الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اطلالة سريعة على قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -حديث الروح- ج1

محمد المحسن
كاتب

2023 / 10 / 28
الادب والفن


یختلف الشعراء في إحساسهم بالکون أو بأنفسهم وما حولها إختلافاً مبعثه العمق والحدّة في الإدراک والنفوذ إلی بواطنهم وبواطن ما یصوّرونه ونری الشعراء تارة یفيض شعرهم باللذة والفرح،وتارة یفيض بالحزن والألم العمیق.
نری في الأدب العربي شعراء ممن نشدوا أشعاراً لبیان ما في حیاتهم من الألم والشعور بالحرمان طوال عصور مختلفة کما نلاحظ إمرؤ القیس في المجتمع الجاهلي یقول عن همومه:
ولیلٍ کموج البحر أرخی سُدوله علیّ بانواع الهمومِ لیبتلي
فقلتُ له لمّا تمطّی بصلبه وأردف أعجازاَ و ناء بکلکل
ألاأیّها اللیل الطویل ألا انجلي بصبح وما الإصباح منک بامثل
شاعرنا الفذ د-طاهر مشي شاعر يغترف من أوجاعه وأوجاع الناس رثاء عاطفيا منسوجا بصدق الكلمة وجودة الصورة وشجن الإيقاع فهو يكتب بمداد من الدمع الذي يتدفق شلالا من الأسى،فالقصيدة لديه تسبيحة صلاة وترتيلة نغم ورائحة سنبلة وغيمة سَحَر يتنفسها كالصبح إذا تجلى إشراقة مكتملة البهاء ويهدهدها كالصَّبا ريَّانة الرِّواء،إنه الشعر حينما يسري كالغيم رَخاء ويتكلم كالغيث سِقاء ويلقي بكل جماله في هدأة الروح وريب المنون وتعب الحياة..
وفي عدد من قصائد"الطاهر"ثمة وحدة في الصور والقلق والرؤية بإيقاع صوفي حزين.
تابعوا القصيدة التالية..و"لملموا شتاة النبض..في صمود"
حديث الروح
عندما ندرك حقائقنا
ونعلم أن الجراح عميقة
وعميقة جداً،
نستسلم للوجع
ونعاقر الجرح
في صمت مكتض حد الهذيان الصاخب
نلملم شتاة النبض
في صمود
ونسير على الجمر حفاة
أملين أن يغادرنا الوجع
غير أن الدهر يأبى أن يهادن الروح
لتستكين في خشوع
وورع
طاهر مشي
إذا كانت التقنيات الروائية تساعد المبدع علي الاختفاء وراء شخصياته أو رواته لكي لا نستطيع كشف تضاريس آلامه،فإن الشعر بإصراره علي تمثيل الذات الفردية يضاعف مهمة المبدع في التنصل من تورطه العاطفي.ومهما حاول الشاعر أن ينأي بنفسه عن التجارب التي يسجلها في قصائده،إلا أنها تظل تلقي بظلالها علي شخصيته.فالشعر ضدا علي رغبة المبدعين مرآة عاكسة للتجربة الذاتية التي تنفصل عنه لتصبح تجربة موضوعية إنسانية.فإمساك اللحظات الهاربة المنفلتة،وتسجيلها في قصائد تسيل عذوبة ورقة لا يتم إلا لذات تسامت بألمها وتفاعلت معه تفاعلا إيجابيا خلاقا،لتنسحب هذه التجربة علي كل الذوات الأخرى المنفصلة عنها.
لطالما كان الألم مصدرا للشعراء وينبوعا لا ينضب،فقد غصت بيانات الرومانسيين بعبارات الاحتفاء بالألم وتمجيده.
ألم يقل ألفريد دي موسي: ” لا شيء يجعلنا عظماء مثل ألم عظيم ”
وعلي هذا الوتر عزف الشاعر السامق د-طاهر مشي هذه القصيدة الموغلة في الوجع
وفي انتظار اختمار عشب الكلام..أهديه سلة ورد علها تخفّف عنه أحزانه..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا