الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاينت لحظة نهايتي في صمت-على سبيل الأقصوصة

بوياسمين خولى
كاتب وباحث متفرغ

(Abouyasmine Khawla)

2023 / 10 / 29
الادب والفن


هل تظنين أنه يسمعنا؟
صمت ثم ربما بالكاد نهيدة غامضة هذا ظني لست على يقين تام. .. صوت احتكاك قماش مخملي، حركة عفوية للجسم. . .. كحة خفيفة ربما كشط الحلق
آسفة هل فعلا لا يسمعنا؟
صوت يجيب بكل ثقة
حتى لو كان يستطيع سماعنا، فإن دماغه متضرر للغاية بحيث لا يمكنه فهم أي شيء
اختناق أنثوي ونهيدة نسوية عميقة
- إهدئي...
ضوضاء خفيفة ومتكررة. ربما لمسة يد على الكتف. نعم، ربما شيء من هذا القبيل. على الرغم من الضباب الذي يخيم على ذهني، لا أستطيع إلا أن أتخيل المشهد. أنا مستلقٍ على سرير المستشفى – كيف وصلت إلى هناك ! - شاب يقف أماميا وزوجتي بجانبي...
مستشفى، أنا متأكد بسبب الرائحة. نفس الرائحة عندما ماتت أمي بالمصحة، الفكرة تجمدني فجأة. زوجتي حياة؟ زوجتي، بفضل صوتها، بالطبع، عرفتها. لقد كنا معًا لمدة عشر سنوات! لكنني لست متأكدًا تمامًا من أنني أتذكر ملامح وجهها بالضبط وهذا ما يزعجني. لو أنني فقط أستطيع رؤيتها، ولو مجرد إلقاء نظرة خاطفة عليها!
طبيب، بالتأكيد، نظرا للمحادثة.
يقول
– لا أريد أن أستعجلك، بالطبع، أعلم أن الوضع فظيع بالنسبة لك.
... في هذه اللحظة بالذات، أدرك أنني لا أعاني. ما هو الفظيع إذن؟
كشط الحلق
، ويستأنف الطبيب
– ولكن القرار يجب أن يتخذ قريبا. فيجيبه الصمت. ولا حتى تنهيدة هذه المرة. مجرد الصمت– قرار مؤلم، وأنا أدرك الأمر جيدا.
أتخيل أنني أقفز وأنط داخليا بقوة دون أدنى حراك جسدي. ماذا ؟ أي قرار؟ عن ماذا يتحدث هذا الطبيب؟!

صمت ...، صمت لا نهاية له. لكن أتساءل عما يتحدث! ، لكن هي لا تسأل، لكنه يجيب على أي حال.
- أعلم أن فك اتصال المريض بالمعدات الطبية التي تبقيه على قيد الحياة الاصطناعية يمثل دائمًا محنة، لكن الانتظار لن يؤدي إلا إلى تأخير وتأجيل حزنك.
أصابع تلمس بعنف جفني جانبًا، ضوء يعميني.
- مجرد ردة فعل عصبية لاإرادية بسيطة.
كلاهما يتنهد. يغلق جفني ويتركني في الظلام وتبتعد اليد. لا ! لا ! من فضلك، حياة، قلي شيئا! قمي بعمل ما !
وفي جهد يائس، تمكنت من فتح جفني إلى النصف. مرة أخرى، أرى صورهما الظلية، واقفين أمام سريري.
— بالنسبة للتبرع بالأعضاء التي تحدثنا عنها، لدينا جميع العناصر التي نحتاجها. أفهم من حركة رأس الطبيب الطفيفة موافقة زوجتي. – لذلك ليس هناك سبب للانتظار أكثر من ذلك.
.
تحركا معا حول سريري وفكرة رحيلهما الآن ترعبني. يجب أن أتحرك، لكي يفهما أنني هنا، على قيد الحياة! تخترقني فكرة أن يفتح المشرط قفصي الصدري ببطء لانتزاع قلبي أو كبدي أو أي شيء آخر يخطر على بالي. أحاول أن أحرك. يدي. لا ردة فعل.. أشعر بهذا الجمود بداخلي، الذي لا يمكن التغلب عليه.
يقول الطبيب
- هناك بعض الأوراق للتوقيع، بالطبع.
ربما عليّ تحريك ساقي! ربما القدم ؟ لا. لا شيء يتحرك،! أضغط بقوة أكبر، وأشعر وكأنني سأنفجر، لكنني أبقى ساكنًا. ثم أفكر في أمي، وهي مستلقية أيضًا على سريرها في المستشفى. هل سمعتني أتحدث عن الجنازة؟ قالت أختي "لا تتحدث بهذه الطريقة أمام أمي" ولم أهتم. والأسوأ من ذلك أنني سخرت منها قائلا : “أمي في غيبوبة، ، دعونا نرى! إنها لا تسمع شيئا! ".


ينطق الطبيب
– حسنًا، سأتركك معه بمفردك للحظة.
أجابت زوجتي حياة بنعم مكتومة ، وأسمع إيماءة رأسه ا مرة أخرى، أتخيل شعرها البني الطويل يتراقص على كتفيها. – يمكنك بعد ذلك أن تأتي لرؤية سكرتيرتي لترتيب كل شيء.
عيون ! نعم، العيون! أحتاج إلى فتحهما أكثر. أجمع ما تبقى لي من قوة، وأحاول أن أخترق هذا الضباب اللعين الموجود في رأسي، وبقوة الإرادة المطلقة، أتمكن من توسيع المساحة الهشة لجفني قليلاً. هل سيكون هذا كافيا؟
أسمع الباب يُغلق، وحياة زوجتي تأتي وتجلس على حافة سريري. أشم عطرها، أو بالأحرى عطرًا. عطر لا أعرفه، ربما تكون حاسة الشم لدي قد تغيرت... كانت تستعمل دائمًا نفس العطر، الذي أهديته لها في الذكرى السنوية الأولى لزواجنا.
- هل تسمعني ؟
لقد تحدثت بصوت أعلى هذه المرة. لكن ربما حقيقة أنني تمكنت من فتح جفني أكثر قليلاً تمنحني الشعور بسماعها بشكل أفضل، لا أعرف... رموشي منفصلتان قليلاً عن بعضهما البعض، ومن خلال هذا الفضاء السخيف، تمكنت من عدم رؤية حياة، بل تخمينها، ضبابية وبعيدة. إنها تجلس وأفهم من لفتتها أنها تعيد ترتيب شعرها البني الطويل. أضغط أكثر قليلاً، وأوسع الفتحة بشكل غير محسوس. أستطيع أن أرى يدها الآن. أحب هذه الإيماءة التي تقوم بها لترويض شعرها، وهو فعل كان يغريني دائمًا. أعاهد نفسي بأنني سأخبرها حالما...

-أود حقًا أن تسمعني..
بالكاد أرى وجهها من خلال عيني المغمضتين، قطعة صغيرة منها، لكن هذا لا يهم، لأنه يطمئنني. إن رؤية ملامحها المألوفة - وإلقاء نظرة خاطفة عليها - يمنحني أملًا جامحًا وأشعر بالقوة مرة أخرى، وبتوسيع الفتحة. أعلم، وأشعر، أنني أستطيع القيام بذلك.
يبدو أنها تبتسم الآن... نعم، إنها تبتسم، أنا متأكد! تلك الابتسامة الرائعة، تلك التي جعلتني أذوب عندما التقيتها للمرة الأولى. يجب أن أخبرها بذلك أيضًا، لم أفعل ذلك أبدًا! لكن يبدو أنها لا تلاحظ أدنى حركة، وأصغر علامة على الحياة في داخلي... أضغط بقوة، وأرهق نفسي، ويتكاثف الضباب في رأسي.
لا تذهبي يا حياة، يا عزيزتي، ألا ترين أنني أفتح عيني نصفًا؟ من المحتمل أنها لا تراني، لأنها نهضت ومشت نحو الباب. بين جفني نصف المغلقين، أستطيع رؤية جسدها يتحرك بعيدًا ببطء. يدها بالفعل على مقبض الباب، وهي تستدير.
من خلال جفني نصف المغلق، أرى بشكل غامض الباب يفتح و وسرعان ما يغلق إلى الأبد.
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط


.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش




.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح