الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية الفلسطينية ... قراءة تأريخية موضوعية

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2023 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


كان يقال حتى وقت قريب , أن العرب شعوبا وحكام ملوكا ورؤساء , بمختلف توجهاتهم السياسية وعقائدهم الدينية والطائفية , يمكن أن يختلفوا على كل شيئ إلاّ القضية الفلسطينية ألتي يؤمنون جميعا بعدالتها وبأنها قضيتهم المركزية . وللأسف باتت تتردد على مسامعنا
الآن نغمة نشاز في أكثر من بلد عربي , مفادها عبثية القضية الفلسطينية في محاولة بائسة لتسويفها وتسويتها لمصلحة العدو الصهيوني الغاصب , وقد ذهب البعض أبعد من ذلك بدعاوى باطلة أن لا سند قانوني أو تأريخي , بعائدية فلسطين للفلسطينيين , وإنما للصهاينة القادمين إليها من شتى بقاع العالم تحت حراب المستعمرين البريطانيين أبان فترة إنتدابهم عليها في عقد الأربعينيات من القرن المنصرم , تحت ذريعة وعد آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا الذي أصدرته الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالمية الأولى ,لإعلان دعم تأسيس "وطن قوميّ للشعب اليهوديّ" في فلسطين، الذين لا يتجاوز عددهم يومذاك أكثر من ( 5.2%) من إجمالي سكان فلسطين ,كما دعا الإعلان إلى حماية الحقوق المدنيّة والدينيّة للعرب الفلسطينيِّين، والذين كانوا يشكلون الأغلبية العُظمى من السكان المحليِّين لفلسطين آنذاك. اعترفت الحكومة البريطانيّة عام 1939 أنه كان من المفترض أخذ آراء السكان المحليين بعين الاعتبار، إلاّ أنها لم تحرك ساكن بل مضت بغيها , حيث تأسست دولة إسرائيل عام 1948 فيما أطلق عليه الفلسطينيون عام النكبة , حيث هجر ملايين الفلسطينيين من دارهم إلى كل من لبنان وسورية وشرق الأردن ليعيشوا في مخميات للاجئين حتى يومنا هذا . واعترفت بريطانيا عام 2017 بأنه كان ينبغي أن يدعو الإعلان لحماية الحقوق السياسيّة للعرب الفلسطينيِّين في ردها على الحملة الدولية أطلقها مركز العودة الفلسطيني في لندن لمطالبة الحكومة البريطانية الاعتذار عن وعد بلفور . وقد شجعت الحكومات البريطانية المتعاقبة على هجرة اليهود إلى فلسطين دون أي إكتراث على ما يلحق ذلك من تشوهات في التركيبة السكانية الفلسطينة والإضرار الفادحة بحقوف الفلسطينيين سكان فلسطين منذ آلاف السنيين .
يردد البعض فرية عائدية فلسطين لليهود وكأن سكانها العرب قد إغتصبوها منهم , وها هم قد عادوا إلى بلادهم التي يطلقون عليها أرض الميعاد لشعب الله المختار الذبن هم اليهود دون سواهم , لتخليصها من سكانها الفلسطينين الذين نشأوا وترعروا فيها آلاف السنين كما تؤكد ذلك معالمها وشخوصها التأريخية . وقد لقيت دعوتهم دعما غير مسبوق بالمال والسلاح من حكومات الولايات المتحدة الأمريكية المتعاقبة, لتفضي بتأسيس دولة إسرائيل ورعايتها وكأنها ولاية من ويلايات المتحدة الأمريكية , لا بل يوصفها البعض بولايتها المدللة . ولا عجب في ذلك فالولايات المتحدةالأمريكية نفسها هي دولة مستوطنين مغامرين قد تأسست على أنقاض سكانها الأصليين وإستئصالهم عن بكرة أبيهم حيث لم يتبق منهم سوى بضعة آلاف إحتفظوا يهم في معازل خاصة للمتعة السياحية .
وبالعودة إلى تاريخ فلسطين وعائديتها , تشير موسوعة ويكبيديا إلى أنه قد تعاقب على أرض فلسطين الكثير من الشعوب والأعراق، فالمعروف أن أقدم من سكن فلسطين هم الكنعانيون. وقد سميت هذه البلاد بأرض كنعان نسبةً إليهم، رغم أنهم استوطنوا جزءًا من البلاد فقط، وهي المنطقة المحاذية للساحل، حيث أنشؤوا عدة مدنٍ في المناطق التي استقروا فيها، منها مجيدو وشكيم نابلس وكريات أربع وحبرون الخليل، واحتفظوا بالسيادة على المناطق التي استوطنوها ما يزيد عن خمسة عشر قرنًا، أي حتى نحو سنة ألف قبل الميلاد، حين تمكن بنو إسرائيل من احتلال البلاد واستيطانها، وعندها سميت البلاد بأرض إسرائيل نسبةً إليهم. وقد نجح بنو إسرائيل في إنشاء مملكةٍ لهم وصلت أوج مجدها وقوتها واتساعها في عهد ملكيهم داوود وسليمان، وجعلوا مدينة القدس أورشليم عاصمةً لمملكتهم ومركزًا لديانتهم .
وفي أثناء عملية استيطان بنو إسرائيل تعرضت البلاد لهجرة شعبٍ آخرٍ ، وهم الفلسطينيون وقد سميت البلاد فيما بعد على اسمهم فلسطين .انتهى حكم بني إسرائيل في المناطق التي استوطنوها سنة سبعين ميلادية، حين طردهم الرومان وخربوا لهم الهيكل، واستبدلوا اسم أورشليم بـ إيليا كابيتولينا .خضعت فلسطين للحكم الروماني منذ القرن الأول قبل الميلاد. وفي ظل الحكم الروماني ولد السيد المسيح، وبدأت المسيحية تنتشر بين السكان المحليين، خاصة بعد أن اعتنق الرومان حكام البلاد الديانة المسيحية وجعلوها الديانة الرسمية، وذلك خلال القرن الرابع ميلادي. ولقد أطلق مسيحيو الغرب اسم الأرض المقدسة على هذه البلاد .
وقد استولى العرب المسلمون على القدس من الرومان سنة 637 م، أعرب الخليفة عمر بن الخطاب عن احترامه للمدينة بأن تقبل بنفسه استسلامها، وكتب لهم وثيقة أمان عرفت فيما بعد بـالعهدة العمرية، ووصف الفتح والوثيقة بأنها فريدة لتلك العصور حيث أعطت الوثيقة أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، فمن خرج منها فهو آمن ومن أقام فهو آمن، وشهد على ذلك خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص، ومعاوية ابن ابي سفيان، وقد كان الاسم العربي الذي أطلق على القدس هو بيت المقدّس، كمقابل للبيت الحرام. وأصبحت ولاية فلسطين ولاية إدارية وعسكرية عربية أطلق عليها اسم جند فلسطين منذ ذاك الوقت .
نكتفي بهذا السرد الموجز عن تأريخ فلسطين الذي يشير بوضوح إلى أن فلسطين قد إستوطنتها شعوب وأمم متختلفة من ديانات متنوعة , أبرزها الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية , ولم يكن اليهود أول من إستوطنوا فيها , حيث سبقهم الكنعانيون بإستطيانها بخمسة عشر قرنا. فضلا عن أن اليهودية ليست هوية قومية بل ديانة شأنها بذلك شأن الديانات الأخرى , المسيحية والإسلامية والبوذية والهندوسية يعتنقها من يشاء من بني البشر من جنسيات مختلفة , واليهودية ليست إستثناء من هذه القاعدة , فاليهود شأنهم شأن الآخرين يحملون جنسيات البلدان التي ولدوا وترعرعوا وعاشوا فيها ويتمتعون بكافة حقوق المواطنة التي يتمتع بها الآخرون في تلك البلدان . فاليهود في معظم دول العالم يتبؤون أرقى المناصب وأعلى المراتب العلمية والثقافية والسياسية والإجتماعية وحسب إستحقاق كل منهم , وهم ليسوا بحاجة أن يكونوا مخالب شرسة ووحوش مفترسة بوجه ناس أبرياء لا ذنب لهم بما حل ببعض اليهود من قبل النازيين الألمان وسواهم في الحرب العالمية الثانية وغيرها , والتي يحاول الألمان وغيرهم التخلص من عقدة ذنبهم بدفع مواطنيهم اليهود إلى فلسطين وليحصل هناك لليهود والفلسطيننن ما يحصل . فضلا عن أن خلق بؤرة توتر ونزاع مسلح مستدام تعد فرصة ذهبية لتجار الحروب الذين ما إنفكوا يغذونها لتبقى مشتعلة بعيدة عن بلدانهم .
وبصرف النظر عن الدعاوى التأريخية وصحتها أو بطلانها بعائدية فلسطين , نقول أن مبادئ السماء وقوانين الأرض , لا تسمح أبداء بإجتثاث شعبا من جذوره بأرضه ووطنه الذي ولد وعاش فيه , لإحلال آخرين جاؤا بهم من مشارق الأرض ومغاربها تحت أية ذريعة أو أي مبرر .كما نقول أن حق القوة الغاشمة لا يرتب شرعية لكائن من يكون للعبث بحقوق الآخرين , ذلك أن بقاء الحال من المحال ولابد إن عاجلا أو آجلا من أن تتغلب قوة الحق على شريعة الغاب ما دام هناك حق وراءه مطالب مهما طال الزمن وبلغت التضحيات . فالقضية الفلسطينية قضية حق لا لبس فيه , وإن لم يحسن دعاتها وقادتها إدارة دفتها وخوض غمارها وإدراك دهاليز السياسة الدولية والاعيب دهاقنتها , مما نجم عنها تحمل الشعب الفلسطيني عذابات جمة ربما كان بالإمكان تجنبها . ولكن يبقى يحدونا الأمل أن يوحد الفلسطينيون في فلسطين والشتات, جهودهم نحو هدفهم الأسمى بتحرير وطنهم من دنس الغاصبين الغزاة , وينحوا جانبا خلافاتهم التي تعد هامشية تجاه قضيتهم المركزية . وأن غدا لناظره قريب إن شاء الله بقيام دولة فلسطين حرة أبية .
الرحمة لشهداء فلسطين والشفاء العاجل للجرحى والمصابين ضحايا العدوان الصهيوني الهمجي على شعب أعزل , تدعمه آلة الحرب الأمريكية دون حياء أو موارة في تحدي سافر لمشاعر العرب والعالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير