الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية أصبحت خردة

محمد العرجوني
كاتب

(Mohammed El Arjouni)

2023 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن من يقررون في مواصلة الحياة على كوكب الأرض، هم أولئك الدهاة الأشرار الذين يخططون لكل الإستراتيجيات ويتحكمون في الجيوسياسة التي تزرع الفتن لتعيد رسم الحدود بين البلدان على مقاسهم، جعلوا من آلة الديمقراطية، "خردة" يوزعونها على الفقراء في مجالها السياسي المحلي، ماداموا يتحكمون في ما هو أهم: المال، من خلال تحكمهم في خيرات البلدان وفي بنوكهم...
ومن أجل ذلك، منذ ما سمي بعصر الأنوار، وسمي هكذا لأنهم تفطنوا باكرا لضرورة امتلاك الطاقة بجميع أنواعها بدءا بالفحم الحجري إلى ما يسمونه بالطاقة الشمسية والطاقة الخضراء مرورا بكل ما هو بترول وغاز ومراكز ذرية. ومن أجل كل هذا كان ولا بد من خلق بلاغة قانونية غلفوها بالكونية، بلاغة في الخطاب لدغدغة أحاسيس الإنسان أينما كان، للاستحواذ على عاطفته وتعطيل عقله والتحكم فيه كقطيع لا يبعبع إلا حينما يريدون، ولا يأكل إلا ما يريدون، ولا ينام إلا حيثما يريدون. وللتحكم أيضا راحوا يطورون ماكينة الديمقراطية والانتخابات والتداول على التحكم في شعوبهم بصفعات يمينية ويسارية، تفقد الشعوب توازنهم وتركيزهم، فترى القطيع مرة يجري نحو اليمين ومرة نحو اليسار تحت نباح بل وحتى عضات كلابهم التي تسوق القطيع نحو ما يريدون: منهم من يساق نحو الحظيرة ومنهم من يساق نحو الهاوية ومنهم من يساق نحو المجزرة الخ...
أما بالنسبة للشعوب الأخرى فقد جعلوا على رؤوسهم ذئابا تفترس متى تريد من قطيعها لتخدم مصالحهم. فكما تسوق لهم جميع "الخردات" من سيارات وأكل ودواء، فإنها تسوق لهم "خردات" القوانين مما أسموها بمواثيق دولية لحقوق الإنسان وبطبيعة الحال " خردة " الديمقراطية هي المفتاح السحري. ديمقراطية لا تتعدى السباب والشتائم بين المتناحرين داخل قبب وخممة، مادام من وصل إلى سدة الحكم لن يغير في اقتصاد ومالية بلده أي شيء، وإنما سوف يجد، ولو كان صادقا، نفسه وسط لوبي مدرب على خدمة أسياده الذين يقررون في الحياة على كوكب الأرض...
هكذا هي خردة الديمقراطية التي لا تسمح في التحكم في المال والتكنولوجيا. إنها "خردة"، عبارة عن عباءة تآكل نسيجها المصنوع منذ آلاف السنين، حينما كانت تعتمد على البلاغة في الخطاب السياسي للتأثير على الاقتصادي...أما الآن مع التحكم في ما هو اقتصادي ومالي من خلال الضغط على زر فقط، من قبل لوبي مالي عالمي، يشعل الحروب متى أراد ويطفئها كما أراد، فتلك البلاغة نفسها غابت، وعوضها كلام زِقاقي و زُقاقي بين "ممثلي" الشعوب.
ونتيجة لذلك كله، ها نحن نتابع تغول هؤلاء الذين أنتجتهم الحداثة فأصبحوا كالآلات لا حس لهم، همهم ابتلاع الجميع من أجل نزواتهم. فانفضح أمرهم أكثر مع ما برهنوا عليه من وحشية اتجاه الفلسطينيين، فسفكوا دماء الأطفال والشيوخ والمرضى وهم يدكون غزة من السماء، لأن سماءهم مليئة بطيور حديدية وفلاذية تنفث النار، أما سماءنا فمازالت في انتظار طير الأبابيل...
**********








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لخردة هي الثوريات والايديولوجيات التعصبية
د. لبيب سلطان ( 2023 / 10 / 28 - 19:34 )
اهم ما علمته الحضارة للشعوب هو تقبل الاخر والتعايش معه وانهاء قوانين الالغاء والتصفيات التي تقول بها الايديولوجيات للمعارضين وجعل التحضر والتطور وكسب الرأي العام سلاحا لتحقيق برامجك التي تظهر للناس كيف انها ستحسن حياتهم ومعيشتهم وتعليم اولادهم وكيفية وضع الحلول لمشاكلهم الاجتماعية وبمشاركتهم ..هذه امورا حضارية ندعوها الممارسة الديمقراطية تشكل جوهر التحضر واذا رفضها المتأدلجون فهي لتخلفهم وادواتهم في فرض الايديولوجيات بقوة القمع والتصفية والرفض المطلق للاخر ولحرية الرأي ومنه يهاجمونها
اثبت الواقع عكسه ..ان الخردة هي الثوريات الفارغات ..
والخردة هم من يروج للسلفيات .. ويحرض ضد السلم والتحضر وتقبل الاخر وفن الحياة مع الاخرين والتعايش وتعلم فن التنمية وفن تطوير الاقتصاد وفن ادارة المصالح .. الايديولوجيات لاتعرف غير التجييش بالشعارات والغاء الاخر ..ومنها تلفظها الحياة ومنها اصبحت خردة ودعاتها خردوات.
ه

اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو