عرابي واستعادة النظام" عام 1882، لكنها بقيت أراضي عثمانية "قانونية" حتى الحرب العالمية الأولى)، والتي ضمتها بريطانيا من جانب واحد في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 1914.
(( ينظر الأتراك إلى اتفاقية لوزان الثانية نظرة خيبة تاريخية، بالرغم من اعتبارها وثيقة تأسيسية للجمهورية التركية، كما وصفها الرئيس أردوغان ))
8- ترك مصير ولاية الموصل ليتم تحديده من خلال عصبة الأمم.
9- تخلت تركيا عن الأراضي الواقعة إلى الجنوب من سورية والعراق وشبه الجزيرة العربية عندما تم التوقيع على هدنة مادروس في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 1918.
10- إلزام تركيا بعدم وضع أي قيود على المواطنين في استخدام أي لغة من اختيارهم مهما كانت، سواء في العلاقات أو في الاجتماعات العامة أو في مجالات الدين والتجارة والإعلام والنشر والتأكيد على الحقوق السياسية والسيادة الاقتصادية، وإلغاء تطبيق نظام الامتيازات الأجنبية على أراضيها ( منها الامتيازات الالمانية بالتنقيب عن النفط باتفاقية 1903 مع السلطان عبد الحميد ) .
11- بقيت إحدى القلاع العثمانية بعد سيطرة رومانيا عليها عام 1919، إذ سمح لها بالبقاء أساسًا قانونيًا تركيًا في الملكية الخاصة للسلطان العثماني حتى معاهدة لوزان 1923.
12- تخلت تركياعن امتيازاتها في ليبيا كما حددتها الفقرة 10من معاهدة أوتشي عام 1912 (وفقًا للفقرة 22 من معاهدة لوزان 1923).
ينظر الأتراك إلى اتفاقية لوزان الثانية نظرة خيبة تاريخية، بالرغم من اعتبارها وثيقة تأسيسية للجمهورية التركية، كما وصفها الرئيس أردوغان، في خطابه أمام رؤساء البلديات المجتمعين في المجمع الرئاسي في أنقرة، حيث دعا إلى مراجعة وتأسيس لما بعد مائة سنة عليها، والتي أعقبتها تسوية حدود تركيا الحديثة بعد الحرب العالمية الأولى. وقال أردوغان إن "معارضي تركيا" أجبروها على التوقيع على "معاهدة سيفر" عام 1920، وتوقيع "معاهدة لوزان" الثانية عام 1923، وبسبب ذلك، تخلت تركيا عن جزر وأراض. ويصف أردوغان معاهدة سيفر بأنها الشوكة أو الطعنة الأولى في ظهر العهد العثماني، لأنها أجبرت تركيا على التنازل عن مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تحت نفوذها.
مشكلة الموصل :-
أو قضية الموصل هي أزمة دبلوماسية نشبت بين المملكة العراقية وجمهورية تركيا بعد الحرب العالمية الأولى حول مصير ولاية الموصل.
كانت ولاية الموصل جزءاً من الدولة العثمانية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، عندما احتلت من قبل بريطانيا وبعد حرب الاستقلال التركية، أعتبرت تركيا الجديدة الموصل واحدة
من القضايا الحاسمة المحددة في الميثاق الوطني. وعلى الرغم من المقاومة المستمرة، تمكنت بريطانيا من طرح هذه القضية في الساحة الدولية، وتوسيع نطاق ذلك وصولاً إلى جعلها مشكلة حدود بين تركيا والعراق.
عيّن مجلس عصبة الأمم لجنة تحقيق والتي أوصت بأن تعود ملكية الموصل الى العراق ، فأُجبرت تركيا على قبول القرار على مضض من خلال التوقيع على معاهدة الحدود مع الحكومة العراقية في عام 1926قام العراق بمنح إتاوة 10 % في المئة من الودائع النفطية في الموصل إلى تركيا لمدة 25 عاماً.
بعد خسارة الدولة العثمانية في الحرب، وقع العثمانيون( معاهدة مودروس) مع الحلفاء يوم 18 تشرين الأول 1918 م ( (هدنة مودروس ( Armistice of Mudros) الموقعة في 30 أكتوبر 1918، أنهت العمليات القتالية في القتال في الشرق الأوسط بين الدولة العثمانية والحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى. وقد وقعها وزير الشؤون البحرية العثماني رؤوف أورباي بك والاميرال البريطاني "سمرست آرثر گوف-كالثورپ"، على متن السفينة "إتش إم إس أگاممنون" في ميناء "مودروس" في جزيرة "ليمنوس" اليونانية.[1] ). )) . و نص القرار السادس عشر من المعاهدة استسلام الجيش العثماني في دول المشرق واليمن والحجاز. لكن المعاهدة لم تحدد الحدود الجنوبية للدولة العثمانية وحكومة الأستانة طالبت بالموصل كجزء من أراضيها. إضافة إلى ذلك أن الموصل لم يدخلها الجيش البريطاني إلا يوم 15 تشرين الثاني 1918م، أي بعد 16 يوم من المعاهدة، ويعتبر هذا خرقا للقانون الدولي. تعتبر هذه بداية مشكلة الموصل.وبحكم الانتداب البريطاني على العراق فان البريطانييون كانوا يمثلون العراق على المسرح الدولي.
بسبب النفوذ الكبير الذي كانت تتمتع به بريطانيا في عصبة الأمم، لم يكن قرار اللجنة مستغرباً. وهناك جانب آخر من تأثير بريطانيا على عصبة الأمم بقرار وزير المجلس الحربي، موريس هانكي أن بريطانيا تحتاج إلى السيطرة على المنطقة كلها بسبب مخاوفهم النفطية لصالح البحرية الملكية قبل قرار لجنة التحقيق.
أرادت بريطانيا امتصاص الغضب التركي على قرار عصبة الأمم، فقاموا بأعطاءهم جزءاً من عائدات النفط. وظلّت سيطرة البريطانيين على موارد الموصل على الرغم من أنها أعطت سيادتها السياسية إلى فيصل الأول.
كان هناك خلاف آخر بين بريطانيا وتركيا على خط الحدود الفعلي. وكان هناك خط بروكسل الذي كان مقرراً من قبل عصبة الأمم باعتبارها الحدود الحقيقية للعراق، والخط البريطاني الذي كان خط التقسيم الذي كانت بريطانيا تستخدمه كمرجع في الماضي. وعندما تم جلب هذا إلى القادة البريطانيين، حثّ كل من بيرسي كوكس، المندوب السامي في العراق البريطاني، وأرنولد ويلسون، المفوض المدني البريطاني في بغداد، ولويد جورج، الذي كان رئيس وزراء، لاستخدام خط بروكسل لأنهم لم يعتقدوا ان هناك فرق كبير بين الخطين .
حلف بغداد 1955:حلف بغداد هو أحد الأحلاف التي شهدتها حقبة الحرب الباردة، أسس عام 1955 للوقوف بوجه المد الشيوعي في الشرق الأوسط، وكان يتكون إلى جانب المملكة المتحدة من العراق وتركيا وإيران وباكستان والولايات المتحدة الأمريكية هي صاحبة فكرة إنشاء هذا الحلف حيث وعدت بتقديم العون الاقتصادي والعسكري للأعضاء، ولكنها لم تشارك فيه بشكل مباشر وإنما وكلت بريطانيا بالقيام به. انضم العراق لهذا الحلف بعد القمة العربية ( في بيروت 1956 تشرين ثاني 13 ) التي جرى الاتفاق بموجبه على معاهدة الضمان الاجتماعي.
(موقف تركيا على الحياد في الحرب العراقية الايرانية . وبذلت تركيا جهودا كبيرة لوقفها ..)

احتلال العراق ومخاوف تركيا 2003 :-
• كانت تركيا طوال التسعينات نقطة الارتكاز في عملية احتواء الولايات المتحدة للعراق تحت حكم صدام حسين. وأدت مجموعة الأحداث غير المتوقعة التي أطلقتها عملية تحرير العراق الى اثارة بعض الخوف والقلق لدى صناع القرار الأتراك والجمهور على حد سواء.
• إن المخاوف التركية تعكس القلق العميق الذي يداخل تركيا فيما يتعلق بالأثر الملموس الواضح لاستقلال كردي أو لحكم ذاتي قوي في العراق علــى ســكانها الأكــراد. ومع رفض تركيــا طلبا للولايات المتحدة بفتح جبهة ثانية ضد العراق، وجــدت نفوذها يتقلص في العراق واحتارت في كيفية التأثير بسير الأحداث في المستقبل. إن الأتراك يدركون أن الأكراد العراقيين حققوا لأنفسهم موقفا ممتازا نتيجة تأييدهم المطلق للإطاحة بنظام صدام حسين في العراق ولاحتلال قوات التحالف للبلد.
• مواقف تركيا والسياســة الخارجية التركية تجاه العراق هو العلاقة غير الســهلة بين حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة •
• إن ما يعمق خلاف حزب العدالة وبين الصفوة العلمانيين التقليديين، عســكريين كانوا أم مدنيين. والدافع الأساســي إلى شــكوك هؤلاء في الحزب الحاكم هو «التنازلات» التي قدمت للحصول على دعوة من الاتحاد الأوربي في شــهر ديســمبر/كانون الأول الماضي 2004 لبدء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد. وكان من ضمن «التنازلات» تبني سياسة معتدلة تجاه العراق، لهذا أصبح النجاح في العراق نوعا من الاختبار بالنسبة للحكومة .
• مع عدم وضوح معالم المستقبل يوما بعد يوم في العراق وازدياد قلق تركيا، تأثرت العلاقات الأميركية-التركية سلبا رغم رغبة البلدين المتبادلة فــي إقامــة دولــة عراقيــة موحدة ومزدهرة وديمقراطية يمكن أن تكون قوة مكافئة لثقل إيران في المســتقبل.
• إن مــا يباعد بين الولايات المتحدة وتركيا بصفة أساســية هو غياب اتفاق على مواجهة الاحتمالات المســتقبلية في العراق، وبخاصة في حالة فشــل الولايات المتحدة في هذا البلد. وهكذا، من الضروري أن تجري الولايات المتحدة وتركيا مفاوضات مكثفة - ويفضل عبر قناة اتصال سرية – ثم تنضم إليها في وقت لاحق الحكومة العراقية وكذلك مندوبون عن الفصائل العراقية الكردية من أجل إعادة بناء الثقة في العلاقة الأميركية-التركية.
بعد غزو الكويت
شعرت تركيا، شأنها شأن كل بلد مجاور للعراق، بأن مصالحها تزعزعت بفعل النزاع فيه. كان الوضع المضطرب في العراق خلال العقود الثلاثة الأخيرة مصدرا لعدم الاســتقرار وللفرص على حد ســواء بالنســبة لأنقرة. ومنذ انتهاء حرب الخليج عام ١٩٩١ ،وجدت تركيا نفســها أكثر ضلوعا في الشؤون العراقية . وكانت إقامة منطقة حظر الطيران في أجواء شمال العراق، والتي مكنت الطائرات البريطانية والأميركية العاملــة مــن القاعــدة الجوية التركية فــي انجرليك من التحليق في دوريات روتينية فوق الإقليم دفاعا عن الأكراد، مما ســاعد على جعل أنقرة دعامة دائمة لسياســة احتواء صدام حســين الأميركية . ومع ذلك، فسلســلة الأحداث غير المتوقعة التي أطلقتها الحرب الراهنة في العراق تثير بعض المخاوف والقلق لدى صناع القرار الأتراك والجماهير التركية على حد ســواء. ويمثل الوضع الراهن أزمة بالنســبة لأنقرة، فهي بســبب قربها مدفوعة إلى التحرك في العراق دفاعا عن مصالحها، وفي الوقت نفسه تحذر وتتحفظ خشية توريط نفسها فيما يبدو أنه مستنقع. وتتقاســم تركيا والولايات المتحدة أهدافا أساســية في العراق. فكلتاهما تفضلان بقاء العراق موحدا وألا يتفتت إلى جيوب أو دول على أســاس عرقي أو طائفي. وكلتاهما تحبذان وجود حكومة مركزية قوية قادرة على إعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي، وكذلك على درجة كافية من القوة المكافئة لقوة إيران في المنطقة مستقبلا. ولا تود الولايات المتحدة ولا تركيا أن ترى ظهور أي شكل من أشكال الدولة الدينية الأصولية في العراق.
أما وجه الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة فهو إلى أي مدى يمكن السماح للأكراد العراقيين بالاحتفاظ بمكاسبهم التي نالوها بعد عناء عندما حصلوا على حكم ذاتي وشبه استقلال خلال العقدين الماضيين. ومع ذلك، فمن وجهة نظر أوسع، ساءت العلاقة التركية-الأميركية من جراء سوء الفهم وانعدام الثقة الناجمين بصفة أساسية عن غياب اتفاق على مواجهة الاحتمالات المستقبلية في العراق.
وما يزيد من تعقيد مواقف تركيا وصنع السياسة الخارجية التركية هو العلاقة غير السهلة بين حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة والصفــوة العلمانييــن التقليدييــن من الجيش والمدنيين الذين ينظرون إلى العلاقة بقدر كبير من الشــك. والرهــان في العراق ليس على مجرد المصالح التركية المباشــرة – مثل اســتقرار دولة مجاورة تملك حقول بترول شاســعة ووجود أقلية (التركمان) تتحدث اللغة التركية في شــمال العــراق – بــل أيضــا طبيعــة الدولة التركية الحديثة كما تصورها كمال أتاتورك.. وبما أن الأقليــة الكردية في العراق قد تنتهي على الأقل إلى إقامة دولة قوية تتمتع بالحكم الذاتي أو حتى دولة مســتقلة لها، تتأثر أنقرة بشــدة بالإيهام الراهن لأنها تخشــى أثر العدوى على الأقلية الكردية إذا قامت دولة كردية مستقلة أو فيدرالية في شمال العراق.
والأمر الأكثر حساســية هو كيف ســتتناول كل من الحكومة وناقديها الأقوياء داخل مؤسســات الدولة هذه القضية. فرغم المعارضة الشديدة من جانب الصفوة التركية لاســتقلال الأكراد في العراق، فهي تشــعر بأنها عاجزة حاليا عن التأثير في ســير الأحداث ميدانيا. فقد عقدت الصفوة الكمالية – العلمانيون والمتشددون القوميون في الجيش والمدنيون الحكوميون ومؤيدوهم – رباطا وثيقا مع التركمان العراقيين وقد تستخدمهم ذريعة يمكن أن تبرر بها تدخلا تركيا في شــمال العراق .كما أن أنصار كمال أتاتورك قلصوا من هامش مناورتهم بالتشــدد في معارضتهم لتطلعــات أكــراد العــراق. ومن ثم، فأية محاولة من جانب الحكومة ســعيا إلى حل توفيقي في شــمال العراق - وذلك على الأرجح لدرء أســوأ الاحتمالات – من شأنها أن تولد أزمة سياسية داخلية. ويمكن أن تترتب على مثل هذه الأزمة عواقب وخيمة على عضوية تركيا المحتملة في الاتحــاد الأوربــي والتي أحرزت تقدما كبيرا في 17 ديســمبر/كانون الأول عام 2004 عندما قــررت قمة المجلس الأوربي التابع للاتحاد في بروكسل افتتاح مفاوضات مع تركيا في فصل الخريف من العام الحالي على أساس التقدم الذي حققته في الوفاء بمعايير الانضمام إلى الاتحاد،وهي المعايير المتفق عليها في قمة المجلس الأوربي التي عقدت في كوبنهاجن عام 1993( التي يطلق عليها معايير كوبنهاجن).
إن تضافرآثار ما بعد حرب العراق مع عدم وضوح الرؤية في شمال العراق ربما يضر بالعلاقة الأميركية-التركية بصورة خطيرة. فالأتراك على العموم لا يثقون كثيرا بدوافع واشنطن ونواياها، وعجز الإدارة الأميركية أو عدم رغبتها في العمل على التخلص من فلول حزب العمال الكردســتاني المتمرد التي تختبىء في شــمال شــرق العراق أدى إلى تعزيز هذه الشــكوك. ومن ثم، فاحتمال ظهور كردستان مستقلة في شمال العراق، وذلك في أسوا الحالات، أو قيام جمهورية فيدرالية كردية عراقية تتمتع بحكم ذاتي وتضم أيضا مدينة كركوك الغنية بالنفط من شأنه أن يعمق اســتياء التيار التركي الغالب من الولايات المتحدة. إلا أنه بالنظر إلى تعدد القنوات الثنائية والتاريخ الذي يشــهد بعلاقة تحالف قوية– على الأخص ضمن حلف شمال الأطلسي (ناتو) - يمكن أن تعمل الولايات المتحدة وتركيا سويا لضمان نتيجة مستقرة في شمال العراق إذاغرقت بقية البلاد في الفوضى؛ فاتفاق أميركي-تركي في شمال العراق يمكن أن تترتب عليه ضمانات لكل من الأكراد والتركمان. ولكن مثل هذا السيناريو الإيجابي سيتطلب مبادرة دبلوماسية إيجابية من جانب واشنطن وأنقرة وبغداد بالتعاون مع القيادة الكردية العراقية .
المصالح التركية في العراق
ظلت المصالح التركية في العراق مستقرة إلى حد ما على مر السنين وكان ما يحركها بصفة أساسية الخشية من تسييس محتمل لأكراد تركيا. ويمكــن إجمــال هــذه المصالح في عاملين محددين أساســيين:....
الأول .... هو منع أية مجموعة متمردة كردية تركية مثل حزب العمال الكردســتاني من إيجاد ملاذ آمن في شمال العراق،
والثاني،..... وهو الأهم، خفض أثر العدوى على أكراد تركيا والذي يمكن أن ينجم عن النشاطات السياسية للأكراد العراقيين؛ هذا العامل يتطلب احتواء الطموحات السياسية لأكراد العراق، وهي إنشاء كيان يتمتع بالحكم الذاتي في شمال البلد، وتكون مدينة كركوك الغنية بالنفط في قلبه، أو الاستقلال بشكل مباشر. مع وجود عدد يقدر بإثني عشر مليون مواطن من أصل كردي داخلها، تضم تركيا أضخم مجموعة من الأكراد المقيمين في المنطقة. وتتوجس تركيا من تأثير الأكراد العراقيين المتمردين بســبب تجربتها مع ســكانها الأكراد الذين تمردوا في مناسبات عدة منذ بدايات الجمهورية التركية عام 1923 .وتميزت فترات الهدوء بنشــاط سياســي واســع وتعبئة للقاعدة الجماهيرية بهدف تحدي الدولة...
ثالثا ... .وقد انهارت آخر حركة تمرد عام 1999عندما قبض على عبد االله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني وسجن. وأتاح انعدام الاستقرار في العراق، أولا إبان الحرب العراقية الإيرانية ثم عقب حرب الخليج وفترة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، لحزب العمال الكردستاني استخدام أراضي الشمال كمنطلق لشن غــارات داخــل تركيــا وكملاذ من الهجمات المضادة التركية. ونتيجة لذلك، حرصت أنقرة، وعلــى الأخص في ذروة تمرد الأكراد في أواخر الثمانينات والتسعينات، على التعاون مع بغداد لتدبير غارات عبر الحدود بهدف القضاء على القواعد الخلفية لحزب العمال الكردستاني
. رابعا ..... ورغم تراجع حزب العمال الكردســتاني إلى شــمال العراق عقب هزيمته عام 1999 والإعلان عن وقف إطلاق النار من جانب واحد، بقي الحزب قوة قتالية قادرة على إثارة مشاكل لقوات الأمن التركية. والواقع أنه تخلى عن وقف إطلاق النار في صيف 2004 واستأنف القتال، ممــا أدى إلــى صدامــات عديدة منذ ذلك الحين. إلا أن الحزب الذي شــهد فرار كثير من عناصره وانشــقاقات داخليــة لم يعد يمثل نوع التهديد الملمــوس للجمهوريــة التركيــة الذي كان يمثله في أيامه الأولى. وينجم تقلص هذا التهديد بصفة أساســية عــن الإصلاحات التي ولدتها عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوربي والتي زودت أكراد تركيا بوســيلة بديلة لتحقيق حد أدنى من التعبير الثقافي. كما أن التمرد الذي اســتمر خمســة عشر عاما ترك أثرا كبيرا على السكان المدنيين الأكراد في المنطقة وهم لا يريدون استئناف هذا التمرد. ولا يعني تقلص التهديد الكردي أن النشــاط السياســي في صفوف الأكراد قد انحســر؛ بل إنه يبقى مصدرا دائما للقلق بالنســبة للصفوة السياســية التركية- سواء من أنصار أو من غير أنصار كمال أتاتورك. فعلى ســبيل المثال، تميزت احتفالات عيد النوروز التقليدية عام 2005 التي يقيمها أكراد تركيا بكثير من كلمات . وخطب التحدي والتبجيل لأوجلان المسجون ورغــم هــذه التطــورات، لا يزال الخوف من أثر العدوى العراقية يطغى علــى تفكير حكومة أنقرة. وقد صدر أحدث وأصرح تعبير علني عن هذا القلق عن رئيس الوزراء التركي السابق بولنت أجاويد الذي دافع عن تدخل عسكري تركي في شمال العراق ليس لمجرد مساندة التركمان هنــاك وإنمــا أيضــا للحيلولة دون حدوث ما تراه تركيا تطورات أخطر.
وأشــار أجاويد إلى أن الأكراد في العراق ينظمون أنفســهم سياســيا،فقال إنهم:
يريدون إنشــاء حزب سياســي قوي يضمهم جميعا. وســينجحون في ذلك. وهم أيضا يفكرون في إنشــاء حزب كردي موازي في تركيا. وقد ينجحون في ذلك.وبعد النجاح في ذلك، سيتساءلون لماذا نعيش في إقليمين منفصلين. وبعد تطور سياسي سيطلبون من تركيا التنازل عن أراض.إن لدى الأكراد العراقيين تاريخ من التمرد على الحكومة المركزية في بغداد وهناك وشائج قبلية وعائلية وتاريخية قوية تربط بين أكراد البلدين عبــر الحــدود الدولية التركية-العراقية. وبعد حرب الخليج عــام 1991 ،انتهى الأمر بأن نصف مليون لاجىء كردي هربوا من معاقبة صدام حســين إلى الحدود التركية (مليون آخر هربوا إلى حدود إيران) . ووافقت أنقرة على عملية عسـكرية أميركية-بريطانية (أطلق عليها عملية بروفايد كمفورت) لفرض منطقة حظر للطيران في أجواء شمال العراق. ورغم أن المهمة أتاحت للأكراد العراقيين العودة إلى ديارهم، فإنها قدمت أيضا المجال لبدايات تكوين دولة كردية في شــمال كردســتان. إلا أن التنافس في صفوف الأكراد بين الحزب الديمقراطي الكردســتاني والاتحاد الوطني الكردســتاني أعاق هذا التطور وأتاح الفرصة لأنقرة كي تؤلب فصيلا على فصيل آخر. واحتفظت تركيا بوحدة من القوات المسلحة يتراوح قوامها بين 1200 و1500 جندي في شمال العراق لمراقبة حزب العمال الكردستاني والأحزاب الكردية العراقية وميليشياتها.وحتى بعد أن احتلت الولايات المتحدة العراق، ظلت القوات التركية هناك بموافقة واشنطن.
أولويات أنقرة في العراق
إن الأولوية التركية المعلنة في العراق هي عودة سلطة الحكومة المركزية والسيطرة على كامل الأراضي العراقية. وكما حدث في الماضي، فهــي تريــد أن تكون الحكومة الجديدة في بغداد قادرة على التغلب على الانقســامات العرقيــة والإقليمية والطائفية التي مزقت البلاد وبدرجات متفاوتة على مر التاريخ. وهي تريد أيضا أن يصبح العراق دولة مستقرة ومزدهرة لاستئناف العلاقة التجارية المربحة ؛ وهذا يشمل أمن خطي الأنابيب اللذين يحملان النفط من حقول شــمال العراق إلى محطات الضخ التركية في ميناء جيهان على البحر المتوســط. وقد أعلنت أنقرة في مناســبات متفرقة ما تعتبره «خطوطها الحمراء» في العراق التي لها علاقة بالتســوية النهائية لوضع شــمال العراق أكثر بكثير من أي شــيء ، تــم تنقيحها لتتضمن ثلاث نتائج آخــر. فــي البدايــة، أعلن أن هذه «الخطوط الحمراء» تعارض أية تســوية فيدرالية كردية في العراق. لاحقا غير مقبولة: إقامة دولة كردية مســتقلة في العراق؛ وإدماج مدينة كركوك – التي تعتبرها أنقرة مدينة تركمانية – في دولة كردية فيدرالية (أو مســتقلة)؛ والضعف المتزايد للتركمان المقيمين في كركوك (الذين قال عنهم الجنرال ايلكر باســبوج نائب رئيس أركان الجيش التركي وكثير من صفوة الأتراك باســتمرار أنهم ينتمون إلى نفس «العنصر أو الأصل العرقي للأتراك») وقال الجنرال باســبوج في لقاء صحفي عشــية الانتخابات العراقية في 30 يناير/كانون الثاني 2006 إن هاتين النتيجتين الأخيرتين «حيويتان» كما أن لأنقرة اعتبار إضافي وهام وهو ما إذا كانت حكومة جديدة في بغداد تســتطيع أن تســيطر بنجاح على حدودها الشــمالية وأن تضع حدا لتسلل حزب العمال الكردستاني ومنظمات كردية متمردة أخرى. ولقد حاولت أنقرة في الماضي أن تتعاون مع صدام حسين في قضية الأكراد، وعلــى الأخص بشــأن الغارات التركية لمكافحــة التمرد. وبعد حرب الخليج عام 1991 واحتواء النظام البعثي، اســتمرت الحكومات التركية في التعامل مع صدام حســين، وإن اعترفت بأنها لا تبالي بما إذا كان سيســتعيد حكمه. وكان صدام يمثل في نظر الأتراك شــخصا قادرا على الإمســاك بزمام الدولة كلها؛ ومن المفهوم أن أنقرة لا تثق بأن كيانا فيدراليا كرديا يمكن أن يملك نفس قدرة ورغبة حكومة مركزية قوية في تأمين حدود العراق مع تركيا. إلا أن أنقــرة واقعيــة وتفهم أن ظهور كيان فيدرالي على أســاس مزيج عرقي طائفي هــو احتمال قائم بذاته في ظل حكومة عراقية جديدة. إن فكرة دولة عراقية فيدرالية ليســت جديدة: ففي أكتوبر/تشــرين الأول عام 1998 ،أيدت وزيرة الخارجية الأميركية حينذاك مادلين أولبرايت فكرة الفيدرالية عندما توصلت إلى هدنة بين زعيمي الفصيلين الكرديين مسعود البارزاني وجلال طالباني – وهذا الأخير اختير رئيسا للعراق مؤخرا. ولكن ما يهم أكثر هو أن الدستور العراقي المؤقت (القانون الإداري الانتقالي الذي وقع في مارس/آذار 2004) يمنح كردستان العراق صراحة وضعا خاصا. وإذا قرر العراقيون التوصل إلى مثل هذا الترتيب الفيدرالي، ستفضل أنقرة بالطبع أن تكون الحكومة المركزية قادرة على تقليص الحكم الذاتي للمناطق الفيدرالية، ليشــمل أكثر من تركيز السياســة الخارجية وسياســة الدفاع والسياسة النقدية في حكومة مركزية. وسوف ترغب أنقرة بأن تملك المنطقة الكردية الفيدرالية المفترضة قدرة محدودة للغاية على التعامل مع العالم الخارجي وبالتأكيد مع تركيا. كما تريد أنقرة أن تقع موارد النفط العراقية تحت السيطرة المحكمة للحكومة المركزية في بغداد؛ فهي تخشى أن يوفر النفط الموارد لقوة دافعة للاستقلال الكردي. ورغم أنها تفهم أنها لن تكون قادرة على التأثير على بغداد لتقليص الاستقلال الذاتي الثقافي، إلا أنها سترغب بفرض قيود على سياسة التعليم الداخلية. فالقبول باللغة الكردية على قدم المساواة مع اللغة العربية يمكن في نظر أنقرة أن يغذي مطالب مماثلة في تركيا. ومن المفارقات أن عملية التفاوض التركية للانضمام إلى الاتحاد الأوربي (المقرر أن تبدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2005 ) من شأنها أن تزيد . من مطالب أكراد تركيا الخاصة بالحقوق الثقافية وفــي إطــار حملتها لاحتــواء آثار عدوى أكراد العراق، أصبحت تركيا تعتمد يوما بعد يوم على الأقليــة التركمانية العراقية. وقضية التركمان جديدة نسبيا على تركيا؛ فهي لم تبدأ في التعبير عن المطالبة بحقوق الأقلية التركمانية في العراق سوى في التسعينات. واستندت أنقرة إلى أن التركمــان يمثلــون ثالث جماعــة عرقية كبيرة في العراق، فرفعت لواء الدفاع عنهم وبخاصة مطالبتهم بتولي زمام مدينة كركوك .وفي إطار هــذا الجهــد، لعبــت تركيا دورا حيويا في إنشــاء الجبهة التركمانيــة العراقية والتي ترغب أن ينضوي التركمان تحــت لوائها. إلا أن التركمان منقسمون : فهناك من يعارض تدخل أنقرة وسيطرة الجبهة التركمانية العراقية، كما أن هناك اختلافات طائفية بين السنة والشيعة داخل جماعة التركمان وربما يمثل الشيعة نصف عدد التركمان العراقيين.
والمسألة التركمانية لم تمكن أنقرة فحسب من كبح جماح طموحات الأكراد بسبب «مشروع» للإبقاء على تدخلها في شمال العراق وطرح مطالبات بديلة بالنسبة لمدينة كركوك، بل أنها تزودها أيضا. فإذا أقدمت الولايات المتحدة على إزالة آخر ما تبقى من أثر لحزب العمال الكردستاني من العراق بحسب وعودها، سيصبح التركمان فعليا ورقة التهديد الوحيدة التي يمكن أن تلوح بها أنقرة في شمال العراق. تريد أنقرة أن يكون للأقلية التركمانية رأي وكلمة بقدر الإمكان في تقرير مستقبل العراق والإمساك بزمام مدينة كركوك الغنية بالنفط. والأكراد والتركمان يطالبون بكركــوك باعتبارهــا إرثا لهم، ووصف تقرير لمجموعة الأزمة الدولية المطلبين المتعارضين بأنهما «روايتان متضاربتان» .لقد عانت كلتا المجموعتين من سياســة التطهير تحت صدام حســين «وتعريب» المحافظات الشــمالية؛ وبذلك فكلاهما تحذران من محاولات بعضهما لإعادة توطين اللاجئين لخلق وضع سكاني معين. إن العنف المستمر الذي أعقب الإطاحة بصدام حسين زاد أيضا من مخاوف الأتراك إزاء حالة الاستقرار النهائية في العراق. وفيما عدا القلق الحالي بشأن مسألة الأكراد، تلوح مخاوف من احتمال تفتت العراق وظهور كيانات مهتزة وجذرية وربما دينية متزمتة من الشيعة أو السنة، وكذلك احتمال اندلاع حرب أهلية بين طرفين أو ثلاثة أطراف. ومثل هذا الاحتمال يمكن أن يؤثر على تركيا من وجهين متميزين. الأول هو خطر تصدير العنف وعدم الاستقرار إلى تركيا وبلدان مجاورة أخرى. إن ظهور سلطة في بغداد تميل للانتقام من ومعاقبة الأكراد على كونهم الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في الحرب ضد العراق سيؤدي في نهاية الأمر إلى عنف عرقي قريب من حدود تركيا نفسها. وإذا تعرضت الدولة الكردية المفترضة بدورها للتهديد، قد ترغب الولايات المتحدة بمساعدتها بطرح طلبات على تركيا سيكون من الصعب القبول بها، كما حصل بالطلب الأصلي الخاص بفتح جبهة ثانية ضد صدام حســين عشــية الحرب. ومما ســيزيد الأمور تعقيدا دور ومصير التركمــان فــي أي نــزاع محتمل بين العــرب والأكراد .وقد يتعرض التفاهم الدقيق والحســاس بين الجماعتين الكرديتين الأساســيتين اللتين تقاتلتــا بضــراوة في التســعينات للخطر من جراء الفوضى المحتملة وعدم وضــوح الرؤية في العراق. وفي حالة حدوث حرب أهلية في البلد، لا يمكن أن يفترض أحد أن الأكراد سيظلون متحدين سيكون من الصعب للغاية على أنقرة أن تقاوم النداءات الداخلية للتدخل المباشر. وحاليا على المدى الطويل. كل هذه العوامل تترتب عليها عواقب خطيرة على الســلام الداخلي الذي تحقق في تركيا نفســها إثر هزيمة حزب العمال الكردستاني عام 1999. والوجه الثاني لتأثير تفتت العراق على تركيا هو أن عدم الاستقرار والعنف في جوارها المباشر – وعلى الأخص هذا النوع من العنف الذي يمكن أن يدفع تركيا إلى داخل العراق، ســواء لحماية التركمان أو لدعم مصالح أخرى – يمكن أن يجعلا الاتحاد الأوربي يوقف أو حتى يعيد النظر في عملية انضمام تركيا إليه. وعلاوة على ذلك، إذا أدت الأحداث في العراق إلى مزيد من القلاقل في صفوف أكراد تركيا، سواء نتيجة لضرورة إقدام الأكراد الأتراك على مساندة إخوانهم عبر الحدود أو بسبب التدابير القمعية المتزايدة التي ستستخدمها أنقرة لوقف الاضطرابات ّ الكرديــة، يرجــح أن يجمــد الأوربيون عملية الانضمام. ومن ثم، ربما يفســد انعدام الاســتقرار في العراق ما ينظــر إليه على انه أعظم إنجاز للدبلوماسية التركية حتى اليوم – بدء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوربي. وإذا وقع العراق في أيدي نظام شــيعي أصولي على النمط الإيراني، من المحتمل أن يرغب الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة حينئذ في أن ّ تصبح أنقرة الحاجز الواقي في مواجهة كل من إيران والعراق. ورغم أن مثل هذا الدور يمكن أن يحول تركيا إلى دولة مواجهة، فهو سيضع أنقرة بالضرورة في شــرك مع جيرانها، وهو موقف لم تستحســنه في الماضي ولا يرجح أن تستحســنه في المســتقبل. لقد سعت الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بنشــاط إلى تحســين علاقاتها مع جيرانها المســلمين والعالم الإســلامي بصفة عامة، بل إنها تتطلع إلى أن تتولى تركيا دورا قياديا في البلاد الإسلامية. وفي حالة تولي الشيعة الحكومة العراقية، ربما تتقلص مقاومة الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي لتقسيم البلاد بما أنهما سيبحثان فوائد دولة كردية عازلة. ويبقى أن نرى ما إذا كانت المؤسسة التركية، بما في ذلك الحكومة، تقبل بقيام دولة عازلة كردية مستقلة وتتغلب على مخاوفها العميقة إزاء مثل هذا الكيان.
ومن الواضح تبعا لتعريف أنقرة لمصالحها المباشرة أنها ستعتبر أسوأ سيناريو بالنسبة إليها هو قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق عاصمتها كركــوك والتركمــان تحــت وصايتها وتجاور شــطرا من دولــة عراقية «دينية أصوليــة» أو اثنتين. وخلافا لأي اختلاف آخــر قد يكون بينها وبين حليفتها الاســتراتيجية الأساســية الولايات المتحدة بشــأن قضايا متنوعة، فإن الضلوع المباشر للولايات المتحدة في العراق يعقد الامور وستحرص على ألا تغضب واشنطن، بغض النظر عن علاقاتها مع الاتحاد الأوربي، وعلى الأخص بالنظر إلى الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لتسوية محتملة للأزمة العراقية بطريقة لا تسيء إلى سمعتها أو مصداقيتها أو نفوذها في المنطقة.
سياسة تركيا الداخلية والعراق
أن شعبية حكومة حزب العدالة والتنمية قد زادت منذ انتخابها في 2002 ، وذلك بصفة أساسية بسبب عزمها القوي على زيادة فرصها في الحصول على تاريخ لمفاوضات الانضمام من الاتحاد الأوربي عن طريق إصلاح مؤسسات الدولة. ولكن رغم الشعبية المتزايدة للحكومة والأغلبية البرلمانية التي تحسد عليها، لا تزال سياستها بالنسبة للعراق معرضة للإنتقاد. ومن المفارقات أن هذا الضعف ربما ينتج عن أسباب منها نجاحها على الجبهة الأوربية. ونظرا إلى أصول حزب العدالة والتنمية في الحركة الإسلامية التركية، تلقت الصفوة والمؤسسات العلمانية التقليدية في البلاد النجاح الانتخابي للحزب عام 2002 بقدر كبير من الحذر وعدم الارتياح. والإصلاحات والتغييرات السياســية المطلوبة لوضع مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوربي على المســار لم تدمر فحســب الامتيازات التي تمتعت بها هذه الجماعات والمؤسســات، بل أيضا فتحت المجال أمام تحول ديمقراطي أوســع في تركيا. وبالتحديد، حدت الإصلاحات من دور الجيش كردع واق ضد الرجعية الإســلامية والقومية الكردية. وبالنســبة للمؤمنين بمبادىء كمال أتاتورك التي ترســي أساس دولة تركيا الحديثة، تقترب هذه التنازلات من كونها خيانة، فالإصلاح الذي يشترطه الاتحاد الأوربي يسمح للأكراد في تركيا بالتعبير عن ميراثهم العرقي وجذورهم العرقية صراحــة؛ ومــن ثــم، فحكومة حزب العدالة والتنمية متهمة بأنها ضحت وتنازلت كثيرا فــي خطتها للانضمام إلى الاتحاد الأوربي. وزيادة في التركيز على هذه النقطة، يشــير المتشــددون إلى سياســة الحزب الناجحة في تهميش زعيم القبارصة الأتراك المتشدد رؤوف دنكتاش ، وذلك بهدف دفع القبارصة الأتراك للتصويت لصالح حل سياسي يوحد الجزيرة المقسمة منذ 1974؛ كما أن التأييد الواسع في صفوف الأتراك للسير في طريق الانضمام إلى الاتحاد الأوربي جعل من الصعب للغاية على معارضي الحكومة تقديم مقاومة جادة لكل هذه المبادرات. وأثمرت جهود الحكومة بالفعل في قمة الاتحاد الأوربي في ديسمبر/كانون الأول 2004 ،والتي خلصت إلى أن أنقرة وفت بصورة كافية بمعايير كوبنهاجن للبدء في مفاوضات الانضمام في أكتوبر/تشرين الأول 2005. ومع ذلك، فسياســة حزب العدالة والتنمية تجاه العراق أمر مختلف تماما . فبســبب الأثر المحتمل لهذه السياســة على المسألة الكردية الداخلية، تبقى المجال الوحيد الذي تستطيع فيه الصفوة التقليدية أن تشكك في الرصيد القومي للحزب لتحاول إضعافه ، إن لم يكن هدم، سيطرة الحزب على السلطة. . لقد حاول حزب العدالة والتنمية تجنب الانزلاق في الرمال المتحركة العراقية، وبخاصة بعد أن تجنب رصاصة في بدايات الحرب عندما رفض البرلمان التركي في أول مارس/آذار 2003 طلبا أميركيا بالســماح بعبور القوات الأميركية قبل غزو العراق. ويتضح أن مســألة العراق تبقى للخلاف في الرأي من الانتقادات العلنية التي وجهها قائد القوات البرية الجنرال ياسر بويوكانيت ضد الحكومة عندما اتهمها بأن ليس موضعا لديها سياسة إزاء العراق .

النفوذ التركي بالعراق
النفوذ التركي في العراق بالمقارنة بإيران التي تربط بينها وبين أكثر الطوائف عددا في العراق (الشيعة) علاقة طويلة، لا تستطيع تركيا أن تدعي أن لها أي نفوذ على اي من طوائف البلد، باستثناء شطر من التركمان، وبالتحديد الجبهة التركمانية العراقية . إن علاقاتها الراهنة بالجماعات الكردية تتميز بتعاون فيه شكوك متبادلة. وفي سنوات حكم صدام حسين، كانت سوريا من الأماكن المفضلة بالنسبة للعراقيين المنفيين والمغتربين، وهكذا استطاعت إقامة روابط قوية مع طائفة من منظمات المعارضة العراقية. وعلى العكس، ركزت تركيا على علاقات ثنائية مع الحكومة البعثية. ومن الواضح أن المتمردين العراقيين لا يفرقون بين الأتراك وبين سائر الأجانب إذ أنهم هاجموا سائقي شاحنات تركية بنفس التواتر؛ فقد وقع منهم أكثر من سبعين ضحية حتى اليوم. ورغم عدم وجود علاقات قوية بين تركيا وبين المجتمع العراقي – فبعض التركمان، رغم كون ذلك اســتئناء واضحا، لا يرقون إلى مســتوى في مستقبل العراق. والواقع أنه نظرا إلى تقلب الأوضاع على الساحة العراقية، لا جماعات طائفية وعرقية أخرى - لا تزال تركيا طرفا مهما تستطيع أية دولة مجاورة أن تحدد سير التطورات المستقبلية فيه. وتركيا تملك القدرة على إعاقة وعلى تسهيل التقدم للولايات المتحدة وحلفائها في البلد، وهي لا تختلف في ذلك عن إيران. فأولا وقبل كل شــيء، تمثل تركيا بوابة دخول العراق المباشــرة الأولى إلى الأســواق الأوربية؛ فجانب كبير من تجارة الشاحنات يعبر من مركز خابــور الحــدودي. وعــلاوة على ذلك، يعبر خطان لأنابيــب النفط الأراضي التركية إلى محطات ضخ النفط على البحر المتوســط في جيهان . وتعتبر تركيا في الوقت الراهن قاعدة هامة لعمليات المساندة للجيش الأميركي. لقد لعبت القاعدة الجوية في انجرليك دورا تاريخيا حساسا، ليس لمجرد الإبقاء على سياســة العقوبات ضد نظام صدام حســين، وإنما أيضا لتســهيل مناوبة الجنود الأميركيين ونشــاطات أخرى للمساندة القتالية. ومن الواضح أن مثل هذه العلاقات بالولايات المتحدة تفرق بين تركيا وبين كل من إيران وســوريا. إن أنقرة تملك القدرة على الإخلال بخطوط الإمداد الأميركية ومنع الجيش الأميركي من اســتخدام قاعدة انجرليك الجوية واللجوء إلى الجبهة التركمانيــة العراقيــة لتصعيد توتــر العلاقات العرقية، وإن لم تكن هذه بالضرورة رغبتها وبالتأكيــد لا تنوي ذلك. ولقد انحاز بعض التركمان الشــيعة (رغــم عدم انتســابهم إلــى الجبهة التركمانية العراقية) في تل عفــر وحتى في كركوك إلى المتمردين ضــد الولايات المتحدة وحكومة علاوي. والجبهة التركمانية العراقية، بغض النظر عن تركيا، لديها بعض القدرة على التأثير بل وحتى الإخلال بالظروف الواقعية في كركوك وما بعدها، رغم أن أداءها الضعيف في انتخابات يناير/كانون الثاني 2006 ألقى بعض الشكوك القوية على استمرارها على المدى الطويل. والواقع أن الأخبار تفيد أن الجبهة التركمانية العراقية شهدت عمليات فرار خطيرة لعناصرها وانقساما إلى عدة فصائل .ربما توضح هذه التطورات الادعــاءات المريبــة من جانب قيادة الجبهة التركمانية العراقية في الموصل بأن جنودا أميركيين هاجموا عناصر الجبهة ثم اســتخدموا بزاتهم . العسكرية لإطلاق النار عشوائيا على سكان الموصل .
العلاقات الاقتصادية التجارية مع تركيا اليوم .........
نقدم لحضراتكم التقرير المهم الذي اعده كادر ومستشاري المجلس الاقتصادي العراقي والخاص بأهم مؤشرات الاقتصاد التركي ويتضمن حجم التبادل التجاري وعدد السياح العراقيين الذين يزورن تركيا سنويا وحجم المبالغ المصروفة من قبلهم في تركيا مع تفاصيلها ....
وهنا نريد ان نركز على (نسبة التضخم وحجم البطالة وانخفاض العملة السريع والمخيف وعلى حجم ومقدار التبادل التجاري والسياحي مع العراق)لسنة 2021
-الناتج المحلي الاجمالي 815 مليار دولار سنة .2021
-البطالة 2021 12.4‎%‎
-التضخم 2021 19.8‎%‎
-نمو الناتج المحلي 2021 11‎%‎.
-الصادرات 2021 225 مليار درلار.
-الاستيرادات التركية 222 مليار دولار.
-عجز الحساب الجاري 13.69 مليار دولار
-صافي الميزان التجاري 2.73 مليار دولار.
ارتفع سعر صرف العملة التركية بنسبة 300‎%‎ما بين عامي 2014-2019، ولغاية 2022 بلغ (17،67) ليرة/… للدولار. ( وحاليا 31 ليرة للدولار الواحد ) .
تساهم الدول العربية بالاهمية النسبية للصادرات بنحو 18‎%‎ ويعد العراق خامس أكبر دولة يستورد من تركيا السلع والخدمات الاستهلاكية وبنسبة مساهمة (27‎%‎) من استيرادات الدول العربية، و(5‎%‎) من أجمالي الصادرات التركية، واستيرادات العراق من تركيا متمثلة، بالمجوهرات والذهب المصنوع، الحنطة، الدواجن ، ومواد البناء و البسكويت والكعك، الاثاث، الملابس، المعجنات، الطماطم...
-أدناه نموذج مبسط على بعض الاستيرادات من تركيا لعام 2021 ،
- (2) مليار دينار من البرتقال،
- (3) مليار دينار من الليمون الطازج والحامض،
- (5) مليار دينار من الرمان،
- و(421) مليار دينار من القمح،
- (2.5) مليار دينار لبعض اللحوم المعلبة،
- (2) مليار دينار لبعض انواع البسكويت،
- (3) مليار دينار حلويات

ارتفعت قيمة استيرادات العراق من تركيا للربع الاول من السنة الحالية 2022بنسبة 27% مقارنة مع الربع الاول من 2021 لتصل الى 2.7 مليار دولار امريكي وارتفعت قيمة الاغذية المستوردة بنسبة 63% بينما ارتفعت قيمة المشروبات والتبوغ بنسبة 101% وتمثل استيرادات العراق من الاغذية ما نسبته 32% من مجمل الاستيرادات حسب بيانات جهاز الاحصاء التركي ....
حسب وزارة السياحة التركية فأن قيمة الانفاق الكلية للزائرين العراقيين خلال الربع الاول من السنة الحالية 2022 بلغت 192.5 مليون دولار امريكي بارتفاع بلغت نسبته 48% مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية 2021 والتي كانت قيمة الانفاق الكلية للزوار العراقيين 129 مليون دولار امريكي ، ومثلت الايرادات من الزائرين العراقيين ما نسبته 3.5% من مجمل ايرادات تركيا السياحية والبالغة خلال الربع الاول من السنة 5.5 مليار دولار امريكي
وارتفع عدد الزائرين العراقيين لتركيا في الربع الاول من السنة بنسبة 113% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي ليبلغ مجموع الزائرين العراقيين 215 الف زائر في الاشهر الثلاثة الاولى من السنة مقارنة ب 100 الف زائر في الربع الاول من 2021 وتراجع معدل الصرف للزائر العراقي بنسبة 30% مقارنة مع الربع الاول من السنة الماضية ليبلغ معدل الصرف لكل زائر 894 دولار امريكي مقارنة مع 1282 دولار خلال نفس الفترة من العام السابق ، وتوزعت نسب الانفاق بالشكل التالي
21% على الطعام والشراب
17% للنقل والسفر
16% شراء ملابس
10% للسكن
ارتفاع الصادرات التركية من بعض
توزعت نسب الانفاق بالشكل التالي :-
21% ع الطعام والشراب
17% للنقل والسفر
16% شراء ملابس
10% للسكن
ارتفاع الصادرات التركية من الخضراوات والفواكه الى العراق عام 2021بنسبة 37% مقارنة مع 2020 وبنسبة 20% مقارنة مع 2017 لتصل الى اكثر من 625 مليون دولار امريكي
حجم الصادرات التركية من الدجاج الى العراق بلغت في 2021 اكثر من 247 مليون دولار بارتفاع بلغ نسبته 31% مقارنة ب 2020
وارباح السفارة التركية في العراق من رسوم التاشيرات السياحية فقط تصل الى 1 مليون دولار يومياً اي 22 مليون دولار شهريا .
اخوان نستخلص من التقرير اعلاه الكثير من الملاحظات المهمة التي نامل ايصالها لاخواننا اصحاب القرار الاقتصادي واود اذكر ثلاثة منها فقط وهي:
1- العلاقة التجارية مع تركيا ليست علاقة تبادل تجاري وانما بالامكان تسميتها بعلاقة الاستحواذ على الاقتصاد العراقي ..
2- نتيجة الاستحواذ الكبير للجانب التركي فان ذلك يعطينا امتياز وقوة التاثير باتخاذ القرارات الاقتصادية التي تؤثر تأثيرا كبيرا على الجانب الاخر لو تم اتخاذها ، مما يسهل على العراق الوصول الى تحقيق اهدافه باسترجاع حقوقه وسيادته في العديد من المشاكل المشتركة ولعل اهمها مشكلة المياه وانسيابة تدفقها العادلة ضمن القوانين الدولية للدول المتشاطئة .
3- قد يقول البعض ان ذلك سيؤثر علينا ايضا نقول نعم ولكن بنسبة لاتتجاوز الـ 10‎%‎لاننا في المعادلة الاقتصادية مع تركيا وايران ومع اغلب دول الجوار ودول العالم مع الاسف نلعب دور السوق الاستهلاكية ، وهذا معناه باننا من ندفع اموال الشراء وبالتالي وبكل بساطة بالامكان ان نستبدلها باسواق اخرى تتمنى زيادة التبادل التجاري معها لتوفير احتياجات المواطنين والمؤسسات الحكومية من المواد والبضائع والاليات ...
ارتفاع التبادل التجاري بين تركيا والعراق متجاوزا 20 مليار دولار ؟؟؟
أعلن السفير التركي في بغداد فاتح يلدز ارتفاع حجم التبادل التجاري بين تركيا والعراق إلى 20.66 مليار دولار في العام 2020.وأضاف يلدز -في تغريدة له على تويتر- أن العراق يأتي في المرتبة الرابعة بين كبار مستوردي السلع التركية بعد كل من ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة.وفي فبراير/شباط 2020 قال السفير التركي لدى العراق إن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 15.8 مليار دولار عام 2019.( هذا غير صحيح وانما قارب 11 مليار دولار )

ويعدّ منفذ إبراهيم الخليل البري بقضاء زاخو التابع لمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق المنفذ الرئيسي للتبادل التجاري مع تركيا.

الكاظمي في انقرة 2020 وتحمل الزيارة 8 ملفات مهمة على مستوى الأمن والاقتصاد والاستثمار والطاقة والمياه والربط السككي والتأشيرة والأموال المجمدة وغيرها، كما ستشهد توقيع مذكرات تفاهم متنوعة بين البلدين.

وقال أردوغان، في مؤتمر صحفي مشترك مع الكاظمي في أنقرة، إن تركيا تقف إلى جانب العراق في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وتدعم وحدة أراضي العراق بكل مكوناته، كما أكد دعم تركيا اتفاقية إلغاء الازدواج الضريبي مع العراق واستمرار المشروعات التنموية.
موضوع الأمن كان في مقدمة الملفات على طاولة الزيارة، لأن العراق يعاني تدهورا أمنيا، والشعب العراقي حتى الآن لم يعش أو يذق حلاوة الحرية منذ عام 2003، كما يقول اغلب قادة العراق .
تصاعد الجدل داخل العراق حول المسوغ القانوني الذي تتذرع به تركيا للتوغل داخل الأراضي العراقية لاستهداف حزب العمال الكردستاني، على خلفية قصف منتجع برخ في قضاء زاخو بمحافظة دهوك في كردستان العراق الذي خلف 9 قتلى و23 جريحا، وتحميل بغداد أنقرة المسؤولية عنه ونفي تركيا ذلك.
وعلى مدى السنوات الماضية لم ينفك الجيش التركي عن استخدام الطائرات الحربية أو المسيّرة والمدفعية والقوات البرية لمطاردة حزب العمال الكردستاني المنتشر في أعالي الجبال الحدودية بين البلدين وفي منطقة سنجار شمال غرب الموصل على الحدود العراقية السورية، إلا أن الاستهداف الأخير للمنتجع العراقي يفتح الباب لمعرفة إذا كانت هناك أي اتفاقيات أمنية أو مذكرات تفاهم تسمح فيها بغداد لأنقرة بالتدخل عسكريا في عمق الأراضي العراقية من عدمه.
)) القواعد الدولية المنظمة لاقتسام المياه ومشكلة توزيع حوضي دجلة والفرات بين تركيا و العراق )) ((( المقدمة )((
المياه من أساسيا ت استمرار حياة الإنسان ، من النزاعات والخلافات بين الدول المشتركة مائيا وقد أثارت الحاجة إلى مياه الأنهار كثيرا ً من في أحواضها ، التي تم تسوية قسم منها من خلال المفاوضات التي أثمرت عددا من الاتفاقيات بين الدول المتشاطئة . ويعد العراق من الدول التي تشترك في مجاري مياه دولية ولاسيما في حوضي دجلة والفرات مع تركيا ( دولة المنبع لكلا الحوضين) وكذلك مع سوريا في حوض الفرات . ويشترك العراق أيضا في أحواض مياه عدة انهار مع إيران كنهر الكارون ونهر الكرخة وشط العرب ، فضلا عن اشتراكهما معا في حوض دجلة . لم يكن العراق قد عانى من أية مشكلة في مياه نهري دجلة والفرات إلى أن ظهرت متغيرات جديدة أثرت على معدلات استهلاك المياه في تركيا وسياستها المائية مع الدول المتشاطئة معها، الأمر الذي أدى إلى أن تكون العلاقات العراقية – التركية خاضعة للتأثير بالعديد من المتغيرات والعوامل المشتركة ، لعل من أهمها ما يتعلق بالجوانب الأمنية والإستراتيجية والاقتصادية والثقافية ،التي كانت تلقي بظلالها المباشرة وغير المباشرة على اختلاف وجهات نظر البلدين حول الموارد المائية الخاصة بالأحواض المتشاطئة . فمن الناحية الأمنية هنالك قضايا مشتركة بين البلدين تصب في خدمة استقرار أو عدم استقرار الأمن الدولي أو الإقليمي في هذه المنطقة الحيوية من العالم ، في مقدمة تلك القضايا ) ً مشاكل الحدود السياسية بين البلدين ،ومشاكل ناجمة عن وجود قوى معارضة في أقاليمها مثلا حزب العمال الكردستانيPKK( التركي ، والتدخلات العسكرية التركية في شمال العراق ، فضلا عن بروز ادعاءات بين الحين والآخر ً عن الموقف التركي الرسمي اتجاه نشوء إقليم كردستان في حول الموصل وكركوك ، فضلا العراق واستمراره . ولاشك في أن لتلك المشاكل السياسية انعكاسات سلبية على تمتع العراق بحصته العادلة في الموارد المائية للأحواض المتشاطئة . إلا أن الأمر قد اختلف بعد عام 2003 ، عندما امتد الوجود الأمريكي إلى العراق أيضا، ومن ثم أصبح للبلدين وظيفة معينة في الإستراتيجية الكونية الأمريكية المخصصة لمنطقة الشرق الأوسط. وهذا الأمركان ينبغي ان يدفع تركيا إلى التعاون مع العراق أكثر مما يدفعها إلى الصراع معه بسبب التأثير الأمريكي ، لما لذلك من آثار ايجابية على مسألة التعاون والحوار بشان إيجاد حلول مؤقتة للنقص الحاصل في موارد العراق المائية. ومن الناحية الاقتصادية ، نجد أنه على الرغم من الاختلافات السياسية بين تركيا والعراق إبان مدة حكم النظام السياسي السابق ،إلا أنها كانت من أول أربعة شركاء تجاريين معه . وفي السياق نفسه، اتجهت الأنظار بعد عام 2003 إلى أهمية عقد اتفاقية بين البلدين لتنشيط العلاقات الاقتصادية بينهما ، خدمة لمصالحهما المشتركة ، على الرغم من وجود خلافات حول بعض الموارد الاقتصادية إلمهمة كالموارد المائية . وفي إطار الجانب الثقافي فانه لا يمكن نكران ما تمثله الأقلية التركمانية الموجودة في شمال العراق( كركوك) من أهمية حيوية وأولوية في السياسة الخارجية التركية تجاه العراق عامة ٕ اقليم كردستان خاصة . فضلا عما تمثله المشتركات التاريخية والدينية بين البلدين التي لها تأثير واضح في مواقف محددة لتركيا إزاء القضايا العربية والإسلامية عامة ( كموقف الحكومة التركية عام 2009 حيال القضية الفلسطينية عامة ، وعام 2010 حيال رفضها قتل ٕ المواطنين الفلسطينيين اوازاء العديد من القضايا التي تهم عموم الشعب المدنيين في غزة ) و العراقي خاصة تعاطفها إزاء ما تعرض له من جرائم ضد الإنسانية. إن تلك المتغيرات والعوامل المشتركة لابد لها ان تتناظر بالقواعد الدولية المقبولة من قبل البلدين والخاصة بمسالة توزيع المياه الدولية المشتركة بينهماوتتجسد أهمية هذا البحث بالاتـي :-
1- الحاجة الى معرفة وتحديدالمشكلات السياسية التي تهم البلدين أو التي هم أطراف فيها ، وبيان بدائل وحلول لها ، بغية تقوية أواصر العلاقات الدولية بينهما عامة وحل المشاكل المرتبطة بالمياه الدولية المشتركة بينهما خاصة.
2- .بيان مدى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين على وفق تنظيم معين كاتفاقية التعاون المشتركة ، في المساعدة على الوصول إلى اتفاقيات عادلة فيما يتعلق بحل مشكلة المياه الدولية المشتركة بينهما.
3- .أهمية دراسة القواعد الدولية التي تنظم استخدامات المياه الدولية المتشاطئة ، ومن ثم جعلها ً للموازنة بين الموقف التركي والموقف العراقي بشان المشكلات المائية الحاصلة بينهما. معيارا .
4- .أهمية معرفة تحديد التزام الحكومة التركية بكمية المياه المصروفة في حوض الفرات والتزام الحكومة السورية على وفق القواعد والاتفاقيات الدولية بمشكلة المياه الدولية المشتركة بينهما. وتكمن مشكلة البحث في انه على الرغم من وجود كثير من الروابط التاريخية والثقافية ، ً من المشاكل ووجود علاقات اقتصادية متميزة بين البلدين ( العراق وتركيا )، إلا أن هنالك عددا تلقي بظلالها على العلاقات الدولية بينهما ، ولعل مشكلة توزيع المياه الدولية المشتركة بينهما في حوضي دجلة والفرات في مقدمة تلك المشاكل الخطيرة والحيوية . وعلى اساس ما تقدم فقد امكن تناول الموضوع من خلال محاور ثلاثة : -
يهتم الاول ..... منها بالقواعد الدولية المنظمة لتوزيع المياه الدولية والثاني .... بالاتفاقيات المعقودة في خصوص دجلة والفرات واما الثالث.... فقد تناول الابعاد الاستراتيجية للعلاقات المائية بين تركيا و العراق ...
المحور الاول:
القواعد الدولية المنظمة لتوزيع المياه الدولية بين الدول المتشاطئة ً يجري في إقليم أكثر من دولة ...
- و يسكن في أحواضها يوجد في العالم حوالي 214 نهرا حوالي 2 مليار نسمة ،
- وتتفاقم أزمة المياه في العالم ، لأن حاجته للمياه الإضافية تزداد بمقدار (90 مليار متر مكعب سنويا ) .
- وهناك 261 مستجمعا للمياه عابرة للحدود السياسية بين دولتين أو أكثر.
- وتلك الأحواض الدولية تغطي 3.45 % من سطح الأرض، وتمس حياة 40 % من سكان العالم ، وتستأثر بما يقارب 60 % من تدفقات الأنهار العالمية،
- ويوجد ما مجموعه 145 دولة تضم أراضي واقعة داخل تلك الأحواض الدولية، منها 21 دولة تقع بأكملها داخل ً 19 حوضا من أحواض الأنهار تتقاسمها خمس دول أو الأحواض الدولية عن وجود ، فضلا أكثر ،
- وهناك حوض واحد – حوض نهر الدانوب – تتقاسمه 17 دولة أوربية
- . ومن الجدير بالذكر أن تلك المياه الدولية لابد أن تتصل فيما بينها في حوض طبيعي عندما تمتد في أي جزء من أجزائها داخل إقليم دولتين أو أكثر بحيث تشمل روافد المجرى ً عن مجراه الرئيسي . النهري سواء أكانت إنمائية أم موزعة
- فضلا عن النهر الدولي يمكن توضيحه بانه وحدة مائية تمر في أقاليم دولتين أو أكثر أو يمثل ً بينهما ، فإنه يتكون من جميع مجاري المياه والبحيرات التي تتصل بعضها ً حدوديا فاصلا ً ، وينتهي حوض النهر في بحر أو في ً واحدتان حوضا ببعض ، وتجري في منطقة معينة تكونً مجاري المياه التي تسير تحت بحيرة داخلية لا تتصل بالبحر ،
- ويدخل في حوض النهر أيضا الأرض وتكون متصلة بالنهر.
نظم القانون الدولي عملية استغلال الأنهار الدولية بين الدول المتشاطئة اذ صدرت معاهدات واتفاقات بين الدول تنظم استخدام المياه الدولية ونشرت الأمم المتحدة في عام 1963 ما يزيد على 250 معاهدة تنظم استخدام المياه الدولية تحت عنوان (النصوص التشريعية وأحكام المعاهدات الخاصة باستخدام الأنهار الدولية لغير أغراض الملاحة )لذا تم تقسيم الفصل الأول ، الى مبحثين كما يأتي:
1 - المبحث الأول : قواعد هلسنكي لاستخدام المياه والأنهار الدولية لعام 1966. –
2- المبحث الثاني : اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية للأغراض غير الملاحية لعام .1997 وتعد قواعد هلسنكي لاستخدام المياه والأنهار الدولية لعام 1966 التي انبثقت عن المؤتمر الثاني والخمسين جمعية القانون الدولي ، من أهم تلك القواعد التي تضعها غالبية دول العالم محل احترامها .ومن الجدير بالذكر إن قرارات جمعية القانون الدولي المنظمة لقواعد هلسنكي وغيرها من القرارات الصادرة عن اللجان القانونية تعد مصادر قانونية لمحكمة العدل الدولية ولكنها ليست إلزامية،...... على الرغم من أنها نظام قانوني مهم للقواعد التي تحكم استعمال الأنهار الدولية في الأغراض الملاحية . وتضمنت قواعد هلسنكي 37 مادة . وتحتوي هذه المواد على مبادئ عامة أصبحت فيما بعد مؤثرة في الصعيدين الإقليمي والدولي.ان اهم هذه المبادئ وهي: -
• حق الدولة على نهر دولي ينبع او يجري في إقليمها ،هو حق خاضع لقواعد القانون الدولي وليس حقا مطلقا .
• حق الدول في التحكم في النهر مشروط بعدم تأثيره في حقوق الدول المتشاطئة المطلة على الحوض، او تسبيبة ضررا للآخر . ان الأعمال التوسيعية كأعمال ضبط النهر ، وزيادة إيراده هي أعمال يفترض أن تكون ِ -متكاملة تخص النهر كله
• مبدأ الالتزام بعدم الضرر ، فالدولة مسؤولة بموجب احكام القانون الدولي عن الاعمال التي تحدث تغيرا في النظام القائم للنهر الدولي ، والتي تؤدي الى احداث اضرار كان يمكن تفاديها ببذل جهد معقول كقطع المياه ، او تلويث المياه او التسبب بحدوث فيضان .
• لكل دولة مشتركة في حوض مائي دولي الحق في الحصول على حصة عادلة ومعقولة من المياه وذلك بالتقسيم العادل والمنصف والمتوازن من دون حاجة الى تساوي الحصص مع مراعاة المقاييس والاعتبارات الاتية
أ‌- جغرافية الحوض ومساحته في كل دولة ومقدار مساهمته .
ب‌- الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية لكل دولة من دول الحوض
ج . عدد السكان الذين يعتمدون على مياه النهر كله في الدولة ..
د-مدى توفر مصادر اخرى للمياه بخلاف ذلك للنهر الدولي
هـ-تكاليف الوسائل البديلة المتاحة لسد الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية لكل دول الحوض..
و-الأسبقية التاريخية والحالية لاستغلال حصص المياه في حوض النهر وتوزيعها .
ز-الدرجة التي يمكن التوصل اليها في تامين احتياجات إحدى دول الحوض ،من دون إلحاق ضرر ملموس بدولة أخرى في الحوض.
6 -الاعتراف بالحقوق المكتسبة ، فلا يجوز إنقاص حصة دولة من مياه نهر ما عما كانت علية سابقا الا في حال وجود شح في المنبع
7 - تجنب الفاقد من المياه الذي لا مسوغ له ، وأولوية استعمالات المياه على وفق الحاجة اليها.
8-وجوب الإبلاغ المسبق عن اية منشأة ، وفي حال الاعتراض الدخول في مفاوضات ٕ لا فيحق للدولة المتضررة اللجوء الى مجلس تحكيمي دولي او محكمة للوصول الى حل مقبول وا العدل الدولية .
9 -حماية المصالح المحلية والتعويض عن الأضرار التي تلحق بالسكان جراء الأعمال في حوض النهر، كما فعلت مصر إذ دفعت عام 1960( 15 مليون جنية ) تعويضا للسودان عن أراضيه التي ستتضرر نتيجة لتعبئة السد العالي .
وكذلك تم تحديد آلية تسوية المنازعات التي يمكن اللجوء اليها عند حصول خلافات بين الدول عند استخدامها للقواعد الاستخدام غير المنصف والعادل (( . وسعت لجنة القانون الدولي بناءا على توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1971 إلى وضع اتفاقية عامة تنظم استخدام مجال المياه الدولية المشتركة لأغراض غير ملاحية . وتعد اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية والدولية للأغراض غير الملاحية لعام 1997 ) اتفاقية الإطار ) من أهم الاتفاقيات الدولية في هذا المجال ، وتضمنت هذه الاتفاقية القواعد الأساسية التي يتم بمقتضاها تقاسم الموارد المائية للأنهار بوجه عام ، وتتكون اتفاقية ِ الإطار من( 33 مادة أذ تتمثل بمجموعة من المبادئ العامة الرئيسة والأحكام المتعلقة ) بموضوع استخدامات مياه الأنهار في غير أغراض الملاحة ،ومن اهم هذه القواعد هي :
1- .الانتفاع والمشاركة المنصفة والمعقولة ، ومن العوامل التي لها صلة بـ( الانتفاع المنصف والمعقول ) :
أ-العوامل الجغرافية والهيدروغرافية والهيدرولوجية والمناخية والايكولوجية والعوامل الاخرى التي لها صفة طبيعية .
ب-الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لدول المجرى المائي المعنية
ج-اعتماد السكان على المجرى المائي
. د-آثار استخدامات المجرى المائي في احدى دول المجرى المائي على غيرها من دول المجرى المائي
. هـ-الاستخدامات القائمة والمحتملة للمجرى المائي
. و- صيانة الموارد المائية للمجرى المائي ، وحمايتها وتنميتها، والاقتصاد في استخدامها وتكاليف التدابير المتخذة بهذا الصدد .
2- .الالتزام بـــعدم التسبب في ضرر جسيم .
3.- التبادل المنتظم للبيانات والمعلومات.
.4- حماية النظم الايكولوجية وحفظها ومنع التلوث وتخفيفه ومكافحته .
وتضمنت الاتفاقية آلية تسوية المنازعات وحددت الاتفاقية الإطر التي تقوم بها الدول لحل منازعاتها وفقا لهذه الالية وتتضمن مايلي : -
 .المشاورات والمفاوضات.
 .تشكيل لجنة تقصي الحقائق .
 .التحكيم .
 .التسوية القضائية. في حال فشل المفاوضات بين الدول عن طريق تشكيل لجنة تقصي حقائق والتوفيق بين ٍما عرض الموضوع على محكمة الدول المتنازعة واللجوء الى التحكيم او التسوية القضائية ا العدل الدولية او التحكيم الدولي ولكن لتطبيق ذلك يشترط موافقة الدولة على ذلك صراحة . وعلى الرغم من ان تلك الاتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ حتى تاريخه إلا أن أهميتهما قد أكدتها محكمة العدل الدولية عام 1997م بعد أشهر فقط من تاريخ إجازتها ، عندما طلب أول مرة في التاريخ من محكمة العدل الدولية حل نزاع بين دولتين (هنغاريا وتشيكوسلوفاكيا ) حول مجرى مائي دولي وهو نهر الدانوب • وتعد هذه الاتفاقية من اهم الانجازات التي استطاعت لجنة القانون الدولي بها ضمان حقوق الدول المتشاطئة باستخدام الانهار في الاغراض غير الملاحية وقيامها بحل الكثير من المشاكل العالقة بين الدول وفقا لهذه الاتفاقية.
المحور الثاني:
حوضا دجلة والفرات والاتفاقيات المعقودة بشأنها بين تركيا والعراق حتى قيام الحرب العالمية الأولى
لم تكن هناك مشاكل سياسية او اقتصادية بشأن استخدام مياه نهري دجلة والفرات بسبب وقوعهما من المنبع حتى المصب تحت سيادة دولة واحدة هي الدولة العثمانية ، إلا أنه وبعد تفكيكها وانفصال كل من العراق وسوريا عن سيادتها بعد الحرب العالمية الأولى ، اختصت تركيا بالمنبع والمجرى الأعلى لنهري الفرات ودجلة ، وسوريا بالمجرى الأوسط للفرات ، والعراق بنهر دجلة والاوسط والادنى والمصب ، والمجرى الأدنى لنهر الفرات والمصب .ويمكن توضيح الفرق بين النهر الوطني والنهر الدولي وكما يأتي:
يعد النهر الوطني - حسب الرأي الراجح في القانون الدولي – ((( هو النهر الذي يقع بأكمله من منبعه إلى مصبه وكافة روافده داخل حدود إقليم دولة واحدة ، وتكون سيطرة الدوله على النهر سيطرة تامة، ويخضع النهر لسيادتها المطلقة ، أسوة بأي جزء آخر من إقليمها ، ما لم يكن هذا الاختصاص مقيدا بمعاهده أو اتفاقية دولية تتعلق بالملاحة الدولية ))).
في حين يعد النهر الدولي (((هو ذلك النهر الذي يمر بأقاليم دولتين أو أكثر بالتتابع، أي المرور بإقليم أكثر من دولة أو تكوين الحدود بين أكثر من دولة،))) اما ما يخص سيادة الدول على جزء النهر الذي يمر في اراضيها اذ تعد كل دولة متمتعة بالسيادة على جزء النهر الذي يوجد في إقليمها، وذلك في الحدود التي لا تتعارض مع حقوق الدول الأخرى التي تقع الأجزاء الأخرى للنهر في إقليمها، وفقا لاتفاقية فينا لعام 1815م بتعريفها للنهر الدولي .وعلى أساس ما تقدم ، فقد قسم هذا الفصل على مبحثين على النحو الآتي : -
القسم الأول :......... حوضا دجلة والفرات
. القسم الثاني : المعاهدات والاتفاقيات المعقودة بشأن حوضي دجلة والفرات والية توزيع المياه .

القسم الأول :-
حوضا دجلة والفرات حوض نهر دجلة يعد نهر دجلة أحد الأنهر الرئيسة في منطقة الشرق الأوسط بصورة عامة والعراق بصورة ً خاصة للعراق إذ يعتمد على موارده عدد كبير من السكان كما هو الحال في ً حيويته ، ويعد شريانا دول الحوض الأخرى . وينبع نهر دجلة من الأراضي التركية، من هضبة أرمينيا في شرق تركيا ، من منطقة تسمى (صو) ، ويبدأ الوادي الأعلى للنهر من فرعين: -الفرع الأول.... وهو الفرع الرئيس للنهر، ينبع من مرتفعات بحيرة ( كولجك ) ويسمى (دجلة صو) -الفرع الثاني ويتكون من عدة فروع صغيرة تنحدر من المرتفعات المحيطة ببحيرة (وان) حتى تكون فرعا واحدا يسمى (بوتان صو) الذي ترفده روافد رئيسية تسهم بزيادة تدفقه . ويدخل نهر دجلة الأراضي العراقية من جهة الشمال في منطقة فيشخابور (في قضاء زاخو ) ، ً من طبيعة المنطقة الحدود الدولية بين العراق وتركيا ، و يأخذ النهر بالمسير جنوبا مستفيدا من المنطقة الصخرية ويكون شديد الجريان ، يجري في مدينة الموصل ، اذ أنشئ اكبر السدود على نهر دجلة في العراق ( سد بادوش ) ، ثم يتجه النهر نحو الجنوب ويمر بمدينة سامراء التي أنشئ فيها سدة سامراء لمنع خطر الفيضانات عن مدينة بغداد ، نشاء قناة الثرثار ِ وتوجد أراض منخفضة على النهر ٕ لتحويل ُالمياه اليها أيام الفيضانات ( منخفض الثرثار ) ، وا يفاد مياه دجلة للفرات، ويسير بعد ذلك ويقترب من نهر الفرات بمسافة 40 كم في مدينة بغداد ، ويجري في مدينة الكوت التي أنشئت فيها عام 1938 سدة الكوت ، إذ ينقسم نهر دجلة الى فرعين رئيسين عند الكوت ، يتشكل الفرع الغربي من مجرى دجلة القديم ، يدعى بشط الغراف ، ثم يتجه هذا الفرع جنوبا نحو مدينة الناصرية ، بعدها يأخذ مجرى نهر دجلة بالانحدار أسفل الكوت الى مدينة العمارة ويلتقي بنهر الفرات في مدينة القرنة ليكونا شط العرب . ويبلغ الطول الإجمالي لنهر دجلة 1900 كم ، يقع منها 485 كم داخل الأراضي التركية ، والباقي 1415 كم داخل الأراضي العراقية . يبلغ معدل إيراده من المياه حوالي 48 مليار متر مكعب داخل تركيا، وينخفض إلى حوالي 40 مليار متر مكعب داخل العراق. وتصب في نهر دجلة داخل العراق عدة روافد أهمها:
أ-نهر الخــابـور و ايراده السنوي 1,2مليار م3 ، ينبع من تركيا طوله 1600 كم ....
ب-نهر الزاب الكبير : طوله 473 ٕ كم وايراده السنوي 3,4 مليار م3 ، ينبع من تركيا
. جـ- نهر الزاب الصغير : طوله 456 ٕ كم وايراده السنوي 17 مليار م3 ، ينبع من إيران .
د – نهر العظـــيم : طوله 230 أيراده السنوي 7,0 مليار م3 ،يقع كله داخل العراق.
هـ- نهر ديـــالى : طوله 386 ٕ كم وايراده السنوي 8,5مليار م3 ، ينبع من إيران .
. و- الروافد التي تنبع من الأراضي الإيرانية، والتي قامت إيران بتحويل مساراتها الطبيعية ، هي : ((( نهر كنجان جم - نهر وادي كنكر - نهر الوند - نهر قره تو - نهر دويريح- نهر الكرخة- نهر الطيب- نهر كارون - نهر هركينه - نهر زرين جوي الكبير ))) .
ويروي نهر دجلة نسبة ( 33 % ) من أراضي العراق، الذي يعد من البلدان الزراعية ، اذ تبلغ مساحته الإجمالية حوالي 454 ألف كيلو متر مربع، الصالح منها للزراعة 25 ، %يضم القسم الشمالي من العراق ثلث مساحة الأراضي القابلة للزراعة.
حوض نهر الفرات ُ.... عد نهر الفرات واحدا من أهم الأنهار في العالم نظرا لأهميته التاريخية ، اذ نشأت على ضفافه أولى الحضارات التي يرجع تاريخها الى ما قبل الميلاد بعدة ألاف السنيين ،ويخضع استغلاله لاختصاص ثلاث دول هي: سوريا والعراق وتركيا، مما يتطلب حفظ حقوق كل منها، وقد كان تقاسم مياه الفرات موضع سوء تفاهم دائم بين ً العراق إذ يعتمد عليه عدد كبير من سكانه. حيويا الدول الثلاث ، ويعد هذا النهر شريانا ... وينبع نهر الفرات من الأراضي التركية، وبالذات من هضبة أرمينيا في شرق تركيا ، من منطقة تسمى (صو) ، ويبدأ من فرعين:- الفرع الأول / فرات صو: ينبع من جبل دوملو شمال مدينة ارضروم ، ثم يتجه غربا عبر سهول ارضروم لمسافة 650 كم - الفرع الثاني / مراد صو : ينبع من عين مراد غرب جبال ارارات الواقعة الى الشمال من بحيرة فان ويجري غربا عبر هضبة ارمينيا مسافة 450 كم قبل أن يلتقي بنهر فرات صو عند بلدة خربوط يبدأ نهر الفرات بعد التقاء الفرعين داخل في هضبة الاناضول في مدينة كيبان ، وينتهي المجرى الأعلى للنهر( ويسمى الوادي الاعلى) ، ويبلغ طول النهر بعد التقاء رافديه الرئيسين حتى الحدود السورية 526 كم، ويتميز بكثرة الروافد وغزارة الثلوج والأمطار، ثم يبدأ الوادي الأوسط فيغير النهر اتجاهه من الجنوب الغربي الى الجنوب ليدخل الأراضي السورية عند مدينة جرابلس ، فيمر النهر في هضبة بادية الشام، يتجه شرقا ليمر بمدينة الرقة ويتجه الى الجنوب الشرقي ليمر بمدينة دير الزور، يتجه النهر نحو البو كمال ، ويكون قد قطع في سوريا مسافة 675- 680 كم ، ليدخل العراق ، مشكلا الوادي الادنى للنهر، الذي يبدأ عند حصيبة ( القائم). يتجه النهر نحو الجنوب الشرقي ليدخل السهل الفيضي جنوب مدينة هيت ، ويمر قرب الرمادي ، ويتجه بالسير جنوبا ويقترب من مدينة بغداد بمسافة 40 كم ، ويتفرع بعد ذلك الى شطين : شط الحلة ، وشط الهندية ، ويجتمع الشطان سويه عند السماوه ، وبعدها يلتقي دجلة بالفرات عند كرمة علي ليكونا شط العرب . وبذلك يكون طول نهر الفرات الكلي 2880 كم موزعة بين البلدان المتشــاطئة . ومن أهم روافد نهر الفرات في تركيا هي: ( نهر مراد صو- نهر فرات صو قرة صو) – المنذر- البيري - رافد طهمه ). اما في سوريا ، فيدخل الفرات الحدود السورية عند منطقة جرابلس ، ويؤلف نهر الفرات 80 - 85 % من الموارد المائية لسوريا ، ومن اهم روافد نهر الفرات في سوريا : ( نهر الساجور - نهر البليخ - نهر الخابور توجد أودية سيليه تغذي نهر الفرات بالمياه: وادي جهنم ، ووادي خنيفس ، ووادي الخور، ووادي درب النوب ، ووادي رتقه ، ووادي الروم ،و وادي الزربة ، ووادي السحل ، ووادي شرقي السحل ،ووادي شعيب الذكر ، ووادي العصبة ، ووادي صرين ، ووادي الفيض ، ووادي مسعودة ، ووادي كروزة . اما في العراق فلا يرفد نهر الفرات في الأراضي العراقية أي رافد
. القسم الثاني ,,,المعاهدات والاتفاقيات المعقودة بشأن حوضي دجلة والفرات وآلية توزيع المياه المعاهدات والاتفاقيات والبروتكولات والمحاضر المعقودة بشأن حوضي دجلة والفرات .... أبرمت العديد من الاتفاقيات المشتركة بين تركيا والدول المتشاطئة على حوضي دجلة والفرات، سواء خلال مرحلة الانتداب التي خضع لها كل من العراق (بريطانيا) وسوريا(فرنسا) أو خلال مرحلة الاستقلال الوطني لكلا البلدين .ولعل من أهم المعاهدات والاتفاقيات بين العراق وتركيا حول الحوضين ، هي:
1- .المعاهدة البريطانية الفرنسية لعام 1920 :وقعت الاتفاقية بتاريخ 23/12/1920 من قبل دولة الانتداب البريطاني(العراق) والانتداب الفرنسي ( سوريا) وتركيا.
2- .معاهدة لوزان بين دول الحلفاء وتركيا لعام 1923 :وقعت الاتفاقية بتاريخ 24 تموز1923 من قبل دولة الانتداب البريطاني(العراق) والانتداب الفرنسي (سوريا) وتركيا.
3- .معاهدة حسن الجوار بين العراق وتركيا لعام 1946 :وقعت بتاريخ 29/3/1946 وتتضمن الاتفاقية بموجب المادة(6 ) من الاتفاقية ستة بروتوكولات ، عالج البروتوكول الأول تنظيم جريان ّ مياه دجلة والفرات وروافدهما ، وبتأكيد حق العراق في تنفيذ أية إنشاءات أو أعمال على النهرين تؤمن إنسياب المياه بصورة طبيعية أو للسيطرة على الفيضانات سواء في الأراضي العراقية أو الأراضي التركيـة على أن يتحمل العراق تكاليف إنشائها134 برتوكول التعاون الاقتصادي والفني بين العراق وتركيا عام 1971 :عقد بين العراق وتركيا للتعاون الاقتصادي والفني بين البلدين ، وتضمن بحث مشكلة المياه بين الطرفين. برتوكول التعاون الفني والاقتصادي عام 1980 : عقد بروتوكول التعاون الفني والاقتصادي بين العراق وتركيا ، وانضمت إليه سوريا عام 1983 ،ويقضي بتشكيل لجنة فنية مشتركة لدراسة القضايا المتعلقة بالمياه الإقليمية، مياه حوضي دجلة والفرات
4- .محضر اجتماع اللجنة العراقية – التركية المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني لعام 1980 : وقع هذا المحضر بتاريخ 5 / 12/ 1980 في أنقرة .
5- .بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني بين سوريا وتركيا لعام 1987 : اذ نصت المادة السابعة منه على ان : " يعمل الجانبان مع الجانب العراقي لتوزيع مياه نهري الفرات ودجلة في اقرب وقت ممكن" .
6- .اتفاقية عام 1989 بين العراق و سوريا : الذي يقضي بان تكون حصة العراق المائية بنسبة سنوية قدرها 58 %من مياه نهر الفرات الممررة لسوريا على الحدود السورية – التركية .
7- .التعاون الاقتصادي والفني بين العراق وتركيا (بعد سقوط النظام السياسي في العراق) عام .2003 المحور الثالث:
الأبعاد الإستراتيجية للعلاقات المائية التركية العراقية ً .....
لإستراتيجية معينة للعلاقات وضعت عدد من دول العالم المتشاطئة منذ وقت مبكر أطرا لمشتركاتها المائية فيما بينها ، مثل : مصر ودول منبع حوض النيل والسودان وأوغندا ، ودول أوروبا ، ودول في أمريكا اللاتينية .أما بالنسبة الى العلاقات المائية العراقية - التركية - السورية ، فما زالت دون إطار استراتيجي ينظم توزيع حصص عادلة ومنصفة للمياه الدولية المشتركة فيما بينهم .
ويلقي هذا الواقع بظلاله السلبية على العراق لكونه دولة المصب من حيث تراجع كميات المياه الواصلة إليه وتراجع نوعيتها ، وخضوعه إلى كثير من الضغوط السياسية والاقتصادية . أن العراق يعاني من نقص مائي كبير إلى الدرجة التي أدى فيها إلى ظهور عجز غذائي مؤثر على غالبية سكانه ، حتى المشاريع المتنوعة التي أقامها العراق لم تحقق الاكتفاء المائي ولا الاكتفاء الغذائي . تثورالتساؤلات عن مدى وجود تأثيرات سلبية وخطيرة للمشاريع المائية التي تقيمها دول المنبع ( تركيا وايران ) في العراق ، في المجالات البشرية والاجتماعية والاقتصادية ، ولاسيما بعد ان جعلت من المياه سلعة تجارية أو وسيلة للضغط السياسي تمارسها في كثيرمن الأوقات على العراق .

الأزمة المائية ....
يمر العراق حاليًّا بأزمة مائية حادة لم يسبق لها مثيل، وللتعرف على أسباب الأزمة لابد أن نطلع على تفاصيلها، كالآتي:
1- الأسباب الخارجية للأزمة
أ- التغيرالمناخي: منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية ، والمنطقة تعاني أساسًا من الجفاف وسجلت ارتفاعًا قياسيًّا في درجات الحرارة ، ويُعتقد أن درجات الحرارة ستزداد ارتفاعًا في المستقبل مما يؤثِّر على السكان والزراعة في المنطقة .
وتدل الدراسات أيضًا على أن تصاريف الأنهار في منطقة الشرق الأوسط ستقل نتيجة التغيرات المناخية . وأوضح تقرير للأمم المتحدة، عام 2010، أن نهري دجلة والفرات ستجف مياههما عندما تصل إلى العراق إذا استمرت دول الجوار بتنفيذ مشاريعها المائية .
تدل الدراسات التي أجريت على كميات هطول الأمطار المستقبلية على العراق بأنها تتناقص مع الزمن ، كما بيَّن الباحثون أن فترات هطول الأمطار ستكون قصيرة نسبيًّا، أي إن الأمطار قد تتساقط بتركيز عال في فترة قصيرة. إن هذه الأمر سيؤدي إلى تعرية التربة وبالتالي يؤدي إلى تدهور الإنتاج الزراعي، كما أن هذه التربة المنجرفة ستترسب في خزانات السدود مما يؤدي إلى تقليص القدرة التخزينية لهذه الخزانات. إضافة إلى ذلك، فإن كمية المياه في الخزانات الجوفية ستقل حيث إن كمية المياه المترشحة من الأنهار إلى هذه الخزانات ستنخفض نتيجة تقلص فترة هطول مياه الأمطار.
ب- المشاريع المائية في دول الجوار: عُقدت اتفاقيات حول المياه والمشاريع المائية خلال الفترات التي كانت فيها المنطقة تحت الحكم العثماني، ومن ثم الهيمنة البريطانية والفرنسية، وأول اتفاقية وُقِّعت بين بريطانيا وروسيا وإيران وتركيا كانت عام 1913 حول تنظيم نهر شط العرب وبعدها وقَّعت فرنسا وبريطانيا اتفاقية لتنظيم استخدام مياه نهري دجلة والفرات عام 1920، تلتها اتفاقية ثالثة عام 1930. وعندما حصل العراق على استقلاله عام 1932 وُقِّعت اتفاقيتان إحداهما عام 1937 مع إيران حول شط العرب والأخرى مع تركيا عام 1946.
أول المشاريع المائية ابتدأ في العراق منذ الخمسينات، وعند أول اجتماع لتنظيم استخدام المياه بين تركيا وسوريا والعراق عام 1965، بدأت تركيا بناء سد كبيان واتفقت مع العراق على تزويده بتصريف 350 مترًا مكعبًا بالثانية من نهر الفرات. وبعدها، توالت اجتماعات بين الأطراف بدون التوصل إلى أي اتفاق وبدأت سوريا ببناء سد الطبقة، وعند العام 1975 تفاقم الخلاف حول مياه نهر الفرات بين العراق وسوريا ووصل الأمر إلى شفا الحرب لولا توسط المملكة العربية السعودية، وتوالت الاجتماعات إلى الثمانينات بدون التوصل إلى أية اتفاقية ملزمة للدول المتشاطئة، ثم تفاقم الخلاف بين تركيا وسوريا، عام 1987، عندما اتهمت تركيا النظام السوري بمساعدته للمتمردين الأكراد وهددت بقطع المياه عن سوريا ثم تم التوصل إلى اتفاقية لحل المشكلة. واستمرت تركيا ببناء السدود على الفرات ودجلة وعند بناء أي سد يزداد الخلاف السياسي بين تركيا وسوريا والعراق.
لقد أثَّر بناء السدود في تركيا وسوريا بشكل كبير على تقليص تصاريف نهري دجلة والفرات. وهنا، لابد أن نذكر دور إيران أيضًا؛ حيث إنها قامت ببناء سدود على فروع نهر دجلة. وعند مراجعة ما قامت به إيران، يمكن تلخيص ذلك كما يلي:
- بناء سد على نهر الوند، عام 1962، مما قطع المياه عن مدينة خانقين ثم استمرت ببناء ثلاثة سدود تحويلية على نفس النهر.
- تحويل مياه نهر سيوان والذي هو أحد فروع نهر ديالى.
- بناء سدود على الوديان الموسمية قرب الحدود العراقية لحجز مياهها لتضمن عدم عبورها إلى الأراضي العراقية.
- بناء سدود على نهر كرخه لتحويل مياهه.
- إنشاء مشاريع على نهر كارون وتحويل مياهه إلى داخل إيران.
2.2. الأسباب الداخلية
هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة المياه، وهي:
أ- التزويد والطلب على المياه: هناك فرق كبير بين التزويد المائي والكبِّ، والكميات المطلوبة للمياه لسد الحاجة للأغراض المدنية والزراعية والصناعية هي 66.8 بليون متر مكعب، أو 77 بليون متر مكعب حسب ما ذكرته. بينما المتاح عام 2015 هو 43 بليون متر مكعب عام 2025 ( 33 بليون م مكعب) اذا استمرت عمليات النقص في الايرادات المائية . إضافة إلى ما تقدم، فإن نوعية مياه الأنهار تتردى بشكل كبير كلما اتجهنا جنوبًا، لتصل كمية الأملاح الذائبة إلى 2000 جزء بالمليون عند البصرة واليوم قد تصل الى 3600 جزء بالمليون .
ب- شبكات توزيع المياه والصرف الصحي: شبكات توزيع مياه الشرب رديئة جدًّا حيث إن كفاءتها لا تزيد عن 32%، والطلب على المياه يبلغ 11 مليون متر مكعب يوميًّا بينما التزويد المائي الفعلي يبلغ نصف هذه الكمية. أما بالنسبة لشبكات الصرف الصحي، فإن 14 مدينة من مجموع 252 مدينة لها خدمات صرف صحي، وكميات المياه المعالجة تخدم 8% فقط من السكان، علمًا بأن شبكات الصرف الصحي مهترئة وتحتاج إلى صيانة وإعادة تأهيل حيث يتسرب 70% من مياه هذه الشبكة إلى الأنهار بدون تنقية. وقد تسببت رداءة شبكات توزيع مياه الشرب وشبكات الصرف الصحي باختلاط مياه الصرف الصحي مع مياه الشرب وانتشار الأمراض.
ج- نوعية المياه: تعتبر كمية الأملاح الذائبة في مياه نهر دجلة عند الحدود العراقية-التركية مقبولة بحدود 280 ملغم/لتر إلا أنها تزداد بشكل كبير كلما اتجهنا جنوبًا، أما مياه نهر الفرات، فتبلغ كمية الأملاح الذائبة عند الحدود العراقية-السورية فيها بحدود 600 ملغم/لتر وتزداد جنوبًا لتصل إلى أكثر من 1300 ملغم/لتر عند السماوة. وعند ملاحظة نوعية مياه الشرب نجد أنها لا تتطابق مع مواصفات منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب.
د- التصحر: أدى تقلص تصاريف الأنهار وتردي نوعية مياهها وزيادة ملوحة التربة إلى تحول مساحات كبيرة من الأراضي إلى مناطق قاحلة التربة، ويعتقد أن حوالي 45% من أراضي العراق تأثرت بالتصحر، وأدى هذا الأمر إلى زيادة العواصف الترابية وتقلص الأراضي الزراعية بحدود 40% مما أجبر ما يقارب 20 ألف شخص على ترك أراضيهم خلال الفترة من عام 2007 وحتى العام 2009 وتشير الإحصائيات إلى أن في عام 2009 أصبح 4% من الأراضي المروية شديد الملوحة و50% منها متوسطة الملوحة و20% منها قليلة الملوحة ( اما اليوم التصحر يجبر اعداد كبيرة من الناس على الهجرة لمناطق اخرى وهذا يرافقه زيادة في الفقر والبطالة ومشاكل اقتصادية واجتماعية خطرة ) .
ه- إعادة تأهيل الأهوار: إن جفاف منطقة الأهوار أدى إلى تغيرات بيئية، ونتيجة لاستغلال أجزاء من هذه المنطقة لعمليات استثمار النفط جزئيًّا وزراعتها من قبل بعض المواطنين فإنه صار من غير الممكن إعادة إعمار المنطقة كليًّا؛ حيث يمكن إعادة إعمار حوالي 70% منها مما يتطلب توفير حوالي 13 مليار متر مكعب من المياه سنويا.
و- إدارة الموارد المائية: بعد العام 2003، تولى مسؤولون غير مؤهلين مؤسسات الدولة المعنية بإدارة الموارد المائية مما أدى إلى تفاقم الأزمة المائية، وقد تسبب غياب الأهلية بعدم قيام وزارة الموارد المائية العراقية ببذل أي مجهود لمحاورة دول الجوار لتأمين حصة العراق المائية إطلاقًا. أما على الصعيد الداخلي، فقد تركت الوزارة عمليات صيانة مشاريع الري والبزل وحاليًّا لا يعمل أكثر من 15% من هذه المشاريع. كما قامت الوزارة بمنح حصص مائية لأراض خارج مناطق الإرواء وتحوير شبكات الري من أجل ذلك خلافًا لكل التعليمات ولتحقيق مصالح شخصية، وغابت أية خطة لتشغيل السدود مما أدى إلى انخفاض خزين المياه في هذه السدود إلى أدنى مستوياته، وإضافة إلى ما تقدم، قامت الوزارة بغمر أراض ضحلة كالأهوار مما أدى إلى زيادة الملوحة في هذه المناطق. إن النقص الحاصل في حجم المياه المتدفقة الى العراق سوف يعيق استغلال بقية الأراضي الصالحة للزراعة في العراق إن أكثر من ( 6 ) ملايين عراقي موزعين على امتداد نهر الفرات سيعانون من شحة المياه وان أكثر من (3 ) ملايين دونم من الاراضي الزراعية الخصبة سيلحقها الضرر .
3. كيفية تجاوز الأزمة
تجاوز الأزمة المائية ليس بالأمر السهل ويحتاج إلى جهود كبيرة من قبل مختصين في الموارد المائية، ولقد تم تلخيص الخطة المطلوبة لتجاوز هذه الأزمة من قبل عدد من الباحثين والمختصين وتم نشرها من قبل .
ويمكن تلخيص هذه الخطة كما يلي:
لابد من إجراء المباحثات بين الدول المعنية وبوجود وسيط دولي. يتم اختيار هذا الوسيط عند توفر بعض الشروط المهمة به مثل قدراته المالية والتكنولوجية، التي يتمكن من خلالها من مساعدة الدول المتحاورة، وسلطته أو تأثيره السياسي على الصعيد العالمي، وتتوفر هذه الشروط ببعض المؤسسات أو الدول مثل:
- البنك الدولي.
- الأمم المتحدة.
- المجموعة الأوروبية.
- الولايات المتحدة الأميركية.
وفي مثل هذه المباحثات لابد أن يقدم العراق أمورًا تحفز الجانب التركي على المشاركة الفعلية مثل إعطاء تركيا سعرًا مخفضًا للنفط المستورد من العراق حيث إن كافة الاجتماعات منذ السبعينات لم تُجدِ نفعًا وكانت مشاركة تركيا فيها لرفع العتب كما يقال.
إضافة إلى ما تقدم، فعلى كافة الدول المتشاطئة إعداد خطة استراتيجية لإدارة المياه على أن يتم تنفيذ هذه الخطة بغض النظر عن التغيرات السياسية وغيرها، والخطة المقترحة لابد أن تشمل الأمور التالية:
1. الرؤية الاستراتيجية لإدارة المياه:
- يجب مشاركة كافة القطاعات المعنية كالخبراء والاستشاريين والجامعات والوزرات ذات العلاقة كالزراعة مثلًا والمنظمات غير الحكومية المعنية وممثلي المنظمات الدولية.
- لابد من إعادة تأهيل المؤسسات المعنية بالمياه وتحديث محطات التنقية وشبكات الري وتوزيع المياه.
- وضع برنامج توعية جماهيرية وكذلك برنامج تدريبي للعاملين.
- وضع برنامج للتعيين والتدريب لتطوير الكوادر الفنية والإدارية.
- الأخذ بنظر الاعتبار العرض والطلب، وفي هذا المجال، لابد من الاستفادة من الموارد غير التقليدية كاستخدام المياه العادمة المعالَجة والحصاد المائي.
- تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجال المياه.
- وضع خطة تعاون واضحة مع الوزارات الأخرى ذات العلاقة.
2. التعاون الدولي والإقليمي: لابد من الاستفادة من المنظمات الدولية والإقليمية في مجال إدارة واستثمار الموارد المائية.
3. مجال الزراعة والري:
- استخدام الطرق الحديثة التي تقلِّل من الضائعات المائية.
- ضرورة صيانة وتطوير شبكات الري وتوزيع المياه ومحاولة استخدام القنوات المغلفة لتقليل الضائعات المائية.
- تطوير وصيانة شبكات الري والبزل.
- تقليل استخدام الأسمدة الكيمياوية.
- اعتماد عدم المركزية في الإدارة.
- تشجيع القطاع الخاص للاستثمار الزراعي.
- وضع برنامج توعية جماهيرية لاستخدام طرق الري الحديثة.
4. التزويد المائي والصرف الصحي:
- صيانة شبكات توزيع المياه.
- معالجة الرشح من شبكات الصرف الصحي.
- تطوير الخدمات باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
- إنشاء شبكات صرف صحي للمناطق التي لا تحوي مثل هذه الشبكات.
- إنشاء محطات تنقية للمياه العادمة لتغطي الاستهلاك المتزايد من المياه.
5. البحث والتطوير:
- إنشاء بنك للمعلومات يحوي كافة المعلومات ذات العلاقة والسماح للباحثين وطلبة الدراسات العليا باستخدامه.
- إجراء البحوث الريادية بغية الاستفادة من التكنولوجيا المتطورة واستخدام الملائم منها.
- إجراء التجارب الريادية للطرق غير التقليدية لجمع المياه.
- وضع برامج توعية لاستخدام المياه وكذلك الزراعة المتطورة.
- الاستفادة من المياه الجوفية.
ملخص ......
ترى الورقة أنَّ هناك ثوابت في السياسة التركيَّة تجاه العراق دأبت الحكومة التركية على تأكيدها منذ عام 2003؛ لاسيما ما يتعلق منها بالأمن الجيوسياسي والأمن الاقتصادي للبلاد، وتشير الورقة إلى أنَّ المرحلة الماضية في العلاقات التركية-العراقية رسمت خطوطَها العريضة الخلافاتُ مع الحكومات بعد 2003 حول سياسته الطائفية، والموقف من الثورة السورية، والعلاقة مع إقليم شمال العراق.
المفارقة أنَّ تدهور العلاقة بين البلدين سياسيًّا وامنيا يترافق مع طفرة في العلاقات الاقتصادية والتجارية وتخلُص الورقة إلى أنَّه ما زال من المبكر الحكم على مستقبل العلاقات التركية-العراقية في ضوء المتغيرات الحالية اقليميا ودوليا ؛ التي صاحبت الانسداد السياسي في عدم مقدرة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد انتخابات 2021 اكتوبر، وترى أنَّ هناك عنصرين رئيسين من شأنهما أن يحدِّدا طبيعة العلاقة المستقبلية بين كلٍّ من تركيا والعراق أو يؤثِّرا عليها لاحقًا؛ وهما: توجُّه الحكومة العراقية من جهة، ونفوذ إيران والولايات المتحدة الأميركية وتأثيرهما في قرار الحكومة العراقية.

أ‌. صباح علو
المختص بالسلامة و الطاقة
11-10-2023

المصادر :-
1- مخاطر الأزمة المائية في العراق: الأسباب وسبل المعالجة ( الدكتور نضير الانصاري 2018 ) ...
2- معهد السلام الامريكي ( تركيا والعراق – أخطار وامكانات الجوار – 2015 )
3- العلاقات العراقية-التركية العمق التاريخي و آليات تفعيل التواصل (السويداني، حامد محمد طه – 2011 )
4- لعلاقات الاقتصادية العراقية-التركية 2003-2011 (المجلة الدولية أبحاث في العلوم التربوية والإنسانية والآداب واللغات – ظاهر اسراء خزعل – 2020 ) .
5- محددات السياسة الخارجية التركية إزاء العراق ( سيد الحاج – 2016 ) .
6- العراق في حسابات تركيا الاستراتيجية والتوجهات المستقبلية ( علي حسين باكير – 2015 ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك