الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات على حرب غزة

محمد لفته محل

2023 / 10 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


اهم ماجرى في عملية "طوفان الاقصى" ليس تهديد الأمن القومي الأسرائيلي، أو التغلب على الاستخبارات الاسرائيلية، أو تبخر اسطورة الجيش الاسرائيلي، انه هذه الاشياء واكثر. اهم من كل ذلك هو تغيير الواقع الذي فرضته اسرائيل على مدى 50 عام، واقع الرضوخ لشروطها لأنها متفوقة عسكريا. ولهذا كانت فلسطين ضعيفة، منقسمة، محاصرة، معرضة للاعتداء العسكري والابتزار السياسي ويشمل الوصف هذا جميع الدول العربية بدرجات مختلفة. ووصل الهوان الى التطبيع مع اسرائيل بدون مقابل، ولم يكن غريبا ان تبدل اسرائيل مبدأها من "الارض مقابل السلام" الى "السلام مقابل السلام" والحقيقة ان اسرائيل لا يمكن ان تعطي السلام، لان السلام لايمنح من القوي الى الضعيف، وانما من القوي الى القوي.
الواقع الجديد الذي فرضته المقاومة الفلسطينية هو ان حل القضية من طرف واحد على حساب طرف آخر بالقوة، قد انتهى. ولابد الآن ومستقبلا من الجلوس مع الطرف الآخر الذي اثبت وجوده بالقوة. والذي حسم المعركة لصالحه منذ اليوم الاول للحرب.
ان التغني السابق بالتفوق العسكري الاسرائيلي، اصبح بعد عملية "طوفان الاقصى" مصدر عار على اسرائيل، التي هز امنها القومي جماعات مسلحة اجتاحت اراضيها واسرت جنود ومدنيين، وهي دولة نووية.
بعض العقلاء قالوا ان عملية "طوفان الأقصى" كانت "مغامرة" لم يحسب حساب نتائجها. وهذه العقلانية للأسف لازالت تفكر بمقتضى الواقع الذي فرضته اسرائيل، والذي لم يعد موجودا بعد 7 اكتوبر. والحقيقة ان القتل والحصار والاجتياح كان موجوداً على مدى 15 عاما على غزة لكن بوتائر أقل ليس الا. واسرائيل لا تنتظر الحرب لتقتل او تجتاح لأنها تفعل ذلك باي زمان ومكان، والتبرير جاهز تحت الأبط.
اسرائيل تكذب بطريقة مفضوحة (على عكس دهائها السابق) وتستنجد مرعوبة، وامريكا تهرع بهيستيريا تكشف هشاشة هذه الدولة المصطنعة لحماية حلفها الشيطاني، وتصريحتها ادق تعبير عن ذلك "لو لم توجد اسرائيل لأوجدناها".
اسرائيل تقوم بحملة اعلامية لدعشنة حماس والصاق تصرفات بها مثل اغتصاب النساء وقطع الرؤوس واحراق الاسرى الخ دون اي دليل وانما كذب اعلامي فقط. للتمهيد لإبادة جماعية.
والفارق واضح بين الاثنين فداعش كانت تريد دولة بلا حدود تشمل العالم الاسلامي اما حماس فتريد دولة (فلسطين) لها حدودها التاريخية، داعش ميليشيا بلا قومية، اما حماس فميليشيا وراءها الشعب الفلسطيني، داعش تحارب كل الدول، حماس تحارب اسرائيل فقط.
وتستخدم اسرائيل لأباده الشعب الفلسطيني حيلة اعلامية وهي استبدال جملة القضاء على شعب غزة، بجملة "القضاء على حماس" للتغطية الاعلامية على الإبادة على شعب غزة، لكن الفيديوهات على الأرض تفضح الكذب وتكشف حقيقة البيوت المهدمة والبنى التحتية واجساد المدنيين. من هنا كان استهداف اسرائيل للإعلاميين حتى تحجب الحقيقة. ان حرب غزة هي حرب ارادة ووجود بين اسرائيل وشعب غزة.
اول مرة المحللين الاسرائيلين يتكلمون بعصبية وذل، وليس في يدهم سوى تبرير ارتكاب المجازر بالقصف والطيران، الذي لا تراه اوربا ارهابا، بل ترى الضحية حين تدافع عن نفسها ارهابا! الموقف الاوربي دليل على مسؤوليتهم في الارهاب الاسرائيلي. والاكثر ارهاباً حين برر الاوربيون "بتحقيقات" ان قصف مستشفى "المعمدان" هو من فلسطين وليس اسرائيل! او قول الرئيس بايدن انه لايثق بإحصائيات فلسطين عن عدد القتلى!.
انا ضد قتل المدنيين في اي دولة بالعالم حتى لو كانت الكيان الصهيوني (وهي ليست دولة طبيعية) لكن هذه الدعوى (جريمة قتل المدنيين) القائلون بها (اوربا وامريكا) هم اكثر الناس يرتكبونها تحت تبرير "حق اسرائيل في الدفاع...." و "حماس تتخذ المدنيين دروع بشرية"
وحتى للمقارنة بين حماس واسرائيل، فان حماس تقتل المدنيين على اراضيها المغتصبة، بينما اسرائيل تقتل المدنيين على اراضيهم التاريخية، حماس تقتل المدنيين وفق المثل العين بالعين، بينما الاسرائيليون يقتلون المدنيون باستراتيجية ارهاب الدولة والعقاب الجماعي. حماس تقتل المدنيين لان ليس لديها الوسيلة المكافئة للعدو في الوصول للعمق، بينما اسرائيل تقتل المدنيين عمدا رغم قدرتها على الوصول للأهداف العسكرية. واخيرا فان اسرائيل دولة يفترض التزامها بمعايير دولية، بينما حماس حركة تحرر والتزامها اخلاقي ومبدأي ليس إلا.
لأول مرة المساواة بين اسرائيل وحماس التي تنتهجها اسرائيل اعلاميا للمساواة بين الجلاد والضحية، تكون المساواة هذه المرة ضد هدف اسرائيل الاعلامي، حيث انهم بهذه المساواة كشفوا عن وجههم الحقيقي وهي (اسرائيل) انهم عصابة تحكم دولة، وراحوا يتصرفون كعصابة تقتل وفق مبدأ "العين بالعين" (تهّجر وتقتل كمليشيا) وكأنها ليست دولة ملتزمة بمعايير دولية.
كنت اتصور سابقاً ان خوف اسرائيل ان خوف اسرائيل الوجودي المتكرر اعلاميا "اعدائنا يريدون محو اسرائيل" الخ هو نوع من تقمص الذئب لجلد الخروف، لتبرير حروبها الاستباقية والتوسعية. لكن بعد طوفان الاقصى تبين ان هذه الدعوى (القلق الوجودي) لها اساس من الواقع تعرفه اسرائيل ولايعرفه الساسة العرب. نابع بالأساس من كونها دولة مصطنعة ضد الجغرافيا والتاريخ، وفزع امريكا لنجدتها فضح هشاشة هذه الدولة المصطنعة.
كان الشعب العربي بتضامنه اكبر من كل الساسة العرب، فشكرا للمقاومة الفلسطينية التي غيرت طريقة تفكيرنا بإسقاطها الواقع الذي فرضته اسرائيل وجعلنا نفكر من داخله فقط لخمسين عام.
المقاومة الفلسطينية اختارت توقيت العملية بدقة، اسرائيل تعيش ازمة شرعية رئاسة الوزراء وانقسام شعبي وسياسي بسبب التعديلات القضائي، امريكا متورطة في الجبهة الاوكرانية والخطر الصيني، والاطمئنان الاسرائيلي بسبب اوهام التطبيع والتركيز على الخطر الايراني فقط، وبعد الهجوم الخاطف، اسرائيل في اضعف لحظتها، ودخول "حزب الله" كجبهة ضغط والتهديد بحرب اقليمية لاتريدها امريكا واسرائيل، كلها امور غيرت مسار القوة في الشرق الاوسط الذي لن يكون كما كان ابدا بعد هذه الازمة. وحماس لعبت بملف الاسرى بحرفيه مثل القطرة قطرة بالتوازي مع تطور الموقف السياسي والعسكري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس سان جرمان يأمل بتخطي دورتموند ومبابي يحلم بـ-وداع- مثا


.. غزة.. حركة حماس توافق على مقترح مصري قطري لوقف إطلاق النار




.. لوموند: -الأصوات المتضامنة مع غزة مكممة في مصر- • فرانس 24 /


.. الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء -فوري- لأحياء شرق رفح.. ما ر




.. فرنسا - الصين: ما الذي تنتظره باريس من شي جينبينغ؟