الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة(القدس)للشاعر أحمد المعداوي

عبد الله خطوري

2023 / 10 / 22
الادب والفن


_القصيدة (١) :
رأَيتُكِ تَدْفنينَ الرِّيحَ
تحت عرائشِ العَتمهْ
وتلتحفين صمتكِ
خلف أعمدةِ الشبابيكِ
تصبّين القبورَ
وتشربينَ
فتظمأ الأحقابْ
ويظمأ كلُّ ما عتّقتِ
من سُحبٍ ومن أكوابْ
ظمئنا
والردى فيكِ
فأين نموت يا عمّهْ ؟
****
تحزّ خناجرُ الثعبانِ
ضوءَ عيونكِ الأشيبْ
وتشمخ في شقوق التيهِ
تشمخ لسعةُ العقربْ
وأكبرُ من سمائي
من صفاء الحقدِ في عينيَّ
أكبرُ وجهُكِ الأجدبْ
أيا بابا إلى اللهِ ارتمى
من أينَ آتيكِ
وأنتِ الموتُ، أنتِ الموتُ
أنتِ المبتغى الأصعبْ.
****
مددتُ إليكِ فجراً من حنيني
للردى وغمستُ محراثي
ببطن الحوتْ
فأيّةُ عشوةٍ نبضتْ بقلبي
في دم الصحراءْ
وأيُّ رجاءْ
تَفسَّخ في نقاء الموتِ
أشعل ظلمةَ التابوتِ
في عيني
فجئتُ إليكِ مدفوناً
أنوء بضحكة القرصانْ
وبؤسِ الفجرِ
في وهرانْ
وصمتُ الربّ أبحرَ في جوانب مكّةٍ
أو طورِ سينينا.
****
وتلتفتين لا يبقى مع الدمِ
غيرُ فجرٍ في نواصيكِ
وغيرُ نعامةٍ ربداءْ
وليلٌ من صريف الموتِ
قصَّ جوانحَ الخيمَه
تصبّين القبورَ
وتشربينَ
فتظمأ الصحراءْ
ظَمِئنا والردى فيكِ
فأين نموتُ
يا عمّهْ ؟

_الشاعر:
ولد عام 1936 بالدار البيضاء، وتوفي سنة 1995.حصل على إجازة من كلية الاداب في دمشق وعلى درجة الدكتورة في الأدب من الرباط.عمل في التعليم الثانوي و الجامعي.صدر له ديوان (الفروسية) 1987 ومؤلف نقدي (ظاهرة الشعر الحديث) و (أزمة الحداثة في الشعر العربي) ... نشر أحمد المعداوي ديوانه (الفروسية) الصادر عن منشورات المجلس القومي للثقافة العربية سنة 1987 في طبعته الأولى، ضم قصائد كتبت بين سنتي 1962 و1677 ماعدا قصيدة (الحروف) التي كتبت عام 1985.الديوان نال بجائزة ابن زيدون للشعر من المعهد الإسباني العربي الثقافة بمدريد لأحسن عمل شعري بالعربية والاسبانية لسنة 1985 .. ونشرت مجلة (المشكاة) (٢) في عدد خاص بأعمال الشاعر مجموعة قصائد أخرى لم يتضمنها ديوانه

●عن القصيدة:
نشرها الشاعر سنة 1967 حيث الإحساس بالفاجعة «التي تفجرت على المستوى القومي بالإدانة الكلية للبنى الخائرة التي كرست الهزيمة» .. يشكل عنوان القصيدة عتبة أساس للولوج إلى النص، يمدنا بزاد ثمين لتفكيكه، فهو بمثابة الرأس للجسد، خصوصا عندما يكون موحيا مكثفا بمرجعية دلالية عميقة في الواقع العام والخاص للكيان العربي الديني عبر عصوره المختلفة، فتساعدنا قراءته على توقع مضمون النص .. والعنوان هنا جاء آسما مفردا قصيرا له تجذر في الواقع الخارجي وآمتداد في فضاء النص؛فكيف ساهم لفظة (القدس) في خلق تحفيز ما بين النص ذاته و المتلقي ؟ وماذا يتبادر في ذهن القارئ عندما يقرأ لأول وهلة مثل هذا العنوان ..؟؟ .. لا شك أنه يستدعي في ذهنه عناصر متعددة تاريخية حضارية قومية دينية سياسية، مثل المسجد الأقصى وقبة الصخرة وقصة الإسراء ونزول الديانات، وميلاد المسيح، وعمر بن الخطاب وصلاح الدين الايوبي، والاحتلال الصهيوني وأطفال الحجارة والمقاومة والنكبات والانتكاسات المتتالية حتى حدود كتابة النص أو في أكبر تقدير زمن نشره 1967 / النكسة /الهزيمة / السنة التي تشكل علامة فارقة في تاريخ فلسطين والقدس...

_ مثال لمقاربة ديداكتيكية :
١_مقاربة عروضية :
رأَيتُكِ تَدْفنينَ الرِّيحَ (تدوير)
رَأَيْتُكِتَدْ / فنِينَرْرِي /
مفاعلَتن / مفاعيلن /
تفعيلة صحيحة / تفعيلة معصوبة /

حَتَحْتَ عرائشِ العَتمهْ
حَتَحْتَ عرا / ئشِ العَتمهْ /
مفاعلَتن / مفاعيلن /
صحيحة / معصوبة /
= = (رأَيتُكِ تَدْفنينَ الرِّيحَتحت عرائشِ العَتمهْ) = =

وتلتحفين صمتكِ ( تدوير)
خلف أعمدة الشباببكِ
وتلتَحفي / نصمْتكِخلْ
مفاعلتن / مفاعلتن /
صحيحة / صحيحة

فأعْمدةِ الشْ/ شَبابيكِ
مفاعلتن / مفاعيلن /
صحيحة / معصوبة /
= = (وتلتحفين صمتكِخلف أعمدةِ الشبابيكِ) = =

كما هو واضح، هي تفاعيل بحر (الوافر) الصافي الصحيحة تارة والمعصوبة أخرى، والمدورة عروضيا تارة وأخرى غير مدورة، إذْ يلاحظ بين ضرب السطر الأول وبداية حشو السطر الثاني الموالي تدوير عروضي .. وهي عادة في شعر التفعيلة الحديث .. وعندما ينحاز الشاعر الى التخلص منه او تفاديه فانه يعمد الى تسكين أواخر الأضرب كما فعل في ضرب السطر الثاني في كلمة (عتمهْ) سكن وصل الروي الميم ليعيده بعد ذلك بأسطر غير قليلة بقوله : (يا عمهْ) في نهاية المقطع الأول والأخير، وفي قوله : (قصَّ جوانحَ الخيمَهْ)؛ ومثل ذلك فعل في قوافي الأسطر التالية :
_ فتظمأ الأحقابْ
_من سُحبٍ ومن أكوابْ
_ضوءَ عيونكِ الأشيبْ
_تشمخ لسعة العقربْ
_أكبرُ وجهُكِ الأجدبْ
_أنتِ المبتغى الأصعبْ
_في دم الصحراءْ
_وأيُّ رجاءْ
_أنوء بضحكة القرصانْ
_في وهرانْ
_وغيرُ نعامةٍ ربداءْ
_فتظمأ الصحراءْ

ان الشاعر يتجنب التدوير ما أمكنه مما يبعد النص من أن يتكتل نسيجه العروضي على الأقل في شكل منطوق صوتي مسترسل منساب، عبر وقفات صوتية مقيدة نهاية الأسطر المتتالية .. انها وقفات أشبه ما تكون بالإجبار على التوقف ترغم قارئ الأسطر ان يحبس أنفاسه وينهي قراءته الجهرية والصامتة سياان عند نطق حروف الروي المسكنة المقيدة، إذ لا مجال للاسترسال والاستمرار في القاء جؤار محكوم عليه بالتوقف المتواتر عند انهاء اجزاء صوتية تتميز في غالبها بالقصر وقلة الامتداد كأننا بإزاء شهقات مبتسرة تقصلها زفرات متعثرة في واقع قدسي لا قداسة فيه الا لتواتر انتكاسات ونكبات يقفو بعضها بعضا الى اجل غير مسمى ..

٢_ مقاربة منهجية ديداكتيكية تقويمية : يحلل النص فيها تحليلا أدبيا متكاملا وفق خطوات منهجية متبعة والمتمدرسين في التعليم الثانوي التأهيلي شعبة اللغة العربية بكالوريا المغرب، بالتركيز على المطالب التالية ...
1_صياغة إشكالية تؤطر النص وفرضية مناسبة(علاقة العنوان بخواطر القصيدة)
2_تلخيص مضامين المقاطع الأربعة بأسلوب خاص...
_بيان كيفية مخاطب الشاعر القدس و دلالة ذلك ؟
3_تصنيف معجم النص الى حقول دلالية مناسبة ودلالة ذلك
4_بيان أبعاد الصورة الشعرية في القصيدة من خلال ما يلي:
*مبدأ المشابهة والمجاورة
*الانزياح
*الرمز
*التناص
5_رصد المستويات الإيقاعية التالية المعتمدة في النص ووظيفتها :
*التفاعيل
*القوافي
*الزحافات والعلل
*التكرارات الصوتية من تحنيسات وتوازيات وما شابه ووظيفة ذلك ...
6_تركيب نتائج التحليل في شكل خاتمة تستنتج فيها مدى تمثيل القصيدة للاتجاه الشعري الذي آفترضت آنتماءها إليه مضمونا وشكلا ...

☆إشارات :
١_أحمد المعداوي المجاطي / من ديوان (الفروسية) / كتاب الوحدة / سلسلة الإبداع 2 / منشورات المجلس القومي للثقافة العربية / طبعة أولى 1987
٢_مجلة المشكاة / العدد ٢٤ / السنة ٦ / ١٩٩٦ ميلادية الموافق ل ١٤١٧ هجرية / عدد خاص موسوم ب : "أحمد المجاطي شاعرا وإنسانا" تضمن ثلاثة أقسام رئيسة :
•قسم الدراسات وقسم الشهادات
•قسم المراثي
•قسم الديوان وبه أربع وثلاثون قصيدة للشاعر
_ملاحظة : نشرت مجلة (المشكاة) تسع قصائد معداوية نُظمت بنظام الشطرين
•(أغنية للسرب العائد) تفعيلة مجزوء الكامل (متفاعلن)
•(من وحي واقعة وادي المخازن) و(الصمت اللعين) تفعيلة مجزوء الرمل
•(مولد لحن) : تفعيلة المجتث
•(أكزوديس في الدار البيضاء) تفعيلة الوافر
•(مدينتي) و (مذكرات متشردة) : تفعيلة الرجز
•(نثرت أحلامي) : تفعيلة السريع ..
•(يوم الامتحان) : تفعيلة الرمل
•(إلى شاعرة) : تفعيلة الكامل
•(بكائية) : تفعيلة الرجز
•(أغنية لحب قديم) : تفعيلة الوافر •(المعركة) تفعيلة المتقارب
•(باقة موت على قبر شهيد) : تفعيلة الكامل
وأغلب النصوص آختير لها تفاعيل بحور صافية على غرار الكثير من قصائد الشعر العربي التفعيلي ..
للاستزادة، يمكن الاستئناس بمقال : ( الشاعر المغربي أحمد المجاطي ناقدا لشعره / زبير الخياط / مجلة العربي / العدد ٧٥٨ / سنة ٢٠٢٢ / )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان