الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل أم نفهم ، انصر أخاك ظالما أو مظلوما

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 10 / 23
القضية الفلسطينية


من المعروف أن في كل حرب عسكرية هناك حرب إعلامية مترافقة و متلازمة معها ، بين سردية كل من المتحاربين ، حول أسباب النزاع ، و لكن الإشكال هو في أن الأخيرين لا يكونان غالبا متعادلين حجما و قوة و قدرة على التأثير إعلاميا و دعائيا ، و ما يزيد الامر تعقيدا هو أن يجد المرء نفسه في موقف المعتدى عليه معنويا وجسديا ، منخرطا رغما عنه في الحرب الإعلامية ، النفسية ، مجبرا على اتهام الحمل الإفريقي أو الفيتنامي بالاعتداء على الذئب المستعمر الامبريالي الأوروبي أو الأميركي ،على سبيل المثال !
استنادا إليه ، يحق لنا أن نعرف أولا ، كشرط قبل أن ننصاع لقبول الرواية المهيمنة أو لالتزام الصمت ، طالما أمكننا الانزواء تجنبا للمساءلة في موضوع الحرب التي أعلنتها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة ، ردا على عمليات المقاومة التي قادتها حركة المقاومة الإسلامية ، حماس ، إلى جانب حركات المقاومة الوطنية الفلسطينية الأخرى ،انتفاضا على واقع جهنمي كما و صفه المفكر الفرنسي ريجيس دبريه ، بمناسبة زيارته لقطاع غزة ، و سجله في كتاب تحت عنوان " ساذج في الأرض المقدسة " صدر في سنة 2008 ، حيت شبّه المكان بالصهريج المحكم الإغلاق ، المملوء بالناس الفلسطينيين، حد الموت اختناقا أو عطشا أو جوعا أو اقتتالا فيما بينهم أو بواسطة حمم تنزل عليهم من السماء .فهل يحق لنا أن نسأل و أن نتذكر و نفكر ؟
لاشك في أنه نشأت في هذه البيئة الفلسطينية المحبوسة مقاومة معترضة ضد هذا الوضع الجهنمي ، بل يمكننا القول انه نشأت مقاومات ، كان بعضها ينمو حينا و ما يلبث أن يذوي نتيجة بيئة اجتماعية غير ملائمة ، و لكن بالرغم من الظروف الصعبة تكاثر الفلسطينيون تحت الاحتلال سابقين الموت الذي كان محسوبا لهم فصار عددهم يساوي عدد سجانيهم مما اضطر الأخيرين لتبرير الاحتلال و التجميع في معسكرات الاعتقال الكيفي و مصادرة المنازل و الحقول ، امام أبنائهم في المدارس ، بالتمييز العنصري ، و لشرح دوافع المقاومين ، بالانحراف و الشذوذ ، و الإرهاب . لا جديد تحت الشمس : نعت المستعمرون المقاومة بالإرهاب في كل زمان و مكان ، و العكس صحيح .
لم يكن المجتمع الدولي عادلا في هذه القضية ، يل يمكننا القول أنه سافح العدالة . ليس من حاجة إلى العودة لفترة الانتداب البريطاني الفرنسي على سورية و العراق بعد الحرب العالمية الأولى ، نكتفي بالإشارة هنا إلى أن آخر خدعة تسمى "اتفاقية أوسلو و حل الدولتين " التي بالمناسبة حصل الموقعان عليها ، الإسرائيلي رابين و الفلسطيني عرفات ، جائزة نوبل ، قبل أن تنقلب الخدعة عليهما ، فمات الأول اغتيالا و الثاني مسموما ، لم يبق منها إلا مكاتب السلطة الفلسطينية في رام الله و جهاز التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال|.
يوصم المقاومون الفلسطينيون ضد الذين يحتلون بلادهم بالإرهاب ؟ من المعروف أن الاحتلال و الاستعمار و الاستيطان يتحققون دائما بوسائل و أساليب الإرهاب الجماعي ، التطهير العرقي ، المجازر ، و تدمير القرى و المدن . جاء في كتاب المؤرخ الإسرائيلي إلان بابيه ، "تطهير فلسطين عرقيا " في سياق استعراضه لخطة و ضعتها القيادة الصهيونية لبلوغ هذا الهدف ، أطلقت عليها تسمية" الخطة دالت " ، " إن الغاية الرئيسية لعملية ناهشون هي تدمير القرى العربية .. و إخلاء سكانها ، لكي يشكلون عبئا على مجمل القوى العربية " , و يستشهد المؤرخ نقسه في مؤلفه " حرب 1948 في فلسطين " بزميل له هو بني موريسون الذي كتب " إن طبيعة الحرب و تداخل أماكن سكن الشعبين ، و ضمانة لأمن الدولة اليهودية في المعركة الحدودية الوشيكة الوقوع ،توجبوا طرد الناس و تدمير القرى التي تأوي إليها ميليشيات و مسلحون أعداء" ما يوحي للمراقب بأن حرب 1948 ، لم تنته بعد في سنة 2023 ، فهي تتواصل في الراهن في قطاع غزة و الضفة الغربية ، كما لو أن الأمور في الشرق الأوسط تدور حول نفسها ، منذ الأزل ،في كافة مجالات الحياة الإنسانية ،الدينية و السياسية و الاقتصادية .
من البديهي أن المقاومة الفلسطينية ليست ضد اليهود ، أو بتعبير أدق هي مختلفة في جوهرها عن التصفيات اللاسامية التي شهدتها دول القارة الأوروبية ، و الدليل على ذلك نجده في كون الحركة الصهيونية اعتبرت السكان اليهود في البلدان العربية ، مخزونا ديموغرافيا ، استطاعت بكل الوسائل المتاحة لها ، اجتذابهم إلى فلسطين و استخدامهم في تحقيق سياساتها ، و استطراد في السياق نفسه نزعم بأن اليهود ليسوا جميعا صهيونيين ، أو بكلام أوضح ، إن الصهيونية حركة عالمية في خدمة الرأسمالية ، تتغطى بالديانات " الإبراهيمية " بحسب (الدوكسا) التي تتماهي مع مفهومية " نهاية التاريخ و نهاية الفكر و نهاية حرية الرأي " في ظل العولمة تحت قيادة القطب الأوحد الأميركي بمعاونة معسكر غربي تابع . هذا من جهة أما من جهة ثانية فإن النضال الفلسطيني ضد الاحتلال ليس حكرا على حركات المقاومة الإسلامية ،
من البديهي أن سقوط المدنيين في الحروب ، و حسبانهم في مصطلحات الدول التي تبادر إلى إشعال هذه الحروب " ضحايا أو خسائر جانبية " هو صادم و محبط و فاجع في أوساط الذين تتعرض مدنهم و قراهم و مدارسهم ومستشفياتهم لقصف الطائرات و قنابلها الحارقة ، بدرجة أكبر مما يشعر به الذين تصلهم أصداء هذه الجرائم عبر و سائل إعلام أصحاب الطائرات المغيرة . سئلت الوزيرة الأميركية مادلين أولبرايت عما إذا كان الحصار الذي ضرب على العراق مبررا ، علما أنه تسبب بموت نصف مليون طفل ، أي اكثر من الأطفال الذين قتلوا في هيروشيما بواسطة قنبلة ذرية ألقتها الولايات المتحدة على هذه المدينة ، فأجابت " أعتقد أن الخيار كان صعبا جدا ، و لكننا نعتقد أن الأمر كان يستحق هذا العناء ".
أشرنا أعلاه إلى أن الفلسطينيين ليسوا جميعا مقاومين و إلى أن المحتلين ينعتون المقاومين بالإرهابيين .السؤال إذن هو عن مرتكزات موقف السلطة في دول المعسكر الغربي ، و هي ليست طرفا في النزاع الدائر بين المحتل من جهة و بين المقاوم ـ الارهابي من جهة ثانية ،عندما تتخذ إجراءات مشددة تجاه مواطنيها ، فتمنع التظاهرات الاحتجاجية ضد الاحتلال و التعبير عن التضامن مع الذي يعيشون تحت وطأته ، و تكم الأفواه عن استنكار ما يتعرض له المدنيون ، كما لو أن هذه السلطة شريكة في الاحتلال جهة و كما لو أن الذين يرفضون الاحتلال من المواطنين مقاومون ـ إرهابيون ، بحسب المصطلح الاستعماري .فهذه السلطة لا تستطيع بالقطع تسويغ سلوكها ، دون أن تسقط الأقنعة التي صنعتها لنفسها ،بعد خروجها من المستعمرات ، محوا للجرائم التي ارتكبتها .
لا مفر هنا من القول أن بيان الدول الخمس ، الولايات المتحدة الأميركية ، بريطانيا ، فرنسا ، ألمانيا ، و إيطاليا ، التي تعلن فيه عن دعمها غير المشروط لإسرائيل في حربها ضد سكان قطاع غزة ، المليونان و نصف المليون ، على مساحة تقدر بثلاثمئة و ستين كلم² ، هو تعبير أمين عن العرف القبلي البدوي ، في شبه جزيرة العرب ، " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " . بل هو يتعداه ، قساوة ، إذا أخذنا بعين الاعتبار ميزان القوى بين إسرائيل من جهة و قدرات أهل قطاع عزة من جهة ثانية ، لا سيما أن السلطة الإسرائيلية قررت معاملتهم " كحيوانات بشرية " و منع الغذاء و الماء و الدواء و المحروقات ، الكهرباء عنهم . الموت أو الرحيل.
أما حجة السلطات في هذه الدول الغربية ، فهي " حق إسرائيل في الدفاع نفسها " ، هذا الحق الذي لم يعط لليهود في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية ، يتحول في مفهومية السلطات اليمينية في دول المعسكر الغربي إلى " حق " بيد الحركة الصهيونية ، في مصادرة اليهود و الفلسطينيين معا . أين القانون ، أين حقوق الإنسان ، أين واجب التدخل الإنساني ؟ . هل بدأت المأساة في 7 تشرين أول , في قطاع غزة . ؟ و مذابح اليهود في أوروبا ، قضية دريفيس في أوروبا ، الإبادة ضد اليهود في أوروبا .


²








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت