الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاوف الغرق في رمال غزة تربك خطة العدو الصهيوني بشأن الاجتياح البري للقطاع

عليان عليان

2023 / 10 / 23
القضية الفلسطينية


بقلم : عليان عليان
منذ أكثر من أسبوع ، والعدو الصهيوني يتحدث عن هجوم بري على القطاع وفق سيناريوهات متعددة ، لكنه لم ينفذ هذا الهجوم ، فنراه يحرك قدماً ويعيد أخرى، حيث تراجع عن شن الهجوم قبل أيام ، بذريعة أن الضباب في سماء القطاع يؤثر على قدرة سلاح الجو الإسرائيلي في تغطية الهجوم البري ، وبعد أن انقشع الضباب في اليوم التالي راحت قيادة العدو الأمنية تبرر تأخير الهجوم البري بمبررات أخرى ،على نحو استكمال استدعاء كافة قوات الاحتياط ( 300) ألف جندي ، والتأكد من جاهزية قواته البرية وقوات النخبة للقتال.
هذه المبررات تكشف عن خشية قيادة العدو من خطة المقاومة في الدفاع عن القطاع لا تقل أهمية وخطورة عن خطة الهجوم في السابع من أكتوبر الجاري ، التي ضربت العدو في مقتل ومرغت أنف العسكرية الصهيونية وأذلتها ميدانياً وسيكولوجياً، بتدمير قوات الاحتلال في محيط القطاع، وأسر العشرات من كبار الضباط والجنود الصهاينة ، ودك المواقع الصهيونية بآلاف الصواريخ، وإلحاق خسائر هائلة جدًا في صفوف العدو على صعيد القتلى والجرحى ، وتدمير ما يسمى بنظرية الأمن القومي الإسرائيلية، ما دفع حكومة العدو الفاشية لأن تعلن بأنها في هذه المواجهة الكبرى مع المقاومة، بأنها باتت تدافع عن وجود الكيان .
محرقة غزة
العدو الصهيوني في مواجهة ملحمة غزة ، وللتعويض هزائمه في الميدان، بعد أن اعترف بمصرع مئات الجنود وأسر مئات آخرين، و بمصرع وجرح آلاف المستوطنين ، وبعد أن اعترف وزير الحرب الصهيوني يو آف غولانت" بأن ما تعرضت له ( إسرائيل) شديد وخطير ، ولم ير حدثاً بهذه القسوة منذ عام 1948" مؤكداً "أن ( إسرائيل) تواجه أصعب ساعاتها وتواجه عدواً قاسياً " ، لجأ إلى سياسة الأرض المحروقة في قطاع غزة، عبر تدمير آلاف الشقق السكنية وهدم الأبراج بالقنابل الفراغية ، وعبر قصف المخيمات المكتظة بالسكان ، وعبر مجازر متصلة في غزة ورفح وخان يونس وبيت حانون وبيت لاهيا وجباليا ومخيم الشاطئ وبقية المخيمات ، ما أدى إلى تدمير أحياء بأكملها وإلى ارتقاء آلاف الشهداء والجرحى ، وشطب عشرات الأسر من السجل المدني ، بعد أن ألقت طائرات العدو ما يزيد عن 6000 قذيفة بوزن 4000 طن من الذخائر على قطاع غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ،أن حصيلة القصف والغارات الإسرائيلية بعد (16) يوماً على بدء الحرب، استشهاد 4385 موطناً من بينهم 1756 طفلا و 976 امرأة ، وإصابة ما يزيد ثلاثة عشر ألف بجروح ، واستشهاد 90 فلسطينياً في الضفة الغربية التي تشارك بقوة في معركة طوفان الأقصى.
هذا كله ناهيك عن قطع الماء والكهرباء عن قطاع غزة ، ما خلق كارثة إنسانية نبه إليها الأمين العام للأمم المتحدة ووكالة الغوث ومنظمة الصحة العالمية، خاصةً في ضوء نفاذ المواد الطبية وانقطاع الكهرباء عن المستشفيات ، ما يؤدي إلى نتائج كارثية للمرضى وعدم قدرة وكالة الغوث على توفير الغذاء لما يزيد عن 180 ألف لجأوا إلى مدارس وكالة الغوث.
لقد استهدف العدو من محرقة غزة أمرين هما ( أولاً) ضرب وتحطيم الحاضنة الشعبية للمقاومة ( وثانياً) ترحيل أبناء الشعب الفلسطيني من القطاع إلى سيناء و (ثالثاً) ضرب الحالة المعنوية للمقاومة ، لكن
لكن المعطيات الحسية على الأرض، تؤكد فشل العدو في تحقيق هذه الأهداف ، إذ أنه رغم ارتقاء آلاف الشهداء، لا يزال أبناء القطاع يؤكدون التفافهم حول المقاومة ، ورفضهم مغادرة الوطن ، وأن الحالة المعنوية للمقاومة في أعلى درجاتها ، والعدو الصهيوني لم يستفد من تجاربه السابقة مع المقاومة ، إذ إنه رغم ارتقاء آلاف الشهداء في الحرب العدوانية الصهيونية على القطاع عام 2014 ،التي استمرت 53 يوما وهزم فيها العدو ، ظلت الحاضنة الشعبية ملتفة حول المقاومة.
الاجتياح البري ومخاوف الغرق في رمال غزة
ورغم السيناريوهات المتعددة للهجوم البري التي يروج لها العدو ، والتي لم يتفق العدو على ترجيح أي واحد منها حتى اللحظة ، إلا أن هنالك خلافات وسجالات بين القيادة السياسية والعسكرية بشأن التوغل البري وأهدافه ومداه ، والمخاوف من الغرق في مستنقع غزة ورمالها ، وفي ذاكرتهما ما جرى لوحدات النخبة في حرب 2014 ، أثناء دخولها بعض أحياء القطاع ، وتعرضها لكمائن محكمة أدت إلى مصرع العديد من جنود الاحتلال وأسر بعضهم .
وحسب" يوسي فيرتر" – المحلل السياسي في صحيفة هآرتس الإسرائيلية - فإن السجال الجاري في إطار القيادة السياسية والعسكرية ، والذي يأتي في ظل حكومة الطوارئ ينعكس على مناقشات "كابينت الحرب"، الذي من المفترض أن يقرر ويعطي الضوء الأخضر للمستوى العسكري ببدء التوغل البري ، مشيراً إلى أن السجال الخفي بشأن التوغل البري، يعكس مخاوف المستوى السياسي ،من تداعيات المعارك البرية ومدى تطورات الحرب وعدم تحقيق الأهداف، الأمر الذي من شأنه أن يعزز ثورة الغضب على الحكومة ورئيسها بنيامين نتنياهو، الذي يرفض تحمل أي مسؤولية ويوجه أصابع الاتهام بالفشل والإخفاق للمستويين الأمني والعسكري.


تردد وارتباك
العدو الصهيوني بعد مرور 16 يوماً على بدء حرب " طوفان الأقصى" ورغم إعلانه أن الاجتياح البري للقطاع قادم ، إلا أنه يعيش حالة غير مسبوقة من الارتباك ، جراء عوامل ومتغيرات قد تدفعه إلى التراجع عن الهجوم البري، أبرزها :
أولا :-إدراكه أن المقاومة الفلسطينية أعدت خطط محكمة للدفاع، مثلما أعدت خطط محكمة ودقيقة للهجوم ، وسبق أن أجرت مناورات " الركن الشديد " لاختبار فعاليتها وكفاءتها في الهجوم والدفاع ، ناهيك أن حركتي حماس والجهاد ، استعدتا منذ زمن بعيد لهذه المنازلة الكبرى بإقامة شبكة واسعة جداً من الأنفاق تقدر بمئات الكيلومترات ، لتوظيفها في حالتي الدفاع والهجوم .
ووفق ما صرح به نائب رئيس حركة حماس الشيخ صالح العاروري والمتحدث الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام " أبو عبيدة" ،فإن المقاومة أعدت نفسها لمعركة طويلة الأجل مع قوات الاحتلال ، وأن لديها كل الإمكانات اللازمة لهذه المعركة، وأنها مثلما أعدت خطة الهجوم الظافر ، فإنها أعدت العدة لهزيمة العدو في حال إقدامه على هجوم بري على القطاع ، ووضعت الخطط العملياتية في مواجهة سيناريوهاته المختلفة .
لقد أكد أحد قادة المقاومة ،أن العدو سيضحي بنصف جيشه في حال أقدم على اجتياح بري لأراضي غزة ، كاشفاً أن المقاومة لديها إشراف معلوماتي على كل تحركات العدو حتى تلك التي تجري داخل مواقعه العسكرية وأن الهجوم البري سيسفر عن القضاء على نصف قوات الاحتلال المهاجمة وأسر المئات من ضباطه وجنوده، وأن تفكير الاحتلال في الدخول البري أو اقتطاع أراضٍ، هو ما تدربت عليه قوات المقاومة، وأعدت له من الاجراءات ما سيفاجئ العدو، مؤكداً أن مقاتلي المقاومة ما زالوا في كامل جهوزيتهم القتالية ، وما زالوا ينفذون مهاماً هجومية في قلب مستعمرات العدو ، وأن النواة الصلبة للمقاومة لا زالت بخير، وأن القدرة القتالية لكتائب القسام وبقية فصائل المقاومة لا تزال بوضع جيد جداً، وتعمل وفق خطط عملياتٍ مُعدّة مسبقاً مشدداً أنّ ذلك يجري مِن خلال تنسيقٍ كامل مع غرفة عمليات محور المقاومة.
ثانيا :- بروز متغير جديد ممثلاً بترجمة مبدأ وحدة الساحات على الأرض ، الذي سبق وأن أكدت عليه غرفة العمليات في محور المقاومة ، وذلك النحو التالي:
1-دخول حزب الله الحرب :
لقد بدأ حزب الله عملياته العسكرية ضد قوات الاحتلال والمستوطنات مباشرة بعد معركة طوفان الأقصى ، على امتداد المساحة الممتدة من جبل الشيخ وحتى رأس الناقورة ، ما اضطر العدو لسحب ثلاث فرق من الجنوب ، ونقل المستوطنين من 42 مستوطنة من شمال فلسطين المحتلة إلى مناطق الوسط ، ووفقاً لتصريحات نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ، بأن حزب الله في قلب المعركة ، وأن تطوير هجوم المقاومة الإسلامية قادم في مرحلة قريبة .
إذ أن تطوير الهجوم، باستخدام حزب الله ترسانته من الصواريخ الدقيقة وفق بنك أهداف محدد ، يخلق معادلة جديدة تنهي وتفشل مبكراُ الهجوم البري الإسرائيلي ، وتخلق واقعاً جديداً عنوانه : تكريس هزيمة الكيان الصهيوني وإفشال استهدافات العدوان على قطاع غزة ، وفرض المقاومة لشروطها بشأن وقف الحرب.
2- دخول المقاومة العراقية على خط المعركة باستهدافها القواعد الأمريكية في العراق وسورية بالصواريخ والمسيرات ، وكذلك دخول حركة أنصار الله في اليمن على خط الحرب بإطلاق الصواريخ بعيدة المدى على المواقع الصهيونية ، واعتراض بعضها من قبل بارجة أمريكية ، لن يحول دون استمرار عمليات القصف اللاحقة.
الحضور العسكري الأمريكي لن يحدث فارقاً في المعركة
وحسب العديد من المحللين العسكريين ،فإن قوات الاحتياط التي استدعاها نتنياهو (300) ألف جندي ، والقوات الأمريكية التي بعث بها الرئيس الأمريكي جو بايدن ( 2000) جندي ، لن تحدث فارقاً في المعركة البرية حال حصولها ، بعد أن انهارت فرقة غزة بعدتها وجنودها وعتادها خلال ثلاث ساعات في اليوم الأول من حرب طوفان الأقصى.
فقوات الاحتلال تعاني من الارتباك والضعف الشديد وقلة التدريب ، باعتراف مسؤولين عسكريين إسرائيليين ، ومن ثم فإنها تخوض المعركة البرية ، وهي مسكونة بالرعب والهزيمة ، وما أفصح عنه رئيس وزراء العدو الأسبق يهودا أولمرت يؤكد ذلك، حين تحدث لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية ، عن الفشل الذي ينتظر الكيان الصهيوني في الهجوم البري ارتباطاً بتجارب سابقة مع المقاومة في حرب 2008 – 2009 وغيرها ، حيث قال : " إن ما ينتظر الجنود الإسرائيليين هو كل ما يمكن تخيله ، بل هو ما أسوأ" مضيفاً : " أن الأمر لن يكون بسيطاً ، ولن يكون ممتعاً " ،في حين أكد "داني دانون" -أحد أبرز نواب الليكود في الكنيست - انعدام ثقة (الشعب) بالقيادة الإسرائيلية.
وأخيراً من واقع المعطيات الحسية للحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر ، نجزم أن يد المقاومة لا تزال هي العليا ويد العدو هي السفلى، خاصة وأن المقاومة لا تزال في اليوم السادس عشر للحرب تدك عمق الكيان بآلاف الصواريخ ، ملحقة بالعدو خسائر هائلة وغير مسبوقة على صعيد القتلى والجرحى ، ولا يغير من واقع هزيمة العدو ، المحرقة التي لا يزال يرتكبها في قطاع غزة.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: الشرط الأول بعد الحرب هو القضاء على حماس والقيام بذ


.. ما الرسائل التي أراد إسماعيل هنية إيصالها من خلال خطابه الأخ




.. سائق سيارة أجرة مصري يرفض أخذ أجرته من ركاب غزيين


.. أردوغان: إسرائيل ستضع أنظارها على تركيا إذا هزمت حماس




.. محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا وسط ظروف أوروبية معقدة