الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازدواجية الغرب في تعامله مع القضية الفلسطينية

محمد رضا عباس

2023 / 10 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تساءل وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي " لماذا في أوكرانيا منع الغذاء والدواء عن المدنيين جريمة حرب , ولكنه ليس كذلك في غزة؟". هذا وأكدت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة ( اونروا) ان الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة اسفرت عن " كارثة إنسانية غير مسبوقة".
تساءل السيد الصفدي حول السكوت عن جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين أصبحت على لسان كل مواطن عربي او غير عربي قبل وبعد الحرب على غزة. شخصيا تابعت ردود فعل دول الغرب من العملية الخاصة التي قامت بها القوات الروسية في أوكرانيا منذ اليوم الأول لبدايتها . الغرب وقف وقفة رجل واحد ضد العملية ونعتها بكل أنواع النعوت ,وفرض على روسيا عشرة حزم من العقوبات وصلت الى حد حظر منع الموسيقى الروسية , مشاركة الروس في الألعاب الرياضية , عقوبات على الإعلاميين والصحفيين الروس, رفع النصب التذكارية لقادة روس من دول كانوا سبب في انقاذها من الغزو النازي , استيلاء على الممتلكات الروسية خارج روسيا , منع دخول القطط والكلاب الروسية , استيلاء على ثروات بعض الروس من له أملاك خارج روسيا , احتجاز يخوت روسية راسية في موانئ أوروبا , منع صلاة المسيح الارثدوكس في أوكرانيا وعقوبات على الكنيسة الروسية , محاولة حرمان روسيا من العضوية الدائمة بمجلس الامن الدولي , وفرض عقوبات على بنات بوتين ولافروف.
ومن اجل وقف الزحف الروسي الى داخل أوكرانيا , اجتهد الغرب بتدريب القوات الأوكرانية على ارض أوكرانيا وخارجها , تقديم تقنيات عسكرية حديثة ومعقدة الى القوات الاوكرانية , وبنى جسرا جويا لتزويدها ما تحتاجه من سلاح وعتاد كل يوم. دول الغرب أصبحت تتنافس على امداد أوكرانيا بالسلاح وأصبحت تكلفها ما يقارب المليارين دولار شهريا .لقد وصل التهديد بحرب نووية . كلها , وحسب ما يدعيه الغرب هو حماية حقوق الانسان في أكرانيا ووقف الاحتلال الروسي.
طيب , اذا كان الغرب يحب حقوق الانسان ويعارض الاعتداء والاحتلال , فهنا قضية فلسطين لا تختلف عن قضية اوكرانيا , مع تحفظنا مع هذه المقارنة . فلسطين محتلة منذ عام 1948 , والشعب الفلسطيني رفض ويرفض هذا الاحتلال وأعطى ومازال يقدم الضحايا من اجل ارجاع حقوقه , واذا يقرر الغرب حماية المحتل بكل ما يملكه من ترسانات عسكرية , ويعتبر الفلسطيني الذي يناضل من اجل ارجاع حقوقه إرهابيا , يجب ان يقتل و يدمر بيته و يطرد بقية افراد عائلته من فلسطين!!
الغرب ضحى حتى باقتصاده من اجل الدفاع عن أوكرانيا , حيث رفض التجارة مع روسيا و استغنى عن الطاقة الروسية والتي كانت ارخص من الطاقة المستوردة من الشرق الأوسط او افريقيا . الاتحاد الوطني الإيطالي للمزارعين حذر من ان نحو 100 الف مؤسسة إنتاجية زراعية في البلاد مهددة بالإغلاق بسبب تداعيات الازمة أوكرانيا. وبالطبع كانت هناك انعكاسات سلبية على اقتصاد الغرب وعلى شعبه. ارتفاع التضخم المالي في عدد من دول أوروبا وكذلك الولايات المتحدة الامريكية بنسب غير مسبوقة , ارتفاع أسعار البازين والمواد الغذائية حتى قدر ان نسبة البريطانيين الذين سيواجهون صعوبة في دفع فواتير التدفئة والطاقة الى 67%. انتشار الفقر في مدن كثيرة من أوروبا وخسائر ضخمة تحملتها الشركات الاهلية بعد قرارها مغادرة روسيا . لقد ادت العقوبات ضد روسيا الى تهديد حقيقي يواجه النمو الاقتصادي في أوروبا.
هل تعامل الغرب من المحتل الإسرائيلي مثل ما تعامل مع اوكرانيا ؟ لا , الغرب لم يستخدم نفوذه بردع إسرائيل في معاملتها مع القضية الفلسطينية حتى 1% مما فعله مع روسيا , ولو طبقت هذه النسبة الضئيلة , لما استمرت القضية الفلسطينية معلقة الى يومنا هذا . الغرب وقف , وبدون استحياء حتى من اصدقاءه في المنطقة , بالضد من جميع قرارات الأمم المتحدة .
على ما يبدوا , ان الغرب قد قرر منذ البداية إبقاء إسرائيل ككرباج ضد دول المنطقة يستخدمه متى ما شعر بالضرورة لاستخدامه , ولهذا السبب استنفر كل ما لديه من وسائل الحماية لدعم إسرائيل في عملية " طوفان الأقصى" . فمنذ بداية العملية , وقف ساسة أمريكا , بريطانيا, فرنسا وألمانيا وهم يدافعون عن إسرائيل ويهددون حتى مواطنيهم من دعم القضية الفلسطينية .
اعتقد ان المبادئ التي ينادي بها الغرب في خطر. الإنسانية جمعاء وقفت مذهولة امام سكوته على الجرائم التي تقع بحق الشعب الفلسطيني , بل حتى الدفاع عنها . الشرفاء من البشر يرفضون هذه الازدواجية ويعتبرونها تعدي على حقوق الانسان التي كفلتها القوانين الدولية . وان عدم احترامها سوف يرجع البشرية الى عهد القرون الوسطى . حاليا , ربما اكثر من نصف سكان الكرة الأرضية لا ينظرون الى الغرب كقوة عادلة , وهذا ما يعمق الفجوة بين الشعوب , وليس الحكومات , وهذا ما لاحظناه في دول الشرق الأوسط. فبرغم من ردود الفعل الخجولة لدوله , الا ان شعوب المنطقة رفضت وبشدة الانتهاكات الإسرائيلية ضد أبناء غزة وطالبوا حكوماتهم برفض التطبيع.
أتذكر , تقرير طويل ظهر على صفحات مجلة التايم الامريكية تحت عنوان " لماذا يكرهوننا" عقب تفجيرات 11 سبتمبر , التقرير لم يعطي الأسباب الحقيقية للكره . وبالأحرى الان بكاتبه , وهو ما زال على قيد الحياة, إعادة كتابته من جديد ليضم بين أوراقه مقتل 1000 مراجع في مستشفى مدني بصواريخ إسرائيلية , ويقف الغرب مكتوفا لا يجرئ حتى بإدانته. وربما سيعرف الكاتب هذه المرة لماذا يكره العرب ازدواجية الغرب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز