الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يجري بمحكمة العدل الاوربية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الموقف الفرنسي لم يكن مفاجئا ، بل كان منتظرا
يجري الآن بمحكمة العدل الاوربية بحث الطعن الذي تقدم به محامو الاتحاد الأوربي ، ضد قرار محكمة العدل الدولية الذي نقض وابطل جميع الاتفاقيات التجارية والفلاحية ، واتفاقية الصيد البحري ، بالنسبة لسريان الاتفاقيات على ثروات المناطق الصحراوية المتنازع عليها . وللتذكير فان محامي الاتحاد الأوربي الذي طعن في قرار محكمة العدل الاوربية ، يكون قد ركز في مرافعاته ، على انتفاء الصفة لذا الجبهة في رفع هذه الدعاوى التي تخص الدول . ومن ثم يكون محامي الاتحاد الأوربي قد دعا الى ابطال قرار محكمة العدل الاوربية ، رغم انه حاز على قوة الشيء المقضي به . فالنزاع بخصوص الاتفاقيات المذكورة شمل المرحلة الابتدائية ، وشمل مرحلة الاستئناف ، وكل قرارات المحكمة ، كانت مع ابطال الاتفاقيات التي اعتبرتها غير قانونية ، لأنها تتعلق بثروات أراضي معلقة ، ومتنازع عليها ، إضافة الى التحجج بعدم اعتراف الاتحاد الأوربي بمغربية الصحراء ، وهو النزاع الذي بيد الأمم المتحدة ، ولم تسوى وضعيته القانونية ، طبقا للمشروعية الدولية ، التي تنهي قراراتها دائما بحق تقرير المصير ، والاستفتاء . فقرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة ، واضحة لا غبار عليها .
ورغم ان النزاع قد تم الحسم فيه مرات عديدة من قبل محكمة العدل الاوربية ، فان الاتحاد الأوربي خاصة اسبانيا المتضررة مصالحها ، طعن بدوره في قرارات محكمة العدل الاوربية ، لانتفاء صفة الدولة بالنسبة لجبهة البوليساريو . كما ان الاتحاد الأوربي لا يعترف بالجمهورية الصحراوية التي تم انشاءها من طرف واحد ، وقرارات مجلس الامن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة ، تركز في قراراتها على حل تقرير المصير ، والاستفتاء المعلق حتى الآن . فكيف سيكون الوضع القانوني بالنسبة للجمهورية ، التي تم انشاءها من دون الاستفتاء الذي تركز عليه القرارات الأممية ، وهو ما يعطي الانطباع بان تأسيس الجمهورية الصحراوية ومن جانب واحد ، كان تمردا على المشروعية الدولية التي تنص فقط حل الاستفتاء وتقرير المصير ، دون الإشارة في احد قراراتها ، الى حل الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام المغربي في ابريل 2007 . فالوضع القانوني للجبهة شارد ، ومن ثم فان ابطال محكمة العدل الدولية ، للاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوربي ، وبين النظام المخزني ، يكون قد ساير المشروعية الدولية ،لان ثروات الصحراء التي بيد الأمم المتحدة ، ليست ملكا للنظام المخزني ، كما انها ليست ملكا لجبهة البوليساريو ، وانما هي ملك للأمم المتحدة ، وهذا باعتراف اطراف النزاع انفسهم ، الذين يتناقضون عدة مرات مع المشروعية الدولية . وهنا نفهم لماذا رفض مجلس الامن ، والجمعية العامة ، حل الحكم الذاتي الذي طرحه النظام المخزني السلطاني ، لان لا علاقة لهذا الحل الملوح به من قبل النظام المخزني ، لتفادي السقطة الكبرى التي تنتظره ، عند اجراء الاستفتاء تحت اشراف الأمم المتحدة . كما نفهم في نفس الآن ، عدم اهتمام المنتظم الدولي ، باعتراف الملك محمد السادس بالجمهورية الصحراوية ، رغم انه نشر اعترافه هذا بالجريدة الرسمية للدولة العلوية . فالملك اعترف بالدولة الصحراوية ، واعترف بالحدود الموروثة عن الاستعمار .. ونشر هذا الاعتراف ، عندما اصدر ظهيرا وقع فيه بخط يده ، هذا الاعتراف في الجريدة الرسمية عدد 6539 / يناير 2017 .
فاعتراف محمد السادس بالجمهورية الصحراوية ، لم يشكل إضافة او قيمة مضافة للقرارات التي يصدرها مجلس الامن ، وتصدرها الجمعية ، لان هذا الاعتراف ومن جانب واحد ، كان نوعا من التملص والهروب من الحل الذي يفرضه مجلس الامن ، وتدعو اليه الأمم المتحدة ، والاتحاد الأوربي ، الذي هو الاستفتاء وتقرير المصير ، لان نتيجة هذه العملية ، أي الاستفتاء ، هو من سيحدد الوضع القانوني والسياسي وجنسية الصحراء . فقرارات الأمم المتحدة لا يوجد بها ما يسمى اعترافا بالجمهورية الصحراوية .
انطلاقا من هذه الحقيقة التي لا غبار عليها ، تجاهل مجلس الامن حل الحكم الذاتي ، وتجاهل اعتراف الملك بالجمهورية الصحراوية .. لانهما يتعارضان مع المشروعية الدولية .
ان دعوى الطعن في قرارات محكمة العدل الاوربية ، من قبل الاتحاد الأوربي ، لن تمر مرور الكرام ، بل ان القرار القادم للمحكمة ، لن يخرج عن رفض دعوى الابطال ، ومنها تأكيد الاحكام والقرارات التي سبق للمحكمة ان اتخذتها ، حين ابطلت الاتفاقيات المبرمة بين النظام المخزني ، وبين الاتحاد الأوربي ، بخصوص استثناء ثروات المناطق المتنازع عليها ، لان لا الاتحاد الأوربي اعترف بها ، ولا مجلس الامن او الجمعية العامة اعترفا بها ، أي انّ الاتفاقيات بالنسبة لثروات الصحراء الغربية التي محط نزاع ، تشرف على حله الأمم المتحدة ، خاصة بتركيزها فقط على المشروعية الدولية .
انطلاقا من هذه الحقيقة الساطعة ، فان القرار الذي ستخرج به محكمة العدل الاوربية ، بالنسبة للطعن في قراراتها من قبل الاتحاد الأوربي ، ستكون نتيجتها الحفظ ، لان موضوع طعن محامي الاتحاد الأوربي ، شيطاني ، ولا يرتكز على حجج قانونية كلها في صالح الجبهة .
فكيف يتشبث محامي الاتحاد الأوربي بانتفاء الصفة عند الجبهة ، لرفع مثل هذه الدعاوى ، أي دعوى ابطال قرارات محكمة العدل الاوربية ، في الوقت الذي ركزت الجبهة من خلال محاميها ، على تأكيد مشروعية او عدم مشروعية الاتفاقيات المذكورة . خاصة وان قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة ، واضحة ولا غبار عليها ..
ان رفع الاتحاد الأوربي دعوى ، لإبطال قرارات محكمة العدل الاوربية ، ليس سليما ، وأكاد اشك في مؤامرة لتبرير ذمة الاتحاد إزاء النظام المغربي المخزني ، الذي يتلاعب به كيف شاء واراد . فلا اعتقد ان الاتحاد الأوربي ، وبما له من قانونيين جهابذة ، سيسقط في هذا الفخ ، ليعطي لمحكمته ذريعة مشروعية الاستقلالية ، أي ابطال المحكمة لدعوى طعن الاتحاد الأوربي . وسيما ورغم حيازة قرارات المحكمة السابقة ، لقوة الشيء المقضي به ، قبلت من حيث الشكل دعوى الابطال ، الذي تقدم به محامي الاتحاد ، رغم معرفتهم بالقرار الذي سيُتخذ ، وهو تأكيد ابطال الاتفاقيات المبرمة بين النظام المخزني ، والاتحاد الأوربي ، وهو ما يعني عدم اعتراف الاتحاد الأوربي بمغربية الصحراء . فالحجة لتوسيع معارضة الاتحاد كاتحاد ، او كدول لمغربية الصحراء ، شرعنه قرار محكمة العدل الاوربية ، عندما نص على ابطال الاتفاقيات المذكورة ، بخصوص ثروات المناطق المتنازع عليها .
فكيف نفهم ان الاتحاد الأوربي الذي لا يعترف بمغربية الصحراء ، ويدعو الى حل النزاع من خلال الاستفتاء وتقرير المصير ، وهو من اقدم ومن جهة واحدة ، على عدم تجديد الاتفاقيات عند حلول اجل نهايتها ، مرة متذرعا بالصعوبات التقنية ، ومرة متذرعا بالالتزام بأحكام وقرارات محكمة العدل الاوربية ، التي ابطلت الاتفاقيات المذكورة بالنسبة لثروات الصحراء المتنازع عليها .. سيأتي مجددا ، رغم هذه الحقائق ، ليرفع دعوى ابطال قرارات محكمة العدل الاوربية ، ليؤكد من جهة على حسن النية ، ومن جهة أخرى الاعتراف بعدم مغربية الصحراء ، وانّ الحل الوحيد الأوحد ، لا يخرج عن حل الاستفتاء برعاية واشراف الأمم المتحدة .. فهذا التناقض الصارخ ليس له من تفسير غير الضحك والاستهزاء بالنظام المغربي ، حيث الجميع يجمع على ان استقلال الصحراء عن المغرب ، سيكون حتمية سقوط النظام لوحده كفاكهة متعفنة ..
وما اثار الاستغراب عند بعض فاقدي البصيرة ، الموقف الفرنسي الذي اعتبروه مفاجئا ، ولم يكن منتظرا ، عندما رافع ممثل الجمهورية الفرنسية لصالح قرارات المحكمة السابقة ، في درجتها الابتدائية ، وفي درجة الاستئناف . ففرنسا تكون تنتقم بطريقتها الخاصة من جريمة Pegasus ، لكن فرنسا كما يفهم بيادق المخزن الدبلوماسيين ، لم يسبق ابدا ان كانت مع مغربية الصحراء ، او انها اعترفت بمغربيتها . ففرنسا دولة الفيتو عندما كانت تصوت بمجلس الامن على جميع قراراته ، فهي كانت تصوت على حل الاستفتاء وتقرير المصير . لكن الدور الفرنسي الميكيافيلي ، كان يعطل تنزيل تلك القرارات ، رغم انها صدرت طبقا للمادة السادسة ، وليس السابعة من ميثاق الأمم المتحدة .. فتعطيل تنزيل قرار من القرارات ، لا يعني ان فرنسا التي صوتت بمجلس الامن ، عندما تهدد بالفيتو ، ضد إجراءات تزعج كثيرا النظام المخزني ، هي مع مغربية الصحراء . ففرنسا عندما ارادت تأكيد الموقف المتميز لها ، واستمرارا في الضحك على النظام ، وعلى ناصر بوريطة الذي وقف كالتلميذ النجيب ، امام وزير الخارجية الفرنسي السابق Jean-Yves Le Drian ، فتحت دكانا بمدينة الداخلة ، كان عبارة تمثيلية لحزب الرئيس الفرنسي Emanuel Macron " الى الامام " . ولو كانت فرنسا جادة . لماذا لم تفتح قنصلية لها بالصحراء، وتهربت بفتح دكان عبارة عن حزب Emanuel Macron ، الذي لا يمثل الجمهورية الفرنسية .. والى من يعتبرون فرنسا صديقة لمحمد السادس . كيف يفسرون تفتيش وزير خارجية النظام المخزني " لمْفعْفعْ " ، صلاح الدين مزوار ، رغم انه يحمل جواز ديبلوماسي بصفة وزير .. فتشوا حتى جواربه ، ولو طلبوا منه ان يخلع سرواله ، ما تردد .. والتفتيش كان بمطار Charles De Gaulle ...
ان تدعيم فرنسا في محكمة العدل الاوربية ، لأطروحة جبهة البوليساريو ، لم يكن مفاجئا ، فقط عند الجهلة قصارى النظر . بل ان موقفها داخل المحكمة ، يتماشى مع قرارات مجلس الامن التي تصوت عليها ، ويتماشى مع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة . فدفاع فرنسا عن رفض دعوى النقض التي تقدم بها الاتحاد الأوربي ، وكل شيء كان مسرحية على النظام المخزني الابله والبليد ، سيتبعها مواقف من نفس الطينة عند مناقشة مجلس الامن للقرار المنتظر ، والذي لن يخرج عن الاستفتاء وتقرير المصير ..
فحتى الولايات المتحدة الامريكية ، لم تعترف بمغربية الصحراء ، لان ما قام به Donald Trump ، كان اضحوكة واستهزاء بالنظام المخزني ، ليخرج الى العلن لعلاقاته مع دولة إسرائيل . وأين فتح قنصلية أمريكية بالداخلة . وتبخرت الخمس مليار دولار التي وعد الرئيس Trump منحها للنظام المغربي . فاصبح الموقف الأمريكي البراغماتي ، يناصر حل الاستفتاء وتقري المصير ، ويجهل وجود شيء يسمى بالحكم الذاتي .. بل حتى إسرائيل الميكيافيلية ، خيبت امل محمد السادس مؤخرا ، عندما نشرت خريطة المغرب مفصولة عنه الصحراء ..
للاختصار . القرار المنتظر قريبا من محكمة العدل الاوربية ، سيرفض دعوى الطعن في قرارات المحكمة السابقة ، وسيؤكد حجية هذه القرارات التي تتماشى مع المشروعية الدولية ، واساسها تنظيم الاستفتاء وتقرير المصير .. لان قرارات النقض السابقة ، أصبحت تحوز على قوة الشيء المقضي به ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد