الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو طلال حسن

طلال حسن عبد الرحمن

2023 / 10 / 20
الادب والفن


رواية للفتيان








ايتانا
الصعود إلى سماء آنو






طلال حسن






" 1 "
ــــــــــــــــــــ

لم ينم الملك ايتانا ، ربما حتى ساعة متأخرة من الليل ، وظلّ يتقلب في فراشه دون جدوى ، وهل استطاعت الملكة زوجته أن تنام ، وهي تشعر به يتململ إلى جانبها ، ويحاول عبثاً أن يتظاهر بالنوم ؟
واعتدلت الملكة ، قبل شروق الشمس ، حين رأت الملك ايتانا يعتدل في فراشه ، فالتفت إليها ، وقال : نامي ، يا عزيزتي ، الوقت مازال مبكراً .
وردت زوجته قائلة بصوت متعب : سأنام ، يا عزيزي ، إذا نمت أنت .
ونهض ايتانا ، ووقف عند النافذة ، وهو يقول : لا عليك ، لقد نمت كفايتي .
ونهضت الملكة ، ووقفت إلى جانه ، ونظرت إلى الحديقة عبر النافذة ، وقالت : الجو رائع في الحديقة الآن ، تعال ننزل ، ونجلس بين شجيرات الورد .
لاذ ايتانا بالصمت ، فمدت زوجته يدها ، وأمسكت يده ، فالتفت إليها ، وقال : الشمس لم تشرق بعد .
فسارت مبتسمة ، وسحبته معها برفق ، وهي تقول : تعال نشاهد الشروق في الحديقة .
خرجا من جناحهما ، متجهين نحو الحديقة ، فأسرعت إحدى الوصيفات إليهما ، وانحت أمامهما بإجلال ، وقالت : طاب صباحكم ، يا مولاي ويا مولاتي .
وردا معاً ، دون أن يتوقفا : طاب صباحك .
وسارت الوصيفة بمحاذاة الملكة ، وقالت : هل أعد طعام الإفطار ، يا مولاتي ؟
وبدل الملكة ، ردّ الملك ايتانا : ليس الآن .
وتوقفت الوصيفة ، فقالت لها الملكة ، دون أن تتوقف : اذهبي ورتبي الجناح .
وانحنت الوصيفة ، وهي تقول : أمر مولاتي .
وخرجا إلى الحديقة ، ورغم أن الشمس لم تكن قد أشرقت بعد ، إلا أن أنوار الفجر الندية ، كانت تضيء الحديقة ، وتوقظ زقزقات العصافير بين أغصان الأشجار ، التي كساها الربيع بأثواب خضراء زاهية ، وأزهار بكل الألوان .
وجلست الملكة على مصطبة ، تحت إحدى الأشجار ، وقالت : تعال ، يا عزيزي ، واجلس إلى جانبي .
توقف الملك ايتانا ، دون أن يتفوه بكلمة ، فاستطردت الملكة قائلة : لا تقل ، يا عزيزي ، إنني لست متعباً ، فأنا أعرف أنك لم تنم ليلة البارحة إلا قليلاً .
وجلس الملك ايتانا إلى جانبها ، وقال : لا تلوميني ، يا عزيزتي ، لم أعد أحتمل .
وأخذت الملكة يده بين يديها ، وقالت : لا عليك ، ليس أمامنا ، يا عزيزي ، إلا حلّ واحد .
سحب الملك ايتانا يده من بين يديها ، وهبّ واقفاً ، وهو يقول : كلا ، لا يمكن .
ونهضت الملكة ، ووقفت في مواجهته ، وقالت : عزيزي ، أنا أعرف مكانتي عندك ، أنا الملكة وسأبقى عندك الملكة ، لكن لابد من ولي عهد للمملكة ، وهذا ما لم أستطع أن أقدمه لك ..
وهمّ ايتانا أن يتكلم ، فتابعت الملكة قائلة : ايتانا عزيزي ، الإله آنو أنزل الملوكية عليك ، ويجب أن تبقى هذه الملوكية ، وأن تبقى في ذريتك ..
وتحشرج صوتها ، وغالبت بكاءها ، وهي تقول : وأنا .. يا عزيزي .. لم أستطع .. ولن أستطيع .. أن أعطيك هذا الطفل .. الوريث .
أخذ الملك ايتانا زوجته الملكة بين ذراعيه ، وراح يربت على ظهرها ، حتى هدأت ، وقال بنبرة غامضة : عزيزتي .. الإله آنو قال لي .. تعال .
جمدت الملكة لحظة ، ثم انسحبت من بين ذراعيه ، وحدقت فيه مندهشة ، وتساءلت : ماذا !
ونظر الملك ايتانا بعيداً ، وقال : جاءني الإله آنو ليلة البارحة في المنام ، وقال لي ، لا تحزن يا ايتانا ، تعال عندي ، وسأعطيك نبتة ، تأكلها زوجتك الملكة ، وسيكون لكما وريث .
وحدقت الملكة فيه لحظة ، ثم قالت : ايتانا ، الإله آنو في السماء .
وقال ايتانا : أعرف ، يا عزيزتي .
فقالت الملكة : كيف تذهب إليه ؟
ونظر ايتانا إليها مفكراً ، ثم قال : ليس أمامي إلا أن أذهب إلى معبد الإله آنو ، وأقابل الكاهنة العظمى .














" 2 "
ــــــــــــــــــــ

بعد تناول طعام الفطور ، مضى الملك ايتانا ، ترافقه زوجته الملكة ، إلى قاعة العرش ، وفي الحال ، أرسل الملك من يدعو الوزير ليوافيه في القاعة .
وجاء الوزير على عجل ، وحيّ الملك ايتانا والملكة ، وقال مخاطباً الملك : مولاي ، أرسلت في طلبي ، إنني رهن إشارتك .
فقال الملك ايتانا : أريدك أن تذهب الآن إلى معبد الإله آنو ، وتخبر الكاهنة العظمى ، بأني سأزورها لأمر هام ، قبيل مساء اليوم .
ولاذ الوزير بالصمت ، وكأنه ينتظر توضيحاً ، فقال الملك ايتانا : اذهب الآن .
انحنى الوزير للملك ايتانا ، وقال : أمر مولاي .

وعلى الفور ، ذهب الوزير إلى معبد الإله آنو ، واستقبلته الكاهنة العظمى في صالة الاستقبال ، فقال لها الوزير : سيدتي ، أرسلني مولاي الملك ، لأعلمك برغبة جلالته بزيارتك ، هنا في المعبد ، قبيل مساء هذا اليوم .
وردت الكاهنة العظمى بملامح لا تفصح عن شيء : على الرحب والسعة بجلالة الملك .
ولاذ الوزير بالصمت ، وكأنه ينتظر هذه المرة أيضاً توضيحاً ، لا يعرف كنهه ، ولا طبيعته ، فنهضت الكاهنة العظمى ، وقالت : سأكون في انتظار جلالته ، في الوقت المحدد .

لم يكن الملك ايتانا والملكة في قاعة العرش ، عندما عاد الوزير من معبد الإله آنو ، وإنما كانا يتجولان في أطراف الحديقة ، دون أن يتبادلا أطراف الحديث .
ورآه الملك مقبلاً ، فأشار له أن تعال ، وحين اقترب منهما ، قال الملك ايتانا : لم تتأخر .
فانحنى الوزرير ، وقال : مولاي ، كانت الكاهنة العظمى في صالة الانتظار ، وكأنها كانت تنتظرني ، أو تنتظر جلالتك .
رمق الملك زوجته بنظرة خاطفة ، وقال للوزير : أخبرت سيادتها طبعاً بما طلبته منك .
فقال الوزير : نعم ، يا مولاي ، وهي تنتظرك في المعبد في الوقت المحدد .
وقال الملك ايتانا ، وكأنه يشير له بالانصراف : أشكرك ، يا وزيري .
وانحنى الوزير قليلاً ، ثم استدار ، ومضى مبتعداً إلى داخل القصر .
ونظر الملك ايتانا إلى زوجته الملكة ، فقالت الملكة : من الأفضل ، يا عزيزي ، أن ندخل إلى جناحنا ، لترتح قليلاً ، ريثما يحين موعد ذهابك إلى معبد الإله آنو ، لمقابل الكاهنة العظمى .

قبيل غروب الشمس ، مضى الملك ايتانا إلى معبد الإله آنو ، واستقبلته الكاهنة العظمى ، عند باب المعبد ، وقالت مرحبة : أهلاً ومرحباً بك ، يا مولاي ، في معبد زعيم السلالة الإلهية ، الإله آنو .
ورد الملك ايتانا بنبرة تشي بشيء من التوتر : أهلاً بك ، أيتها الكاهنة المبجلة .
وقالت الكاهنة العظمى ، وهي تتقدم الملك ايتانا إلى الداخل خطوة واحدة : تفضل ، يا مولاي .
ودخلا صالة الاستقبال ، وقالت الكاهنة العظمى ، مشيرة إلى أريكة مريحة : مولاي .
وقال الملك ايتانا ، وهو يجلس على الأريكة : أيتها الكاهنة العظمى ، جئتك لأمر هام .
وجلست الكاهنة العظمى قبالته ، وقالت : مولاي ، أظنني أعرف هذا الأمر .
ونظر الملك ايتانا إليها متسائلاً بشيء من الدهشة ، فقالت الكاهنة العظمى بصوت هادىء : أنا كاهنة معبد الإله آنو ، إله السماء ، وزعيم السلالة الإلهية ، ومؤسسها ، يا مولاي .
وقال الملك ايتانا : جاءني الإله آنو ، ليلة البارحة ، في المنام .
وقالت الكاهنة العظمى ، وكأنه تكمل ما قاله الملك ايتانا : وقال لك ، يا مولاي ، تعال .
ونهض الملك ايتانا ، وقال : نِزل الإله آنو ، كما تعرفين ، يا سيدتي ، في السماء .
وقالت الكاهنة العظمى : نعم ، ولن يترك نِزله ، ويهبط إلى الأرض ، مهما كان الأمر .
ولاذ الملك ايتانا بالصمت ، فقالت الكاهنة العظمى : مولاي ، ليس أمامك إلا أن تصعد أنت إلى السماء ، وتمثل أمام الإله آنو .
وبدت الحيرة والذهول على الملك ايتانا ، فقالت الكاهنة العظمى : الإله العظيم الذي قال لك تعال ، وأعلمني بذلك ، سيعلمك مباشرة ، أو عن طريقي عاجلاً أو آجلاً ، كيف ستصعد إلى السماء .
وسار الملك ايتانا صامتاً إلى الخارج ، فسارت الكاهنة العظمى إلى جانبه ، وهي تقول : سأنام الليلة في حرم الإله آنو ، وسأعلمك بما سيوافيني به ، هذا إذا لم يأتك في المنام ، كما جاء إليك الليلة الماضية .





















" 3 "
ـــــــــــــــــــــ

سمع الإله آنو ، في سمائه العليا ، شكوى الملك ايتانا وزوجته ، مما يعانيانه ، وانتظارهما طفلاً يرث المُلك بعد أبيه ، دون جدوى .
وفوجئت زوجته الإلهة انتو ، بأن زوجها الإله آنو ، زار الملك ايتانا في المنام ، ودعاه إليه في نزله في السماء ، كما زار الكاهنة العظمى في المنام أيضاً ، وأخبرها بأنه دعا إليه الملك ايتانا ، وسيقدم له نبتة النسل ، التي تساعد زوجته الملكة على إنجاب طفل يرث العرش بعد أبيه .
وحينما كان الملك ايتانا ، يحدث زوجته عما رآه في منامه ، وعن دعوة الإله آنو له بالصعود إلى السماء ، ليمنحه النبتة ، اندفعت الإله انتو نحو زوجها الإله آنو ، وقالت : علمتُ بدعوتك للملك ايتانا ، وبأنك ستعطيع نبتة النسل .
ونظر الإله آنو إليها ، وقال : هذا صحيح .
وتابعت الإلهة انتو قائلة : أنت لم تمنح هذه النبتة ، حتى لأيّ من الآلهة في السماء .
وردّ الإله آنو قائلاً : هذه النبتة لم يحتجها إله في السماء لأعطيها له .
وبشيء من الغيظ ، قالت الإلهة انتو : ولكن هذا لا يبرر أن تعطيها ل .. لايتانا .
ونظر الإله آنو إليها ، وقال : أعرف علة اعتراضك وغضبك ، لأنه إنسان .
وصرت الإلهة انتو على أسنانها ، وقالت : نعم ، إنه إنسان ، مجرد إنسان .
وأشاح الإله آنو بوجهه عنها ، وقال : نعم لأنه إنسان ، أريده أن يتوالد ، ويتكاثر ، ولا ينقطع نسله من الأرض ، التي خلق لأعمارها .
وقبل أن يفرغ الإله آنو من كلامه ، مضت الإلهة انتو ، وانزوت في جناحها ، ورغم انفعالها وغضبها ، ظلت تتابع ما يقوم به الإله آنو ، وخاصة في ما يتعلق بالملك ايتانا ونبتة النسل .

أوى الملك ايتانا إلى فراشه ، على غير عادته ، في وقت مبكر ، وحاولت زوجته الملكة ، أن تبقى مستيقظة إلى جانه ، لعله يبقى مستيقظاً ، ويحدثها عما يفكر فيه ، وما ينوي القيام به ، لكن دون جدوى .


وأوت الكاهنة العظمى إلى حرم الإله آنو في المعبد ، وهذا قلما كانت تقدم عليه ، وطلبت من الكاهنات جميعاً ، أن لا يتصلن بها ، أو يحاولن إيقاظها ، في أية ساعة من ساعات الليل ، ولأي سبب كان .
لم تقدم أية كاهنة على الاقتراب من حرم الإله آنو ، حيث رقدت الكاهنة العظمى ، منذ ساعة مبكرة من الليل ، لكنهن فوجئن جميعهن بالكاهنة العظمى ، تفتح باب حرم الإله آنو ، قبل شروق الشمس ، وتندفع عبر أروقة المعبد إلى الخارج ، ولحقت بها أكثر من كاهنة ، دون أن تنطق إحداهن بكلمة واحدة ، وعند باب المعبد ، قالت الكاهنة العظمى ، دون أن تلتفت إلى إحداهن : سأذهب إلى القصر ، وأقابل الملك ايتانا لأمر هام .

في تلك اللحظة ، هبّ الملك ايتانا من فراشه ، وعلى الفور ، هبت زوجته الملكة ، وقد تملكها القلق ، وقالت : عزيزي ، ما الأمر ؟
ونهض الملك ايتانا من فراشه ، وهو يقول : إله السماء.. آنو .
واتجه إلى الخارج ، وقال : الأمر عاجل ، لابد أن أرى الكاهنة العظمى .
ونهضت الملكة ، وأسرعت في أثره ، دون أن يتاح لها أن تتفوه بكلمة واحدة . وما إن فتح الملك ايتانا الباب ، والملكة تسرع في أثره ، حتى أقبلت وصيفة على عجل ، وقالت : مولاي ، الكاهنة العظمى .
وتوقف الملك مذهولاً ، فتوقفت الملكة ، وقالت : الكاهنة العظمى ! أين هي ؟
وردّت الوصيفة موجهة حديثها إلى الملك ايتانا : إنها في قاعة الاستقبال ، تنتظر .

ما إن رأت الكاهنة العظمى ، الملك ايتانا يدخل قاعة العرش ، وخلفه تهرول زوجته الملكة ، حتى اقتربت منه ، وقالت : مولاي .
وتوقف الملك ايتانا لاهثاً ، وقال : لابد أن الإله آنو قد زارك مثلما زارني .
وتوقفت الملكة مذهولة ، تقلب نظرها بين الملك ايتانا والكاهنة العظمى ، دون أن تتفوه بكلمة . وهزت الكاهنة العظمى رأسها ، وقالت : نعم ، يا مولاي .
ونظر الملك ايتانا إليها ، وتساءل قائلاً : النسر ؟
فقالت الكاهنة العظمى : نعم ، يا مولاي ، النسر .
وقال الملك ايتانا : أعرف مكانه .
والتفت إلى زوجته الملكة ، وقال : عزيزتي ، إنها مسألة وقت ، سنحصل على النبتة .




" 4 "
ــــــــــــــــــــ

لأن انتو ، زوجة الإله آنو ، إلهة ، علمت على الفور ، بزيارة الإله آنو في المنام ، كلا من الملك ايتانا والكاهنة العظمى .
وعلى الفور هبت من فراشها ، وبدل أن تذهب إلى الإله آنو ، كما فعلت في المرة السابقة ، ذهبت إلى التنين في المنام ، وهو يرقد في كهفه المظلم .
وهبّ التنين مذعوراً متمتماً : الإلهة انتو !
وأشارت الإلهة انتو أن يصمت ، ويعود إلى النوم ، فهي تريد أن تزوره في النوم ، وليس في اليقظة ، وعلى الفور ، استلقى التنين ، وعاد إلى النوم .
واقتربت الإلهة انتو منه ، وهو يغط في النوم ، وقالت له : أيها التنين ، اسمعني جيداً .
ورد التنين في منامه قائلاً ، دون أن تبدر منه حركة : سمعاً وطاعة ، يا مولاتي .
واستطردت الإلهة انتو قائلة : أريد بعد أن تسمع ما أريده منك ، أن تنهض على الفور ، وتذهب مسرعاً إلى النسر اللعين ..
وقال التنين كالمعتذر : إنه نائم الآن ، يا مولاتي .
لم تلتفت الإلهة انتو إليه ، وقالت بحزم وبشيء من الغضب : وتمسك به ، وتحبسه في الكهف .
ورغم أنه نائم ، قال التنين : لكنه صديقي ، يا مولاتي .
وصاحت الإلهة انتو : سيقتل صغيريك ، ويأكلهما حالما تضعهما زوجتك .
وتمتم التنين : هذا اللعين ..
ونظر إلى الإلهة انتو ، وقال متردداً : لكن .. ليس لي زوجة .. يا مولاتي .
وبغضب صاحت به الإلهة انتو : أيها الأحمق ، أفق ، ونفذ ما قلته لك .
وعلى الفور ، أفاق التنين من نومه ، وتلفت حوله ، أيعقل هذا ، إنها المرة الأولى ، التي تزوره فيها الإلهة انتو في المنام ، وبدل أن تهديه زوجة فتية ، تأمره أن يذهب إلى صديقه النسر ، ويمسك به ، رغم أنه نائم ، ويزجه محبوساً في الكهف ؟
وهبّ التنين من مرقده مذعوراً ، إذ سمع الإلهة انتو ، تصيح به غاضبة : انهض ، ونفذ ما أمرتك به .
وقال ، وهو يغادر الكهف : حالاً ، يا مولاتي .
لم ينم الملك ايتانا ، بعد أن زاره الإله آنو في المنام ، عند منتصف الليل ، على العكس من الكاهنة العظمى ، التي كانت ترقد في حرم الإله آنو ، فقد نامت ثانية ، بعد زيارة الإله آنو لها في المنام .
وهب الملك ايتانا من فراشه ، وعلى الفور ، هبت زوجته الملكة مستيقظة ، وتلفتت حولها ، وقالت : ما الأمر ، يا عزيزي ؟ نحن في منتصف الليل .
وأسرع الملك ايتانا يستبدل ملابسه ، وهو يقول : جاءني الإله آنو في المنام .. وتمتمت الملكة مذهولة : ثانية ً !
واستطرد الملك ايتانا قائلاً : وطلب مني أن أصعد إليه في السماء على عجل .
وتساءلت الملكة مذهولة : كيف ؟
وخرج الملك ايتانا من الجناح ، وهو يغلق الباب وراءه ، ويقول : النسر .
وتوقفت الملكة مذهولة تتمتم : النسر !

وقبل شروق الشمس ، هبت الكاهنة العظمى من فراشها ، فقد زارها الإله آنو ثانية في المنام ، وأخبرها بأن الإلهة انتو قد أمرت التنين ، أن يسجن النسر في الكهف ، وهذا ما فعله .
ودخلت الكاهنة العظمى القصر ، وسط دهشة الحراس والوصيفات ، وبدل أن تذهب إلى صالة الاستقبال ، اتجهت مباشرة إلى جناح الملك ، وعبثاً حاولت الوصيفة أخذها إلى صالة الاستقبال ، بل دفعت الوصيفة منفعلة ، وهي تقول : ابتعدي عني أيتها الحمقاء ، لابد أن أرى جلالة الملك فوراً .
وتناهى صوتها إلى الملكة ، وهي مازالت راقدة في فراشها ، وإن لم يغمض لها جفن ، منذ أن غادر الملك ايتانا القصر قبيل الفجر ، فخرجت من جناحها لتفاجأ بالكاهنة العظمى ، تهرع إليها من بين الوصيفات قائلة : مولاتي ، أريد أن أرى جلالة الملك فوراً .
وتساءلت الملكة : ماذا يجري ؟ ما الأمر ؟
فدنت الكاهنة العظمى منها ، وقالت : أين جلالة الملك ، يا مولاتي ؟
فقالت الملكة : أقلقتني ، يا سيدتي ، أخبريني ، إنني لا أفهم ما يجري ، ما الأمر ؟
وقالت الكاهنة العظمى بنفاد صبر : مولاتي ، أريد الملك لأمر عاجل .
وحدقت الملكة فيها ، وقالت : الملك غادر القصر ، قبل الفجر بكثير ..
وأطرقت الكاهنة العظمى رأسها ، وهي تتمتم : آه .. يا للويل .





" 5 "
ــــــــــــــــــــ

انطلق الملك ايتانا على حصانه " البرق " ، متوجهاً صوب الجبال البعيدة ، التي يغشاها الضباب معظم أيام السنة ، حيث يعيش " النسر العظيم " على قمة أحد الجبال المرتفعة ، وفي كهف ضخم ، معتم ، على نفس الجبل ، يعيش صديقه التنين .
وتحسس الملك ايتانا سيفه " البتار " ، الذي لم يخذله يوماً في شتى المعارك ضد الأعداء الهمجيين ، سيصل الملك ايتانا الجبل ، الذي يعيش فيه النسر العظيم ، إن لم يكن اليوم مساء ، ففي الغد عند شروق الشمس ، ولابد أن الإله آنو قد زار النسر في منامه ، وأخبره بما عليه أن يقدمه من خدمة للملك ايتانا .
آه سيطير الملك ايتانا على متن النسر ، ويحلق نحو السماء ، ويتوغل عالياً .. عالياً حتى سماء آنو ، وهناك يستقبله الإله العظيم في نِزله ، فينحني أمامه ، ويقول : مولاي ، ها أنا قد حضرت .
فيقدم له الإله آنو نبتة النسل ، ويباركه ، ثم يعود على متن النسر العظيم نفسه إلى زوجته الملكة ، التي سيغمرها الفرح بهدية الإله آنو، وتتمكن بها من الحمل بطفل يرث العرش .
وحانت من الملك ايتانا التفاتة ، كأن امرأة نادته من بعيد ، أهي زوجته الملكة أم .. ؟ ولاحت له في الأفق البعيد حمامة ، تطير نحوه كالريح ، فتوقف بحصانه " البرق " ، وقلبه يخفق قلقاً ، ترى ماذا تحمل هذه الحمامة من أخبار ؟ فلينتظر الخبر اليقين .
وحين بلغته الحمامة ، مدّ لها يده ، فحطت عليها ، والرسالة مشدودة إلى إحدى ساقيها . وأخذ الملك ايتانا الرسالة ، وفتحها على عجل ، إنها ليست من زوجته الملكة ، ولا من وزيره المخلص ، وإنما من الكاهنة العظمى ، كاهنة معبد الإله العظيم آنو ، تقول فيها :
أحييك أيها الملك العظيم ايتانا ..
وأدعو الآلهة العظام أن تحميك
زارني في المنام ، فجر هذا اليوم ، الإله العظيم
آنو ، وأبلغني خبراً غير سار ، لقد قامت الإلهة انتو ، بخلاف رغبة الإله العظيم آنو ، بعمل قد يثبط مسعاك ، فقد أوعزت للتنين بالإمساك بالنسر العظيم ، وزجه في الكهف المظلم ، ولا أشير عليك برأي ، يا مولاي ، وأنا واثقة أنك لن تقدم إلا على ما هو مناسب .
الكاهنة العظمى لمعبد الإله العظيم آنو

عند المساء ، عادت الحمامة إلى معبد الإله آنو ، وأسرعت إحدى الكاهنات إلى الكاهنة العظمى ، وقالت لها : مولاتي ، عادت الحمامة .
ونهضت الكاهنة العظمى ، وهي تقول متلهفة : أسرعي ، وجيئيني بها .
وأسرعت الكاهنة ، وجاءت بالحمامة ، وقدمتها إلى الكاهنة العظمى ، وقالت : تفضلي ، يا سيتي .
وأخذت الكاهنة العظمى الحمامة ، وقلبتها بين يديها ، لكنها لم تجد ، لا في ساقها ولا في أي مكان آخر من جسمها ، رسالة رد على رسالتها ، فتوقفت مفكرة ، دون أن تنطق بكلمة واحدة .
ومالت عليها الكاهنة ، وقالت : مولاتي .
فأعادت الكاهنة العظمى الحمامة إليها ، وقالت : خذيها إلى مكانها .
وأخذت الكاهنة الحمامة ، وهمت أن تقول شيئاً ، لكن الكاهنة العظمى قاطعتها قائلة : اذهبي الآن .
ومضت الكاهنة ، والحمامة في يدها ، ووقفت الكاهنة العظمى تقلب الفكر ، ترى أين الملك ايتانا الآن ؟ وما الذي سيفعله ، بعد أن وصلته رسالتها ، وعلم أن التنين قد هاجم النسر العظيم ، وأمسك به ، وقيده ، وزجه في الكهف المظلم ؟

عندما غابت الشمس ، وراء الأفق ، وبدأ الظلام يحلّ شيئاً فشيئاً ، توقف الملك ايتانا عند كهف يطل على الوادي ، وقرر أن يقضّي ليلته فيه. ورغم شعوره بالتعب الشديد ، إلا أنه لم ينم على الفور ، فقد كان يفكر في التنين ، وكيفية تحرير النسر العظيم من سجنه في الكهف ، ليتسنى له أن يطير على متنه إلى أعالي السماء ، لمقابلة الإله العظيم آنو ، وتلقي منه نبتة النسل ، التي تتيح له أخيراً فرصة أن يكون له وريث .
وقبيل منتصف الليل ، استغرق الملك ايتانا في نوم عميق ، على أمل أن يزوره الإله العظيم آنو ، لعله يرشده إلى كيفية مواجهة التنين ، والانتصار عليه ، لإنقاذ النسر العظيم ، وتحريره من السجن .










" 6 "
ــــــــــــــــــــ

منذ أن زارت الإلهة انتو التنين في منامه ، وطلبت منه أن يهاجم النسر ، ويمسك به ، ويزجه في الكهف المظلم ، ظلت في جناحها ، لم تغادره مطلقاً ، حتى لزيارة زوجها الإله العظيم آنو .
لم تنم الإلهة ، رغم أنها هدأت قليلاً ، وخفّ غضبها ، الذي دفعها إلى موقف لا ترضاه في العادة . وفكرت في زوجها الإله آنو ، وموقفه من الملك ايتانا ، ولسبب ما شعرت بأنها ربما بالغت في موقفها ، فما الداعي لمعاداة الملك ايتانا ، أهو العناد ؟ أم ماذا ؟
ونهضت من فراشها ، صحيح أن الوقت متأخر ، لكن الإله آنو قد لا يكون نائماً ، وقررت أن تذهب إليه ، حين رأته يقبل إليها ، ويقف على مقربة منها ، دون أن يتفوه بكلمة واحدة .
ورمقته الإلهة انتو بنظرة خاطفة ، وقالت : الملك ايتانا ينام الآن في كهف في سفح الجبل .
ونظر الإله آنو إليها ، فاستطردت قائلة : وفي كهف بأعلى الجبل ينام التنين والنسر .
فقال الإله آنو : إنهما صديقان .
وابتسمت الإلهة انتو ، وقالت : وسيبقيان صديقين ، يا عزيزي آنو .

وقبل أن تستيقظ الشمس ، استيقظ الملك ايتانا ، وبدأ يتسلق الجبل ، متجهاً صوب القمة ، تاركاً حصانه " البرق " يرعى في الجوار . ومضى صعداً تتأكله الحيرة والقلق ، لقد عول أن يزوره الإله آنو في المنام ، لعله يعطيه ، ولو إشارة بسيطة ، إلى مجريات المواجهة المرتقبة بينه وبين التنين .
وتوقف الملك ايتانا ، ورفع عينيه إلى أعلى ، مازال الكهف بعيداً ، لكنه سيصله إن عاجلاً أو آجلاً ، وعندئذ ستبدأ المعركة بينه وبين التنين ، ليطلق سراح النسر ، و .. وإلا لن تكون هناك نبتة النسل ، ولا إنجاب وريث ، وستنتهي الملوكية ، التي نزلت عليه من السماء ، طالما أنه لن يكون له طفل يرث بعده العرش .
وعاد الملك ايتانا إلى الصعود ، بهمة أضعف ، فالساعات تمضي ، ومعها تتدهور قوته ، والكهف الذي يُسجن فيه النسر ، تحت حراسة التنين ، مازال بعيداً ، يلفه الضباب .
وتوقف مرة أخرى ، وجلس على صخرة قريبة منه ، لعله يرتاح قليلاً ، ويستعيد بعض قوته ، فأمامه مسافة ليست قصيرة ، وإذا وصل اليوم ، وربما لن يصل ، فالشمس تجاوزت منتصف السماء ، وبدأت تنحدر نحو الغروب ، فعليه أن يواجه التنين ، الذي يقال أنه قوي ، قوي جداً ، ومهما كان الأمر ، فعليه أن يتصدى له ، ويقضي عليه ، وإلا كيف يحرر النسر من سجنه في الكهف المظلم ؟

في ذلك الحين ، كان الإله آنو ، وزوجته الإلهة انتو ، يقفان صامتين جنباً إلى جنب ، يراقبان الملك ايتانا ، ويصغيان إلى هواجسه ومخاوفه وآماله .
وهذا ما كانت تفعله ببصيرتها المرهفة الكاهنة العظمى ، وهي تجثو أمام تمثال الإله آنو في المعبد ، وتدعو أن ينجح الملك انتمينا ، ويحقق أمله في الصعود إلى السماء ، والحصول على نبتة النسل .
أما الملكة ، التي قلما نامت أو تناولت بعض الطعام ، كانت منطرحة في فراشها ، وروحها ترفرف بعيداً ، تتأثر الملك ايتانا ، في حله وترحاله ، وتصعد معه خطوة بعد خطوة ، نحو ، الكهف المظلم ، حيث النسر العظيم والتنين .

ونهض الملك ايتانا ، وقبل أن يستأنف سيره ، رفع عينيه إلى الأعلى ، ولاحت له القمة ، يلفها ما يشبه الضباب ، وفكر أنه قد لا يصل اليوم إلى الكهف ، ورأى أنّ من الأفضل أن يتوقف عند الغروب ، لعله ينام ، ويستعيد بعض قواه ، وإلا فإن من الصعب عليه أن يواجه التنين ، ويتغلب عليه ، وهو على هذا الحال من الإنهاك والتعب .
وتعثر الملك ايتانا ، وكاد يتهاوى على الأرض ، لو لم يستند في الوقت المناسب ، إلى صخرة ضخمة كانت قريبة منه . وندت حركة من وراء الصخور ، فرفع رأسه ، وامتدت يده سريعاً إلى سيفه ، وفجأة برز التنين ، وكأنه انبثق من باطن الجبل ، ووقف يحدق فيه ، دون أن يتفوه بكلمة واحدة .
وهب الملك ايتانا واقفاً ، وقد استل سيفه ، لقد حانت ساعة المواجهة ، ولابد من التصدي لهذا التنين وقتله ، رغم ضخامته ، وما يبدو عليه من قوة هائلة .
لم يتحرك التنين من مكانه ، ولم تبدُ منه أي نية للهجوم ، فتقدم الملك ايتانا منه على حذر ، وهو يقول : سأقتلك أيها التنين ، وأحرر النسر العظيم .
ومرة أخرى لم يتحرك التنين ، بل وحتى لم يبدُ عليه ما يوحي بغضبه ، أو استعداده للقتال ، وهمّ الملك ايتانا أن ينقض علي بسيفه ، حين هبط إلى جانبه نسر عظيم ، وهو يقول : توقف ، يا مولاي .
وتوقف ايتانا مذهولاً ، فقال النسر : أعد سيفك إلى جرابه ، لا داعي للقتال ، يا مولاي .
وردّ الملك ايتانا قائلاً ، والسيف مازال في يده : لكن لابد أن أقتل التنين ، وأحررك من الأسر .
واقترب النسر منه ، وقال : إنني كما ترى ، لم أعد أسيراً .
ونظر إلى التنين ، وقال : الإلهة انتو أمرت صديقي التنين أن يأسرني ، فامتثلتُ له دون مقاومة ، ومكثت معه في الكهف معززاً مكرماً .
وقال التنين : لم يدم الأمر طويلاً ، فقد عادت الإلهة انتو ، وأمرتني أن أطلق سراحه .
وأعاد الملك انتمينا سيفه إلى غمده ، وقال : لكني جئت أحررك ، لتصعد بي إلى السماء .
فقال النسر : أعرف ، وأنا حر الآن ، وسآخذك إلى السماء ، وتحظى بلقاء الإله العظيم آنو .
وهنا تحرك التنين ، وقال : طبعاً ليس اليوم ، فأنت متعب ، والشمس تكاد تغرب ، تعال معنا ، وارتح الليلة في الكهف .
وقال النسر : وغداً ، قبل شروق الشمس ، سأطير بك إلى أعالي السماء .



" 7 "
ــــــــــــــــــــ

عند الفجر ، وقبيل شروق الشمس ، انطلق النسر العظيم ، فارداً جناحيه الهائلين ، صوب أعالي السماء ، وعلى متنه الملك ايتانا .
لقد استيقظا مبكراً ، أيقظهما التنين نفسه ، وكأن أحداً ، وربما الإلهة انتو ، جاءته في المنام ، وطلبت منه أن ينهض ، ويوقظ النسر والملك ايتانا .
وعندما انطلق النسر ، من أمام الكهف المظلم ، حيث قضّوا ليلتهم ، وقف التنين يودعهما ، وقال للملك ايتانا : أتمنى لك التوفيق ، يا مولاي .
فردّ الملك ايتانا ، وهو يصعد إلى ظهر النسر : أشكرك أيها التنين ، أنا مسرور لتعرفي عليك .
وحتى عندما انطلق النسر ، والملك ايتانا على متنه ، ظلّ التنين يتابعهما بناظريه ، ولم يدخل الكهف ، حتى غابا تماماً في أعالي السماء .
وواصل النسر تحليقه صعداً ، وراحت سرعته تزداد ، كلما ابتعد عن الأرض ، وتوغل شيئاً فشيئاً في أعالي السماء . وحاول الملك ايتانا أن يتمالك نفسه ، وجلس مطمئناً بعض الشيء على متن النسر ، بعد أن داخله الكثير من الخوف والقلق في البداية ، وهو يرى نفسه يحلق في الفضاء ، ويبتعد عن الأرض ، التي لم يغادرها هكذا من قبل .
وبعد أن ابتعدا عن الأرض كثيراً ، قال النسر ، وهو يواصل تحليقه ، وكأنه سهم منطلق : مولاي ..
وردّ الملك ايتانا : نعم ، أيها النسر .
وتابع النسر قائلاً : أنظر حولك ، يا مولاي .
ونظر الملك ايتانا حوله ، يا للإله آنو ، إن أحداً غيره من البشر ، لم يرَ ما يراه الآن ، إنه يطير على متن هذا النسر الضخم فوق الغيوم ، أما الأرض فكانت تتباعد وتتباعد ، حتى تكاد تختفي .
وتساءل الملك ايتانا : يا ترى متى نصل ؟
وردّ النسر العظيم ، وهو يشق الفضاء كالسهم : سنصل ، يا مولاي ، عندما تختفي الأرض تماماً ، ولا نرى حولنا إلا السماء .
ونظر الملك ايتانا إلى الأرض ، ورآها تصغر وتصغر وتصغر ، فقال وكأنه يخاطب نفسه : سنصل إلى سماء الإله آنو ، سنصلها قريباً .

وفي أقصى الأعالي ، كان الإله آنو وزوجته الإلهة انتو ، يتابعانمن نزلهما ، النسر الضخم ، وعلى متنه الملك ايتانا ، وابتسمت الإلهة انتو ، وقالت : يبدو أن ايتانا والنسر ، سيصلان قريباً .
وابتسم الإله آنو بدوره ، وقال : الملك ايتانا هو أول إنسان يصل إلى هذا المكان من السماء .
والتفتت الإلهة انتو إليه ، وقالت : والفضل لك .
وقال الإله آنو : ولكِ أيضاً .
وقالت الإلهة انتو : أعترف إنه يستحق ما سيحصل عليه هذا الإنسان الملك .
ونظر إليها الإله آنو ، وقال بامتنان : أشكرك ، أشكرك ، يا عزيزتي .

ووصل الملك ايتانا ، على متن النسر العظيم ، إلى أعالي السماء ، بعد أن اختفت الأرض تماماً ، ومثل أمام الإله آنو وزوجته الإلهة انتو ، وانحنى أمامهما بإجلال ، وقال : طاب يومكما أيها الإلهان العظيمان .
فقال الإله آنو : مرحباً بك في سمائنا ، أيها الملك الإنسان الشجاع .
وعلى العكس مما توقع الملك ايتانا ، فقد ابتسمت الإلهة انتو له ، وقالت : أهلاً ومرحباً بالملك ايتانا ، اطمئن ، أنت وزوجتك الملكة ، سيكون لكما وريث ، يملأ الأرض عدلاً ومحبة وسلام .
وانحنى الملك ايتانا للإلهة انتو بفرح وامتنان ، وقال : ألف شكر ، يا مولاتي ، ستفرح بعطيتك هذه زوجتي الملكة ، وكذلك جميع الناس في مملكتي .
وعندئذ قدمت الإلهة انتو نبتة النسل إلى الملك ايتانا ، وقالت : تفضل ، هذه هي النبتة ، التي صعدت إلى السماء لتحصل علها ، خذها ، أنت تستحقها عن جدارة وليكن لكما طفل يرث العرش .
وأخذ الملك ايتانا النبتة ، وضمها فرحاً إلى صدره ، وانحنى للإلهة انتو والإله آنو ، وقال : أشكركما ، أيها الإلهان العظيمان ، باسمي واسم زوجتي الملكة واسم جميع الناس في مملكتي .
وهنا قال الإله آنو : والآن ، أيها الملك ايتانا ، وقد حصلت على نبتة النسل ، يمكنك أن تعود إلى الأرض ، وتعيش حياتك سعيداً مطمئناً .

عاد الملك ايتانا من السماء ، كما ذهب إليها ، على متن النسر العظيم ، وبالأفراح استقبلته زوجته الملكة ، والكاهنة العظمى ، وجميع الناس في المملكة .
وقبل مرور عام على صعوده إلى السماء ، رزق الملك ايتانا بطفل جميل ، أدخل الفرح على قلوب والديه والكاهنة العظمى ، وجميع الناس في المملكة ، وتعبيراً على امتنانه ، جدد الملك ايتانا بناء معبد الأله آنو ، وبنى إلى جانبه معبد جميل للإلهة انتو ، زوجة الإله آنو .






6 / 7 / 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??