الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(انتفاضة 8 ديسمبر1987) الانتفاضة تتحدى نهج التسوية والتجزئة

محمد علي الماوي

2023 / 10 / 20
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


(انتفاضة 8 ديسمبر1987)
الانتفاضة تتحدى نهج التسوية والتجزئة II
( من نص "حرب الشعب هي الحل ضد الرجعي والمحتل" بتاريخ اوت 1988) أنشر مقتطف من هذا النص بمناسبة "طوفان الاقصى" العملية الباسلة التي طرحت القضية من جديد فتحركت الجماهير منادية بتحرير كل فلسطين ورفض مشروع الدويلة
تعتبر الانتفاضة تجسيدا واضحا لإحداد التناقض بين الإمبريالية والإمبريالية الاشتراكية وعملائهما وبين الشعوب والأمم المضطهَدة وهو تناقض رئيسي يحدد سيرورة بقية التناقضات الأساسية وأمام احتداد هذا التناقض يزداد تخوف المعسكر الإمبريالي من إمكانية اندلاع حرب شعبية تهدد فعليا مصالحه وتواجده في المنطقة العربية وتعلن بداية انهيار النظام الإمبريالي. وهكذا أمام خطر انهيار هذا النظام الاستغلالي فقد أعادت الإمبريالية والإمبريالية الاشتراكية سيناريو "الوفاق الدولي" وتظاهرت بحل النزاعات الإقليمية والتوجه نحو تقليص الأسلحة النووية إلخ وعقدت قمة موسكو قمة التآمر على مصالح البروليتاريا وشعوب العالم وأممه المضطهَدة.
لقد اتفقت الكتلتان الإمبرياليتان فيما يخص الوطن العربي وتحديدا فلسطين على 1- "بذل كل الجهود من أجل التصدي للعنف والمواقف المتطرفة وتوخي الواقعية والاعتدال".
2- التصدي إلى نشوب حرب ضد الكيان الصهيوني لأن ذلك يهدد مصالح الكتلتين ويهدد كيان الأنظمة العميلة نفسها.
3- " تسوية النزاع على مراحل عن طريق المفاوضات ومراعاة مصالح الأطراف المختلفة ".
في حين اختلف قائدا المعسكر الإمبريالي فى صيغ موحدة لعقد مؤتمر دولي وفى كيفية تمثيل "الفلسطينيين" ويندرج هذا الاختلاف في إطار التنافس وإعادة تقسيم النفوذ. وقد وجه كل من ريغن وغورباتشوف رسائل إلى " القمة العربية " وإلى الملوك والأمراء الذين التزموا حرفيا بتوصيات الإمبريالية وخصصوا أكثر من 70 بالمائة من الوقت لنقاش كيفية تصفية القضية من خلال المؤتمر الدولي وخرجت الرجعية كالعادة تطبل ل «وحدة الصف العربي". واعتبر البعض إن "المؤتمر حقق نصرا كبيرا وأن القمة أنحج القمم العربية منذ 15 سنة ".
وهكذا قدمت الرجعية العربية واقع الهيمنة والاستسلام كانتصار ثمين وهو بالفعل انتصار ظرفي للرجعية جاء بعد محاولات عدة لضرب صمود الشعب العربي بأشكال ملتوية والتقدم بحذر نحو تقنين الاستسلام وفرض الاعتراف حسب توصيات المعسكر الإمبريالي. فبعد قمة الخرطوم وشعار " لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض" وعلى عكس ما جاء به الميثاق الوطني الفلسطيني حيث تؤكد 22 مادة من بين 33 "على رفض كل الحلول البديلة عن تحرير فلسطين تحريرا كاملا و بأن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد للتحرير وأن تقسيم فلسطين عام 1947 و قيام الكيان الصهيوني باطل من أساسه ..." وبعد أن أقر المجلس الوطني الفلسطيني في نيسان أفريل 1972 النضال ضد عقلية التسوية وما تفرزه من مشروعات ضد نضال شعبنا فى تحرير وطنه ومسخ هذه القضية بمشروعات الكيانات أو الدولة الفلسطينية على جزء من فلسطين والتصدي لهذه المشروعات بالكفاح المسلح المرتبط به".
بعد كل ذلك أصبح من يقاوم التسوية متهما "بالتطرف والطعن في شرعية م.ت. ف". في حين أن التاريخ يثبت أن القيادات هي التي خرجت عن شرعية طموحات الجماهير العربية. وهكذا فقد تم إقرار برنامج النقاط العشر الداعي إلى "إقامة سلطة وطنية على جزء من فلسطين وذلك منذ الدورة 12 للمجلس الوطني الفلسطيني فى حزيران جوان 1974 وارتدت هذه السلطة المزعومة زيا رسميا في الدورة 13 اذار- مارس 1977 فباتت تعرف باسم "الدولة الوطنية المستقلة" لتصل فى الدورة 16 شباط فيفري 83 إلى دولة الكونفدرالية مع الأردن.
لقد انقلب الميثاق الفلسطيني رغم نواقصه إلى نقيضه وتحولت قيادة م.ت.ف. والمنظمة نفسها إلى منظمة استسلام وأصبحت المصطلحات التالية هي الرائجة في المنظمة: "الدولة المستقلة –الكونفدرالية، الحوار مع القوى الصهيونية، الاعتراف المتبادل – الموافقة على قرار الامم المتحدة بما في ذلك قرار 242 – تأييد مبادرة بريجنيف والمؤتمر الدولي – الأرض مقابل السلام- اتفاق عمان –بيان القاهرة الذي "أدان الإرهاب والعمليات الفدائية" –"السلام العادل والشامل – حكومة المنفى" ...إلخ
يتضح إذن أن قمة الجزائر الأخيرة هي تتويج لنهج التسوية والخيانة الوطنية إذ أن برنامج الاستسلام السائد لدي الأنظمة العميلة يتمحور حول البرنامج المرحلي ذي النقاط العشر منذ حوالي 15 سنة ومنذ قمة فاس التقى البرنامجان في اتجاه التطابق التام ولم يعد الكفاح المسلح وسيلة للحسم بل مجرد أدوات مراقبة لتحريك عملية التسوية كما صرح بذلك رئيس الأركان المصري عبد الغني الحمصي بعد حرب تشرين 1973 كما أن العمليات الفدائية هي من منظور قيادة المنظمة مجرد أدوات ضغط للقبول بها طرفا فى التسوية وتعتبر الانتفاضة كذلك من منظور القيادات وسيلة ضغط لتمرير التسوية والإعداد للمؤتمر الدولي.
لقد أصبح إذن من قبل قصر النظر السياسي عدم مسك هذه الحقائق وعدم تسليح الجماهير بها. إنه من واجب الشيوعيين الإصداع بهذه الحقائق لعموم الشعب وعدم الدخول في لعبة مغالطة الجماهير أو إيهامها بأن القيادات الحالية قد تسير بها إلى النصر.
لقد افتضحت عمالة الأنظمة بدون استثناء وظل واضحا أن قيادة م.ت.ف تدافع عن برنامج الكمبرادور والإقطاع برنامج "المجموعة المليونيرية الفلسطينية" التي اجتمع بها عرفات في الحمامات-تونس- في أوائل 1983
إن اللهث وراء السلام مقابل قطعة أرض هو في الحقيقة الاستسلام بلا قيد أو شرط أي التسوية والهيمنة الإمبريالية والمزيد من التجزئة وهذا في الواقع ما اقرته القمم السابقة وقمة الجزائر:
- الاعتراف بالكيان الصهيوني والتوجه نحو التطبيع
- التصدي للبندقية والعمل على إسقاطها بكل الوسائل
محاصرة الفكر الوطني سواء من خلال عمليات القمع المباشر أو باستعمال الفرق الإصلاحية والظلامية وتحويل اتجاه البندقية بإشعال نار الخلافات الطائفية وتشجيع الانقسامات
- تقنين الإقليمية من منطلق الحفاظ على مصالح السماسرة والإقطاعيين ورفع شعار خطر الكانتونات والطائفية.
وحول محاور الاستسلام هذه يتم التقارب الحالي بين الأنظمة وتتم عملية تجاوز ما سمي بالخلافات العربية وذلك تجنبا لانفلات الوضع فيتم التطبيع بين النظام الليبي والنظام التونسي وبين مثيله في الجزائر ونظام الحسن الثاني وبين هذا الأخير والبوليزاريو ثم يتم إيقاف حرب الخليج والتطبيع مع نظام مخيم داوود
: عجز القيادات ناتج عن طبيعتها iii
إن طبيعة القيادات وتركيبتها الطبقية تجعلها بعيدة كل البعد عن طرح مهام الثورة الوطنية الديمقراطية وعن إيجاد الأدوات الضرورية للتقدم في إنجاز هذه المهام. لقد انحدرت قيادة الجبهات رئيسيا من التيارات القومية فمنها من تمركس إثر هزيمة البرجوازية الوطنية وتحول في النهاية إلى معسكر الثورة المضادة بدفاعه العلني عن خط الإمبريالية الاشتراكية ومنها من حافظ على النفس الوطني المنقوص الذي تأسس على أساسه وواصل الدفاع عن مصالح البرجوازية الوطنية.
ولذلك فإنه من الضروري التفريق بين الجبهات التي تبنت مواقف الاستسلام وأصبحت تدافع علنا عن الإمبريالية الاشتراكية وبين الجبهات الرافضة للحلول الإستسلامية والتي رغم تذبذبها لازالت تقف في فترات محددة إلى جانب نضالات الجماهير.
وفى حين تعمل الجبهات الإصلاحية الدائرة في فلك الأحزاب المسماة باطلا شيوعية على استبدال هيمنة إمبريالية بهيمنة إمبريالية أخرى لا تقل شراسة على غرار ما حدث في أنغولا مثلا.
وفى الوقت الذي يتحتم على الشيوعيين الحقيقيين فضح طبيعة هذه القيادات وتلاعبها بمصالح الشعب فإنه من الضروري التمايز مع الجبهات الوطنية المعبرة عن مصالح البرجوازية الوطنية والتقدم نحو بناء الحركة الشيوعية الماوية ’ المنطلق من مصالح العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ومن هذا المنظور فإن منطلقاتها الطبقية تختلف إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا عن المنطلقات الجبهوية ولا يمكن لهذا البديل الثوري أن يبنى إلا على أنقاض التحريفية المندسة في حركة التحرر من جهة وفى تحالف مع القوى الوطنية رغم التباين الاستراتيجي من جهة أخرى وهذا لا يمنع العمل المشترك مع القوى الوطنية في إطار جبهة وطنية ديمقراطية شعبية معادية للإمبريالية والصهيونية تحت قيادة حزب الطبقة العاملة الماركسي-اللينيني:
القيادات الإصلاحية التي تعبر عن مصالح الإمبريالية الاشتراكية أ- لقد تمكنت من إزاحة النفس الوطني وتنكرت كليا للمواثيق التي قامت على أساسها والتحقت نهائيا بمعسكر الثورة المضادة خاصة بعد انطفاء مشعل دكتاتورية البروليتاريا في الصين. إن برنامج هذه القوى الإصلاحية ينحصر في الإطار العام الذي ترسمه الإمبريالية الاشتراكية ويتمحور حول الاعتراف بالكيان الصهيوني والعمل من خلال المؤتمر الدولي على إيجاد الدويلة الممسوخة ويستخدم العمل المسلح في إطار التنافس بين الكتلتين الإمبرياليتين كأداة للتعجيل بالحل الاستسلامي.
وقد تقابل خط التسوية السوفياتي بخط التسوية الأمريكي وحصل التحالف بين هذه الجبهات والقيادة العرفاتية وذلك على أساس البرنامج المرحلي للنقاط العشر فهو برنامج توحدت حوله القوى الرجعية والإصلاحية في فلسطين ذات المصلحة في وجود الكيان الصهيوني والمرتبطة بالطبقات الحاكمة عملية الإمبريالية والإمبريالية الاشتراكية.
ولا يمكن لبرنامج التسوية والتجزئة المعبر عن مصالح الكمبرادور والإقطاع أن يكون برنامج العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ولا يمكن لمثل هذه القيادات أن تكون قيادات ثورية ولذلك نظرا لسيطرة الخط الرجعي العرفاتي على منظمة تحرير فلسطين والتأييد الإصلاحي لهذا الخط فقد وقع إفراغ النضال الوطني والديمقراطي من محتوياته وتحول النضال ضد التواجد الإمبريالي إلى جلسات ضيقة تعارض هذا المشروع الإمبريالي لا كمشروع يقنن الهيمنة والنهب وواقع بل لأنه لا يعترف بهذا الفصل أو ذاك وفى ظل هذا التنافس الإمبريالي انتعش التيار الظلامي واستخدم الإخوان في تقويض الحركة من الداخل لدفعها إلى المزيد من الانقسامات والمعارك الجانبية.
وليس من الغرابة أن يفرز برنامج الاستسلام قيادات رجعية مرتبطة بمصالح الطبقات الحاكمة المرتبطة هي الأخرى بمصالح الإمبريالية كما أنه ليس من الغرابة أن تتوخى هذه القيادات أساليب لا علاقة لها بالنضال الجماهيري ولا بالكفاح المسلح وتحاول جاهدة ضرب إمكانية بروز نواة حزب الطبقة العاملة والجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية وجيش الشعب الأدوات الضرورية لتحرير الشعب العربي.
ولذلك فمن الطبيعي أن تتوجه هذه القيادات إلى الاعتماد على الأنظمة وعقد التحالفات الفوقية بمعزل عن مصالح الجماهير العربية في فلسطين وفى بقية الأقطار وأن تجعل من القضية قضية محلية وإقليمية لتخرج الشعب العربي من المواجهة وتنفرد بالقيادة لفرض وصايتها. وفى هذا الإطار يندرج احترام هذه القيادات الحدود المصطنعة والاعتراف بشرعية الأنظمة وعدم التدخل في شؤون البلد المستضيف وبالتالي توخي أسلوب العمل الشرعي في ظل القوانين الجائرة وعدم تجنيد الجماهير العربية رغم توفر الظروف الموضوعية بل تركها عرضة للمجازر والتنكيل كما حدث ذلك سابقا في الأردن ( أيلول الأسود) أو في لبنان تل الزعتر والاجتياح الصهيوني وحرب المخيمات أو في سوريا وتوخي أسلوب المفاوضات بغض النظر عن موازين القوى واستبدال البرنامج بتكتيكات مرحلية والالتجاء إلى العمل المسلح في إطار المزايدات لا غير ومقابل ذلك نبذ النضال الجماهيري وأسلوب حرب الشعب طويلة الأمد والاعتماد على التسلح الثقيل والقواعد الثابتة وأسلوب المواجهات النظامية وتحويل منظمة تحرير فلسطين إلى مؤسسة مالية تفوق ميزانيتها بعض ميزانيات الأنظمة وإلى أداة مساومة بمصالح الشعب العربي في يد الرجعية العربية.
ب- محدودية القيادات الوطنية:
لقد اتضح أن برنامج التسوية للجبهات الإصلاحية الدائرة في فلك ما يسمى بالأحزاب الشيوعية الموالية للإمبريالية الاشتراكية قد تطابق مع برنامج التسوية للأنظمة العربية ولذلك لا يمكن إسقاط برنامج التسوية وقياداته إلا بتبني برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ولا يمكن لهذا البرنامج أن يعرف طريقه نحو التجسيد العملي إلا عن طريق طليعة الطبقة العاملة المنظمة في الحزب الشيوعي الحقيقي والمتحالفة مع جماهير الفلاحين وباقي الطبقات الثورية ومن هذا المنظور لا يمكن لبرنامج الفصائل الوطنية أن تتحول إلى برنامج الثورة والتخلي الفعلي عن قيادة نضالات الجماهير . ولذلك فمن الضروري الوقوف عند محدودية ذلك البرنامج وطبيعة القيادات الوطنية المتذبذبة والإشارة إلى السلبيات التي يحاول أصحاب الطرح اليميني المندس طمسها والسكوت عنها من أجل ضرب استقلالية الطرح الوطني الديمقراطي والتقديس للتوجهات الجبهوية.
لقد تم إنشاء منظمة تحرير فلسطين سنة 1964 بقرار رسمي عربي وكلف أحمد الشقيري القوى المنظمة أن تحل تنظيماتها وتنصهر في المنظمة وضم المجلس المعين اعيانا ونوابا وجهاء ولا أحد من سكان المخيمات طبعا. وبالرغم من تبنى المجلس في دورته الأولى قضية التحرير المنصوص عليها في الميثاق القومي فإن تركيبة القيادة وطبيعتها لا تسمح لها بالعمل من أجل التحرير وظلت القرارات محكومة بقرارات القمة العربية وسياسات الأنظمة وخاصة منها النظام المصري والأردني والسوري.
ثم جاءت انطلاقة فتح بالكفاح المسلح سنة 1965 وسط صراع محتدم في صفوف الحركة القومية بين الناصريين والبعثيين هذا الصراع الذي تواصل إلى هزيمة حزيران1967 وفى ظل غياب البديل وإثر هزيمة البرجوازية الوطنية تدعّمت صفوف فتح بعشرات الآلاف بعد أن كانت معتمدة أساسا على أوساط الإخوان المسلمين ووجدت قيادة المنظمة أن برنامجها مختلف عن برنامج الأنظمة التي أوجدتها فبرنامج المنظمة برنامج تحرير حسب الميثاق وبرنامج الأنظمة بما في ذلك الجمهورية العربية المتحدة برنامج إزالة آثار العدوان وتنفيذ مضمون القرار 242. وما لبثت الأنظمة أن سلمت فتح قيادة المنظمة سنة 1969 وانتقلت القيادة من يحيى حمودة إلى ياسر عرفات ولئن طبل البعض إلى التحول الثوري فإن الأمور كانت تسير على عكس ذلك.
فقد وافق عبد الناصر في تموز جويلية 1970 على مشروع روجرز. في 17 أيلول بدأت المعارك في الأردن وقبل انتهائها بدأنا نسمع أحاديث عن الدولة الفلسطينية في عمان وفى داخل فتح نفسها وأخيرا جاءت حرب تشرين أكتوبر 1973 لتفتح الباب واسعا امام عجلات الاستسلام. لقد دلت الأحداث إذن على عجز القيادات الوطنية التي ولى عهدها من جهة وعلى محدودية برامجها من جهة أخرى ورغم الفشل الذي شهدته البرجوازية الوطنية وبالرغم من حدوث تراكمات إيجابية واستخلاص الدروس فإن القيادات الوطنية لم تعمل على تطوير برامجها ولا يمكن لها أن تفعل ذلك كما أنها متمسكة بنفس الأساليب السابقة ولذلك لم تتمكن فتح الانتفاضة مثلا من تجاوز ما سمي بأزمة منظمة تحرير فلسطين ولا يمكن لها أن تبرز كبديل بل استغلت قيادة منظمة تحرير فلسطين هذه الخلافات لتدعم نفوذها وتفرض المزيد من الاستسلام
إن الموقف الشيوعي واضح من الفكر القومي ومن تعبيرات البرجوازية الوطنية .إنه يدعم الحركات الوطنية طالما تقف إلى جانب الشعب في نضاله ضد الإمبريالية وعملائها وعلينا بوصفنا شيوعيين أن نؤيد الحركات التحررية البرجوازية في المستعمرات في الحالات التي تكون فيها هذه الحركات ثورية حقا وفى الحالات التي لا يعارض فيها ممثلو هذه الحركات تربية وتنظيم جماهير الفلاحين والجماهير الغفيرة من المستثمَرين تربية ثورية وتنظيما ثوريا ..( ص 168 لينين ،تقرير اللجنة المختصة بالمسألة القومية ).إن التحالف مع الحركات الوطنية المطروح إنجازه هو تحالف مبني على أساس تحالف العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية بقيادة حزب الطبقة العاملة فلا مجال إذن للتنازل عن قيادة الجبهة الوطنية الديمقراطية المزمع بناؤها من خلال خوض حرب الشعب.
لا بديل عن برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية / IV:
لقد أثبتت تجارب الشعوب الظافرة وأثبتت تجربة الشعب العربي إنه لا يمكن هزم الإمبريالية بكتلتيها وعملائها إلا بقيادة بروليتارية مدافعة فعلا عن مصالح العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ولا يمكن لهذه القيادة أن تكون سوى طليعة الطبقة العاملة المنظمة في حزب شيوعي حقيقي متسلح ببرنامج الثورة الوطنية الديمقراطية
إن الانتفاضة والجماهير العربية عموما في حاجة إلى مثل هذه القيادة لتعيد الاعتبار إلى الطرح الوطني الديمقراطي وتضع المسألة الوطنية في صدارة اهتماماتها
لقد دأبت القيادات الحالية على تشويه المسألة الوطنية والخلط بين الأعداء والأصدقاء ففي حين تتظاهر بعض الأنظمة والقوى الموالية لها بالوطنية لتغطية طابع العمالة فقد حاولت القوى الإصلاحية التابعة للإمبريالية الاشتراكية حصر النضال الوطني المزعوم في التصدي لأمريكا وقدمت الإمبريالية الاشتراكية كصديقة للشعوب رغم ما تقوم به من اضطهاد في إريتريا وفى أفغانستان...
إن النضال الوطني لم يعد يعنى النضال ضد الإمبريالية الأمريكية فقط بل يعنى كذلك النضال وبنفس الحزم ضد حلف وارسو وعلى رأسه الاتحاد السوفياتي الذى تحول إلى إمبريالية اشتراكية منذ صعود التحريفية على إثر موت الرفيق ستالين. كما أن النضال الوطني يعنى التصدي لكل الاختيارات اللاوطنية التي تسنها الطبقات الحاكمة بتوصية من أسيادها الإمبرياليين . ولذلك فإن القضاء على التخلف وواقع الكبت والحرمان مرتبط بالقضاء على الهيمنة الإمبريالية فالوطنية تعنى بناء اقتصاد متحرر يحافظ على خيرات البلاد ويرتقى بمستوى عيش الجماهير الكادحة وينقذها من البؤس والحاجة ويوفر لها الشغل القار والمسكن اللائق والعلاج الضروري ويضمن لها حق التعليم المجاني والإجباري ويركز الثقافة الوطنية كما أن القضاء على الإمبريالية يهدف إلى تحرير جماهير الفلاحين من الإضطهاد الإقطاعي بإنجاز الإصلاح الزراعي الفعلي وتحقيق شعار الأرض لمن يفلحها والنهوض بالزراعة على أسس النواة الإشتراكية .
إن هذا النضال الوطني يفترض كشف كل من يحاول تقديم العملاء كوطنيين وفضح كل من يزكى الخيارات اللاوطنية والقوانين النهابة ويساهم فى مغالطة الجماهير وتزيين وجه الأعداء.
إن التناقض بين الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما وبين الأمة العربية المضطهَدة لن يحسم بالترقيع أو الإصلاح المزعوم أو بالمفاوضات. إن التناقض بين الإقطاعيين وجماهير الفلاحين والشعب عموما لن تحلها التنمية الريفية أو المشاريع الإمبريالية. إن التقدم في حسم التناقضين المذكورين وبناء السلطة الديمقراطية الشعبية (الد. الش.) لن يتم إلا عبر خوض حرب الشعب طويلة الأمد وبالتقدم في حسم هذين التناقضين نتقدم في توحيد الأمة العربية والقضاء على التجزئة وبناء صرح الأمة الاشتراكية.
(آب/ أوت 1988)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد