الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي الموسومة ب-لنحْمِي الأقصَى والإسلامَ جَمْعا-ولدت من رحم المواجع..وهي أقوى من الرصاص..

محمد المحسن
كاتب

2023 / 10 / 21
الادب والفن


-"وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ.."

-"بوصلة لا تشير إلى القدس..مشبوهة (مظفر النواب)

-" الشعر انعتاق الرّوح من قفص الجسد،لذا فهو أكثر اقترابا لقلبي من كلّ أنواع الأدب الأخرى.فهو أنقاها وأروعها وأكملها وهو تاج الأدب.." (د-طاهر مشي)

-القدس قلب العرب النابض،عاصمة فلسطين،مهد السيد المسيح عليه السلام،ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم،أولى القبلتين،وثالث الحرمين.

حظيت القدس باهتمام الشعراء العرب،في أقطار الوطن العربي كله،حتى في المهجر،فنظم الشعراء أبهى القصائد في التغني بها،والدفاع عنها،وتأكيد الأمل في خلاصها من أذى العدوان الغاشم.والوعي بأن الصراع مع العدو المتوحش ليس عابراً ولا مؤقتاً وأنه صراع طويل،وأن الخلاص لن يكون بين عشية وضحاها،وأنه لابد من زمن طويل تسير فيه قوافل الشهداء خببا صوب المقابر (الناقد)

في هذه الفترة الحاسمة من تاريخ أمتنا العربية،المتخَمة بالمؤامرات والتحدي وأشكال الحصار، تأخذ الكلمة الشعرية دلالة جديدة تستلهم الماضي وتتطلع إلى المستقبل فتؤسس في النفوس مبادىء العزة والشهامة .
ومن شعراء العصر الحديث الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي الذي حمل قضية فلسطين ودافع عنها بكل جوارحه وسلّط الأضواء عليها ودافع عن الحق العربي في التحرير
والاستقلال.
لنسافر معا إلى رحاب الإبداع ونستمتع بإشراقاته الإبداعية الخلابة من خلال القصيدة التالية..دون أن-نسكب الدموع-فلا وقت للبكاء..

لنحْمِي الأقصَى والإسلامَ جَمْعا!

فِلسطيني أنا قد ضِقتُ ذَرْعا
فصُهيونٌ طغى والأهلُ صرْعى

نموتُ اليومَ في حرْبٍ ضروسٍ
وصدرُنَا في الوَغى قد بات دِرْعا

نلاقي الموت لا نَنْأى بِدربٍ
ونتلو مِن كتابِ اللهِ سَبْعا( 1)

رأيتُ الأهل يمشون الهُوَيْنا
لحَتْفٍ قادَهُمْ صُهيونُ جَوْعى

أبادوا طفلَنا معهُ نِساءٌ
شيوخٌ غرَّروا فيهم..أشَرْعا؟

فلا ندري متى تأتي المنايا
ولكن في الوغى نمشيهِ طوْعا

نُضَمِّدُ جُرحَنا وَنسُلُّ سيْفاً
لِقهْرِ عدوِّنا،نُرْديهِ صَفْعا

وإن مِتْنا فأرضُ العزِّ تبقى
فِلسطيني أنا للنّصرِ أسْعى

فأرْضي مِنْ دَمي نسقي ثَراها
كغيْثٍ قد هَمى؛ لِيَكونَ زرْعا

فذرْني مَعْ بَني صُهيونَ ثأري
فقد هَدّ البِنى وأراقَ دمْعا

أعُربي،يا بني ديني فَهيّا
نُقوِّضُ عرشَ مُحتلّينَا؛رَدْعا

نُعينُ مُقاوِماً ونفُكُّ أسرى
ونحمِي الأقصَى والإسلامَ جَمْعا!

طاهر مشي

1)سبعا أي نقرأ السّبعَ المثاني أي (الفاتحة )

تتميّزُ هذه القصيدة بوضوح معانيها ويسرها،فهي في الأعم الأغلب بينةٌ معروفةٌ،بل قريبة مألوفة،لاتستغلق على الفهم،وتكثر فيها الألفاظ الجزلة الفصيحة،وتتّسم تراكيبها بالمتانة والسلاسة..فهي تخلو من التعقيد والوعورة..
أمَّا الأسلوب ففي جملته سهل،يمتاز بالموسيقى الحزينة والرنة الواجمة،والأنة الوجيعة،وهو بالتالي قوي،ومتأثر بالقرآن الكريم إلى حد كبير..
قصيدة جديرة بأن تتغنى بها الأجيال القادمة..في موكب الآتي الجليل.
وقديماً قيل : "الشعر ديوان العرب"،وسيظل "الشعر ديوان العرب".
وهنا ننوه : مع تصاعد المعاناة وتوالي الأزمات التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين،تصدح دوما حناجر شعراء عرب بكلمات أقوى من الرصاص (قصيدة"لنحْمِي الأقصَى والإسلامَ جَمْعا لشاعرنا التونسي الفذ د-طاهر مشي نموذجا) من أجل الدفاع عن الشعب الفلسطيني الجريح من ظلم الاحتلال الإسرائيلي،والتأكيد على حقوقه المشروعة المختلفة،وحقه في النضال حتى تحرير فلسطين.
وفي مختلف الأوقات التي عاشها الشعب الفلسطيني وعاشتها قضيته العادلة،مرت أجيال مختلفة من الشعراء،ممن كان لهم عظيم الأثر والتأثير،بالحفاظ على إبقاء قضية فلسطين حية في قلوب وعقول شعوب الأمتين العربية والإسلامية،وحتى الشعوب الحرة في العالم.
لذا لا عجب أن يصوغ شاعرنا القدير د-طاهر مشي قصيدته بحبر الروح..انتصارا مطلقا لفلسطين..ويقول :" الشعر انعتاق الرّوح من قفص الجسد،لذا فهو أكثر اقترابا لقلبي من كلّ أنواع الأدب الأخرى.فهو أنقاها وأروعها وأكملها وهو تاج الأدب.والشعر الرائع سيما عن القضايا المقدسة وعلى رأسها القضية الفلسطينية..يلامس كلّ الحواسّ ويجد طريقه للفؤاد مباشرة"
فعلا..يا شاعرنا قصيدتك سلكت دربها إلى وجداننا،ولولا بقايا-خَجَل عربي-ورثناه عن أجدادنا..لبكينا بدموع حارقة تحز شغاف القلب.
وهنا أختم : فلسطين المقيّدة بسلاسل الإحتلال الغاشم،تهجع خلف شغاف قلوب شعراء ما هادنوا الدهر يوما و" الطاهر" واحد منهم..ذلك أن الشعر بالنسبة إليه حرّ طليق لا يعترف بالحدود ويتجاوز كلّ الحواجز.
إنّ الشعر أكثر أنواع الأدب تأثيرا على القارئ.فهو قريب جدا من أحاسيسه وفؤاده حيث يستطيع بأقلّ الكلمات وأجملها نقل القارئ من حالة إلى أخرى..من حالة اليأس الى مرحلة الأمل،ومن جوّ القنوط والخضوع إلى جوّ الثورة والتمرّد.وخير شاهد على ذلك قصيدة الشابّي الخالدة « إذا الشعب يوما أراد الحياة»ومدى تأثيرها على الجماهير العربية في كلّ مكان حتى أصبحت شعارا مرفوعا لحركات التحرير..والشعر بطبيعته لا يحبّذ المألوف بل يسعى للتجدّد باعتباره ثورة على الذات للوصول إلى ما هو افضل وأجمل.لذلك لا يجوز اختزال الشعر في موضوع واحد والاتجاه للمباشرة على حساب الرمزية والتصوير والخيال والعمق وعناصر الإبداع الأخرى.
ومن يتابع الأعمال الشعرية للشاعر التونسي السامق د-طاهر مشي يكتشف انحياز كثير من كتاباته وقصائده للحرية والإنسانية ببعدها الأشمل.هذا في الوقت الذي جفّت فيه كثير من الأقلام بسبب حالة اليأس السّائدة قبل اندلاع الثورة في تونس.ولهذا لم يكن غريبا أن-يرافق-شاعرنا "الطاهر"انتفاضات الجماهير العربية شعريّا.حيث كتب لكلّ انتفاضاتها وثوراتها العديد من القصائد بأسلوب مدهش يداعب الذائقة الفنية للمتلقي..
تقبّل مني-يا شاعرنا المدهش-باقة من التحايا..المفعَمة بعطر فلسطين..ودمتَ لامعَ الحرف..وذائقا لمعانيه العميقة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا