الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجوم 7أكتوبر استلهم إرهابا تواصل عبر عقود خلت

سعيد مضيه

2023 / 10 / 22
القضية الفلسطينية


يعود المؤرخ والأكاديمي المتقاعد لورنس دافيدسون ليشارك في الجدل الدائر حول دموية إسرائيل واضطهادها القديم المتجدد للشعب الفلسطيني. يتناول اولا بيان القادة الخمس لدول الغرب بصدد هجوم حماس، فالإسرائيليون"أرسوا معيار رد الفعل الفلسطيني العنيف". يخلص المؤرخ الأميركي ، وهو يرى القانون الدولي يطبق وفقا لمعيارين، الى نتيجة أن "قادة إسرائيل يحلمون الآن ب’ام المجازر كلها‘ في غزة؛ ولديهم سبب عظيم "لأن الفلسطينيين ، ونتيجة الاستفزاز الصهيوني الممنهج، قد مارسوا قدرا ضئيلا من الإرهاب المضاد".

إرهاب مديد وانفعالات معتقة

يوجد فرق بين السياق التاريخي الدقيق من جهة وبين بروباغاندا تتكرر في الأغلب لدرجة انها تأخذ حياة سوريالية بذاتها. حين نتحدث عن نضال الشعب الفلسطيني يعجز الددبلوماسيون الغربيون عن الحديث عن هذا الفرق؛ لنأخذ على سبيل المثال البيان الصادر في 9 أكتوبر 2023 عن قادة كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة؛ والذي جاء فيه" اننا نوضح ان الأفعال الإرهابية لحماس لا مبررلها ، ليست شرعية ويجب استنكارها في جميع انحاء العالم". لسوء الحظ ، كما سنرى ، فإن أفعال الإرهاب التي يعنيها البيان هي أفعال عامة، إذن ، عادية في سلوك إسرائيل وتاريخ البلدان الخمسة التي أصدرت البيان، وان ادعاءهم ليس إلا فقرة بروباغاندا مسنودة بازدواجية معايير صارخة.
+ البيان يعزوالى "حماس" وحدها دخول المحاربين الفلسطينيين أراضي إسرائيل يوم 7 أكتوبر ، وما نجم عنه من إرهاب . يضاف لذلك ان البيان يصر على أن حماس " لا تمثل طموحات الشعب الفلسطيني". حسنا ، بعد ذلك علنا نجد التوضيح لماذا نرى الرئيس بايدن والزعماء الغربيين الأربعة الآخرين بهذه العواطف الجياشة "يقفون مع إسرائيل" في سياسة القتل المتطرفة التي انتهجتها، سياسة العقوبات الجماعية –مفترضين أن إسرائيل تمارس "الدفاع عن النفس"؟ بالتأكيد ان ما يقارب التدميرالشامل لمدينة غزة بسكانها ال 600000 لا يستهدف حماس وحدها؛ وإنني على ثقة بان واحدا من بين القادة الخمسة بمقدوره سلوك الدرب المتلوي خارج هذه الصعوبة ، لكن التفسير يصل حد السفسطة.
+ الملاحظة الواردة بأن بعض العنف المتعلق بدخول الفلسطينيين كان إرهابا دقيقة بدون شك؛ والصور التي نشرت لهذه الأفعال الإرهابية على شبه بارز بتلك الصور الناقلة للمجزرة في مخيمي صبرا وشاتيىلا الموعز بها من قبل إسرائيل. ويحمل العنف الفلسطيني الأخير طابعا مستحثا بانفعالات معتقة لزمن طويل في زجاجات تحت ضغط هائل . في هذا الاعتبار يجدر عدم نسيان أن العنف الصادر عن المضطهَد يميل ، تاريخيا، لأن يرتفع مع الوقت الى مستوى عنف المضطهِد. وبالتأكيد فالسياسة من نمط الاضطهاد التي مارستها إسرائيل تجاه شعب فلسطين ( وضع شعب غزة ..." حالة ’رجيم‘ او إفقار عاجل) يمكن أن يقبل التفسير بانه إرهاب ( او ، على الأقل ، تعذيب مدبر سلفا ). بهذا الأسلوب يمكن القول ان الإسرائيليين أرسوا معيار رد الفعل الفلسطيني العنيف.

+ مع هذا ، كما هو متبع ويعاد اتباعه بلا نهاية من قبل القادة الخمسة ( ولا نقول شيئا عن قيادة إسرائيل) فأن مفهوم " الإرهاب" هبط منذ زمن بعيد الى مجرد شعار بروباغاندا - مرة اخرى بنوع من جردة حساب أخلاقية مزدوجة. بذا فإنه لجزء من حقيقتنا المحزنة أنهم إذ يمثلون " دولة ذات سيادة" فبمقدور شرطتهم وجيشهم الالتفاف، ينتهكون القانون الدولي بطريقة إرهابية، وتأتي القيادة بورع تدعي انه "دفاع عن النفس". لهذا الاستخدام المخادع للغة سوف يركع الحلفاء بينما المواطنون يهتفون . وعلى كل حال ، إذا كنت أحد ضحايا عنف الدولة هذا فليس من حقك الدفاع عن النفس ، وبالتاكيد لايحق لك تقليد تكتيكات المضطهدين غير الإنسانية؛ وإن حاولت تغدو تصرفاتك إرهابا ؛ وتستدعي قانونا دوليا مغفلا مزدوج المعايير .

+ إن فكرة كون التصرف الفلسطيني يوم 7 اكتوبر " لا مبررله" كلام فارغ. لنستعمل كلمة جو بايدن ، إنها كسر السياق التاريخي "مغطى بغلالة "؛ وطبقا لمنظمة حقوق الإنسان في إسرائيل، بيتسيلم، قتلت القوات المسلحة الإسرائيلية10000 فلسطيني بين عامي 2000 و2023 . وكل فلسطيني من هؤلاء الأموات تعكسه وفيات إسرائيل من نتائج 7 اكتوبر ؛ وبمقدورك أيضا ان تفكر بالأمر بهذه الطريقة : إذا سجنت جمهورا عقودا متتالية خلالها تطبق عليهم معاملة منهجية تنتهك القانون الدولي والمبادئ الأخلاقية ، وعندما يخرجون من السجن ويردون بنفس العنف تدعي ان تصرفاتهم غير مبررة؛ لديك منطقة غير مرئية تنطوي على خطورة تاريخية، تعبر عن ذاتها ، من جديد، بازدواجية معايير صارخة .
+ اخيرا،ماذا يتوجب قوله حول الوفيات التي جرت أثناء الاحتفال الموسيقي في ريئيم-قرب الحدود مع غزة، حيث قتل اكثر من 250 إسرائيليا وضيوفهم الأجانب ؟ أجل كان ذلك إرهابا ؛ اجل حدثت مجزرة؛ وحقا ، بات محتما حدوث شيء من هذا القبيل بتحويل غزة الى أكبر سجن بالعالم . قد يسأل المرء – وهو سؤال خطير- كم كان منظمو الاحتفال على وعي تاريخي بجهنم حين نظموا حفل الرقص والغناء على بوابات جهنم صنعه قادتهم القوميون ؟ بأي حال ، الفزع الناجم عن الحدث تعليق حزين على المكانة التي يشغلها الانتقام في حياتنا . إذا أردت رؤية هذا النابض المحطم للإنسانية مضخما بمتواليات هندسية فما عليك سوى النظر في سلوك إسرائيل الراهن تجاه غزة، تلك التي ، الى حد ما لا تشكل " خلاصة الشر" في أعين بايدن. النفاق هو اسم اللعبة.

إسرائيل 11/9

ترددت مرارا الفرضية بان هجوم 7اكتوبر هونسخة من تفجيرات 11أيلول في إسرائيل. هذه تفجيرات 11أيلول في بلدنا" ورد في تصريح لسفير إسرائيل في الأمم المتحدة؛ وقالها عدد من الناطقين بلسان الجيش الإسرائيلي؛ هذا معادل في إسرائيل لما حدث بالولايات المتحدة في 11 أيلول؛ قالها دي سانتيس حاكم ولاية فلوريدا؛ إسرائيل تواجه نصيبها من 11 أيلول كتبت صحيفة وول ستريت جورنال في افتتاحيتها .
أسلوب حدوث الأشياء.. لهذا التفسير ذرة من الحقيقة المزعجة . بالرجوع الى ما كتبه جون شوارتز على موقع إنتر سيبت، : بعبارة أخرى إسرائيل مثل الولايات المتحدة كانت تسير بامانة عبر العالم، وبغتة من لامكان، انقض عليها ، لسبب غير مفهوم، هجوم برابرة فاقددي الإنسانية". إذا سألت , لماذا يكرهوننا فأنت غير وطني ومفسد أفراح. إذن ، ما عليك سوى أن تهتف بينما إسرائيل تقلد حركات الولايات المتحدة ، وترد بعنف جماعي. هنا لدى الإسرائيليين ميدان مفتوح على سعته ، ويقدر ان "الحرب على الإرهاب " ماركة الولايات المتحدة قد تسبب بصورة مباشرة وغير مباشرة في إزهاق أرواح 4.5 مليونا من البشر. وهذ جانب الناس الطيبين، كما يفترض.
في كلا الحالتين،هجمات 11 /9 جاءت حصيلة سياسات العنف مارستها كل من إسرائيل والولايات المتحدة طوال سنوات؛ ولا يغير من الحقيقة كون المواطن العادي بقي في العتمة ولم يع تلك السياسات، او انه اختار تصديق التفسيرات المشوهة المقدمة له. حتى براءة العديد من المواطنين على كلا الجانبين حيال هذه الهجمات هي بلا قيمة في أعين القابضين على القوة بالنسبة للسيرورة لتي أطلقتها سياسات المنفعة الذاتية.
بصورة جوهرية تمت التضحية عن علم بالأبرياء من قبل القادة في إسرائيل والولايات المتحدة. وكما لاحظ جون شوارتز ،" فإن الدولة العميقة في كل من إسرائيل والولايات المتحدة كانتا تعيان جيدا ان سياستيهما ستؤديان حتما الى موت بالجملة لمواطنيهما. راى قادة الولايات المتحدة ان تلقي هجمات الإرهابيين "ثمنا زهيدا تدفعه مقابل ان تكون القوة العظمى"؛ و في إسرائيل ، كان تصور الحكومة ولم يزل ان الوفيات على أيدي المكافحين الفلسطينيين هي "نسبيا ثمن زهيد تدفعه إسرائيل بين حين وآخر مقابل سياساتها تجاه غزة ."

إنه لمزعج كيف ان القومية ضاعفت قوة غضبنا وأضعفت امننا وبتنا لا نبالي بالمآسي التي نسببها؛ وهذا يمهد الطريق لكي نتحول جميعا الى إرهابيين. هكذا تبدو الأمور ان قادة إسرائيل يحلمون الآن ب" ام المجازر كلها" في غزة. ولديهم سبب عظيم لأن الفلسطينيين ، ونتيجة الاستفزاز الصهيوني الممنهج، قد مارسوا قدرا ضئيلا من الإرهاب المقابل.
والآن ، لنختم بقادة الغرب الخمس المذكورين أعلاه ؛ غنهم جميعا قادة بلدان ديمقراطية؛ ولجميع تلك الديمقراطيات تواريخ مثقلة بالأموات. فرنسا بالجزائر ؛ إيطاليا في ليبياوإثيوبيا ؛ المملكة المتحدة في معظم أرجاء العالم ؛ ولألمانيا أوروبا قاطبة ؛ اما الولايات المتحدة فلها أميركا الوسطى والجنوبية بمضافا اليه اجزاء من آسيا.في جميع هذه الأماكن شن هؤلاء القابضون المثاليون على حضارة الغرب حروبا صغيرة وكبيرة ، وقتلوا أعدادا من البشر لدرجة ان من الغرابة وجود ازدحام السكان. هكذا إذن، دعنا لا نستغرب حين نسمع انهم جميعا تعهدوا بالوقوف بحزم بجانب إسرائيل ( دولة الأباتهايد بلا شك) – فهم جميعا ثابتون على الموقف ليس إلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع