الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي من منظور الماركسيين السودانيين

محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)

2023 / 10 / 19
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


في السابع من الشهر الحالي في أعقاب العملية العسكرية "طوفان الاقصى" التي قادتها " حركة المقاومة الإسلامية -حماس-" ضد إسرائيل أعلنت الأخيرة على لسان حكومتها عزمها على شن حرب شاملة على الحركة. ونتيجة للعمل العسكري الفلسطيني الذى اقتحم بقوة واتساع الحدود الإسرائيلية، أعلنت إسرائيل ان هدفها هذه المرة ليس فقط التصفية الجسدية لجميع قادة حماس، ولكن تدمير سلطتهم بجميع مؤسساتها الكائنة في قطاع غزة الذى تحكمه الحركة. ان إسرائيل أعلنت الحرب لأول مرة بعد خمسين عام منذ نشوب حرب أكتوبر بينها وبين مصر وسوريا.

لا نفتأ نكرر أن الموقف الثابت والصحيح من وجهة النظر الوطنية السودانية هو ان تأييد النضال الفلسطيني ضد إسرائيل ليس اختيارا، بل موقفا مبدئيا أصيلا يتواءم مع الأهداف ذات الأولوية الوطنية التي طالما ناضل الشعب السوداني من اجلها. فإسناد الفلسطينيين في نضالهم ليس تضامنا مستحقا مع حقوق الفلسطينيين ورفضا للتنكيل بهم وتماهيا مع النزعة العالمية العادلة التي ترفض تكوين الدول على أساس عنصري كما تفعل دولة العصابات الصهيونية فحسب، بل ضرورة لحماية امن السودان وسلامة سيادته قبل كل شيء باعتبار أن إسرائيل هي الأداة للإمبريالية الأمريكية في الهيمنة على منطقتنا.

ولا نفتأ نؤكد ان الصراع ضد إسرائيل لا يمكن تصوره كصراع عقدي "ديني" كما تعتقد "حماس" . التفسير العقدي للوقائع في مسار تحرير فلسطين يتجلى في فكر "حماس" المضمن في وثائقها السياسية حيث جاء (حركة المقاومة الإسلامية -حماس- هي حركة تحرّر ومقاومة وطنية فلسطينيَّة إسلامية، هدفها مواجهة المشروع الصهيوني وتحرير فلسطين، مرجعيَّتها الإسلام في مطلقاتها وأهدافها ووسائلها، ومنه تستمد أفكارها ومفاهيمها وتصوراتها......وبطبيعة الحال فإن الصبغة الإسلامية تنعكس على الفكر السياسي للحركة، ونظرتها للدولة، التي يتمثل فيها المفهوم الشامل للإسلام....) وهكذا، فان "حماس" تتعهد منذ توليها السلطة في غزة عام 2007 بـ "تدمير "إسرائيل وتأسيس "دولة إسلامية".

إن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي سياسي وبالنسبة للفلسطينيين فان قضيتهم تتمثل في التحرر الوطني من نير الصهيونية التي تحتل أراضيهم؛ وهكذا من الناحية الاستراتيجية، فان الحل النهائي للصراع ضد إسرائيل يكمن في إقامة دولة ديمقراطية علمانية محل سلطة الاحتلال لأراضي فلسطين يتمتع فيها الجميع بحقوقهم الكاملة في المواطنة. وعلى الرغم من حضور الدين في الصراع العربي – الإسرائيلي، الا ان التفسير العقدي في هذا المضمار ضار بقضية التحرر الوطني الفلسطيني.

واستطرادا، فان التفسير العقدي الرافض لتاريخية المجتمعات البشرية وتطورها الاطرادى الذى تتبناه التنظيمات الإسلامية يعبر عن أوضاع اجتماعية-اقتصادية محدده (وهذا ما يفسر اختلاف المنهج والتوجه السياسي باختلاف المجتمعات التي تنشط فيها هذه التنظيمات)؛ وهذا ينطبق حتى على تلك التي ولدت في قلب حركات التحرر الوطني مثل " حماس" . فالتنظيمات الإسلامية بطبيعة الفكر الذى تتبناه تنزع لليبرالية الاقتصادية (في أحد صورها تتمثل الليبرالية الاقتصادية في مضمون ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي)؛ فما يسمى بالاقتصاد الإسلامي يقوم في الأساس على فكر لا يرى العلاقات/القوانين الاقتصادية كظاهرات اجتماعية تاريخية. فتجد الاقتصاد الإسلامي يرتكز على التجارة في ظل الملكية الخاصة (التي بطبيعة الحال يقرها الإسلاميون) وهذا يعنى الانتاج السلعي، أي الرأسمالية. والنتيجة هي أن النشاط السياسي لهذه التنظيمات ينزع لدعم ًعلاقات الإنتاج السائدة والعمل على تكريسها. والأهم هو أن تبنى الليبرالية الاقتصادية يقود بالضرورة الى التبعية. فالتبعية للدول الغربية لا تحدث كخيار، بل ضرورة اقتصادية يفرضها على ممثلي الليبرالية الاقتصادية اعتماد نشاطهم الاقتصادي على راس المال العالمي الذى يسيطر على مفاتيح اقتصادات الدول الفقيرة. فرأس المال العالمي حوّل الدول الفقيرة لبلدان مغلوبة على أمرها واسيرة توجهاته التي تعبر عنها وصفات مؤسسات التمويل الدولية.

إن اسرائيل صناعة الامبريالية لخدمة مطامحها المتعلقة بالهيمنة على بلدان منطقة الشرقة الأوسط المهمة وما جاورها من البلدان وفى اعتقادنا ان المهمة التي تواجه الفلسطينيين هي ضرورة تكوين رأى عام وسط العمال والشعيلة الفلسطينيين والإسرائيليين على السواء بضرورة النضال من أجل قيام دولة ديمقراطية علمانية يشترك فيها الفلسطينيين والإسرائيليين يتم تشكيل أجهزتها السياسية والإدارية بالشكل الذى تقبله المجموعتان؛ دولة تضمن تحقيق الديمقراطية السياسية والاقتصادية وجميع الحقوق المدنية المعروفة لجميع السكان. والمهم هو ان مثل هذه الدولة لا يمكن ضمان تحقيقها بدون مفارقة طريق التطور الرأسمالي وهذا يواءم معطيات وطبيعة المرحلة التاريخية في العصر الحالي، مرحلة الإمبريالية ( الرأسمالية الاحتكارية) حيث تسيطر الامبريالية على البلدان الفقيرة، بشكل غير مباشر، سيطرة تامة من خلال التجارة العالمية وخاصة آلياتها غير المتكافئة، والعون الاقتصادي والقروض المشروطة. أن المهمة السياسية الرئيسية أمام البشرية هي الانتقال من الإمبريالية للاشتراكية النقيض (antithesis) المنطقي للإمبريالية (الرأسمالية). ولا يفوتنا التذكير على أن الدعوة لتأسيس دولة على انقاض التوجه الرأسمالي في اسرائيل، تتصف بما هو اكثر تعقيد من حال الدول الفقيرة التي تعانى من الهيمنة الأجنبية، وهذا لأن مفارقة طريق التطور الرأسمالي اكثر صعوبة بالنسبة للدولة العبرية باعتبار طبيعتها كأداة ترتبط عضويا بأمريكا وأهدافها الاستعمارية كما مر ذكره.

وفيما يخص الانتهاكات التي نسبتها اسرائيل لأفراد العملية العسكرية الفلسطينية وفى كونها استهدفت بعض المدنيين بشكل مقصود، فقد قامت وسائل الاعلام الغربية بالمبالغة في حجمها وعنفها وتصوير ما جرى بالمحرقة اليهودية "holocaust". وعلى كل حال فان الاضرار الجانبية (collateral damage) شر لا يمكن تفاديه وقت الحروب، ويبدو ان هذا ما حدث خلال مجرى العملية العسكرية حيث سقط بعض المدنيين. إن الاعلام الغربي عمد على اتخاذ الانتهاكات والمغالاة في مداها كمحاولة لإخفاء الصورة الحقيقية للعملية العسكرية التي زلزلت الكيان الصهيوني، وذريعة للعدوان على غزة..

كما ان المسؤولية لحدوث أي انتهاكات من جانب الفلسطينيين تقع، في نهاية الامر، على إسرائيل كرد فعل على جرائمها عبر تاريخها ضد الشعب الفلسطيني. وجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين تغذيها فكرة أن اليهود هم (شعب الله المختار) والآخرين هم ال(جوييم)، وهو مصطلح عبرى ديني يطلقه اليهود على غير اليهود تقابله كلمة (الأغيار) العربية. وعبّر مؤخرا، بشكل مقزز، عن هذا التعالي العنصري وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت حيث قال أن هدف إسرائيل في حربها الحالية مع الفلسطينيين هو " فرض حصار كامل على مدينة غزة ، لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود، كل شيء مغلق، نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقا لذلك."

ظلت إسرائيل تتغول على الحقوق المادية والأدبية للفلسطينيين بإعطاء هذا التغول قدسية من خلال التذرع (invoking) بالمعتقدات الدينية المأخوذة من العهد القديم. ان إسرائيل لم تتوان في استخدام تصورات العهد القديم في خلق الكيان الصهيوني وتوظيفه لرعاية وحماية الاستعمار. وبلغ قهر الفلسطينيين وسلب حقوقهم بصور كاملة بإصدار (قانون القومية الإسرائيلي-2018)؛ فأهم سمات قانون القومية إعلانه أن حق تقرير المصير القومي في دولة إسرائيل هو حق يقتصر على الشعب اليهودي، ويتجاهل حقوق الفلسطينيين في الدولة. وهذا القانون الذى يكرس يهودية الدولة بمنح اليهود وحدهم حق تقرير المصير في إسرائيل، ينكر جوهر الديمقراطية (حتى بمفهومها الليبرالي)، وينحاز، بمعايير قيمية عرقية، ضد السكان من غير اليهود ، كما ينسف مبدأ المساواة نهائيا. والمساواة غير موجودة أصلا من ناحية الممارسة اذ انها متضمن (كمصطلح مجرد) في قوانين أساسية تحكم العلاقات في الدولة والتعامل مع حقوق الإنسان (إسرائيل ليس لديها دستور مكتوب)؛ لهذا فان قانون القومية الإسرائيلي يفاقم من انتهاك المساواة.

وهكذا، فان العالم لا ينسى المذابح الرهيبة في دير ياسين وخان يونس وصبرا وشاتيلا وكثير وكثير غيرها؛ اضافة لتشريد مئات الآلاف الذين سلبت أراضيهم وهُجروا من ديارهم.

كما ان سكان قطاع غزة ظلوا ( حوالى 3 مليون شخص يعيشون على أرض مساحتها 360 كيلومتر مربع فقط) يتعرضون خلال السنوات الخمسة عشر الماضية لأبشع صنوف العقاب. وجرائم إسرائيل ضد قطاع غزة أفاد عنها تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن حرب إسرائيل على غزة في 1908 ( وانتهاكات إسرائيل الخطيرة ومخالفاتها المنهجية للقانون الدولي تواصلت خلال حروبها اللاحقة في 2012 و2014..). يقول التقرير في أجزاء من فقراته:

" فرضت إسرائيل حصارا يبلغ حد العقاب الجماعي ونفذت سياسة منهجية وتصعيديه لعزل وحرمان قطاع غزة. أما إثناء العملية العسكرية، فقد دمرت المنازل والمصانع وآبار المياه والمدارس والمستشفيات ومراكز للشرطة وغيرها من المباني العامة ، وبقيت الأسر، بما في ذلك كبار السن والأطفال ، تعيش وسط ركام منازلها حتى بعد مرور فترة طويلة على انقضاء الهجمات "

و" لقد قتل أكثر من 1400 شخص. إن عمليات غزة العسكرية كانت موجهة من قبل إسرائيل ضد شعب غزة ككل، وذلك تعزيزا لسياسة شاملة تهدف إلى معاقبة سكان غزة، وضمن سياسة متعمدة من القوة غير المتناسبة والتي تستهدف السكان المدنيين. إن تدمير منشآت الإمدادات الغذائية، ونظم الصرف الصحي للمياه، ومصانع الخرسانة والمنازل السكنية جاء نتيجة لسياسة متعمدة ومنهجية لجعل الحياة المعيشة اليومية والحياة الكريمة، أمرا أكثر صعوبة بالنسبة للسكان المدنيين. كما قامت القوات الإسرائيلية بإذلال السكان ونزع الصفة الإنسانية عنهم والاعتداء على كرامة الشعب في قطاع غزة ، من خلال استخدام الدروع البشرية ، والاحتجاز التعسفي ، وظروف الاحتجاز الغير مقبولة ، ونشر العبث والدمار في البيوت ، ومن خلال المعاملة التي أنتهجت عند الدخول إلى منازل الناس، وكتابة الرسوم والشعارات النابية والعنصرية على الجدران. إن العمليات الإسرائيلية كانت مخططة بعناية في جميع مراحلها على نحو هجوم متعمد من القوة غير المتناسبة تهدف إلى فرض العقاب، والإذلال وزرع الإرهاب وسط السكان المدنيين "

وان " إسرائيل لم تتخذ الاحتياطات اللازمة المطلوبة بموجب القانون الدولي لتجنب أو تقليل الخسائر والإصابات في أرواح المدنيين ، والأضرار التي لحقت بالأعيان المدنية. إن إطلاق قذائف الفسفور الأبيض على مجمع الأونروا ، والضرب المتعمد على مستشفى القدس باستخدام قذائف مدفعية ذات قدرة تفجيرية مرتفعة ومتفجرات الفوسفور الأبيض.."

إن حال الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، قبل عملية "طوفان الأقصى اتسم بركود نسبى على صعيد نشاط المقاومة الفلسطينية يقابله تهافت محموم من قبل العديد من الحكام في المنطقة للتقرب والتطبيع السياسي مع إسرائيل " ، فبعد مصر والأردن طبعت، خلال السنوات القليلة المنصرمة، دول الامارات والسودان والمغرب علاقاتها مع الكيان الصهيوني. وتوجه الدول العربية للتطبيع مع اسرائيل بلغ ذروته في صفقة القرن التي أعدها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب في 2019. والصفقة ما هي إلا امتداد لوعد بلفور "1917" بتحقيق استسلام الفلسطينيين الكامل (capitulation)، وبيع فلسطين بالكامل لإسرائيل. وباختصار فإن الصفقة تحصر الوجود الفلسطيني في كنتونات أو "محلات سكانية" بلا سيادة ومجردة من السلاح. فالأراضي الفلسطينية سوف تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، مع منح الفلسطينيين بعض الأراضي خارج الضفة والقطاع وهي أراضي صحراوية مجاورة للحدود المصرية وأخرى هامشية متاخمة للأردن. أما القدس ستبقى العاصمة غير المجزّأة أو المقسمة لإسرائيل في حين تقضي الخطة بأن تقع العاصمة المقترحة للفلسطينيين على أطراف القدس!!

لقد جرى تبرير الأنظمة العربية الحاكمة وأبواقها للتطبيع بدعاوى مبتذلة تفتقد للمنطق وعدم الالمام بطبيعة ما يجرى في العالم مثل ان العالم يشهد متغيّرات وتطورات كبيرة تستوجب إعادة النظر في استنتاجات وخلاصات جديدة تواءم هذه المتغيرات. لكن ما هي هذه المتغيرات؟ فصحيح، كما في كل العلاقات والظاهرات، فان المتغيرات العميقة تحدث وتظل تحدث، لكن بالنسبة لموضوعنا ( الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي) فان جوهر الدولة الصهيونية لم يتغير وما زالت تمارس جبروتها بكل الوسائل الوحشية وتنهش في الجسد الفلسطيني وتتغلغل في دول المنطقة في ظل أكبر هجمة استعمارية تشهدها حاليا المنطقة.

ولا يفوتنا ان نشير في هذا الصدد الى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال78 المنعقدة في سبتمبر 2023 ، حيث غابت اثارة القضية الفلسطينية من قبل المجتمعين في المحفل الدولي باستثناء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذى دعا في خطاب ضافي امام الجمعية الى تسوية القضية الفلسطينية ووقف الإجراءات الأحادية غير القانونية المتمثلة في لأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره واسترجاع حقوقه الكاملة وانهاء الاحتلال. كما طالب تبون بمنح فلسطين العضوية الكاملة بالمنظمة.

طوال أكثر من سبعة عقود هي عمر دولة إسرائيل ظلت الحلول التي تُقدم لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يركز على ضمان وجود إسرائيل فقط ومواصلة هضم حقوق الفلسطينيين. وخلال خمسين عاما لم يهدأ فيها النضال الفلسطيني منذ انطلاقه ضد الكيان الصهيوني الذى اشتركت فيه حركات فلسطينية تحمل أفكارا سياسية تنبع من مشارب فكرية متعددة. ورغم ان نضال المقاومة الفلسطينية والتوجهات السياسية والفكرية تقع على عاتقها وحدها، الا أن النضال ضد الدولة الصهيونية يرتبط بالنضال العالمي التاريخي ضد الإمبريالية للأسباب المار ذكرها؛ وكثير من شعوب العالم أصبحت تدرك هذا وهو ما عبرت عنه التظاهرات الواسعة التي شملت معظم مدن العالم ( واشنطن دى. سى. ونيويورك ولندن وليفيربول وباريس وجاكرتا وعمّان الخ،) عقب تهديدات إسرائيل بشن حرب شاملة على غزة كرد على "طوفان الأقصى"؛ فقد جاءت الشعارات التي رفعها الآلاف، الذين قاموا بالاحتجاجات، تعبر بوضوح عن حقوق الشعب الفلسطيني في تحرير ارضه المغتصبة وإدانة الدعم الغربي لإسرائيل.

وبالنسبة لموقفه من الاحتلال الصهيوني، فان الشعب السوداني ظل يتمسك بموقف مبدئ داعما للنضال الفلسطيني ومعارضا للقرار المخزي، الذى اتخذه الجنرال عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، بالسير على طريق التطبيع؛ وقد عبرنا عن تصورنا لموقف السودان في مقالي " مقاطعة إسرائيل : السودان أولاً " الذى جاءت فيه النقاط التالية:

ان " مقاطعة إسرائيل ليست اختيارا، بل موقفا مبدئيا اصيلا يقع ضمن الاهداف ذات الأولوية الوطنية التي طالما ناضل الشعب السوداني من اجلها. فمقاطعة إسرائيل ضرورة لحماية امن السودان وسلامة سيادته أولا وقبل أن تكون تضامنا مستحقا مع حقوق الفلسطينيين ورفضا للتنكيل بهم وتماهيا مع النزعة العالمية العادلة التي ترفض تكوين الدول على أساس عنصري كما تفعل دولة العصابات الصهيونية. وفى هذا الخصوص يجب ان لا ننسى ان إسرائيل دولة معادية للسودان حيث بلغت عداوتها للسودان أن تشن على أراضيه ضربات جوية همجية في 2011 و2012 و2015."

وان " عملية تطبيع السودان مع إسرائيل بدأت في فبراير 2020 واعقبها توقيع السودان والولايات المتحدة الأمريكية في يناير 2021 ما يسمى الاتفاق الإبراهيمي للسلام مع إسرائيل. ان تطبيع السودان مع إسرائيل يأتي تماشيا مع خضوع الحكم الانتقالي الحالي في السودان للوصاية الدولية الموروث من نظام عمر البشير المخلوع في ابريل 2019." وان "عملية التطبيع ... تنسجم مع التوجه السياسي للحكم في السودان المتمثل في التفريط في المصالح الوطنية وفتح الأبواب على مصاريعها لتكريس التبعية والارتهان للقوى الأجنبية." و" بلغت حالة انهاء العداء بين السودان وإسرائيل مداها بإجازة مجلس الوزراء في السادس من أبريل2021 الغاء قانون مقاطعة إسرائيل لسنة ١٩٥٨م سيمهد الطريق لإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين بتوقيع اتفاق السلام والتعاون بينهما. "

وان " التطبيع مع إسرائيل لا يمنحها الشرعية التي أنكرتها على الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين وبالتالي توطيد سلطتها في المنطقة فحسب، بل يجعل الكيان الصهيوني أكثر تهيؤا وقدرة على لعب دوره كأداة من أدوات خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة. "

وان " إسرائيل تمثل الذراع الذي يقدم الخدمات الاستخباراتية لأمريكا في اتجاه تسهيل الهدف الاستراتيجي للأخيرة المتعلق بالتمدد والهيمنة على بلدان الشرق الأوسط وافريقيا؛ وتطبيع السودان مع إسرائيل يقع ضمن هذه الاستراتيجية."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية