الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن على شفا كارثة تاريخية، تشمل إسرائيل أيضًا

جدعون ليفي

2023 / 10 / 17
القضية الفلسطينية



اذا قامت اسرائيل بتدمير القطاع على رؤوس حكامه وسكانه فسيتم نقش هذا لأجيال في وعي العالم العربي والاسلامي ووعي العالم الثالث ايضا. الثمن ستدفعه اسرائيل، وسيكون ثمنا باهظا أكبر مما تتوقعه الآن


اسرائيل ستنطلق الى عملية برية كارثية في قطاع غزة. هذا الغزو يمكن أن ينتهي بفشل ذريع لم تشهده اسرائيل أو غزة من قبل. هذا الغزو يمكن أن يحول الصور التي تأتي من غزة في الفترة الاخيرة الى المقدمة؛ سنقف امام مذبحة جماعية. جنود كثيرون سيقتلون بدون هدف، سكان غزة سيواجهون نكبة ثانية، علاماتها الاولية صارت بادية على الارض. ولن يربح أي أحد من هذه الفظائع.
من ساعة الى اخرى تصبح الصور من غزة مخيفة أكثر. وسائل الاعلام الاسرائيلية المجندة تخون دورها ويحركها من يستهلكونها، يكفيها خطاب الجنرالات الذي يأتي من السماء والذي لا نهاية له. ولكن حقيقة أن اسرائيل لا تظهر غزة، لا تعني بأن الكارثة لا تحدث هناك.
أكثر من مليون شخص كانوا أمس يهربون للنجاة بحياتهم أو يتشبثون بطريقة انتحارية ببيوتهم المدمرة، نصفهم من الاطفال. الشيوخ والنساء وذوو الاحتياجات الخاصة والمرضى والاطفال يهربون نحو الجنوب سيرا على الاقدام أو على الدراجات الهوائية أو على مقدمة السيارات أو على الحمير ولا يحملون معهم إلا القليل من ممتلكاتهم.
أناس يسيرون نحو حتفهم وهم يعرفون ذلك. لا يوجد أي شخص في القوافل الكبيرة التي تذهب نحو الجنوب يؤمن بأنه سيكون له بيت يعود اليه. ولا يوجد أي شخص لم يتذكر مشاهد النكبة التي عاشها الآباء قبل 75 سنة. غزة كانت أمس تشبه ناغورنو كاراباخ. الى أين سيذهب الفلسطينيون من قطاع غزة؟ أين سيختبئون؟ أين سيجدون ملجأ أو بيتًا؟ لا توجد كهرباء أو مياه أو أدوية أو انترنت.
هذا الاخلاء هو عقاب جماعي يبشر بما سيأتي. اسرائيل تقول بأنها ستطهر شمال القطاع من حماس، وبعد ذلك ستنتقل الى الجنوب. مليونا انسان، أو من سيبقى منهم على قيد الحياة، سيأمرونهم بالهرب والعودة الى الشمال من اجل تطهير الجنوب. المهمة ستستكمل والجيش سيشير الى عشرات آلاف القتلى الذين قتلهم بيديه، ويقول بأن معظمهم كانوا من اعضاء حماس. كل فتاة أو فتى يقتلونه سيتم تجريمهم كأعضاء في حماس. حسب وزارة الصحة الفلسطينية فان 724 طفلا فلسطيني قتلوا حتى ظهر أمس، قبل أن يبدأ الغزو البري. لم يكونوا من حماس.
اسرائيل ستنتصر وغزة ستُسوى والانفاق سيتم تطهيرها، وسيقال هذه الكائنات الحيوانية ستتم تصفيتها، رائحة الموت التي ستتصاعد من القطاع ستختلط مع صور الذين يموتون بسبب الجوع أو الذين يحتضرون في المستشفيات المكتظة والعالم سيستمر في تأييد اسرائيل، التي تمت مهاجمتها ببربرية ولم يكن امامها أي خيار. المخطوفون الاسرائيليون يمكن أن يدفعوا حياتهم ثمنا لذلك. وبعد ذلك سيبزغ الصباح على وقف اطلاق النار في غزة المدمرة – بماذا يهم ذلك؟ من الذي سيتولى الحكم في القطاع؟ ممثلو قيادة الوكالة اليهودية؟ العملاء في غزة؟ وما الذي ستكسبه اسرائيل من ذلك؟ حتى الآن لم نقل أي كلمة عن الحرب متعددة الجبهات التي يمكن أن تندلع وتغير قواعد اللعب كليا.
اسرائيل تنطلق الى عملية خطيرة وخاسرة. هي يمكنها سؤال حلفائها في واشنطن ما الذي جلبته الحروب العبثية للولايات المتحدة من اجل استبدال الانظمة في العالم؟ كم من ملايين الاشخاص قتلوا عبثا ومن الذين تولوا الحكم على الحراب الامريكية؟ لكن نحن لا نحتاج الى امريكا، وحتى لا نحتاج الى التفكير بكارثة الفلسطينيين كي نعرف بأننا على شفا كارثة تاريخية ايضا لاسرائيل. اذا تم حقا استكمال المهمة وقامت اسرائيل بتدمير القطاع على رؤوس حكامه وسكانه فسيتم نقش هذا لأجيال في وعي العالم العربي والاسلامي ووعي العالم الثالث ايضا. "نكبة ثانية" ستمنع مئات ملايين الاشخاص في ارجاء العالم من قبول اسرائيل. ربما ستكون هناك ايضا انظمة عربية تضبط نفسها في البداية، لكن الرأي العام فيها لن يسمح لها بالاستمرار في ضبط النفس. ولكن الثمن ستدفعه اسرائيل وسيكون ثمنا باهظا أكبر مما تتوقعه الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانتقام المضاد قادم حتما وسيكون شديد الأهوال
محمد بن زكري ( 2023 / 10 / 17 - 20:28 )
كان يمكن أن يتعايش الطرفان في دولة ديمقراطية واحدة ، أو في دولتين متصالحتين . لكن أمام تعنت دولة إسرائيل برفضها قرارات الشرعية الدولية ، وأمام الإذلال اليومي الذي يتعرض له الفلسطينيون ، وأمام إرهاب المستوطنين ، و أمام انسداد أفق الحل ، وأمام عمالة سلطة اللاسلطة في رامللا ، وأمام صعود الصهيونية الدينية إلى الحكم في إسرائيل .. إلخ من العوامل الضاغطة ؛ ما كان لعاقل أن يتوقع غير ما فعلته حركة حماس يوم 7 أكتوبر ، فالتطرف الديني يستدعي تطرف دينيا مضادا .
وللدقة ، ليست إسرائيل من ستنتصر ، بل الجنون الإسرائيلي هو من سينتصر .
ما توقعه الآن إسرائيل بالفلسطينيين في غزة من الجرائم المروعة ضد الإنسانية (قتل حتى الآن 940 طفلا فلسطينيا ، هم ليسوا حمساويين) ، لن تمحوه الأيام لأجيال وأجيال قادمة ، وسيغذي لدى الفلسطينيين جيلا بعد جيل أحقادا قومية ودينية لا حدود لها ، ويوما ما ستدفع إسرائيل ثمنا باهظا باهظا باهظا ، وأقرب موعد للانتقام الرهيب سيكون بامتلاك دولة إيران الإسلامية (مقابل دولة إسرائيل اليهودية) أول سلاح لتوازن الرعب النووي .
للأسف العقلاء ودعاة السلام في إسرائيل لا صوت وازنا لهم في السياسة .


2 - مندهش
على سالم ( 2023 / 10 / 18 - 01:51 )
الاشكاليه هنا ان اسرائيل دوله كاذبه تكذب وتكذب وتكذب بشكل هستيرى وفج , اسرائيل دوله بلطجيه وعنصريه ودمويه وايضا دوله شريره تكره حتى نفسها ؟ هذا النظام العالمى الذى يسمى الامم المتحده اصبح عبأ كبير وغير عادل فى قراراته لدول العالم ويتحكم فيه دول الغرب المجرمه الحاقده , اكبر مشاكل اسرائيل انها دوله عنصريه تأسست على الدين اليهودى ويعتبروا انفسهم انهم فوق البشر بل ويحتقروا كل الامم ؟ من الممكن ان يتعايش اليهود والعرب فى دوله واحده اذا مانحينا الاديان جانبا وتكون دوله علمانيه يتساوى فيها اليهودى والعربى فى العمل والفرص وازاله اسباب الاحقاد الدينيه , الاديان هى سبب مصائب البشريه


3 - الخوف الحقيقي
ماجدة منصور ( 2023 / 10 / 18 - 11:39 )
هو أن تمتد نيران تلك الحرب المسعورة الى مصر و سوريا و لبنان!!!!!!!!0
ما يجري أمام أعيننا يصيبنا بضغط عصبي و نفسي يصعب علينا تقبله و نحن نحيا في دول آمنة فما حال الناس اللذين يعيشون في تلك البقعة الجغرافية من العالم!!! لما لا يحاول صناع القرار الفعلللين فرض السلام فرضا و إجبار هؤلاء المتصارعون على وقف الصراع الدموي فورا ففي الحروب لا يكون عادة من يكسب أو من يخسر فالجميع خاسر بلا شك0
ان الشارع العربي و أيضا العالمي قد إبتدأت بالغليان و هذه الحرب ستكون لها تداعيات خطرة جدا على مستوى العالم كله و الأيام القادمة ستثبت لكم صدق كلامي0
شكرا لك و للأساتذة المعلقين


4 - لا يوجد أي بديل للاسف
مجدي محروس عبدالله ( 2023 / 12 / 4 - 12:59 )
اليهود وضعهم معقد للغاية و لن يرضى المسلمون الا بابادتهم عن بكرة أبيهم
و بالتالي المواجهة حتمية و البقاء الاقوى و الاكثر ذكاء


5 - المدعو محروس عبدالله
على سالم ( 2023 / 12 / 4 - 15:46 )
من الواضح انك صهيونى قلبا وقالبا وهذا واضح من تعليقك العنصرى البذئ