الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب على غزّة ودواعي تطوّر الموقف العربي الرسمي

عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)

2023 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


إذا كانت جرائم الاقتلاع والتهجير والإبادة ضد الفلسطينيين، طيلة فترة الحرب الباردة وما تلاها إلى حدود 2010، هي الوجه الظاهر من الحرب على الشعوب العربية وقواها الوطنية. فإنّ مشروع التهجير الحالي، إنّما هو الوجه الظاهر للحرب على الشعوب والأنظمة معًا.
مشروع التهجير الجديد، أو برنامج النكبة الثانية، بدأ، عمليًّا، يوم 25 جويلية 2000، بعد رفض أبو عمار التوقيع على تسليم القدس للصهاينة في محادثات كامب ديفد الثانية التي جمعت الرئيس عرفات وباراك والرئيس الأمريكي كلنتون.
على إثر ذلك، اندلعت انتفاضة الأقصى يوم 28 سبتمبر 2000 لتستمرّ خمسة سنوات، سقط خلالها أكثر من أربع آلاف وأربعمائة شهيدا، وخمسون ألف جريح. وقُتِل 1069 صهيونيا بين عساكر ومستوطنينين مسلحين.
في 20 جانفي 2001 ذهب كلنتون وصعد المتطرف بوش الإبن رئيسا للولايات المتحدة. وبعد ذلك بثلاثة أسابيع، سقط باراك، وصعد شارون بأغلبية ساحقة يوم 7 فيفري 2001، وسالت أنهار من دم الفلسطينيين في ظل حكم عصابة متطرفة في تل أبيب، وعصابة متطرفة في البيت الابيض.. لم ينته العام، وإذا بالعالم يحبس أنفاسه على وقع أحداث 11 سبتمبر 2001، تلك العملية المُذهلة التي فتحت صفحة حروب أمريكية جديدة، جُرِّبت فيها كل الأسلحة المحرّمة ضد المدنيين في أفغانستان والعراق. وجيء بمشروع "الحرب على الإرهاب"، واستفرد المحافظون الجدد في الولايات المتحدة بالعالم، إذ شنوا حربا على أفغانستان يوم 7 أكتوبر 2001. ثم الحرب على العراق في 20 مارس 2003، فيما استفرد الصهاينة بالشعب الفلسطيني الأعزل. واقتحم الجيش الصهيوني مقر عرفات في رام الله يوم 29 مارس 2002 بضوء أخضر أمريكي مُعلن. واندلعت مواجهات عنيفة استشهد فيها 148 مقاتلا فلسطينيا. وحُوصِر الرّجل لمدة ثلاثة سنوات، ثم قتلوه بالسُمّ.
بعد عام من محاصرة عرفات، شنّ الأمريكان حربا همجية على العراق في 20 مارس 2003. وأدخلوه في دوامة عنف لم تُبقِ ولم تذرْ.

آستشهد أبو عمار. ومع استشهاده، صارت حكاية "مسار السلام" أضحوكة شعوب العالم. ودُمّر العراق، وأُعدمت قيادته. ودخلت المنطقة العربية في زمن من الضعف والانحطاط، لم تشهده حتى حين كانت هذه العواصم ولايات عثمانية.

إذن، خلال العقدين الماضيين، على وجه الخصوص، الحقيقة تعوّدنا على بيانات قمم عربية، يُمليها علينا الأمريكي. ولشدّة الهزائم والخيبات وتواطؤ الحُكّام العرب في محاولات تصفية القضية الفلسطينية، أصبح لدينا، تلقائيا، ردّ فعل سلبي مُسبق ضد نتائج القِمًمْ العربية.

اليوم العالم يتغيّر. والنّفوذ الغربي يتضاءل. والانظمة العربية تتحسّس بداية تشكّل ميزان قوى عالمي جديد. وبدأت تشعر بأن هنالك هوامش للتفلّت من قبضة الغرب، وأن من مصلحتها التّموقع ضمن الخرائط الجديدة. وهذا ما يُفسّر تمسّك مصر والأردن والمملكة العربية السعودية برفض تهجير الفلسطينيين، وربط عملية التهجير بتقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية.

لذلك فقمّة القاهرة التي احتضنتها مصر اليوم، حتى بلا بيان ختامي مُشترك، تُعَدُّ نتائجها إيجابية، لأن الأمريكان والأروبيين حضروا القمّة بهدف تصفية القضية الفلسطينية بغطاء عربي.

بالتأكيد مطلوب من الدول العربية موقفا داعما للمقاومة، وأكثر قوّة، إذ يكفي أن تهدّد مصر بالتدخل العسكري لحماية المدنيين لتقف الحرب فورًا. ولكننا لا ننتظر موقفا وطنيا قوميا من أنظمة قامت في الأصل، ومنذ نشأتها، كضلع أساسي في النظام الكولونيالي.

المهم حسب رأيي، غادرت الوفود الغربية القاهرة دون الحصول على غطاء عربي لصالح الكيان الصهيوني، كذلك الغطاء وتلك الحاضنة والمظلة، التي بموجبها التحقت الجيوش العربية بالجيوش الاطلسية في حفر الباطن سنة 1991، وشاركت في تدمير العراق.
بهذا المعنى والمقياس، قمة القاهرة اليوم مختلفة جدا، حيث تمّ تذكير الولايات المتحدة والدول الأروبية بدورها في حماية غطرسة الاحتلال، وتبييض جرائم حروبه ضد الفلسطينيين العُزّل، وضمان تنصّله من قرارات الأمم المتحدة، وتشجيع الاستيطان... ولعلّ أهمّ ما في قمة اليوم، هو الإجماع العربي على رفض التهجير والتمسك بإقامة الدولة الفلسطينية.

لا شك أن المقاومة وضعت الأنظمة العربية في مأزق كبير: إما النّأي بنفسها عن الموقف الأطلسي، أو المواجهة الحاسمة مع شعوبها. وبذلك فرضت عليها الابتعاد عن الأجندة الصهيونية الاستعمارية.
يُضاف إلى ذلك أن هذه الأنظمة جرّبت كل أشكال الاستسلام والخضوع للغرب. وفي النهاية أدركت، خلال العشرية الفائتة، أنّ مشروع "الغرب الديمقراطي" في المرحلة الراهنة، لا يقوم على حمايتها، ولا يضمن لها الاستقرار والاستمرار. بل على العكس من ذلك، هو مشروع عدواني يقوم على استخدام الجماعات الإرهابية وعلى رأسها داعش، وتسليحها وتمويلها، بهدف تفتيت المنطقة، وإثارة الفِتن والحروب الداخلية لإعاقة العرب والمسلمين، وحبسهم في مربّع التخلف، ومنعهم من التقدم إلى الامام ولو خطوة واحدة.
وفي المقابل، هنالك سياسة غربية ثابتة لا تتغيّر مهما كانت الظروف، ألا وهي جعل اسرائيل، على الدوام، القوة النووية الوحيدة، والدولة الوحيدة المارقة عن القانون في المنطقة. بل أنّ ذلك يُعدُّ، في العقيدة الغربية، الشرط الإستراتيجي لإجبار الأنظمة العربية على الخضوع وتنفيذ ما يُطلب منها دون قيد أو شرط.
باختصار، هي عوامل كثيرة متظافرة ومتزامنة:
أولا، التغير الجاري في النظام الدولي.
ثانيا، حساسية قضية فلسطين بوصفها محور قضية التحرر الوطني العربية انفجار الشارع وضغطه غير القابل للصدّ.
ثالثا، الرمزية الروحية للأقصى، وقدسيته كمهد المسيح عليه السلام، ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
رابعا، تبلور محور للمقاومة، له ثقل ومتانة وجاذبية شعبية جارفة، وله جدارة.
وخامسا، صمود المقاومة والتجائها لخيار المواجهة، وتوقّع تعاظم الرأي العام العالمي مع تطوّر الأحداث...
كل هذه الأمور تجعلنا ندفع في اتجاه تكور الموقف العربي الرسمي، حتى يقترب من الموقف الشعبي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث