الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شكرا لطوفان الأقصى

عبد القادر معيوف

2023 / 10 / 19
القضية الفلسطينية


شكرا لطوفان الاقصى
شكرا لأنك كشفت لنا واقعنا المقزز، شكرا لأنك رفعت الغطاء من جديد عن انظمتنا، ولأنك رفعت الغشاوة عن اعيننا لنرى كل شيء بوضوح.
إنتفض العالم الغربي لعملية الطوفان، وخرج علينا صفوة مثقفينا ليدرسونا عن الدين والتسامح والسلام وأخلاق المسلمين.
سنوات من وهم السلام مرت وامل حل الدولتين (دولة فلسطينية على حدود 67 أي على 23 بالمئة فقط من أرض فلسطين التاريخية) على الاقل لإسكات المتمردين عن قرار اممي سطر وقدم في ظرفية معينة تحت الضغط الامريكي والغربي، 30 عام منذ اوسلو ولم يتحقق شيء، فقط خسرنا ما تبقى من كرامة وراء سيرنا خلف حلم كاذب، دول امضت إستسلامها تحت مسمى معاهدات سلام طمعا في رضاء الامريكي وتمويلاته تحت شعارات التنمية والتطور بدل المواجهة والتحرير، فلا نمت امتنا ولا تطورت ولاكسبت شرف المواجهة والنظال من أجل التحير ، ويكفي الإشارة ان دولنا تحتل المراتب الاولى في رداءة الخدمات و جودة الحياة ولا تزال تنفق أموالها في العقارات والبنايات الشامخة أو في التسليح للحروب فيما بينها أو لضخها في الإقتصادات الأووربية والأمريكية تحت مسمى الإستثمار .
شكرا للطوفان الذي جعلنا نرى مدى تعمق الصهيونية وسيطرتها على الإعلام الغربي ومن ثمة على رأيه العام، هذا الإعلام الذي لم يتوانى للحظة في إدانة الضحية لا الجلاد، الذي بكى ويتباكى على الضحايا الصهاينة ولم يكلف نفسه حتى النظر لضحايا العرب ، ليصل به الأمر للحديث أن ما يحصل لهم أمر طبيعي وواقع في كل الحروب ، حتى عندما قصفت إسرائيل المستشفى المعمداني وأزهقت أرواح أكثر من 500 شخص في بعض لحظات ، أجمع هذا الإعلام الغربي على تجاهل الحادثة والقليل ممن أشار بإقتباض إليه تحدث عن إنفجار وقع بالمشفى لا عن قصف إسرائيلي تعرض إليه، وكأن ماحصل ناتج عن تسرب غاز أو دائرة كهربائية قصيرة.
أمام ثبات الموقف الأمريكي ودعمه اللامشروط للمحتل الإسرائيلي والمتواصل منذ عقود، فقد مكننا التعاقب السريع للأحداث من كشف ماصار عليه الموقف الأوروبي كثيرا خلال السنوات الأخيرة ، خاصة في دول كانت تقدم نفسها كصديقة للعرب والفلسطينين (فرنسا وألمانيا تحديدا) ، وهذا يدل على شيئين : مدى تغول الصهيونية في القرار الرسمي لهذه الدول عبر توظيفها للأوليغارشيات المالية التي تمتلكها أو المتحالفة معها من جهة، ومن جهة أخرى غياب لوبي عربي قادر على تغيير المعادلات رغم كل المليارات التي ضخها العرب في الإقتصادات الأوروبية ، وهنا لنا أن نتساءل عن قيمة ما ضخ من أموال ، عن طبيعة هذه الإستثمارات ، وما ربحته الدول العربية من ذلك وأي قيمة لها اليوم في القرار السياسي لهذه الدول... وها أننا شاهدنا تراكض أهم القيادات الغربية لإبداء دعمهم المطلق لألة القتل الصهيونية: الرئيسين الأمريكي والفرنسي ، المستشار الألماني، رئيس الحكومة البريطاني وغيرهم.
أما عن القرار العربي ، فكالعادة ، يجعلك تكفر بهذه الأمة ، قرارات هزيلة من جامعة عربية لم يتبقى منها سوى الإسم وخاصة محميات البترول الأمريكية التي وصل الأمر ببعض حكوماتها المطبعة أن تهاجم هذا الطوفان الفلسطينية الذي ماهو إلا نتاج طبيعي لحصار دائم منذ ستة عشر سنة على القطاع، والبعض الآخر (تميم العديد الذي شكره الرئيس الأمريكي بايدن) يطالبون بظبط النفس وعدم توسع دائرة الصراع (طبعا القصد بذلك عدم فتح الجبهات الأخرى وخاصة الشمال والجولان) وترك غزة بمفردها تحت رحمة آلة القتل الصهيونية، ولكن الخيبة الكبرى كانت ولاتزال في الموقف المصري الذي أشعرنا بأن هاجس مصر ليس حماية الغزاويين بقدر الخوف من تهجيرهم لسيناء وتوطينهم هناك ، أقول هذا لأننا جميعا نعلم ماذا تعني مصر التي لانشك لحظة في قدرتها على تغيير المعادلة بمجرد أخذ موقف حاد وصريح كفتح المعبر ، أو التهديد بالتدخل بصفة مباشرة في حال قصف قوافل المساعدات الإنسانية ، أو في حالة قصف الأهداف المدنية كالمدارس والمستشفيات والتهديد بالتدخل المباشر ، والكل يعلم أن إسرائيل لايمكن أن تفرط بسهولة بمعاهدة سلامها مع مصر التي تعتبرها أكبر إنجاز سياسي أدى إلى تقسيم الموقف العربي وحول الصراع من مسلح إلى مجرد صراع سياسي تحت المظلة الأممية. ولكن مع الأسف مازال الموقف المصري باهتا وغير قابل للتفسير والخشي كل الخشي من أن تتجاوزه الأحداث. النقطة الوحيدة المضيئة كانت مواقف بعض الدول خاصة تونس والجزائر والكويت والعراق التي رفضت بيان الجامعة الهزيل. وهنا كذلك يجب الإشادة بسوريا (رغم ما تعرضت له من تآمر خاصة من حماس ومساندتها لمقاتلي الإخوان في الصراع السوري) وموقفها المساند للقضية والرافض لإمضاء معاهدة سلام وإنبطاح للعدو والداعم الأكبر للمقاومة والذي جعلتنا نرى الصاروخ في يد المقاوم بدل الحجر في مواجهته للدبابات والمصفحات خاصة صواريخ الكورنيت التي سلمتها سوريا للقوى المقاومة لتجعل من مصفحات العدو نعوشا متنقلة.
طبعا لبنان العظيم ومقاومته المجيدة، كانت ولاتزال القوة الوحيدة التي تحاول فك الضغط على غزة عبر ضرب العمق الإسرائيلي وتحويله لجزء مهم من ترسانته نحو الشمال لدرجة خروج وزير الحرب الإسرائيلي في الوسائل الإعلام ليعرض إلتزام كيانه بالهدوء على الحدود الشمالية مقابل إلتزام المقاومة اللبنانية بالهدوء ، طبعا وكما عودتنا للمقاومة رأيها الخاص بعدم التراجع عن الدعم العسكري والميداني لغزة خاصة كونها أحد الأهداف الرئيسية لإسرائيل.
وفي خضم الأحداث ، تتوالى الخيبات واكبرها الموقف الرسمي الفلسطيني عبر الرئيس محمود عباس ، موقف مقزز متخاذل يثبت أنه وأمثاله من القيادات إنتهى عصرهم واحلامهم الوردية بالسلام وعليه يجب رحيلهم في أقرب وقت ، وأتساءل هنا عن موقف قيادات الميدانية الشابة خاصة لفتح (فتح العاصفة ، فتح التي أطلقت المقاومة المسلحة ، فتح أبو عمار وأبوإياد و أبو جهاد ) من هكذا قيادات وإلى متى ستتواصل في إلتزامها بالخطأ الإستراتجي (معاهدة أوسلو) الذي وقعت فيه منذ 30 سنة عبر منظمة التحريربإيقاف العمل المسلح والمرور للمفاوضات ، وها أننا اليوم نرى تجلياته بوضوح على أرض الواقع : فلا قامت دولة فلسطينية ، ولا توقفت آلة الذبح الصهيونية، ولا وقع تجميد الإستيطان وإبتلاع الأراضي ...
نقطة أخرى مهمة يجب الإشارة إليها ، وهي أن واقع الخلاف السياسي مع حماس ، وهو خلاف عميق خاصة فيما يتعلق بالتوجهات الاقتصادية والسياسات الاجتماعية كونها تمثل الخط اليميني الإخواني المحافظ والذي يعتمد في خطابه على المشاعر الدينية والمبني على التحالف بين الرأسمالية ورجال الدين والرافض للثورات خاصة منها الفكرية ، ولكن مهما يكن فهو يبقى خلاف سياسي بإمتياز ، واليوم وأمام مايحدث من قتل وتدمير لامكان لهذا الخلاف ولا وقت له ، فإسرائيل والقوى الإستعمارية عندما تقصف وتقتل وتذبح لا تنظر للإنتماءات السياسية بل تبحث عن إبادة الشعوب والقضاء عليها وعلى هويتها وهو ما يجري اليوم في غزة ، فمظم القتلى من الأطفال والمدنيين واللا منتمين سياسيا لاي طرف ، فهل رحمتهم آلة القتل الصهيونية؟
شكرا طوفان الأقصى، لأنه أيضا جعلنا نستحضر شهداءنا وعلى رأسهم الدكتور وديع حداد الذي كان يدرك أن الصراع الحقيقيي يتجاوز أرض فلسطين بل يشمل دول القرار، وأن العدو ليس إسرائيل فقط بل الحركة الصهيونية بأكملها أينما وجدت هي وحلفاؤها، لذا كان الشعار التاريخي "وراء العدو أينما كان ".
لقد أثبتت الأحداث فعلا أن العرق العربي (بمسلميه و بمسيحييه) لا يعني شيئا للغرب المسير إعلاميا والمسيطر عليه ، وإنها لفرصة لا تعوض لكي تسمع هذه الأمة صوتها و تجبر حكوماتها أن تعيد حساباتها ، خاصة فيما يتعلق بتوجهاتها وشراكاتها الاقتصادية والسياسية ، فالبلدان العربية يجب أن لا تكون مجرد أسواق للسلع الأجنبية والمواطن فيها مجرد مستهلك ، وليس لهذه الشعوب اليوم سوى المقاطعة وسوى الشارع ، فإليه ، إليه كي تسمع كل سفارات الدول الإستعمارية المساندة لدولة الاحتلال صوت الغضب وصوت الحرية ، لكي يدرك العالم بأسره بأن 450 مليون عربي ليسو دمى يتقاذفونها ، وليفهم أن القضية الفلسطينية لا تعني الأنظمة بقدر ما تعني الشعوب وأنها الخط الأحمر الذي لا تنازل عنه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث