الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوفان الأقصى

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 10 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


هل ما قامت به حركة " الاخوان المسلمين " ، " حماس " ، كان حقا بمثابة طوفانا باسم الأقصى ؟ . وهل ما قامت به " حماس " ، كان يدخل في حرب تحرير الأقصى ، وتحرير فلسطين ، مع العلم ان ما قامت به " الحركة الاخوانية " ، لم يسبق لمثله ان حصل بالمنطقة ، منذ بداية الصراع بها ؟
ان ما قامت به حركة " الاخوان المسلمين " ، " حماس " ، من جهة كان انتحارا ، لان ما حصل زاد وكشف عن وجه الحركة كحركة داعيشية ، خاصة وان حركة " الاخوان المسلمين " ،هي النبتة التي تفرعت عنها جميع حركات الإسلام السياسي المتطرفة ، ووصلت اوجهها الأقصى بحركة " داعيش " ، وما خلفته من جرائم إبادة إنسانية باسم الشريعة " جئتكم بالذبح " ، لم يشهد مثيلها بشاعة تاريخ الإبادات الإنسانية التي حصلت منذ نهاية الحرب الحر بالعالمية الثانية .. فالهجوم العشوائي الغير منظم ، أيْ انّ الحصيلة بالنتيجة التي كانت سلبية ، اعطى العالم صورة واضحة عن طبيعة الفكر الذي تستند اليه الحركة ، وتستند اليه منظمات وجماعات التكفير والجهاد ، والقاعدة .. الخ ، الذي هو الفكر ( الحضاري ) المبني على الشريعة ، خاصة وان حدود الدولة التي يجتهد هذا الفكر في بناءها ، تعني العالمية ، وتنبذ القطرية فيروس الحل هو " الإسلام " ، و" من يتخذ من غير الإسلام دينا لن يقبل منه " .. فالدولة الإسلامية العالمية لان الإسلام " أممي " ، جاء " للخلق كافة " . يعني فرض جبرية الدولة الإسلامية العالمية ، التي لا حدود لها ، غير أرض رب العالمين .. لذا فهم يعتبرون وجودهم ببلاد ( الكفار ) بأوربة وبالولايات المتحدة الامريكية ، نوعا من الجهاد في قلب ديار ( الكفار ) ، لانهم يروا القارة الاوربية في اسلاميتها ، لا لا في مسيحيتها ، وفي ثقافاتها من ايديولوجيات مختلفة كاللادينيون ، والملحدون ، والمعتنقون للأفكار التي ترفض الطقوس الإسلامية ، التي تريد ارجاع اوربة ذات الأصل المسيحي ، الى القرون الخوالي لأكثر من 1450 قرن مضى ..
فهل الاسلامويون يشتغلون على اسلمة اوربة ، ومن قلب اوربة ، والاوربيون أصحاب الثقافة المختلفة ، يجهلون الخطر المهدد والمتواجد بارضهم التي يعتبرها الإسلام السياسي ارض الله وارض الإسلام ، لا ارض غيره من الديانات والثقافات التي ليست إسلامية ..
ان ما قامت به " حماس " باسم الإسلام ، لأنها تجاهد في اليهود ، لا علاقة له باستراتيجية تحرير فلسطين ، بل عرى على وجه " حماس " الاجرامي ، وهي تطلق النار على النساء ، والأطفال ، والشيوخ ، والمدنيين . وكان لها لو انّ ما قامت به يدخل في عملية التحرير ، وليس باسم الإرهاب ، ان تتوجه الى الجيش والى البوليس ، لا الى المدنيين العزل .. فكانت العملية انتحارا ، وكانت فشلا ذريعا ، فتم اجهاض المخطط التخريبي الاجرامي ، عندما أصبحت حماس خارج ما وصته بالأراضي الفلسطينية المحررة .. وأصبحت المسؤولية الآن ملقاة على عاتق المتطرفين الإرهابيين الذين مارسوا القتل من اجل القتل ، وليس من اجل الأرض التي أخْلوها في ظرف وجيز ..
فالوضع الحالي والنتائج المحصلة ، تساءل " حماس الاخوانية " عن عملية التحرير ، والحال ان حماس خارج الأراضي الإسرائيلية التي تعرضت للهجوم الغادر ..
ان عدد الضحايا الأبرياء ، من نساء ، وأطفال ، وشيوخ ، وكنا نشاهد كل شيء في الجهاز الإعلامي لحماس ، لم يسقط في جميع الحروب التي حصلت بالمنطقة ، بين الجيش الإسرائيلي ، وبين جيوش الأنظمة العربية التي أصبحت سمناً على عسل مع الدولة العبرية .. فالعملية ونتائجها العكسية ، لم تكن حربا بمعنى الحرب كما وصف الاعلام الإسرائيلية الهجوم . بل ان ما حصل كان هجوما إرهابيا داعيشيا ، حاول توظيف الصورة لإبراز حماس القوية ، التي ليست هي منظمات التحرير التي استسلمت ، ورمت البندقية لصالح أوفاق ، كانت الرصاصة التي أنهت ما كان يتردد " القضية الفلسطينية " . وقد زادت حماس بانتحارها هذا ، فشلا اكبر من فشل منظمة التحرير منذ سنة 1965 .. لان المواجهة كانت حرب عصابات تقوم بها منظمات المافيا ، ولم تكن حربا كما وصفت الحكومة الإسرائيلية خطأ ..
فإسرائيل كانت تربطها اتفاقيات وقف اطلاق النار مع " حماس الاخوانية " ، وقد تم ابرامها تحت اشراف المخابرات المصرية للجنرال السيسي ، الذي خدمته العملية الاجرامية الحمْساوية ، عند إيجاد مجال للبيع والشراء في المآسي التي تحصل وحصلت بالمنطقة . فالاتفاقيات كانت كلها حول وقف اطلاق النار ، والسهر على الامن والسلام بالمنطقة .. لكن ثقة الحكومة الإسرائيلية بهذه الاتفاقيات ، كان السبب الرئيسي في المجازر الداعيشية التي حصلت بعد الاجتياح الذي لم يدم طويلا .. وامام هذا الفشل المدوي للحفاظ على الأرض التي أعلنت حماس تحريرها ، وتحطيمها للحاجز بالجرافات البدائية ، والاتباع يتباكون في شكل هستيري مرددين " الله اكبر الله اكبر " ، معتقدين انهم في " خيبر " ، حتى تم طمس الهزيمة ، بتحويلها الى " النصر العظيم " ، بخطف المدنيين ، من نساء ، وأطفال ، وشيوخ .. الى مختطفين ، اعتبرتهم " أسرى حرب " ... لكن لعلم حماس ، فقضية اختطاف المدنيين لاستعمالهم للابتزاز ، وهي نفس الجرائم المنظمة التي تقوم بها عصابات ومنظمات الاجرام في العالم ، سيكون له وقع كبير ، لن تستطيع حماس التملص او الفرار منه . فما حصل للمدنيين من اختطاف وخطف ، ستكون كلمته بمجلس الامن الدولي ، التي سيصدر قرارات وبالإجماع ، تدعو الى محاكمة حماس وقيادتها عن الجريمة الإرهابية التي قامت بها ، ولن يكون لهم جحر للاختباء فيه . وإسرائيل ستظل تنتظر تنزيل قرارات مجلس الامن بسبب الإرهاب ، حيز التنفيذ الذي سينفذ وبجميع الطرق التي ينص عليها القانون الدولي . فالموعد سيكون بالمحكمة الجنائية الدولية بعد القرار الذي سيتخذه مجلس الامن في الموضوع ..
ومن هذا المنبر ندعو الحكومة الإسرائيلية ، الى رفع الحصار حالا عن المدنيين الذي لا دخل لهم في جرائم حماس الاخوانية . فقطع المياه ، الانارة ، الادوية ، الحاجيات الإنسانية ممنوع منعا تاما ... وعوض الاسترسال في قصف المدنيين ، ندعو الحكومة الإسرائيلية الى وقف القصف حالا ، لان ضحيته المدنيين الأبرياء ، وعوض القصف ، يجب طرق أبواب مجلس الامن الدولي ، الذي سيكون مضطرا ، وملزما بتطبيق القانون الدولي .. والمواجهة ستكون مع مجلس الامن ، ولتضبط إسرائيل اعصابها لفائدة المدنيين البريئين ، الذين زجت بهم حماس في مغامرتها ، التي سيكون لمجلس الامن منها كلمة الفصل .. ومرة أخرى ندعوكم لرفض الحصار حالا ، ولا تعاقبوا من ليس له دور فيما حصل .. ولا تزر وازرة وزرة أخرى ..
ان ما اثار الانتباه ، ليس بشاعة جريمة المنظمة " الاخوان المسلمون " ، " حماس " . ان ما اثار الاستهجان ، هو التأييد الكامل للشارع العربي بسبب تزييف الحقائق ، للأعمال الاجرامية الحمساوية ، وهو نفس التأييد كان ل " السياسويين " ، ولبعض دعاة " الثقافة الملتزمة " ، ولبعض القومجيين على قلتهم ونذرتهم ، يؤيدون " حماس " . وبين عشية وضحاها ، أصبحت ( حماس ) الإرهابية الاخوانية تمثل حركة التحرير الفلسطينية الحقيقية ، بعد ان انهزمت هزيمة ذليلة ، منظمات التحرير القديمة التي بقي فقط منها العنوان ، كحركة " فتح " بجناحيها ، جناح محمود عباس وجماعته المسيطرين على بيت المال والجاه والنفود ، وفتح ( المعارضة ) منذ ( المعارض ) أبو موسى الذي كان ذمية بيد نظام دمشق .. الى " الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين " ، وهي قريبة من الانقراض التام ، وتحولت قيادتها برئاسة ناييف حواتمة الماركسونولوجي ، الى مالكي حسابات بنكية ضخمة ، وساكني فيلات وشقق من الطراز الرفيع ، ويركبون السيارات الرفيعة ، ويرتدون اللباس الأوربي المصنف ، والاحذية الايطالية الممتازة ... وقد كان ناييف حواتمة بارعا في الكلام فقط .. وتقريبا كانت نفس النهاية لل " جبهة الشعبية لتحرير فلسطين " التي فقدت بريقها الذي كان لها قبل خروج الجبهة الديمقراطية " عنها .. الى الجبهة الشعبية – القيادة العامة – لأحمد جبريل " عرفْ كيْف " يردد هذا الجملة في كلامه كثيرا .. الى الصاعقة ، الى جيش التحرير الذي كان تابعا للأردن ، واخر كان تابعا لحزب البعث السوري .. الى أبو نضال التابع لحزب البعث العراقي ، وعندما بدأ الجيش الأمريكي بالدخول الى بغداد ، اصدر صدام حسين امرا باغتياله ، في شقة كان يقيم فيها ببغداد ، حتى يحمي الكشف عن الجرائم التي قام بها أبو نضال لصالح صدام حسين ..
فهل حقا ان ( حماس ) بعملها الداعيشي ، أصبحت تمثل بحق منظمة التحرير الحقيقية ؟ ، مع العلم ان الساحة الفلسطينية يسيطر عليها فقط محمود عباس كقائد لحركة " فتح " برام الله ، لان الضفة الغربية لم تبق كما كانت ، وأصبحت نقطة وسط المساحة الشاسعة التي تسيطر عليها إسرائيل .. فمن يسيطر على بيت المال ، يسيطر على ( سلطة ) رام الله ، وكدافع للأجور تخضع له باقي ( المنظمات ) الفلسطينية التي تخلت عن البندقية ، التي تحولت بيد فلسطينيين مستقلين ، او شبه مستقلين ، لهم ارتباطات مع أناس او جماعات لا علاقة لها بالمنظمات الفلسطينية التقليدية ، التي منها من تقلص الى اقصى الحدود ، " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " ، او قد يكون انقرض على مستوى البندقية ، وعلى مستوى الفعل السياسي والتنظيمي ، ك " الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين " ، او انها رغم حجمها الصغير تعيش مخلفات غياب احمد جبريل " الجبهة الشعبية – القيادة العامة – " ... الخ .
ان ما يجهله دعاة نصرة الجريمة الشنيعة لحماس ، ويجهله جماعة " كلنا حماس " ، " كلنا حماسيون " ، وللأسف كان منهم الأمير هشام بنعبد لله العلوي .. الذي كان عليه ان يكون ملما بإرث الصراع بالمنطقة ، وجامعا مانعا للأطراف الفاعلة في الصراع ، ومنبتها وعلاقاتها ، والاهداف المسطرة لخدمتها .. ان من انشأ منظمة " الاخوان المسلمين " ، " حماس " ، لم يكن القرار قرارا فلسطينيا ، لتحرير فلسطين .. بل ان من انشأ ( حماس ) ، كانت الدولة الإسرائيلية ، وبالأخص المخابرات الداخلية ، وبوليس الشاباك ، وحتى الموساد ستكون له كلمته في الانشاء ، وطبعا وافق ولم يعترض على الانشاء الغريب في ارض إسرائيل ، التي لم تكتمل حدودها بعد .. رغم انه انشاء بطابع اسلاموي .. وهنا فجماعة ( حماس ) قبل الترخيص لها ، و الاعتراف بها من قبل الحكومة الإسرائيلية التي تكون قد اشتغلت على دراسة تقريرية للمخابرات الإسرائيلية ، كان اتجاههم العقائدي " اخوانيا " . وطبعا فان الاعتناق العقائدي لأكبر منظمة فلسطينية في ذاك الوقت " فتح " ، كان إخوانياً بالأساس ، مع ترديد بعض شعارات الأحزاب الحاكمة في الدول التي يتواجدون بها ، كحزب البعث اليميني العراقي ، ويسار حزب البعث الحاكم في سورية ، إضافة الى تماهي منظمات قومية ، ويسارية ، وماركسونولوجية كالشعبية ، مع نظام عدن خاصة عند حكم عبد الفتاح إسماعيل الستاليني ...
فإسرائيل عندما أنشأت ( حماس ) فذلك لمواجهة منظمات التحرير من الاخوانية والشبه قومية " فتح " ، ومواجهة " الماركسونولوجيين " او " الماركسانيين " كالشعبية وكالديمقراطية ، ومواجهة القومجيين كالشعبية – القيادة العامة – احمد جبريل ..
فهل نجحت إسرائيل عندما أنشأت ( حماس ) ، لمواجهة منظمات منظمة " التحرير الفلسطينية " ؟
لم يدم شهر العسل طويلا . من جهة لان حماس فشلت في مواجهة المشروع الذي تعمل من اجله المنظمات الفلسطينية الاخريات ، خاصة الموقف والعلاقة مع ملك الأردن ، والنظام الملكي الأردني ، وفشلت في مسايرة التناقض الذي طبع منظمات التحرير ، في علاقتها بالسعودية وبدول الخليج ، وعلاقتها مع مصر التي يحكمها نظام ( علماني ) .. وكان ما قامت به حماس ، انْ وظفت صراعها مع منظمات التحرير الفلسطينية ، حيث نشبت اشتباكات مسلحة بينهم ، الى انقلاب منظمة حماس على الدولة الإسرائيلية ، واصبح ما يحدد الفرق بين حماس التي لم تكن ضمن " منظمة التحرير الفلسطينية " ، وبين منظمات " منظمة التحرير الفلسطينية " ، خاصة منظمة " فتح الاخوانية " ، هو درجة العداء للدولة العبرية .. وطبعا فموقف العداء هذا ، وبسبب العمليات الانتحارية التي سمتها ب " الاستشهادية " ، وكانت عمليات ظرفية تسويقية ولم تكن بعمليات استراتيجية . وبسبب الخلافات التي دبّت بين حركة " فتح " التي ارتمت في الحضن السعودي بسبب الدولار ، والحفاظ بعلاقات خاصة مع مصر التي تتحكم في المعبر " رفح " ، سيميل الشارع الفلسطيني الى جانب حماس ، التي وظفت الدين في صراعها ضد منظمات التحرير ، التي لم تكن عضوة فيها ، وضد دولة إسرائيل التي رفعت شعار رميها في البحر .. هكذا سيصبح للدولة الإسرائيلية عدوان ، واحد تمثله منظمات التحرير التي انتهت ، باستثناء جماعة محمود عباس المسيطر على بيت المال الذي يستعمله في البيع والشراء ، وفي ترتيب الوضع كما يريد ، وكما تقتضي مصلحته ، التي هي الحصول على المزيد من الدولار ، حتى في شكل ضرائب تعطيها لهم إسرائيل ، ودور حسين الشيخ الذي كان دور محمد دحلان ، واضح في استعمال الموارد لبسط النفود ، وعداوة منظمات التحرير التي تحولت من البندقية ، الى السياسة والدبلوماسية ، بعد خروج منظمة التحرير من لبنان في سنة 1982 ، بعد خروجها من الأردن في سنة 1970 ..
فرغم هذه الحقائق ، ورغم الإفلاس التام للعمل الفدائي ، استمر المضللون والاغبياء ، يناصرون هجوم حماس الذي لم يكن هجوم تحرير ، بل كان اجراما ، ومثل حطّاب الليل المسمى عبدالباري عطوان ، ظلوا يؤكدون انتصار حماس ، ويبشرون بتحليلها للأراضي التي دخلتها ، بل ويصفقون لجريمة خطف المدنيين للابتزاز .. والسؤال . اين حماس اليوم بعد الحماقة التي قامت بها ، وكانت انتحارا مقصودا وعن طيب خاطر .. ؟
ان الوضع القانوني لسلطة ( رام الله ) ، قديما الضفة الغربية ، وغزة " يهودا والسامرا " .. واضح ولا يحتاج الى تأويل ولا الى شرح ..
ان العملية ، وستكون رصاصة الرحمة التي صوبتها منظمة التحرير الفلسطينية الى قلب القضية الفلسطينية ، لم تكن هي الحروب التي خاضها الجيش الإسرائيلي ، وانتصر فيها على كل الجيوش العربية . ان رصاصة الرحمة التي خدمت القضية اليهودية ، كانت بالضبط موافقة قيادة منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات ، على أوفاق مؤتمر مدريد في سنة 1982 ، وبعد فشل مؤتمر مدريد Madrid ، بسبب تشبت إسرائيل بأصل المفاوضات الذي يجب ان تلتزم بالمضمون الذي هو كيفية تحديد نوع " الدويلة الفلسطينية " ، او " شَبهُ الدولة " ، وهي شروط يجب ان تحظى بالمفاوضات العميقة ، كانت الاختلافات تصب حول طبيعة الملائمة ، للفصل او للتقرير في شيء لم تنضج بعد شروطه .. وفي هذه الحال لا يجب استباق الزمن من اجل الوصول الى حلول غير ناجعة ، لان هنا الجميع سيسقط في ضياع الوقت .. فهل الوقت رخيص لضياعه في مسائل شروطها كما هو متفق عليه ، يجب ان تكون ناضجة ..
لتفادي ازمة مؤتمر مدريد ، وبتدخل البيت الأبيض الأمريكي ، وتدخل السعودية ، والملك الحسن الثاني من بعيد ، سيتم تعويض مؤتمر مدريد الفاشل ، او الذي فشل ، او انّ طرفا افشله ، لأنه يتهرب منه حتى لا يتحمل ثقل زوبعة تنتظره ، بمؤتمر آخر وهو الأهم ، لان الجميع راهن عليه ، سيُعرف بمؤتمر أسلو Oslo / Norvège في سنة 1993 ، أي بعد مرور اثنتا عشر سنة من مؤتمر مدريد في سنة 1982 . فانتظار إثنتا عشر سنة من المفاوضات العميقة ، وهي لم تكن مفاوضات ، بل كانت مراهنة على الوقت ، واستغلال الظرف الدولي الذي كان يصفق للمفاوضات ، ولم يكن يصفق للحل او للحلول ، خاصة ارتماء كل منظمة التحرير باستثناء منظمة " حماس " ، التي رفضت المفاوضات ، ودعت الى الحل الإسلامي لحل المعضلة المعلقة .. ظلت المفاوضات مستمرة . لكنها وبعد ان ربحت إسرائيل اعتراف " منظمة التحرير الفلسطينية " بها كدولة إسرائيلية يهودية ، هنا تجسد الفكر والنبوغ الإسرائيلي ، الذي يتقن المفاوضات وبامتياز ، لان المفاوضين الإسرائيليين من الطراز الرفيع ، والعالي الجودة . فهي تعرف متى تفاوض ، واستعمال وسائل المفاوضات ، وتعرف متى لن تفاوض ، وتحت أي عامل كان ، ولو كان وراءه واشنطن او باريس ..
إسرائيل عندما كانت تفاوض او تتفاوض ، كانت تركز على الحواشي ، أي نوع الشروط التي يجب ان تتوفر للسماح بإقامة " دويلة فلسطينية " ، او " شَبه فلسطينية " ، مثل " دويلة منزوعة السلاح الثقيل " تحت الحراسة المشددة للجيش الإسرائيلي ...
لكن وإسرائيل الدولة انتزعت الاعتراف بها من قبل " منظمة التحرير الفلسطينية " كدولة ، وهنا يجب التركيز على الدولة ، إسرائيلية ، ويهودية ، وهذا سهّل على دول العالم ، خاصة دول الاتحاد الافريقي ، ودول أمريكا اللاتينية والجنوبية ، والعديد من الدول العربية ، الاعتراف بالدولة الإسرائيلية التي تقدم نفسها دولة يهودية ، لكنها وفي خضم الحديث عن الشروط التي تسمح بإقامة " الدويلة الفلسطينية " ، طبعا لم تتوصل المفاوضات الى تحديد تلك الشروط . والتمسك بالشروط ، لم يكن الغاية منه ما تم ترديده منذ الخروج من لبنان في سنة 1982 ، بل الهدف جر المفاوض الفلسطيني الى Chaos الذي يرهقه كمفاوض ، وطبعا لا يمكنه ان يتغلب على المفاوض الإسرائيلي ، لان المفاوضين الإسرائيليين ، من اخطر واصعب المفاوضين الذين يتقنون " علم التفاوض " . واكيد سيكون هناك قسم بكبريات الجامعات الإسرائيلية مخصص بتدريس منهجية التفاوض ، وقد تكون دوائر في الميدان ، تتبع احد الوزارات كوزارة الخارجية ، ووزراء خارجية الدولة العبرية ، لا مثيل لهم الاّ في وزراء الخارجية الامريكية ، والألمانية ، والروسية ..
فإضافة الى بث الإرهاق والملل ، واحباط النفسية لذا المفاوض الفلسطيني ، وهو يكون كتلميذ متسول امام المفاوض الإسرائيلي ، فان اكبر معضلة ، وهي ام المعضلات ، ان في الوقت الذي تكون فيه الدولة الإسرائيلية ، التي تخلصت من مشاكل مؤتمر مدريد ، تكون بعد مرور اكثر من ثلاثين سنة 1993 / 2023 ، قد تخلصت من مشاكل مؤتمر أسلو Oslo ، في الوقت الذي لا زال محمود عباس ومن معه ، يرددون الدعوات للالتزام ب Oslo ، والاّ فان عباس ومنظمة التحرير الفلسطينية ، سيسحبون اعترافهم بإسرائيل كدولة .. في الوقت الذي لم تعد إسرائيل في حاجة الى " شهادة " ، " اعتراف " محمود عباس او غيره من الفلسطينيين بها . لان مشروعية الدولة الإسرائيلية اليهودية ، هو اعتراف العالم بها ، وهي مشروعية يجسدها الشعب اليهودي صاحب الحضارة التي تعود الى اكثر من 3000 ثلاثة آلاف سنة ..
فعندما يفاوض محمود عباس ومن معه الذين اعماهم حب الدولار والنهب ، وقبله عرفات ومن كان معه من 1982 بمدريد ، ومن 1993 والى اليوم ب Oslo ، ويجهلون الجهل التام مع منْ يتفاوضون ، وما هي مشاريعهم ، وما هي مشاريع غيرهم ، أي اليهود .. وبعد كل الهزيمة وليس الفشل ، لان إسرائيل ربحت المعركة ، ليس بالسلاح ولا بالحروب . بل ربحتها بمثقفيها وساستها ، وحنكتها ، ودبلوماسيتها الخارقة ، وبحضارتها التي هي الحضارة اليهودية ..
نعم لقد ربحت إسرائيل الحرب حرب القلم والعلم والثقافة ، وربحت اخطر واقوى حرب التي هي الحرب الديمقراطية .. فأصبحت علاقاتها عالمية ، الاّ مع النظام الجزائري وحده ظل وفيا " لجبهة الصمود والتصدي " ، وهي الجبهة التي ما تصدت لفلان او صمدت في وجه علان ..
من هنا . فاذا كان عرفات الذي مر من " وايْ ريفَرْ " بحضور الرئيس Clinton ، ورئيس الحكومة الإسرائيلية Ihoud Barak ، الذي قدم خدمات خاصة للحسن الثاني / الجنرال احمد الدليمي / الجنرال الحرشي DGED .. واذا كان محمود عباس الذي خلف عرفات يتفاوض ، ويجهل مع من يتفاوض .. فتلكم مصيبة ، فعرفات ومحمود عباس لا يستحقان التفاوض من اجل " دويلة " لن تكون ابدا ، فمحلهم اصطبل وليس مكانة للوزراء .. طبعا لقد اعماهم الدولار والعيش الرغيد .. فزوجة ياسر عرفات وابنتها في رأس مالهم ثمانية مليار دولار ، ويسكنون في ارقى الاحياء الباريسية Neuilly ، ويملكان حيا ب London من ارقى الاحياء البريطانية ..
ان " الدويلة الفلسطينية " لن تكون ابدا ، ومشروع " العودة ، يبقى من اكبر المستحيلات .. لقد اخطأ الفلسطينيون معرفة وفهم مخاطبهم اليهودي .. فإسرائيل حين كانت تتفاوض ومن سنة 1982 ، كانت تعمل لوصول المفاوض المقابل الى لا شيء .. وبالفعل هذا ما حصل ، وايده العالم .. ان إسرائيل وبعد ان اقامت دولتها ، واعترف بها العالم ، وانتزعت اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بها كدولة إسرائيلية ويهودية ، لم تعد تفكر في الدولة التي تم حسمها . بل انها أصبحت ومنذ بدأ المفاوضات بعد Oslo ، تتحدث وتعمل من اجل الأرض . أي ارض الميعاد التي حدودها غير محددة ، وجيرانها غير معروفين . وان الحديث والعمل على ارض الميعاد ، لشعب الله المختار ، تعني الحضارة الإسرائيلية ، التي هي اليهودية من توراة وزبور ، وتقاليد مرعية ، وطقوس حاخامية ، أي بالرجوع الى إسرائيل ارض شعب الله المختار كما كانت منذ اكثر من 3000 ثلاثة آلاف سنة . فهل في العمل على مشروع ارض الميعاد ، الغير معروفة الجيران ، وحدودها غير محددة ، ارض شعب الله المختار .. سيكون هناك امكان لإنشاء ، ولو " دويلة " بأسلحة خفيفة او من دون أسلحة ؟
وهل في دولة يهودية حضارية طقوسية حاخامية تقليدانية ، سيسمح بعودة اشخاص لا علاقة لهم بإسرائيل الكبرى ارض الميعاد كما تتحدث عنها التوراة ويتحدث عنها الزبور ؟
فاذا كان عرفات ومن بعده محمود عباس يتفاوضون ، ويجهلون من يتفاوض معه ، وما هي غايته الأخيرة .. فتلكم طامة كبرى وفضيحة ما بعدها فضيحة .. تتفاوض وتجهل على ماذا تتفاوض ، وتجهل مع من تتفاوض ..
وقبل ان اختم ، لي سؤال . هل الدولة الإسرائيلية اليهودية ، قبل ان تصل الى الدولة الحضارية كما كانت إسرائيل التي ذكرها الله في القرآن العديد من المرات ، ولم يذكر كلمة واحدة لتسمية فلسطين .. هي طغيانية ، استبدادية ، بوليسية ... ؟
كم عدد رؤساء الحكومات والحكومات عرفتهم الدولة الإسرائيلية ؟ وكم عدد الحكام العرب الذين رفضوا مغادرة السلطة ، وهيئوا ابناءهم لينوبوا عليهم .. صدام حسين وابناءه .. حافظ الأسد / بشار الأسد .. القذافي وابناءه .. حسني مبارك وابناءه .. صالح رئيس اليمن وابنه .... الخ .
والسؤال الأكثر من مهم . هل سبق للدولة الإسرائيلية ان اغتالت إسرائيليا معارضا خارج إسرائيل بأحد الدول الاوربية ، او اغتالت معارضا داخل دولة إسرائيل ؟
هل سبق لإسرائيل ان تحالفت مع نظام عربي او إسلامي ضد حزب إسرائيلي او ضد جماعة معارضة إسرائيلية ؟
كم ثروة رؤساء الحكومات الإسرائيلية والوزراء الإسرائيليين ، ومنهم Neten Yahoo ، وكم ثروة محمود عباس وابناءه .. كم ثروة قيادات منظمة التحرير ؟ وكم ثروة إسماعيل هنية وثروة ابناءه .. وأين يسكنون وماذا يلبسون ...الخ ..
وأين يعيش الفلسطينيون في غزة وفي الملاجئ بلبنان ، سورية ، اليمن " الضفة الغربية " ... الخ
لن تكون " دويلة " فلسطينية ابدا .. ولن يكون حق للعودة ... فهل فهمتم لماذا كل قادة الدولة الإسرائيلية من جميع الاتجاهات ، يرفضون سماع أسطوانة " الشبه دويلة فلسطينية " ، ويرفضون السماح ب " حق العودة " ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟