الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع التعليم بين التربية والتكوين

محمد بلمزيان

2023 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


إنه لمن دواعي الأسى أن ترى أطفالا يتابعون دراساتهم في أطوال مختلفة من التعليم الإبتدائي والإعدادي وحتى الثانوي وهم لا يفقهون شيئا في ما يقرؤون أو يدرسون في الفصول الدراسية، تراهم يحملون محافظ كبيرة على ظهورهم ممتلئة عن آخرها من كتب مدرسية ودفاتر مختلفة، (خاصة أولئك الذين يتابعون دراستهم بالمرحلة الإبتدائية،) لكنهم لا يستوعبون معلومات تلك الكتب والمقررات ، فتراهم يتثاقلون في مشيتهم بفعل الأثقال التي يحملونها على ظهورهم، حتى أن البعض منهم يتضايق من حمل تلك المحافظ التي تكاد تنفجر بما فيها ، وتعاين بعضهم يختارون محافظ لها عجلات يجرونها خلفهم كما تجر العربات من الأسواق استعانة منهم في تخفيف العبء، وتتخيل مع نفسك لو أن هؤلاء الأطفال يستوعبون ربع ما يثقل كاهلهم لكانت النتيجة مقبولة ، لكن الصدمة قوية حينما تفاتح أحدهم عن مستواه اللغوي والتعبيري وحسن الكتابة، فتتألم من حجم الكارثة والمستوى الضعيف في كل شيء والأخطاء الكثيرة، فتتساءل مع قرارة نفسك عن جدوى تلك الكتب المختلفة وعن تلك المواد المختلفة الموزعة بين العربية والفرنسية، والتلميذ لا يعرف كيف يخط اسمه واضحا باللغة العربية، إنها كارثة حقيقية حينما نتفاجأ بهذا المستوى الضعيف للتلاميذ ، وهم غير منجذبين الى المقررات المدرسية، بقدرما هم منجذبون الى اللعب والملاهي ويحبذون استهلاك كل اوقاتهم خارج الفصول الدراسية وخارج بيوتهم من أجل اللعب وكل ما يمت بصلة بصياع الزمن وهدر الوقت، وهو ما يجعل المتعلم يلتقط عبارات السب والشتم من الشارع العام، بما يجعله مستئنسا على عدم تقبل الدراسة والإنضباط في الفصل ، مستعينا بعبارات منحرفة وقدحية يختزنها من الشارع العام ، هذا الأخير الذي يعج بكل ما هو منفر للإنضباط في الفصل، وهو ما يؤدي الى زعزعة الفصول الدراسية والتشويش على باقي التلاميذ الراغبين في التحصيل والدراسة، وحتى الإصطدام بالمدرسين وتعريض بعضهم الى العنف اللفظي وحتى الجسدي أو تبادله في حالا ت كثيرة، الأمر الذي يسبب في اختلال السلوك والتربية، و هذا الواقع من المفروض أن يسائل الجهات الساهرة على وضع المقررات الدراسية، هل تستحضر حجم هذه اللامبالاة التي يقابل بها التلاميذ تلك البرامج الدراسية وطبيعة الحصص التي يتم فرضها على أجيال أصبحت ميولها ممزقة بين متاهات مختلفة، بعيدة كل البعد عن الهواجس التعليمية والإختيارات التكوينية، وهل فكروا في حجم الربح والخسارة ، ما بين المردودية التي تنهض بها تلك البرامج المقررة في الواقع التعليمي ببلادنا، فلو تم الإقتداء بالمقررات القديمة التي كانت مسطرة على سبيل المثال خلال مرحلة السبعينات من حيث سرعة التقاطها وفهمها من قبل الناشئة لكانت النتيجة أحسن بكثير من ما نعيشه اليوم من انخفاض مريع في المستوى، ولكانت النتيجة أفضل بكثير من هذا الإنحدار الخطير في الفهم والإستيعاب للدروس والمقررات المشتتة، فأصبح المتعلم يصطدم منذ البداية بكثافة العناوين من الكتب المدرسية ومن تعدد الحصص بين العربية والفرنسية، مما يجعله يستشعر ضغطا نفسيا داخليا، يقر بأنه غير قادر على مواجهة كل هذه المواضيع التي تم حشوها وفرضها على ( عقل ) صغير بالكاد قد انفطم صاحبه من ثدي أمه، ولم يتعود على كيفية استلام القلم والأحرى الكتابة به على الورق بشكل واضح والإجابة عن الأسئلة بشكل صحيح وسليم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا