الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اية امة نحن؟

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2023 / 10 / 19
السياسة والعلاقات الدولية


نحن امة تدربت على الاستعباد، والمذلة والقهر، فمنذ أكثر من 1400 عاما كانت إشاعة العصبيات القبلية تشعل حروبا بين القبائل، التي ما انفكت عن ثقافة شعوب البلاد العربية الى يومنا هذا، حروبا راحت ضحاياها مئات الالاف من البشر بل الملايين. تسري بنا الاشاعة المغرضة سريان النار في الهشيم، تارة تثير المشاعر الطائفية وتارة القومية وتارة العقائدية والعرقية وغيرها التي لا تنتهي في الخصائص الشخصية للبنيان النفسي لشعوب هذه البلاد. القنبلة تقتل بضع اشخاص او مائة او الفا وتنتهي. اما إشاعة الفتن تفتك في المجتمع وتطول اثارها لمئات من السنين، تهدأ ثم تشتعل سعيرها في كل دورة زمنية بقدحة سهلة لتبدأ مسلسل سفك الدماء وحروب الكراهية والبغضاء.. فلماذا يحتار الغرب في ضربنا!! لماذا توظف أموال ضخمة لتمويل الأسلحة والاعتدة لحروب تقليدية معنا؟ وأسباب الدمار تكمن فينا! وهي كذلك، لا يحتار الغرب بل تستخدم الفرقة لصالحه ويرعى الجماعات المتطرفة او المنقسمة في العقائد والمتباينة في الأعراق والمذاهب والأديان والقوميات وقودا لنار الفتنة لقتل الالاف، وتوازن بينها لتبقى حية تساعدها كلما أصبحت آيلة للسقوط ثم الضمور مع الزمن، مستثمرة هذه الانقسامات التي لا تنفك عنا ما دام الجهل طاغيا يسري في عروقنا والارادة الإدارية للبلاد مصادرة لصالح الغرب. اية جهالة تعيشها شعوب المنطقة؟ الغرب يقتلع هذه الشعوب ببث الجهل والتظليل الإعلامي واستدامة النعرات، وجعلها ان لا تتحاور او تتفق على القدر الأدنى من حسن الأمور.. ثم اين شعوبنا! فقد سلمت اقدارها بيد حكامها، ومن هم الحكام؟ انهم صناع الثورات والانقلابات التي تهيئ كلاب مسعورة في مطابخ الغرب ثم توجهها نحو حكم هذه البلاد لتفعل بالعباد ما تشاء..
بالأمس البعيد كانت الامة قد سلمت اقدارها الى خليفة الله على الأرض! ليقرر مصيرها، وتولدت فكرة الجهاد لمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، لقد وفر نظاما ارتزاقيا قائما على الغزوات، وبقيت غالبية الشعوب متشبثة بالرغيف املا في البقاء! ولم يكونوا يوما ذو بأس على اعدائهم لنشر المبادئ بقدر ما كانوا وحوشا تتهافت بعنف على الغنائم والسبايا.. مرت عقودا من الزمن والشعوب العربية بهذا الحال، ثم توالى الغزاة عليها، قبائل تلو الأخرى، تلقح أراضيها وتولد أبناء زنى تتناسل الى يومنا هذا لتفعل بالعباد ما تشاء.. لم يكن حكام وقادة العرب أيضا ذو باس على الغزاة لتعطيهم درسا قاسيا وتطعمهم مرارة الدماء وعصيها على الاذلال، وعلى استعداد للتضحية لفرش مستقبل زاهر لأجيالها القادمة.. بل على العكس، ارتضوا الخنوع والخشوع والخيانة والارتماء في حضن الغزاة بحثا عن العيش الرغيد الذليل! وكان جل ما تصبو اليها غالبية العوام من الشعوب في مجادلة الغزاة توفير الخبز للبطون الجائعة، وكان الغزاة توفره لهم من ثروة الشعوب نفسها ومالها المستمد من ثمرة عملها الشاق. ومرت السنين، تتغذى الشعوب على القهر والحزن والمرض والالام والكوارث والحروب ولا تجرؤ مفاتحة الطغاة بأبسط الحقوق.. وجاء هذا الزمان، وانقلبت الأمور على اخر خلفاء الله على الأرض، واستبدلت الخلافة بالجمهوريات والممالك خلال الثورات الكبرى! تقودها عصابات مرتزقة موالية للغرب الذي أطاح بتلك الخلافة، لتحكم بلادنا جيلا بعد جيل بالانقلابات بمسميات مختلفة، ملكية ثم جمهورية.. ثورات مزعومة وانقلابات مشؤومة قادتها الدهاء الغربي، جل هدفها مصادرة اماني الشعوب المنقعة بالمذلة، ونهب ثرواتها وتسخيرها لتطوير الالة الحربية الغربية.. لم تعلمنا التجارب ولم نعي للكارثة، فالغالبية من شعوبنا في الفكر رعاع تسير كالقطيع مع الكلاب ويتامر مع الذئاب لخطف بعض الأغنام (الضالة).. وكلما حلمت الشعوب بقائد ملهم، وفرت لهم مطابخ الغرب قائدا حسب الطلب ينقذها من حالتها السقيمة، ينتشل الفقر والجهل، يشتم الغرب ويطلق العنان للخطابات الثورية ويوعد بالبناء ويبني، ويوعد بالازدهار فتزدهر البلاد، ثم لا يلبث الا ان تُدخِل البلاد والعباد في معارك يسميها (معارك كرامة وشرف وبطولة) وتعيد الشعوب والبلدان الى الانحطاط والى قرون خَلَت، وجهل أخطر من ذي قبل بلا وعي ولا إدراك..
لو كانت شعوبنا مثل الشعب الياباني، هل كان يجرؤ أحدا ان ينتهك اعراضنا! ويتلاعب بمصائر البلاد والعباد؟ هل كان الغرب يجرؤ على غزونا؟ او حكمنا بالنيابة؟ هل كان يجرؤ على شفط خيراتنا وادخالنا في دهاليز العقود التجارية لثرواتنا الطبيعية (بصيغة قانونية ومؤكدة دوليا)، تلك التي صادرت ثروات الأجيال لقرن قادم؟ ستتحول بلادنا الى جيفة ترفض حتى الكلاب تناولها والتأقلم للعيش فيها، وهذا جل ما سنتركه لأجيالنا القادمة، فطوبى لهكذا شعوب!!
وتزحف الأسئلة للفكر النير: لماذا نقبل بهكذا عبث ببلادنا؟ لماذا ننتظر المسيح والمهدي لإصلاح حالنا؟ لماذا نقبل بتوافه القوم تتصدر الصفوف وتدير دفة الدولة؟ اين مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب؟ الى متى نسكت عن المهازل التي تأتي بكل من هب ودب الى المناصب بالرشاوى والتهديد والتعسف في بلداننا؟ لمجرد كونهم يقدمون خدمة (وتسهيلات) لأسيادهم في الإدارة الطاغية تلك التي تمتطي السلطة في البلاد. وان أحسنهم بلا سيرة ولا اقدمية ولا كفاءة وغير لائق لإدارة دكان بقالة.. ولا ندري الى اين ستؤول مصير البلاد في ضل هكذا إدارة، ونتساءل أيضا ماذا قدمت للشعب!
قال الرصافي: (إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد ان يستجيب القدر)، وأقول له الى متى ننتظر القدر؟ ها نحن نريد الحياة منذ عقود، هل سنبقى في طوابير النحر الى ان يأتي القدر لينتشلنا من مصائرنا المشؤومة؟ هل تعبر كل هذه العبارات الفارغة في ايقاظ الوعي عند ميت! وهل نبقى طويلا بانتظار القدر ليأتي؟ متى تمتلك الشعوب ارادتها؟ متى تمتلك الشعوب ارادتها؟ اعيدها عشرات المرات، متى تنتهي المناظرة والمنظرين ويأتي زمن الطباخين وموائد الطعام! متى نمتلك الإرادة لنقول كلا؟ كلا للطغاة نحن امة حرة؟ لقد تحولت بلدان متخلفة تحت خط الفقر الى مصاف دول عظمى خلال بضعة عقود من الزمن من خلال الإرادة الحرة لشعوبها، ونحن لا نزال تحت عباءة الشيوخ والعشائر والفتاوى التي ترقى الى نظرية فيثاغورث في براهينها!! وتمضي بنا الى مستقبل مجهول..
كنت اقرأ في كتاب مادة الاحياء ما يميز الحيوان عن الانسان وأصبحت اليوم لا أستطيع التمييز بين الاحياء في بلداننا، فالحيوانات تدافع عن حريتها بأنيابها وتختار طقوس بيئتها بحرية وتتفق فيما بينها على ثوابت البقاء ومتغيرات الحياة التي لا تجيز غطرسة حيوان على اخر من بني فصيلته.. ولن تُستَعبد الحيوانات الا اذا وقعت فريسة لمكر صياد، يقتادها الى حديقة الحيوانات، بهدف استثمارهم في كسب المال والانتفاع، ورغم تلقي الحيوانات مأكلا ومشربا، ولكنها تروح وتجيء باحثة عن مخرج للهروب من القفص ثم الفتك بسجانها والجمهور المتفرج، وتزمجر كأنها تقول لا حياة بلا حرية.. وكما قال زكريا تامر في كتابه "النمور في اليوم العاشر" (القفص بلداننا والمروض حكامنا والذي في القفص هم شعوبنا).
وأخيرا يبدو بان الله كان محقا في قرار نفيه لآدم الى الأرض وحرمانه من جنة الخلود، وكان محقا في قطع العلاقة مع نسله! لان الأخيرة توارثت كل الخصال الانانية والخبث والنذالة والطمع من جدهم آدم. فان لم يكونوا كذلك لعادوا الى الجنة ولكنهم يقبعون في صراع الحياة، تريهم كل عجيب وغريب، ومعجزة ان لا يدركك الموت في كل مراحل حياتك المرهونة بثمانين او تسعين عاما.. فلا الغرب ذو رحمة يرق قلبه لأنين الانسان الشرقي وضعف حاله وقلة حيلته، ولا الشرق قادر على كسر قفصه والتحرر من سجنه! وكلاهما من نسل آدم المنفي من جنة الله الخالدة. فكيف تثق بغريب يريد لك مستقبلا مزدهرا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة