الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة والعمارة

موفق جواد الطائي

2023 / 10 / 28
السياسة والعلاقات الدولية


السياسه والعماره


المعمار الأكاديمي موفق جواد الطائي

العمارة والسياسة ينتمي احدهما للأخر. السياسة لديها مهمة تطوير وتحسين المجتمع الذي نعيش فيه وكذلك الهندسة المعمارية فهي المساهمة الاكبر في هذ النوع من البناء الاجتماعي. ولذا هناك حاجة إلى سياسة للهندسة المعمارية والعكس صحيح، نسعي هنا لتوضيح ذلك من خلال استقصاء الماضي ودرسه البليغ للحاضر
كان الدرس الأول حينما انتفض اوركاجينو السومري اول ثائر في التاريخ ليغير اداره اور ويبني اول حضاره واستيطان وكذلك في مصر القديمة انتفض الكهنه ضد بناءاهرام الملوك واسسوا المعابد وانتقلت العماره من مجرد كتله صماء للهرم الى بناء ذات فضاء يستوعب البشر وبناء الكعبة لتاسس للحضاره العربيه وبعدها الاسلاميه وبتالي تمصير المدن والعماره كما كان تحول العاصمه من بغداد الى سامراء كانت ذات شان سياسي لاكننا هنا نركز على التاريخ الحديث لتاثيره المباشر عل حاضرنا وهويتنا العراقيه كما يوكد على ذلك علماء الاجتماع ومنهم الدكتور علي الوردي


مفهوم كلمة "السياسة باللغة العربية"
مفهوم كلمة "السياسة باللغة العربية" معقد لأن الكلمة "باللغة العربية" تأتي من الفعل العربي ساس ، كما هو محدد في قاموس لسان العرب ، والسياسة هي فعل من تدريب الحصان ، يقال: إذا قام عامل الخيول بتدريب وقياده الخيول برضاهم وفي النهاية تمكن من قيادتهم فهذه هي السياسة
هذا التعريف بالطبع مربك. فالعلاقة المشار إليها بالكلمة هي في المقام الأول علاقة بين الإنسان والحيوان ، والعمل السياسي في مفهوم الكلمة العربية يعكس هذه العلاقة المعقدة ، حيث تكون العلاقة هي توجيه الناس في اتجاه معين من قبل النخبة السياسية ، وهذا يدل على أن مجال المفهوم السياسي ينتمي إلى مجال العلاقات الإنسانية والقيادة.
العمارة هي فن وعلم تصميم وتخطيط وبناء المباني والمرافق لتغطية الاحتياجات المادية أو العاطفية للإنسان. ثمة تعريف مكمل للعمارة بأنها فعل إنشاء مساحات وفضاءات محددة مخصصة لاحتضان وظائف وأنشطة البشرية وفق التنوع الاجتماعي. لذا فالهندسة المعمارية والسياسة متشابكة مع بعضها البعض حيث يخدم كلاهما الاحتياجات الإنسانية الأساسية ومنتج من جدليات الحياة الذاتية والموضوعية.
تعرف القواميس الأجنبية السياسة على انها الحكمة العملية وإظهار القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة وهناك من يقارنها بالتحليل الارسطي للمعرفة وهي من يحصل على ماذا ومتى وكيف ولعلها هي اس السياسة والمعرفة و تشمل مجالات الفلسفة السياسية التي تسعى . شيء معين ، ويبدو أن هذا الشيء الأكثر عقلانية لذا فالسياسة هي الإجراءات أو الأنشطة المتعلقة بتحقيق القوة واستخدامها في بلد أو مجتمع وهي بذلك الطرق التي تحكم بها البلدان .ان المباني هي تعبير واضح لهذه المهام وكما قال شيرشل رئيس وزراء بريطانيا (نحن نبني مبانينا ومبانينا تبنينا )
المنهجية
الدراسات في العمارة المعاصرة العراقية تركز على الحواس والشعور بالمكان بدلاً من النهج الوصفي الذي يركز على الشكل المعماري بالكلمات. هذه الدراسات تسعى لفهم البنية العميقة للعمارة( كحدث) وتأثيره على الإنسان، حيث يُفترض أن الهيكل الأساسي للمكان يمكن فهمه بواسطة الحواس والعقل والخيال والحدس. يشير الباحثون إلى أن البنية الاجتماعية والتاريخية والاقتصادية تؤثر في تصميم الأماكن وتحدد رؤية الإنسان للعالم وخطابه الحضاري الذي يعني بشكل أساسي في السياسة، وفي سعيهم لتحقيق هذا الفهم العميق بين العمارة والسياسة ، تم اعتماد ثلاثة مستويات من المنهجية
الهندسة المعمارية كسياسة وتسجيل للأحداث الاجتماعية والتاريخية:1 يتمثل هذا المستوى في اختبار كيفية تأثير الأحداث الاجتماعية والتاريخية على العمارة. يعتبر هذا النهج وسيلة لفهم كيفية تشكيل الأحداث السياسية الهندسة المعمارية
2الرمزية السياسية للهندسة المعمارية يرتبط هذا المستوى بالرموزالحدثيه و الثقافية التي تمثل سلطة الدولة واتجاهاتها السياسية. يتمثل في تحليل العمارة كرمز للسلطة والهوية الوطنية 3لعلاقة بين السياسة والهندسة المعمارية يتناول هذا المستوى التوجهات السياسية والأيديولوجية للسلطة وكيفية تأثيرها على العمارة. يدرس كيفية تغيير النمط المعماري مع تغير السلطة، وكيفية تعبير العمارة عن هذه التوجهات والقيم السياسية. هذه المنهجية تشير إلى أهمية دراسة العمارة كعملية تتأثر بالعوامل الاجتماعية والسياسية والثقافية، وكيفية فهم هذه العوامل يمكن أن يساهم في فهم أعمق للمكان والبنية الحضرية وتأثيرها على المجتمعات والأفراد.

الأقطاع العسكري والفئوية الدينية (الطائفية)

في بدايات عصر التنوير في العراق، نجمت تغييرات سياسية واقتصادية بسبب تدهور الإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر.
رجال التعليم النخبة دعوا إلى إصلاحات تنظيمية تشمل المجالات الإدارية والعسكرية لإنقاذ الإمبراطورية. لذلك تم إصدار مرسوم السلطان محمود الثاني لتنفيذ هذه الإصلاحات وبسببها ومن اجل إيجاد سلطة الدولة تم بناء معسكرات محصنة لاستضافة الجيش والموظفين. تم إنشاء مباني إدارية في مختلف المدن. تطورت العمارة لتعكس القوة والأمان والإدارة الرشيدة.
تشكل مجلس الدولة والمجلس العام للإدارة المحلية. وتم وضع العديد من القوانين لإصلاح الحياة اليومية وتعزيز الإنتاج المحلي. كما تم تنظيم القبائل بطرق مختلفة، وتم بناء قلاع ومضايف لتعزيز السلطة والأمن فكانت عماره القلاع.
أثرت الأساليب الأوروبية على العمارة العثمانية والعراقية. تفاقمت الأوضاع في العراق بسبب المجاعات والأمراض والانتفاضات القبلية. فكانت هناك محاولات للسيطرة على القبائل بطرق مختلفة، وتم تغيير دور الشيوخ. تدهورت بعد ذلك الزراعة بسبب تأجير الأراضي وتدهور نظام الري والضرائب المرتفعة. تدنى مستوى الأمن ومستوى الحياة. لذلك نرا التدهور في المباني علي اثر تدهور الاقتصاد لكن بعد ذلك جاء ولات مصلحين شهدت العماره والمدن انتعاش كبير وكان ذلك علي عهد الوالي مدحت باشا
حكم الوالي مدحت باشا في بغداد خلال الفترة من 1869 إلى 1872 وكان يُعتبر واحدًا من أبرز حكام الإمبراطورية العثمانية في العراق. كان لديه مهارات إدارية وقدرات رائعة وروح إصلاحية، وعمل على تحديث العراق وجعله يوائم متطلبات العالم الأوروبي. نجح في تنفيذ برامج إصلاحية تهدف إلى تحسين ورفاهية ولاية بغداد، بدءًا من تحسين البنية التحتية للمدن بما في ذلك الطرق والنقل والإضاءة والأسواق. أيضًا، قام بإقرار قوانين تخدم الاقتصاد والمجتمع، وقاد برامج لتنمية البنية الحضرية. تطور العراق اقتصاديًا كدولة زراعية ناجحة وأصبحت المدن العراقية مراكز مشهورة عالميًا. ومع ذلك، انقطع هذا التطور بعد إقالته من منصبه. خلال تلك الفترة، كان هناك تأثير واضح للتدين والطائفية على الهندسة المعمارية، حيث ظهرت ملامح فنية مميزة للمباني الدينية والمساجد تعكس الطبائع الدينية والقبلية المتنوعة في العراق. تراوحت العمارة العراقية بين النماذج المختلفة بسبب التسامح الديني والتنوع الثقافي في الدولة.

من الثيوقراطية إلى الاستبداد

العمارة الحديثة تعني كل التطور المعماري الذي حدث بعد الثورة الصناعية التي أدت إلى عصر الصناعة عصر المكننة ، لم يختبر العراق الثورة الصناعية أو عصر الماكينة ولكنه تطور بطريقة مختلفة إلى حد ما ، حيث أننا دخلنا العصر الحديث عبر التنمية الاقتصادية ومن خلال توسيع التجارة داخل الإمبراطورية العثمانية وخارجها في نهاية القرن التاسع عشر والتي أدت إلى التغيير السياسي الذي ربطت فيه الإمبراطورية بأكملها بالعالم الخارجي وألمانيا بشكل رئيسي ، حيث بدأت الإمبراطورية في إنشاء روابط النقل التجاري الدولي عبر القطارات والقوارب. حيث تحتاج التجارة الى البنية التحتية من طرق وجسور ومباني لتامين الحركة التبادلية الاقتصادية وخصوصا إدخال المواصلات ومبانيها من محطات ومواني ومخازن وورش بمقياس معماري غير معهود التي كانت السمة المعمارية المعاصرة. خلقت الاصلاحات المبكرة في الإمبراطورية العثمانية و التي يقودها السلطان وفق الحاجة إلى تنظيم قوانين على ضوء ومرجعيه القوانين الأوروبية ، ولم تعد أوامر السلطان هي القياس ، فقد تم وضع الدستور في عام 1879 على أساس النمط الأوروبي لجميع الإمبراطورية التي حلت محل رجال الإداريين المختارين من السلطان ، تحول الهيكل الكامل لحكومة الإمبراطورية العثمانية من الاستبداد إلى شكل من أشكال الإمبريالية الاستبدادية التي لا ترتبط مباشرة بسلطة السلطان الذي كان آنذاك رئيسًا لكل من الدين والحكومة ، وحدث تغيير جذري في الإمبراطورية العثمانية وذلك بعد الإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني وحل محله مجموعة ليبرالية من الضباط العسكريين برئاسة كمال أتاتورك ، أدى هذا إلى ظهور نوع جديد من المباني الغير دينيه او دفاعيه و في جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية إلى جانب المدارس الدينية والمساجد ومحطات السكك الحديدية في المستشفيات مكاتب البريد مكاتب بريد ثكنات الجيش الفنادق والسفارات ، حيث شيدت في جميع أنحاء الإمبراطورية من قبل كادر مهني وهم يعرفون من خلال مبانيهم على أنهم مختلفون عن (هيئات الأوقاف) من سلطات البناء الديني ، فاعتمدوا شكلاً من أشكال النمط الألماني الكلاسيكي الرومانسي والكلاسيكي وهذا يقف بالضد من الأسلوب الديني البيزنطي الكلاسيكي المتأخر السائد ، هذا الاتجاه الجديد يعبر عن الطلاق من النمط الديني القديم وأسلوب البناء والسعي لأسلوب جديد دولي بسبب العلاقة السياسية الخاصة بين تركيا وألمانيا اختار الكادر المعماري النمط الألماني ، وردد هذا الاتجاه في جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية لذلك كان العراق جزءا من هذا التغيير في الاتجاه المعماري ، كما يمكننا أن نرى في جميع العمارة العثمانية في أواخر العراق باستثناء دور الولاة التي حافظت على الصحن البغدادي والبناء العراقي الذي عد في حينه بناء متميز من فن العمارة الأوروبي الانتقائي . لتامين الحركة التجارية في بغداد تم إنشاء مركز شيدت مباني تجاريه بالقرب من النهر تقوم السفن بتفريغ منتجها المستورد ، وقد تم بناء طريق المستنصر (شارع النهر الحالي ) لتلبية حاجه التبادلات التجارية الجديدة مع المتاجر مخازن (الخانات) في مباني تقليديه بصحن مفتوح مثل خان دلة الكبير وخان دلة الصغير وخان الباش الكبير الصغير وعيرها وتحولت خان مرجان و المدرسة المستنصرية الى مخاز الجمرك ، وانشأت عشرة أسواق متخصصة ، وفي الطرف المقابل من الشارع ، قامت شركة التصدير البريطانية "بيتلنج" ببناء مكتب ضخم للإدارة ومتجر كبير على طول النهر وشيدت الدول. فكان أول اتصال لبغداد بالعالم الخارجي كان من خلال البعثات الدبلوماسية التي افتتحت في بغداد. فيه الأولى كانت البعثة الدبلوماسية الألمانية والفرنسية في عام 1796 ، في وقت لاحق من عام 1798 ، البعثة الدبلوماسية البريطانية ، أصبح العراق محط اهتمام العالم الخارجي وطموحاته. مما أدى إلى إنشاء خط سكة حديد من برلين إلى بغداد وكذلك اسس نظام شحن متقدم من بغداد إلى جميع أنحاء العالم ، يعبر هذا عن مدى اهتمام هذه البلدان بسوق العراق المربحة والأساليب الدولية والتقليدية حيث يخدم كل منهم وظيفته الاقتصادية والسياسية في نفس المكان. في النهاية تم إنشاء مركز تجاري جديد بالقرب من المركز الإداري والثقافي في الميدان. يمثل كل مركز قطب تنموي اخر يكمل كل منهما الآخر ، بينما تشكل أسواق المصبغة والمستنصرية والسراي الرابط الذي يربط القطبين التنمويين التجاريين شارع النهر والميدان . هذه العلاقات الاقتصادية السياسية ادت إلى ظهور العمارة العراقية المعاصرة، وقد عبرت بنية هذه الفترة عن التناقض الموجود داخل المؤسسة بين الثيوقراطية والحياة الجديدة الجديدة الحياة التجارية الدولية. حاول القادة العسكريون للإمبراطورية العثمانية المقيمون الذين كانوا يستعدون للحرب العالمية الأولى تهيئه بغداد لتسيل مهمه تحريك الجيش في بغداد , في ذلك الوقت لم يكن لهم أي طريق إلا شارع المستنصر ، ولم يكن بالسعة الكافية لتحريك المعدات العسكرية عبر المدينة من خلاله وخاصة بين البوابات الرئيسية للمدينة ،فأنشاء القائد والوالي في حينها خليل باشا بفتح شارع جديد بين باب المعظم شمال بغداد الباب الشرقي جنوب بغداد من أجل السماح لحركة الجيش ، تم تسمية الطريق الجديد باسم شارع خليل باشا باسم الحاكم العسكري ( شارع الرشيد الحالي) بنائا على طلب المستشار الالماني كولمار فون دير غولتز ، وهذا يدل على درجة تورط وتأثير الألمان في الحياة التركية على الخلاف من شارع المستنصر الذي نما بشكل عضوي من متطلبات المدينة التجارية جاء شارع خليل باشا بشكل قصري على المدينة ليشق النسيج الحضري ولغرض عسكري صرف
عصر الحداثة
شهد العراق تطورًا معماريًا بدأ بعد الثورة الصناعية، على الرغم من عدم تجربة العراق للثورة الصناعية بشكل مباشر. تطور العراق من خلال التنمية الاقتصادية وتوسيع التجارة الدولية في الإمبراطورية العثمانية وخارجها في القرن التاسع عشر. تسببت هذه التغيرات في ربط الإمبراطورية العثمانية بالعالم الخارجي، خاصة مع ألمانيا، وبدأت الإمبراطورية في بناء روابط النقل التجاري الدولي.
حدثت إصلاحات في الإمبراطورية العثمانية بسبب التأثيرات الأوروبية، وتم وضع دستور في عام 1879 استنادًا إلى النمط الأوروبي، مما أدى إلى التحول من الاستبداد الصرف إلى هيكل استبدادي ذو صبغة إمبراطورية، عندها تم تشكيل حكومة ليبرالية برئاسة كمال أتاتورك بعد إطاحة السلطان عبد الحميد الثاني,شهدت العمارة تغييرات كبيرة، حيث أدت العلاقات الاقتصادية والسياسية بين تركيا وألمانيا إلى تأثير النمط الألماني على العمارة العثمانية، بينما حافظت دور الولايات على الهوية البغدادية الأصلية.
تم بناء بنية تحتية حديثة للحركة التجارية في بغداد، حيث تم إنشاء مركز تجاري جديد بالقرب من النهر، وتم تطوير الشوارع والأسواق والمباني لتلبية احتياجات التجارة والنقل. كما تم فتح شارع خليل باشا، المعروف الآن بشارع الرشيد، لتسهيل حركة الجيش والمعدات العسكرية.
تجسد هذه الفترة من التطور المعماري التناقضات داخل المجتمع العراقي بين الثيوقراطية والحياة الجديدة والتجارة الدولية، وأظهرت التأثير البارز للعلاقات الدولية والتحولات السياسية على الهوية المعمارية والحضرية للمدينة



الاستعمار والوطنية
في فترة ما قبل الاستعمار، كان العراق جزءًا من الإمبراطورية العثمانية وكان يعرف باسم "بلاد ما بين النهرين". تأثرت العمارة في هذه الفترة بالعصور السابقة مثل الحضارة العباسية والألخانية والجلائرية والعثمانية. رغم التناقض بين الاستعمار والوطنية، إلا أن كلاهما ساهم في تشكيل هوية العراق والعمارة العراقية المعاصرة.
بدأ الاستعمار البريطاني للعراق في عام 1914، حيث وعد البريطانيون العرب بالاستقلال إذا ساعدوهم في التخلص من العثمانيين، ولكنهم لم يفي بوعدهم واستمروا في استعمار العراق. قاد العراقيون ثورة عام 1920 ضد البريطانيين، لكن الأخيرين نجحوا في إخمادها وأسسوا حكومة وطنية في العراق تحت إشرافهم.
أثناء فتره الانتداب الاستعماري، قام البريطانيون ببناء بنية تحتية واجتماعية للعراق، بما في ذلك المطارات والجامعات والمستشفيات ومحطات القطارات والموانئ والمصانع، وكلها تحت إشراف مهندسين معماريين إنجليز. تم تصميم هذه المرافق بأسلوب استعماري كلاسيكي بريطاني
تأثرت العمارة العراقية بالأساليب الاستعمارية والمحلية، حيث كان هناك تزامن بين التقاليد العراقية والمفاهيم الاستعمارية في تصميم المباني. تمثلت هذه الفترة في بناء دولة العراق وتعزيز الهوية الوطنية للبلاد.
قبل الثورة العراقية في عام 1920، كان العراق مجرد بلد عسكري تحت حكم العثمانيين والطوائف والقبائل. بعد الثورة، أمكن للعراق بناء هويته الوطنية من خلال تعليم العراقيين وتأسيس جامعة حديثة (جامعة آل البيت) لتوحيد البلاد وتعزيز الفكر العالمي الحديث. تم تصميم الجامعة بواسطة المهندس المعماري الإنجليزي ويلسون، وقد تم تطويرها لتكون مركزًا حضريًا متقدمًا ورمزًا للتقدم والهوية الوطنية للعراق.

في الفترة بين الحرب العالمية الأولى والثانية، اوجد الاستعمار البريطاني في العراق مواقع عمرانية وبنية تحتية ضخمة، وهو ما أثّر في الهوية المعمارية والحضرية للبلاد. بدأ البريطانيون بإنشاء مشاريع ضخمة مثل المطارات والجامعات والمستشفيات والمحطات والموانئ. كانت هذه المشاريع برمتها تحمل بصمة الطراز الاستعماري البريطاني الكلاسيكي.
تحت حكم البريطانيين، تم بناء الجامعة الوطنية للعراق (جامعة آل البيت) ومكان إقامة الملك الذي اختاروه على ضفاف نهر دجلة. هذه المشاريع تضمنت استخدام النمط الكلاسيكي البريطاني في التصميم والتفاصيل، وتأكيد الهوية الملكية والسيادية.
في هذه الفترة، بدأ دور المرأة يتغير، حيث تم إنشاء كليات جديدة للبنات لتشجيع التعليم بين النساء وتوفير قوة عمل متخصصة. تم تطبيق تقنيات بناء حديثة جديدة، مما أدى إلى سرعة البناء وتحقيق التطور في البنية التحتية الاجتماعية، علاوة على ذلك، تم تحديث تصاميم المدن بما يتناسب مع المتطلبات الاستعمارية. تم تطبيق قوانين الاستيطان التي فرقت بين السكان الحضريين والريفيين. وقد رسم الحد الفاصل بينهم وضع ويلسون في تصميم بغداد، حيث وضع نظام طرق لوجستي يفصل بين الريف والمدينة، مما أثر في هيكل المدينة بشكلها الحالي.
وبهذه الطريقة، ساهمت الاستعمار والوطنية معًا في تشكيل الهوية المعمارية والحضرية للعراق، حيث أصبحت البلاد تجمع بين الأصالة والحداثة في تصاميمها وبنيتها التحتية.

ي عام 1936، استدعي المخطط الألماني جوزيف بريك لتصميم مدينة بغداد الحديثة وجعلها عاصمة جديدة للعراق. تضمنت خطط المدينة المركزية الحالية زيادة قدرتها الاستيعابية لنصف مليون شخص مع وجود جميع وسائل الراحة. قام المهندسون المعماريون البريطانيون، الذين استمروا في العمل مع الحكومة الوطنية بعد انتهاء فترة الانتداب في عام 1930، بتصميم مباني حكومية ومطارات ومحطات سكك حديد ومستشفيات وأحياء جديدة وجسور وحدائق عامة وأسواق ومع ذلك، تم إهمال الريف، حيث تعيش أغلبية الشعب العراقي. هذا أدى إلى هجرة كبيرة من الريف إلى المدينة ونشوء مستوطنات عشوائية حول محطات السكك الحديدية وثكنات الجيش بسبب وجود فرص عمل.
توقفت جميع أنشطة البناء خلال الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1941 حدث انقلاب عسكري قاده رئيس الوزراء حينها رشيد عالي الكيلاني ضد الحكومة المدعومة من بريطانيا. قاد ذلك إلى تبني نمط معماري أوروبي بدلاً من النمط الإنجليزي، وذلك بسبب ميول الكيلاني نحو النازية الألمانية. بعد سرعان ما تم إخماد الثورة وعادت الحكومة الموالية لبريطانيا إلى الحكم، وحدث تباين في الأنماط المعمارية نتيجة لتلك التغيرات. ظهرت الأنماط البريطانية الكلاسيكية الانتقائية والطراز الفرنسي الكلاسيكي والفرنسي الحديث (أرت ديكو) في المنازل والمباني.

العمارة العراقية الدولية والعلاقات الأممية في العراق
العمارة العراقية الدولية ليست مجرد فكرة معمارية ذاتية، بل هي حقيقة موضوعية ناتجة عن الموقع الجغرافي اللوجستي للعراق الذي جعله مركز اهتمام دولي اقتصادي وسياسي. بدايةً من بداية الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح العراق ميدان المعركة في هذه الحرب، نظرًا لموقعه اللوجستي القريب من الاتحاد السوفييتي وثرواته الطبيعية، وخاصة احتياطاته الكبيرة من النفط في المنطقة. كان الشرق والغرب يتنافسان للسيطرة على العراق سياسيًا، وقد حددت القوى الغربية ما يُعرف بحلف بغداد، مستوحى من حلف الناتو، وأدرجت العراق في إعلان إيزنهاور الشهير، وأضافته إلى خطة مارشال البند الرابع التي تهدف إلى دعم الدول التي تتعاون مع الولايات المتحدة، وهذا يمثل أهمية استراتيجية للعراق.
تحول التخطيط الحضري إلى أداة لسياسة الحرب الباردة، حيث كان تصميم المدن وتخطيطها يُعَدّ وسيلة للاستعمار الثقافي، وهو أمر أُولِم أكثر أهمية من الاستعمار السياسي الجديد. رغم المعارضة من قبل السياسيين الوطنيين والشعراء والفنانين والمهندسين المعماريين العراقيين، الذين رأوا فيه نموذجًا للعالمية وليس استعمارًا جديدًا، تم تعزيز هذا المفهوم من قبل المثقفين لرفض الشمولية للاتحاد السوفييتي خلال عهد ستالين ومدرسة البنية المتكاملة (الكونستركتفيزم).
استمرت العمارة العراقية في العصر الحديث، مع وصول المهندسين المعماريين العراقيين الذين درسوا في الغرب، حيث أصبحوا رواد الهندسة المعمارية في العراق، وتمثلت الهوية المعمارية الوطنية للعراق في العمارة العالمية.
تميز فرانك لويد رايت، الرائد في الهندسة المعمارية الحديثة، بتصاميمه لبغداد، حيث قام برؤية أسطورية حول المدينة، ووصفها بـ "حديقة عدن". قام بتصميم مجمع ثقافي وتعليمي وسياحي ضخم، يتضمن متحفًا ودار أوبرا وسوقًا وجامعة، وحدائق سياحية، وكل ذلك لتجسيد مفهوم الجنة. رغم عدم تنفيذ هذا المشروع، إلا أنه يُظهر أهمية بغداد الاقتصادية والثقافية والسياحية ومركزيتها الجغرافية.
واستمرت العمارة العراقية الدولية في الازدهار مع مشاريع كبيرة مثل سفارة الولايات المتحدة التي صممها المهندس المعماري الإسباني خوسيه لويس سيرت، ووزارة التخطيط التي صممها المهندس الإيطالي جيو بونتي، وجامعة بغداد التي صممها المهندس المعماري الألماني فالتر غروبيوس، والاستاد الأولمبي المغلق الذي صممه المهندس الفرنسي ليكوبوزيه، وبنك الرافدين الذي صممه المهندس الإنجليزي هيرست. كل هذه المشاريع كانت تمثل روح العمارة العالمية وكانت تعبيراً عن الهوية الوطنية والرؤية المستقبلية للعراق.
بعدهذا الزخم الذي أخذته العمارة العراقية الدولية في العصر الحديث رحلة من التحديات والتغيرات، مما أدى إلى إثراء المشهد المعماري العراقي وإظهاره للعالم بأكمله. هذه المشاريع والتصاميم تعكس التزام العراق بالتطور والعالمية، مما يجعلها جزءًا لامعًا من تاريخ العمارة العالمية.

14 تموز ثورة وطنية وعالميه
في 14 يوليو، يحتفل العراق وفرنسا بيومهم الوطني، حيث شهدت كلتا الثورتين الوطنيتين في هذا اليوم. وقبل الثورة، كان هناك نشاط كبير في مجال الأدب والفنون والعلوم في كلا الدولتين، وكانت الثورة الثقافية مسبقة للثورة السياسية
تركزت الثورة العراقية على تطوير المدن وتخطيطها بما يتناسب مع الاحتياجات الاقتصادية والسياسية والمعمارية. تم استدعاء مهندسين معماريين من الخارج، مثل كونستانتينوس دوكيادس والمهندس المصري حسن فتحي، لتصميم مستوطنات للطبقة العاملة والفلاحين. تم تعديل القوانين الاقتصادية والاجتماعية لدمج الفلاحين في الحضر وزيادة فرص التنمية. تم تحويل القرى الكبيرة إلى مدن والقرى الصغيرة إلى قرى كبيرة لتنفيذ برامج الإسكان والبنية التحتية وفي هذه الفترة، دُعي المثقفون والخبراء من الخارج للمساهمة في بناء العراق الجديد. أسس الدكتور عبد الجبار عبد الله جامعة بغداد، وتأسست أول مدرسة للهندسة المعمارية في العراق بجهود المهندسين المعماريين العراقيين والخبراء الدوليين توقف هذا التطور بعد الانقلاب الدموي عام 1963، ولم يحدث أي تقدم حقيقي بعد هذا التاريخ. ومع ذلك، في بداية السبعينيات، جلب التسامح السياسي بعض الخبراء والمخططين الدوليين للمشاركة في مشاريع مهمة، مما ساهم في تقديم التصاميم والمنهجيات الدولية للعمارة في العراق
مؤتمر حركة عدم الانحياز وصعود الديكتاتورية
قدم العراق طلبًا لاستضافة المؤتمر العالمي لدول عدم الانحياز. صدام حسين، الذي كان يسعى لترسيخ سلطته الجديدة، كان يواجه صعوبة في الحصول على تعاون دولي. تم اختيار المهندس المعماري رفعت الجادرجي، الذي كان في السجن ومحكومًا بالإعدام، لتحديث بغداد وتعيينه مستشارًا لأمين بغداد. تحدث صدام عن رغبته في استخدام الدين لتعزيز حكمه وأطلب تصميم جامع دولة كبير من قائمة مختصرة لمهندسين معماريين عالميين، وقدموا تصاميم تمثل الوظيفة الدينية والوطنية لكن لم يتم تنفيذ المشروع بسبب الظروف السياسية والحروب العديدة التي تلات، بما في ذلك حرب الخليج الأولى. أثرت هذه الحروب على البنية التحتية وأدت إلى توقف المشاريع وركزت الحكومة على الأمور العسكرية بدلاً من التنمية المعمارية. البناء الذي تم تنفيذه أصبح عبثيًا ولا يتناسب مع التراث المعماري، وتميز بتفكيك الأشكال والأفكار، مما أثر سلبًا على الهوية المعمارية للعراق خلال هذه الفترة.

مابعد الغزو عام 2003 واسقاطاته
منذ الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 وحتى الآن، تأثرت الهندسة المعمارية في العراق بالفساد والرشوة. تعثر التطوير المعماري بسبب التداول غير المشروع للمشاريع والتلاعب بالتصاميم لأغراض شخصية. الحكومة الفاسدة أثرت سلبًا على تقدم العراق في مجال الهندسة المعمارية. العراق كان لديه تاريخ ثري في الهندسة المعمارية، ولكن الفساد والحروب أثرت سلبًا على تطورها. الإرادة السياسية والشفافية تعدان السبيل لإحداث تغيير إيجابي وللمساهمة في إعادة بناء العراق الحر
العمارة الحالية هي دون شك نتاج نظام المحاصصة واقتصاد الظل الطفيلي الذي لابد ان ينتج عماره رديئة مع بعض الاستثناءات فالنشاط الأكبر في عملية الانشاء يعتمد التمويل من تبيض الأموال التي تهدف الربح بالبناء الساذج المهين لتاريخ العمارة وهو يتراوح بين الكلاسيكية الأوربية الهزيلة الى الشعبوية الإسلامية التي تتدعي زورا التراث .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة