الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن حماس والإخوان والمقاومة

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2023 / 10 / 21
القضية الفلسطينية


في غزة، يتم ذبح السكان المدنيين من قِبل إسرائيل بشكل منهجي منذ سنوات: 1400 حالة في 2008-2009، 170 في عام 2012، 2400 في عام 2014، 350 خلال "مسيرات العودة مع 8000 مُقعد وجريح… واليوم وصل عدد القتلى بقنابل الجيش الإسرائيلي إلى أكثر أربعة آلاف ضحية، أطفال ونساء، شباب وشيوخ، فالقنابل لا تختار ضحاياها ولا تميز بين الرجال والنساء أو بين الأطفال والشيوخ. حاليا يتم قصف المستشفيات والمدارس والبيوت بالإضافة إلى قطع الكهرباء والماء والدواء. يموت الجرحى تحت الأنقاض، تُسمع صرخاتهم دون أن نتمكن من الوصول إليهم وإنقاذهم. وقد تم تهجير مئات الآلاف من الأشخاص، وأمر الجيش الإسرائيلي أكثر من مليون شخص بالمغادرة.
لقد توقفت تعاطف أوروبا وقادتها يمينا ويسارا ووسائل إعلامهم عند الضحايا الإسرائيليين، ولا داعي للتساؤل : لماذا هذه المعايير المزدوجة ؟ أو لماذا هذه التفرقة في إعتبار الضحايا ؟ الإعلام الغربي أصيب بنوع من الرعب والهيستيريا المضادة للفلسطينيين، ومساندة إسرائيل بطريقة مشينة وتبعث على الغثيان.
عندما تكون على الحدود الشرقية لغزة، ترى المزارع الخضراء والمياه وحمامات السباحة على الجانب الآخر من الحدود. وفي غزة، 97% من المياه غير صالحة للاستهلاك، ولأن الإسرائيليين ضخوا منسوب المياه الجوفية بكثافة طوال سنوات، فاجتاحت مياه البحر الأراضي الجوفية لغزة، هناك 150 بئراً على طول الحدود على الجانب الإسرائيلي، كما هو موثق.
سديروت هي مدينة يسكنها بشكل رئيسي يهود شمال أفريقيا، لقد جائوا بهم إلى هذا المكان لأنه حسب قولهم يشبه البلاد التي جاءوا منها: "هذه هي الصحراء، لكي لا تشعروا بالحنين إلى موطن طفولتكم". هذه هي العنصرية الداخلية في المجتمع اليهودي الإسرائيلي، حيث يعيش اليهود الذين غُرّر بهم وهاجروا إلى إسرائيل من شمال أفريقيا ويعتبرون مواطنون من الدرجة الثانية ويعانون من التفرقة والعنصرية ومن البطالة والفقر. قبل أكثر من 20 عاما، كان هؤلاء المواطنين يذهبون للتسوق في غزة، وكانوا يقومون بكتابة وتوقيع عرائض مشتركة تطالب بالسلام. اليوم، صوتت المدينة بأغلبية ساحقة لصالح الفاشيين العنصريين. حدث هذا النوع من الظواهر خلال حرب الجزائر، عندما بدأت جبهة التحرير الوطني بوضع القنابل في المقاهي الفرنسية والمعاقل الشعبية الفقيرة، مما أدى إلى انقلاب هذه الجماهير جزئيًا إلى جانب القوى اليمينية المتطرفة. وهو ما يحدث اليوم في أوروبا نتيجة العمليات التي يقوم بها بعض الأفراد الذين يدعون الدفاع عن الإسلام أو العروبة أو فلسطين، فهم يساهمون بطريقة مباشرة في رمي المجتمعات الغربية في أحضان القوى الرجعية والفاشية العنصرية .. في الحروب الاستعمارية، المدنيون يشاركون بالضرورة مسؤولية الدولة المستعمرة في نتائج أعمالها الإجرامية.. ولكن على قوى المقاومة بدورها أن تأخذ في الإعتبار كل العوامل الموضوعية التي قد تأثر على فعالياتها ونتائج عملياتها، سياسيا وإجتماعيا وإعلاميا، ومن هنا ضرورة حوار مستمر وواضح بين كل تيارات المقاومة لتبني إستراتيجية واضحة يتفق عليها وتمثل كل أطياف المجتمع الفلسطيني.
ذلك أنه هناك إستراتيجية عامة في كل أوروبا وأمريكا بخصوص تجريم وتحريم كل صوت معارض للرؤية الإيديولوجية لسائدة، والسلاح الفتاك الذي تستخدمه لهذا الغرض هو ما يسمونه بـ "الإرهاب". حيث يتم استخدام كلمة "إرهابي" ليس بشكل عشوائي كما يعتقد الكثيرون وإنما بطريقة منظمة ومدروسة للوصول إلى الأهداف المطلوبة والمعينة من قبل جيش من الخبراء والمختصين من الإعلاميين وعلماء النفس والإجتماع.. بالنسبة للنازيين، كانت المقاومة "جيش الجريمة". تم إعلان جبهة التحرير الوطني الجزائرية إرهابية. نيلسون مانديلا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي كانوا ينعتون بالإرهابيين، وكل الذين كانوا يطالبون بحقوقهم الوطنية من باسك وإيرلنديون كانوا إرهابيين في نظر فرنسا وبريطانيا وأسبانيا. وإذا كان هناك بلد يقوده إرهابيون حقا، فهو إسرائيل، مع مناحيم بيغن وإسحق شامير، الذين ساهموا في قتل العديد من الجنود الإنجليز. وماذا يجب أن نقول بخصوص إرهاب الدولة الأمريكية في أفغانستان، في العراق، في غوانتانامو وفي بوغرائيب، أو الدولة الإسرائيلية في غزة كما في الضفة الغربية كما في القدس. غير أن كل هذه الحقائق لا تنفعنا في شيء أمام سفاهة الإعلام الغربي المنحاز كلية للإيديولوجية الصهيونية ولمساندة الإحتلال الإسرائيلي. وكزن المقاومة الفلسطينية تتركز اليوم في التيارات الإسلامية يشكل بالتأكيد نقطة ضعف في إستراتيجية المقاومة. فحماس هي الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين الذين يحاولون منذ عقود الوصول إلى السلطة السياسية في العديد من المجتمعات العربية والإسلامية وشمال أفريقيا.. ويمثلون على سبيل المثال ما يقارب الـ 30% من الناخبين في مصر، مما أدى إلى نجاحهم في الإنتخابات وتولي السلطة. لكن الدكتاتورية العسكرية التي أطاحت بهم هي بالتأكيد أسوأ ألف مرة ، ليس فقط لأن الإخوان وصلوا ديموقراطيا للسلطة والسيسي عن طريق إنقلاب عسكري، وإنما عمليا هناك اليوم عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، ناهيك عن القمع والعنف والتعذيب والفساد الذي تمارسه حكومة السيسي بالإضافة للتعاون مع إسرائيل في حصار غزة ... غير أن هذا لا يجب أن يغطي حقيقة الإخوان وحقيقة الإيديولوجية الإسلامية الرجعية الظلامية ورؤيتهم السلفية للمجتمع. لقد فازت حماس بانتخابات عام 2006 والتي كانت ديمقراطية تماماً، بسبب رفض مزدوج : رفض اتفاقيات أوسلو ورفض الفساد الذي كان ينخر السلطة الفلسطينية. رغم أنه حتى في قطاع غزة حصلت حماس على 40% فقط من الأصوات. ومن الواضح أنها لا تمثل سوى جزء صغير من السكان. لكن لا أحد اليوم ينكر أن حماس تمثل أحد عناصر المقاومة الفلسطينية، رغم أن أسباب هجومها وتوقيته (ربما منع التطبيع مع المملكة العربية السعودية) والأساليب المستخدمة لم تتم مناقشتها ديمقراطياً، لكن رغم ذلك فإن الدعم لهذه العملية يتجاوز قاعدتها الاجتماعية المحدودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشهد مرعب يظهر ما حدث لشاحنة حاولت عبور نهر جارف في كينيا


.. شبح كورونا.. -أسترازينيكا- تعترف بآثار جانبية للقاحها | #الظ




.. تسبب الحريق في مقتله.. مسن مخمور يشعل النار في قاعة رقص في #


.. شاهد| كاميرا أمنية توثق عملية الطعن التي نفذها السائح التركي




.. الموت يهدد مرضى الفشل الكلوي بعد تدمير الاحتلال بمنى غسيل ال