الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل تعيش تحت وطأة الحطام الوجودي

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2023 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يصف توماس فريدمان إبادة غزة بأن "إسرائيل مضطرة إلى خوض حرب مستحيلة أخلاقيًا" بعد تعرضها لضربة قاصمة، فإن تعبير المستحيلة بالنسبة إليه كمؤمن بالأكاذيب من "الوصايا العشر"! يمثل العجز الفكري لإيجاد تسمية مقابلة لما بني على حثالة التاريخ!
فإسرائيل لم تعد نفسها بعد جرائم الحرب في غزة ولم يعد بمقدورها الدفاع عن فهم روجت له على مدار عقود بأنها "دولة أخلاقية".
ذلك العجز الأخلاقي عبر عنه كبار الكتّاب، دعك من الحطام الذي يعشه المستوطنون هناك وتعبر عنه "الدولة" التي ولدت بعقدة الخوف من قلة عدد سكانها مقارنة بمحيطها العربي، وتضخم المخاوف من المستقبل بعد هذه الحرب، ودع عنك أيضًا النتائج التي ستنتهي إليها الحرب في غزة، هناك ما هو أكبر بكثير من مصير غزة نفسها متعلق بالإسرائيليين أنفسهم الذين يعيشون تحت وطأة الإحساس بالحطام الوجودي واستحالة عيش حياة طبيعية، وبعد أن فشل كبار السياسيين في الوصول إلى ما هو أبعد من الكراهية الدينية والحرب الوحشية. إلى أن وصل غرور القوة بوزير الدفاع يوآف غالانت حد اعتبار الفلسطينيين حيواناتٍ بشريةً يجب وضعهم في قفص كبير. ذلك ما وصفه رئيس معهد “فيافويس” لاستطلاعات الرأي فرانسوا ميكيه-مارتي بالخطر الرئيسي عندما تنشأ دينامية من التوترات المتزايدة في المنطقة التي تغذي حالة الاستياء. ستودي بالضرورة لتغيير نظام الحكم في إسرائيل.
بعدها يمكن أن نسأل الغرب الذي قدم بشكل مذل فروض الولاء والطاعة لإسرائيل في ازدواجية تحكيم المبادئ بشكل سطحي، أي منكم في الغرب نظيف اخلاقيًا بما فيه الكفاية كي يصنف من هو الضحية ومن القاتل في الصراع الوجودي القائم اليوم؟
ذلك ما عبر عنه وزير الخارجية الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان، الذي كان له موقفًا أخلاقيًا معارضًا لحرب احتلال العراق في مجلس الأمن وخارجه بالقول "إنّ الأحداث الحالية تجري تحت أعين وأنظار العالم الذي لا يرى الأمور كما يراها الغربيون”، داعياً إلى أخذ ردود الفعل هذه في الاعتبار.
مهما يكن من أمر فالحطام الوجودي قائم منذ تلك الخطبة التي أعلنها موشي ديان عندما قتل مستوطن كان يطارد فلسطينيين من غزة عام 1956 فقال "فلنتوقف عن كيل الاتهامات للقتلة وهل يحق لنا أن نورد ادعاءات ضد كراهية إسرائيل؟ إنهم يجلسون منذ 8 سنوات في المخيمات بعد أن اخذنا أرضهم وبيوتهم، لن نطالب العرب بدمه، بل نطالب أنفسنا كيف أغلقنا عيوننا عن النظر بوضوح في مصيرنا"!
مثل هذا الكلام عن مصير إسرائيل يمكن أن نجدة اليوم في الآراء المشككة بالمستقبل عند كبار الكتاب هناك، فالكاتب ديفيد غروسمان الحائز على جائزة مان بوكر الدولية لعام 2017 أعترف بأن "إسرائيل تعيش كابوسًا" متسائلا "من سنكون عندما ننهض من الرماد؟".
وكتب "ما يحدث الآن هو الثمن الملموس الذي تدفعه إسرائيل مقابل إغراءها لسنوات من قبل قيادة فاسدة قادتها إلى الانحدار من سيئ إلى أسوأ".
وشكك غروسمان مؤلف كتاب "أكثر مما أحب حياتي" بالمقدرة على التخلص من الصيغ البالية وفهم أن ما حدث في غزة، هائل وفظيع للغاية بحيث لا يمكن النظر إليه من خلال نماذج قديمة.
وكتب "حتى سلوك إسرائيل وجرائمها في الأراضي المحتلة منذ 56 عاماً لا يمكن أن يبرر أو يخفف ما تم الكشف عن عمق الكراهية تجاه إسرائيل، والفهم المؤلم بأننا نحن الإسرائيليون سنضطر دائماً إلى العيش هنا في يقظة شديدة واستعداد مستمر للحرب.. في محاولة متواصلة لنكون كل من أثينا وإسبرطة في وقت واحد. وهناك شك أساسي في أننا قد نتمكن يومًا ما من عيش حياة طبيعية وحرة، غير مقيدة بالتهديدات والقلق. حياة مستقرة وآمنة".
بينما اعترف عالم الاجتماع يوفال نوح هراري الذي طالما شكك بالأسطورة اليهودية بفشل التعايش السلمي، فالمتشددون اليهود أوصلونا إلى سياسة التعايش العنيف.
ويعترف غيرشوم غورنبرغ مؤلف كتاب "حرب الظلال: كاسرو الشفرات والجواسيس والنضال السري لطرد النازيين من الشرق الأوسط". بأن أوهام نتنياهو قادتنا إلى الكارثة عبر الغطرسة وغرور الرضا عن النفس.
هناك تعبير مستمر ومتصاعد عند مستوطنين أوصلتهم السياسية الاسرائيلية المتعالية على المفاهيم الإنسانية، إلى أشخاص محطمين يفكرون بالهرب، بل أن موران زير كاتسنشتاين مؤسسة مجموعة حقوق المرأة المناهضة لحكومة نتنياهو، قالت إنّ “هناك جيلًا كاملًا يحتاج إلى الإنقاذ”.
لا ينتهي الأمر في ضفة الاحتلال وحدها، فهناك معايير سياسية أُريد لها أن تسود من قبل الحكومات العربية وهي ترى في التطبيع حلا منقذًا لسلطتها، لكن تلك المعايير انكسرت قبل أن تكتمل، فصار المواطن العربي يرفض أن يمنح عقله للحاكم كي يفكر نيابة عنه عندما يتعلق الأمر بقبول إسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال