الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تنبيه هام : الظاهر و الخفي وراء منح الجنسية الهولندية لإسرائلي من المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية بغزة

علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)

2023 / 10 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لا يُخفى على أحد و ليس من الغريب ، و لا من المفاجئة أن تُعبر الحكومة الهولندية عن موقفها المُتصهين في إقرارها بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ، أي الوقوف ، و الإصطفاف إلى جانب هذا الكيان الصهيوني الإسرائلي في ارتكابه لمجازوه ، ولمحرقته ضد كل ما هو فلسطيني داخل وخارج غزة المُحاصرة ، وتبرير ذلك الإجرام بحق الدفاع عن النفس كما تعودت عن ذلك من قبل ، في تجاهل واضح للحق التاريخي ، والجغرافي للفلسطنيين ، ولكل قرارات المجتمع الدولي ومنظماته ، ومجلس الأمن الذي أقر ما من مرة ببعض الحقوق للفلسطينيين ، بينما تجاهل ، وتجاوز ، بل و تحدى الكيان الصهيوني الإسرائلي الغاشم كل تلك القرارات الدولية ، رافضا تنفيذها على أرض الواقع ، و رفضه تشكيل دولة فلسطين داخل حدود سنة 1967 وعاصمتها القدس ، بل الجديد و الأغرب في الأمر هو أن تحشر هولندا هذه المرة أنفها في قضية الأسرى الإسرائليين لدى المقاومة الفلسطينية بغزة ، و على رأسها منطمة حماس و القسام ، حيث أنه في سابقة ربما هي الأولى التي تُظهر فيها كل من الحكومة الهولندية ، و شرطة الأجانب ، و القضاء ، على أنهم منحازون بشكل مفضوح ، و علني في مساندتهم للصهيونية عبر إنحيازهم الأعمى للكيان الإسرائلي ، ضاربين بذلك عرض الحائط لكل ما كانوا يتشدقون به من حرية ، وإنسانية و حقوق ، وديمقراطية ، ومساواة ، وعدالة ، و احترام القانون وتطبيقه بين المواطنين سواسيا كأسنان المشط ، وما إلى ذلك من التُرهات . إذ أنه تم تجنيس أحد الإسرائليين من الأسرى المدعو " عوفير أنجل " البالغ من العمر 18 سنة ، خلال أسبوع فقط ، لا لشيء إلا لأن جده يحمل الجنسية المزدوجة الهولندية و الإسرائلية معا ، وقد تم التخطيط لمجريات هذه اللعبة القذرة في تسريع ملف تجنيس حفيده ، بعدما أذاعت بعض القنوات الإعلامية خبرا مفاده أن حماس تنوي إطلاق سراح المحتجزين الأجانب غير الإسرائليين أولا ، و في هذا الصدد لا أعتقد أن مثل هذه اللعبة ، و الحيلة ، و الخُدعة ، قد تنطوي بكل سُهولة ، وتؤثر على قرارات المقاومة الفلسطينية في هذا الشأن .
إذ أن الأسير الإسرائلي ، أو المختطف من قبل الفليسطيين هو شاب اسرائلي مائة بالمائة ، حيث أنه ولد بإسرائيل من أم وأب اسرائليين ، و لم يسبق له أن أقام بهولندا ، بينما جده هو الوحيد الذي يحمل الجنسية المزدوجة الإسرائلية و الهولندية ، حسب ما روجه الإعلام الهولندي المنحاز ، أي أن المُجنس من قبل هولندا المدعو " عوفير أنجل " لا أعتقد أن ملفه قد استوفى لكل شروط حصوله على الجنسية الهولندية بهذه السرعة المُفرطة ، لما يتطلبه ذلك من و قت ، و سلسلة من الإجرءات الإدارية ، و القانونية ، بما في ذلك ضرورة إقامته ، وتواجده شخصيا بهولندا ، و تلقيه دروسا في اللغة الهولندية ، ودروسا في الإندماج ، بينما حصل على الجنسية الهولندية بسرعة البرق خلال أسبوع فقط من مطالبته بذلك في تجاوز ، و خرق سافر للقانون الهولندي المتعلق بقانون الأجانب ، دون أن يستوفي و يمر بتلك الإجراءات الإدارية ، و القانونية المشار إليها .
أعتقد شخصيا على أن نفس الحق لن يُطبق بالبات و المطلق على كل من كان جده يحمل الجنسية الهولندية ، فإذا كان الأمر كذلك فعلى كل الأحفاد الأجانب ببقع العالم من اللذين لذيهم أجدادا يحملون الجنسية الهولندية أن يطالبوا الأن بنفس الحق للحصول على الجنسية الهولندية. أكيد أن ذلك لن يتحقق سوى لمن هو صهيوني مثل المدعو " عوفير أنجل " لأن هولندا تكيل بمكيالين في هذا الشأن ، خاصة كلما تعلق الأمر بالانحياز للصهيونية ، و الإمبريالية ، و هو نفس الإنحياز الهولندي للقطب الإمبريالي الأمريكي في حربه مع روسيا عبر استعمال أوكرانيا ، واعتبار القصف الروسي لأوكرانيا يندرج ضمن جرائم الحرب ، التي يُعاقب القانون الدولي مرتكبيها عبر محكمة العدل الدولية المتواجد مقرها بمدينة لاهاي بهولندا ، فيما أن جرائم الحرب الحقيقية التي يرتكبها الكيان الصهيوني الإسرائلي في حق الفلسطينيين لمدة تصل إلى 75 سنة ، لا تراها الحكومة الهولندية ، و لا يراها أحد من الصهاينة ، الذين يتحكمون في المحكمة الدولية نفسها .
إن السؤال الذي يطرح نفسه وراء عملية تسريع تجنيس هذا الإسرائلي المدعو " عوفير أنجل " هو : ما هي نوايا هولندا وراء هذه الزلة القانونية الخطيرة ؟
حسب متابعتي للوضع بهولندا فإن الشعب الهولندي قد فقد خلال السنوات الأخيرة ثيقته في كل من الأحزاب السياسية ، وفي البرلمان بغرفتيه ، و في الحكومة ، وحتى في استمرار الحكم الملكي، خاصة بعد فضيحتي وباء كورونا ، ودعم أوكرانيا مما تسبب في تدهور القدرة الشرائية ، واتساع دائرة الفقر ، والغلاء الفاحش و ارتفاع الاسعار بشكل مخيف بهولندا... إذ أن الحكومة المسيرة حاليا للشأن السياسي ، و الإعلامي بهولندا لا تستطيع السير في نفس النهج السياسي الذي سيزيد من غضب الشعب الهولندي ، ومن فقدان ثيقته في العمل السياسي ، و في السياسيين ، و في المؤسسات ، و بالتالي فإذا كان مخططها و أجندتها هي تنفيذ المزيد من التعليمات الأمريكية في إطار التبعية لفتح جبهة أخرى من الحرب بالشرق الأوسط ، فإن ذلك يستدعي منها أي الحكومة الهولندية توفير شروط معينة مبنية على الأكاذيب و الخداع ، و الترهيب ، و التخويف للسيطرة على الرأي العام الهولندي ، و التحكم في غضبه ، و انفعاله أتجاه الأحداث ، و الوقائع ، التي تشارك فيها هولندا مباشرة ، كما هو الشأن بأوكرانيا حيث ترسل المال ، و العتاد ، و الجنود ، و تستقبل اللاجئين الأكرانيين بكل سخاء ، فيما ترفض اللاجئين من دول أخرى.
وفي هذا الإطار يندرج إنحيازها للكيان الصهيوني الإسرائلي بمبررات واهية ، لا تندرج سوى في خطط محاولتها الهيمنة على الرأي العام الهولندي ، حيث اعتبرت أن منظمة حماس هي منظمة إرهابية ، و أن المختطف الإسرائلي لذيها المدعو " عوفير أنجل" يعتبر مواطنا هولنديا لزم الدفاع عنه ، وبذلك تُعطي الحكومة الهولندية لنفسها حق التدخل للإفراج عنه. و هي ذريعة مُفبركة للتدخل الهولندي في الصراع الحالي بين المقاومة الفلسطينية ، و بين الكيان الإسرائلي. و هو التدخل الذي لم يسبق لها أن قامت به لتحرير المعتقلين السياسيين الأبرياء من حاملي الجنسية الهولندية ، الذين تم الزج بهم في سجون الذل ، و العار ببلدانهم الأصلية و على رأسها المغرب.
وبذلك لن يقف التدخل الهولندي عند حد مطالبته بتحرير المختطف الإسرائلي " عوفير أنجل " فقط ، بل إن الأمر و المخطط وراء ذلك أبعد من ذلك بكثير ، حيث أن الإعلام الهولندي قد بدأ يُهيء الرأي العام الهولندي ، ويُجيشه ، ويحشده على أن العملية الفدائية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر ضد الكيان الإسرائلي هي عملية من التخطيط ، و الإشراف الإيراني ، و على أن إيران تشكل خطرا كمحور للشر على محيطها ، وعلى العالم الحر ، و الديمقراطي بين قوسين بكامله ، و هو ما يُوحي على أن التحالف الإمبريالي ، الأمريكي ، الصهيوني الإسرائلي عازم على شن عدوانه أجلا أم عاجلا على إيران ، كما هو الشأن فيما حدث خلال العدوان الجماعي على العراق. مُستغلا بذلك العملية الفدائية للمقاومة الفليسطينية ، ومقاومة حزب الله ، و هو عدوان يتم فيه ضرب عصفورين بحجر واحد ، أي أن الهدف هو تدمير إيران ، واحتلال جنوب لبنان ، والجولان ، و فلسطين ، و المزيد من توسيع المحيط الجغرافي للكيان الصهيوني الإسرائلي بالمنطقة ، وتهجير الشعب الفلسطيني إلى صحراء سيناء ، و توطينهم هناك وفق السيناريو الأول ، و في حالة رفض مصر لذلك السيناريو ، وعصيانها عن تنفيذه ، فقد يتم توطينهم بالصحراء الغربية كسيناريو ثاني ، أي بالجزء الجغرافي المطل على البحر ، الممتد على ساحل البحر الشبيه بموقع غزة الحالية بين كل من موريتانيا و المغرب ، في تواطؤ طبعا مع الديكتاتورية العلوية الصهيونية الأزولاوية الحاكمة بالمغرب ، التي ستتلقى أموالا باهضة مقابل تنفيدها لتلك الصفقة ، التي سيتم تغليفها و الترويج لها إعلاميا على أنها إلتفاتة ملكية لمؤازرة و مساندة إنسانية ، و دينية ، و عربية للشعب الفلسطيني من قبل رئيس لجنة القدس ، و أمير المؤمنين ، لإنقاذ هذا الشعب من الإبادة و الفناء ، و من هنا سيتخلص المغرب و ينهي حربه مع البوليزاريو ، كما سيتخلص الكيان الصهيوني الإسرائلي من مواجهته للشعب الفلسطيني ، وفي نفس الوقت ستتخلص الإمبريالية الأمريكية الصهيونية من النظام الإيراني المزعج لها بالمنطقة ، و ليتم الشروع في تنفيذ هذا المخطط ، لابد من حشد كل حلفاء الصهيونية ، و الإمبريالية ، و العمل على تعبئة ، وتهيئة الأجواء للقيام بذلك ، و إيجاد مبررات ، وغطاءات لإقناع شعوبهم بمدى أهمية ، و ضرورة المشاركة المباشرة في شن عدوان على كل من فلسطين ، و لبنان ، و إيران ، وكل من يعارض المخطط الصهيوني الجهنمي القادم بإعتبارهم محور الشر.
بذلك تحشر الحكومة الهولندية أنفها حاليا في الصراع الإسرائلي الفلسطيني من خلال منحها الجنسية للمحتجز الإسرائلي لدا المقاومة الفلسطينية ، استعدادا منها للانضمام و المشاركة المالية و العسكرية في المرحلة القادمة في الحرب المرتقبة ، لتنفيد المخطط الإمبريالي الصهيوني بالمنطقة ، والمزيد من إراقة دماء الأبرياء ، إن المخطط جاهز ، الجزء الظاهر منه هو شن المزيد من العدوان ، و التوسع الإسرائلي ، و تهجير السكان الأحياء من أبناء المنطقة ، لكن الجزء الخفي منه هو متى ستنطلق شرارة ذلك العدوان ، و تلك الحرب لتشمل البلدان المستهدفة ؟ و كيف سيتم ذلك ؟ وهل ستنتصر الصهيونية الإمبريالية على أرض المعركة كما تتوقع ؟ و ماذا سيكون الرد الروسي و الصيني اتجاه العدوان الصهيوني الإمبريالي المقبل ، الذي بدأت تظهر ملامحه في الأفق ؟
فالحكومة الهولندية في واقع الأمر تتعامى منذ زمان عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومته للعدوان ، و الإحتلال الصهيوني الإسرائلي في تقرير مصيره ، و بناء دولته على أرضه المغتصبة ، ناهيك على أنها تغض الطرف مثلها مثل كل الصهاينة الذين يتناسون القرارات ، و الاتفاقيات الدولية التي سبق لها و أن صدرت عن المؤسسات الدولية ، و على رأسها مجلس الأمن الدولي و بالتالي فالحكومة الهولندية تكيل بمكيالين في قضايا عديدة ما يفقدها المصداقية.

هولندا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا