الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخاطر العالمية تهدد البقاء

ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)

2023 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


لقد أنذرت السنوات الأولى من هذا العقد بفترة تفكك وانشقاق لم تكن منتظرة فى التاريخ الإنسانى، إذ سرعان ما تصدعت العودة إلى "وضع طبيعى جديد" بعد وباء كوفيد-19 بنشوب الحرب الأوكرانية، التى جلبت سلسلة من الأزمات فى الطاقة والغذاء فأيقظت مشكلات تحتاج إلى عقود من التقدم لحلها.
فمع بداية عام 2023 يواجه العالم مجموعة من المخاطر التى تبدو إما جديدة تماماً أو مألوفة على نحو مفزع. فلقد عادت مخاطر قديمة عركها العالم من قبل كأزمات التضخم، وتكاليف المعيشة، والحروب التجارية، وتدفقات رأس المال خارج الأسواق البازغة، والقلاقل الاجتماعية واسعة الانتشار، والمواجهات الجيوبوليتيكية، وشبح الحرب النووية التى لم يدركها سوى قلة من قادة أعمال الجيل الحالى وصناع السياسات العامة.
وهذه كلها قد تضخمت بالتطورات الجديدة فى المشهد العالمى للمخاطر، بما فى ذلك المستويات الجائرة من الديون، والعهد الجديد للنمو المنخفض، والاستثمارات العالمية الضعيفة، وانحسار العولمة، والهبوط فى التنمية البشرية بعد عقود من التقدم، والنمو السريع غير المقيد للتكنولوجيا مزدوجة الاستخدام المدنى والعسكرى، والضغوط المتزايدة لتأثيرات التغير المناخى، وضغوط طموحات نافذة تتقلص أبداً للانتقال إلى عالم 1.5 درجة مئوية.
هذه جميعهاً معاً تتمدد وتتسع لتشكل عقداً زمنياً فريداً لايقينياً هائجاً مائجاً ننتظر قدومه.
وتصطف المخاطر العالمية بالإسناد إلى خطورتها على مدى عشر السنوات القادمة على النحو التالى:
1. الإخفاق فى التخفيف من التغير المناخى.
2. الإخفاق فى التكيف مع التغير المناخى.
3. الكوارث الطبيعية والأحداث الجوية المتطرفة.
4. فقدان التنوع البيولوجى وانهيار النظام الإيكولوجى.
5. التهجير القسرى على نطاق واسع.
6. أزمات الموارد الطبيعية.
7. تآكل الترابط الاجتماعى وتفاقم الاستقطاب المجتمعى.
8. انتشار الجرائم السيبرناتية وانعدام الأمن السيبرناتى.
9. اتساع المواجهات الجيو-اقتصادية.
10. المدى العريض لحوادث الدمار البيئى.
على أنه كلما تنامت قابلية التطاير فى دوائر المخاطر المتضاعفة يتعجل خطر الكوارث متعددة التأثير.
فالصدمات المتلازمة والمخاطر المترابطة بعمق والمطاوعة المتآكلة تتسبب فى ارتفاع خطر الكوارث متعددة الأوجه حيث تتفاعل الكوارث المتفاوتة على النحو الذى يُزِيِدْ إلى حدِّ بعيد الأثر الكلى على مجموع كل أثر على حدة.
إن تآكل التعاون الجيوبوليتيكى سيكون له تأثيرات متماوجة عبر المشهد العام للمخاطر العالمية على المدى المتوسط، بما فى ذلك المساهمة فى الأزمات المتضاعفة المحتملة للمخاطر البيئية والجيوبوليتيكية والاقتصادية – الاجتماعية المترابطة المتصلة بالإمدادات والطلب عليها من الموارد الطبيعية.
وهنالك أكثر من مستقبل محتمل متمركز حول الغذاء، والمياه، والمعادن، والعجز فى الموارد التعدينية، وجميعها قد تُشْعِل أزمات إنسانية وإيكولوجية – من حروب المياه والمجاعات والقحط إلى الاستغلال الجائر المستمر للموارد الإيكولوجية، والتباطؤ فى التخفيف والتكيف المناخى.
وباعتبار العلاقات اللاتيقنية بين المخاطر العالمية فإن اختبارات استباقية مشابهة مرئية مسبقاً يمكن أن تعين على توقع الرباطات الممكنة التى توجه إجراءات الاستعدادات تجاه تقليص مقياس ونطاق الكوارث المتضاعفة قبل حلولها بزمن كاف.
وفى السنوات القادمة على النحو المستمر ستضع الأزمات المتلازمة تغييرات هيكلية داخل المشهد الاقتصادى والجيوبوليتيكى بما يعجل بالمخاطر الأخرى التى نواجهها.
أكثر من أربع إلى خمس مخاطر عالمية يتوقع المراقبون والأطراف التى تستعد للاستجابة لها أن تتطاير بثبات عبر السنتين القادمتين على الأقل، بصدمات متضاعفة تشكل مسارات منتشرة.
على أن الأطراف القادرة على الاستجابة والمواجهة ترى ذاتها على نحو متفائل بصفة عامة على المدى الأطول.
والحقيقة أنه لاتزال هنالك نافذة لتشكيل مستقبل أكثر أمناً خلال استعدادات أكثر فاعلية، كما أن معالجة التآكل فى الثقة فى العمليات التشاركية المتعددة تعزز من قدرتنا الجماعية على تجنب الأزمات البازغة العابرة للحدود والاستجابة لها، وتقوية الحواجز الواقية التى نمتلكها بالفعل لمعاملة المخاطر العالمية.
يضاف إلى ذلك أن خلخلة الترابطية بين المخاطر العالمية من المقدر أن توسع من أنشطة وإجراءات التخفيف من تأثيرات المخاطر – فدعم المطاوعة والقدرة على التحمل فى مجال واحد يمكن أن يكون له تأثيرات متضاعفة على الاستعدادات الكلية لمجابهة المخاطر الأخرى المرتبطة.
وحيث تتسبب الدلائل المستقبلية الاقتصادية المتدهورة فى موازنات ومقايضات أقسى وأصعب للحكومات التى تواجه هموماً اجتماعية وبيئية وأمنية متزاحمة متضاربة متنافسة فإن الاستثمار فى المطاوعة والقدرة على التحمل يتحتم أن يركز على الحلول التى تعالج المخاطر المتضاعفة، كتمويل إجراءات التكيف التى تتضافر مع المزايا والمنافع المشتركة للتخفيف من التغير المناخى، أو الاستثمار فى المجالات التى تعزز رأس المال البشرى والتنمية.
إن بعض المخاطر الآن صارت قريبة من بلوغ نقطة التفاقم واللاعودة، لكن هذه الآن لحظة عالمية للفعل الجماعى الحاسم، والنظر على المدى الطويل لتشكيل مسار آمن نحو عالم أكثر إيجابية وشمولاً واستقراراً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!