الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شكراً للشعب الأميركيّ !

سعدي يوسف

2006 / 11 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


الخسرانُ الـمُبِـيْـنُ الذي باءَ به الحزبُ الجمهوريّ في الانتخابات الأخيرة ، أنعشَ الآمالَ في أن الكوكب الأرضيّ سيظل مكاناً ممكناً للعيش ، وتحقيقِ العدل ، وتحسينِ ظروف الحياة ، بعد أن حاول جمهوريو البيت الأبيض وضعَ هذا الكوكبِ على حدِّ سيفٍ دائمٍ ، عصبيٍّ ، مُنذِرٍ في كل لحظةٍ بكوارثَ تفوق بفداحتها ، هيروشيما ، أضعافاً مضاعفةً ( كما حصل في العراق ) ، وبعد أن ضربوا عرضَ الحائطِ بما أنذرَ به العلماءُ الأميركيون أنفسُهم عن الشرورِ المستطيرةِ التي تتهـدّدُ البشرَ بسبب التلوّث وارتفاع درجات الحرارة والاستنفاد الجشعِ للطبيعة ومواردِها ، وبعدَ أن نادَوا بما قبل الداروينية ، ومنعوا تطوّرَ الكيمياء الحيوية ، وأجازوا التعذيبَ والاختطافَ والقتلَ والسجونَ الســرّيّـة ، واستعملوا من الأسلحة ، الـمحرَّمَ ، ومن الرقابة والتنصّت ما لايليق بمجتمعٍ تكوّنَ في الأساس من مهاجرين رفضوا الضيمَ والقهرَ في أوطانهم الأولــى . وربما كانت العودة إلى الكولونيالية الكلاسيكية ( في استعمار العراق مثلاً ) السببَ الأساسَ في هزيمةِ جمهوريي البيت الأبيض المنكَرة .
نقلت صحيفة " الغارديان " البريطانية وصفاً حياً لمتابعة أهالي نيويورك ، المعركةَ الانتخابية ، ولايةً ولايةً ، ومركزاً انتخابياً بعد مركزٍ ، وبخاصّةٍ بعد أن تعلّقَ الأمرُ بولايتين أخيرتينِ هما مونتانا وفرجينيا . كانت الهتافات تتعالى ، وكؤوسُ " التكيلا " المكسيكيةِ تؤخَذُ دُفعةً واحدةً ، وقبل الوقت المألوف للبدء بالشراب . كان " نفحٌ من الثورة " يهبّ على نيويورك ، بتعبير " الغارديان " . المسألة ، إذاً ، هي أكثرُ خطورةً من الاختيار بين حزبَينِ . كان الأميركيون ، يؤكدون حرصَهم على ديموقراطيةٍ كانوا فيها روّاداً ، وتعلُّقَهم بقِـيمٍ في الحرية والتحرر والعدل قدّموا على مذبحها الملايينَ منذ الحرب الأهلية . الشعبُ الأميركي ، المحبُّ للعمل ، المبدعُ ، والكريمُ ، كان يريد أن يتمتع بما حقّقه جهدُه وإبداعُه من وفرةٍ وجمالٍ ، لا أن يرغَمَ إرغاماً على الاعترافِ بالخوفِ هواءً ومتنفَّسـاً ، أو على القبول بسياساتٍ اقتصاديةٍ مكرّسةٍ لمصالح فاحشي الغنى ، حتى صارت الطبقةُ الوسيطةُ ، ذاتُـها ، مهدّدةً ، دعْ عنك الطبقة العاملة ، وشــريحتها الأكثر تعرّضاً للاستغلال ، أعني الأميركيين الســود .
الانتخابات الأخيرة لم تكن نصراً للديمقراطيين ، بقدرِ ما هي هزيمةٌ للجمهوريين . لكنها بالتأكيد نصرٌ مؤزَّرٌ للشعب الأميركي الذي قـال " لا " بأعلى صوتٍ ممكنٍ .
*
" إنهاءُ الحرب في العراق " ، كان التعبير المتواتر استعمالاً لدى زعماء الحزب الديمقراطي .
" نريد بديلاً من الخوف " ...
وفي العراق ، نفسه ، ارتياح .ٌ
لقد صار الناس مطمئنّين إلى أن أيام الاحتلال أمستْ معدودةً .
أمّا الفزعُ فقد كان من نصيبِ مَن مهّدوا للاحتلال ، وتعاونوا معه ، وارتضَوا أن يشغلوا مناصبَ تحت جزمته ، وكانوا أدواتِه في قتل أبناء الشعب العراقيّ وبناته ، وتعذيبهم ، وإهانتهم ، والاستيلاء على ممتلكاتهم ، ومصادرة حريتهم وخبزِ يومهم .
شــرعَ هؤلاء يفرّون من السفينة الغارقة .
ومثل ما حدث في ســايغون ، لن يتكفّل العسكريون الأميركيون بحجز مقاعد لهؤلاء الأوباش في الهليكوبترات ، وطائرات النقل العسكرية ( حتى الضخمة منها ) ، فالجنود العائدون إلى أهلهم أولى بهذه المقاعد .
*
شكراً للشعب الأميركي !
شكراً للشعب الأميركي الذي أعادَ إلى العالَمِ كلِّــه ، الثقةَ بنفسه ، من جديدٍ ...
لندن 14.11.2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف