الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجليات فلسطين في النص الشعري عند الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود قصيدة -يا ابنة الطوفان- نموذجا

محمد المحسن
كاتب

2023 / 10 / 20
الادب والفن


لا تغيب فلسطين عن وجدان أي مسلم بصفة عامة،وأي عربي بصفة خاصة،فهي الهم العربي الإسلامي القابع في النفس والعقل..كما تتجلى القدس بكل جمالياتها..كيف لا وهي أولى القبلتين ومسرى النبي وثالث الحرمين..
هذا بالنسبة للبعد الديني،وعلى البعد القومي فهي القضية المحورية للأمة العربية منذ عقود، وأجيال،تنبض في وجدان كل عربي حر،وتؤرق كل مسلم غيور.
بيد أن هذا الأرق يختلف عن الشاعر عمن سواه من الجماهير،وما سمي الشاعر شاعرا لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره،فالأرق والقلق يحترق في عقل الشاعر،ويخترق سويداء قلبه،فينتج شعرا صادقا من خلال تجربة فنية ناضجة بالألم والأمل.وهو ما تجلى في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة فائزة بنمسعود "يا ابنة الطوفان" فألم فلسطين الجريحة يؤرق شاعرتنا ويقلقها فتنتج تجربة شعرية خاصة،ترسم من خلالها صورة فلسطين الواقع والمستقبل،صورة تستشرف المستقبل قبل أن تنسخ الواقع.

يــا ابـنـة الطـــوفــان

وتســـأل إدفــا
والجواب واضح وجلي
لِــمَ تســأل
والجواب
كان قبل السؤال
مكتوبا في لوح محفوظ
على جبين وطني
كان ومازال كما يلي
لا مكان للغرباء
لا مكان للأنجاس
لامكان لمـن
لعنة الانسانية تتبعهم
وغضب الرب عليهم سرمدي
لا مكان للخزي والعار
في موطن الطهر الأبي
ووطني لا يتسع
للمغتصب المعتدي
ومهما جار
ومهما تنكّر
ولباس العهر استعار
ومهما بسلاح الغدر استجار
فتربة أرضي تلتهم
كل من ظلم وجار
يـا ابنة الطوفان
لله كفيك ارفعي وابتهلي
وبـكل ثقة في النصر القادم ردّدي
اللهم
لا تذر على الارض من الكافرين ديّارا
وتسأل إدفـا
جدتي واضعة حجر أساس الكيبوتس (المستوطنات) أسيرة عند العربي
يـا قوم يا بني صهيون جدّتي أسيرة
جدتي التي آمنت بالصهيونية أسيرة
هو ذاك كسيرة الجناح أسبرة
هو ذاك عدل السماء نزل يـا إدفا الحقيرة
وأين حق جدتي التي أحرقتم بيتها
وقلعتهم زيتون ضيعتها
وقطعتم أوصالها
وفقأتم عينيها
وجدعتم أنفها حتى لا تستنشق
عطر تربة قبرها
أعيدوا لي جدتي وجداتي
أعيدوا لي أرضي وزيتوني وزعتر غاباتي
ردوا علي غزتي وقدسي وجليلي
وكل اتجاهاتي
جدّتي كانت في طلب حقها صامدة عنيدة
جدتي أحتسبها عند الله شهيدة
وجدتك يا إدفـا
ورقة في شجرة نبتت في تربة أبيه
ترفض الخبث والنجاسة
وأعاصير(طوفان الاقصى) اقتلعتها
فيا لـتعاستكم بآل التعاسة…

فائزه بنمسعود
15/10/2023

ملاحظة
أدفـا أدار* هي صهيونية
كتبت تقول :جدتي أسيرة في غزه
وهي من اسست نظام المستوطنات(الكيبوتس)
بيدها واسمها(يافي أدير) وآمنت بالصهيونية
واحبت هذ البلد الذي تخلى عنها.

لقد نجت شاعرتنا من براثن البكائية الرومنسية التي لا تكف عن ندب الحال،والصراخ بلا انقطاع،تلك البكائية التي لا تختلف عن البكاء على الأطلال قيد أنملة،فكلاهما بكاء على اللبن المسكوب،واستدعاء للماضي دون بناء للمستقبل،في حين أن شاعرتنا تنطلق من جروح الواقع الغائرة،إلى إيقاظ النفوس الثائرة لتبني قُدْسا طاهرة خالية من الفساد والمفسدين.
شاعرتنا الفذة فائزة بنمسعود جعلت النص الشعري مفعما حيوية،وجعلته أكثر حوارية مع المتلقي الذي بدوره يستدعي النصوص الدينية والتاريخية ليخرج بقراءة ذاتية للنص.
على سبيل الخاتمة :
ما زالت فلسطين تشكل جرحاً عربياً لم يندمل بعد،رغم مرور سنوات طويلة عليه،سنوات لم تستطع أن تمحو ذلك القهر والبؤس،الذي رسمته القوات الإسرائيلية الغاشمة على أوجه الأطفال الفلسطينيين،والدماء الكثيرة التي أريقت في حدائقهم،ومشاعر التنكيل والتصغير والاحتقار والمذلة،التي قوبل بها الشعب الفلسطيني.
وإزاء الصمت شبه المطبق والرهيب اليوم حيال القضية الفلسطينية من جانب معظم الأنظمة العربية،التي يخيل إليها أن أميركا مستعدة دوما للدفاع عن "أمنها" في مقابل صمتها المأجور تجاه الممارسات الإسرائيلية،تُطرح تساؤلات: أليست القضية الفلسطينية هي من علمتنا دروساً في الوفاء للأرض والنضال؟ هل نسينا آلاف التضحيات،التي قدمها كبار المثقفين العرب من مختلف أصقاع البلاد العربية،ممن ظلوا يصرخون بإسم فلسطين حتى وافتهم المنية؟
ألم تعد فلسطين تستحق أن تكون نجمة العرب الأولى بامتياز؟
مثل هذه التساؤلات ترج كياني في لحظة من اللحظات وأنا أتتبع المسار الفكري والأدبي والفني لدى مثقفين عرب كثر،مستعيداً الزخم الفكري،الذي دشنه كبار المثقفين العرب حول هذه القضية،التي تحتفظ براهنيتها.وتتبدى لنا ماهية ذلك من خلال آلاف الكتب والجرائد والمجلات السبعينية والثمانينية،التي جعلت من القضية الفلسطينية بمختلف أبعادها قضية مركزية داخل صفحاتها،فلا يمكن تصور حجم القصص والأشعار والروايات والمسرحيات والأفلام والمعارض الفنية،التي أنجزت حول فلسطين،وما تزال تشكل اليوم وثيقة تاريخية وعلامة بارزة في تاريخ الفكر السياسي المعاصر.
وتستحق فلسطين الآن أن نعيدها إلى الواجهة ضمن قصائد شعراء أبدعوا في انتصارهم لهذه القضية المقدسة : فلسطين الجريحة..على غرار قصيدة "يا ابنة الطوفان" التي نحتتها ببراعة واقتدار أنامل الشاعرة التونسية الفذة فائزة بنمسعود،هذا دون أن نقلل من أهمية الشاعرات والشعراء التونسيين الذين أثثوا المشهد الشعري التونسي والعربي بقصائد وابداعات تستنهض الههم وتؤسس لغد مشرق تتهودج فيه فلسطين في ثوب التحرير،سنتناولها في مقارباتنا القادمة بالدراسة والتحليل.
لك مني-يافائزة-تحية-فلسطينية/تونسية-مفعمة بعطر النصر..والتحرير.


*بين الصور التي ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي ضمن عملية “طوفان الأقصى”، صور لمسنة اسرائيلية تدعى “يافا أدار” تبلغ من العمر 85 عاماً،والتي وقعت أسيرة في أيدي المقاومة الفلسطينية.
وأظهرت صور متداولة أحد مقاومي كتائب عز الدين القسام،وهو يقف إلى جانب المسنة الإسرائيلية،وأعطاها سلاحه لتمسك به ـ ليعبر عن اللطف في التعامل معها لكبر سنها وظروفها الصحية..
ونشرت حفيدتها التي تدعي “أدفا آدار” تحديثة على حسابها على فيسبوك،قالت فيها إن جدتها تبلغ من العمر 85 عاما،واسمها “يافا آدار”،وهي من مؤسسي “الكيبوتس” (مستوطنة زراعية وعسكرية) في المنطقة المحيطة بقطاع غزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا