الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتراب من الحقيقة

اسماعيل شاكر الرفاعي

2023 / 10 / 29
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


والحقيقة التي اقترب منها فرضتها حرب المزاح التاريخي الثقيل لتحرير الارض بين حماس واسرائيل : اقول حرب مزاح ، لانها اولاً : حروب ثارات متبادلة تتكرر منذ ربع قرن ، وفي حرب الثارات يتم التركيز على ما تحدثه من خراب شامل ، وما تسفكه من دماء ، ولانها ثانياً : بلا اهداف ، فلا حماس قادرة على تنفيذ شعارها الخرافي بتحرير كامل التراب الفلسطيني ، ولا دولة الصهيونية العالمية قادرة على الاستيلاء على ارض فلسطين من " الماء الى الماء " كما تقول مدونتها الدينية والسباسية ...

امريكا في حرب الثأر هذه ، لم تنحز الى اسرائيل بل تطابقت معها فمنحنا ذلك رؤية التناقض الكبير في تطبيق مبدأ : حقوق الانسان ، بين سياستها الداخلية وسياستها الخارجية . داخلياً يشعر المرء الذي عاش في امريكا لسنين طويلة ، بأن مبدأ العدالة ماثل بقوة في آليات اشتغال مؤسسات دولة امريكا بسبب من استرشادها بمفهوم حقوق الانسان ( ومفهوم المواطنة ) .
اما سياسة امربكا الخارجية فهي مرآة كبيرة لرؤية : الكيفية التي يتم فيها استغلال المباديء الانسانية الكبرى مثل : مبدأ حقوق الانسان العظيم لصالح مصالح امريكا وامنها القومي ...


وبدل ان نسعى الى تبيان الاسباب التي تجعل امريكا تقع في هذا التناقض القاتل ، تعود بنا اطروحات الاسلاميين والقوميين الى تصورات اسلافهم عن الطبائع البشرية الثابتة ( الخبيثة والنجسة والضالة لدى اليهود والمسيحيين وعموم الغرب ) و (طباع العرب وعموم المشرقيين السمحة الروحانية الرحيمة ) . ووفق هذا التصور الاسلاقومچي الكئيب : سيستمر العداء العنصري بين الشرق والغرب بناء على طبيعتيهما المختلفة الثابتة ، فهو عداء ازلي مكتوب في اللوح المحفوظ . في حين ان الرأي الواقعي يرى بان هذا العداء له اسباب ارضية جرت في التاربخ البشري : من استغلال رأسمالي مستمر منذ ثلاثة قرون للعالم ومنه العرب والمسلمين ، وقيام الرأسمالية بتأييد الحركة الصهيونية في سعيها الى الاستعمار الاستيطاني في فلسطين ...


نشير الى ذلك لكي نلفت الانتباه الى ان عامل الثبات في التاريخ المتمثل بالمصالح الرأسمالية : اقوى بما لا يقاس من عالم الثبات المتمثل بالطباع البشرية في عرف مناهج الاسلاميين والقوميين ، ذلك ان الاحداث الكبرى التي حدثت في بحر القرون الثلاثة المنصرمة : هي التي شكلت الانسان الحديث فكرياً ونفسياً واخلاقياً ، ولم تشكلها طباع بشرية ثابتة ، فما يحدث على الارض ، وفي التاريخ هو الذي يغير رؤانا ويمنحنا رؤية جديدة تتضمن دائماً : ما يجب ان تكون عليه حياتنا ، وهذا هو المضمون الاساسي للتعليم الحديث والمحفز على التغيبر ، وليس شرح ما كانت عليه حياتنا ومحاكاتها التي تسترشد بها مناهج التعليم الديني ...


ساتطرق الى ذكر اهم الاحداث التي مرت على البشرية في بحر القرون الثلاثة المنصرمة ، واعادت تشكيل تصوراتنا وعواطفنا ، اولاها : الثورات السياسية التي رفعت من كرامة الانسان الاوربي ، وثانيها : الثورة الصناعية التي رفعت من قوته وقدرته ، ومن مستوى معيشته الى مديات لم يحلم بعيشها : لا فلاسفة اليونان ، ولا انبياء بني اسرائيل ، ولا حتى هارون الرشيد على عظمة املاكه وامتدادها عبر قارات . هذان العاملان جعلا من الانسان الاوربي : سيّد الكون ، ولم يكن كذلك قبل بضعة قرون . فلقد كان المقاتل المشرقي يقابله وبناجزه في الحروب الصليببية ويهزمه ، صنعته سيداً علينا احداث ، وما زال هو السيد الآمر الذي بيده عصب اقتصادنا وبيده : ان يشبعنا ويجيعنا ، يميتنا ويحيينا ...


الوعي التاربخي مطلوب ، الاحساس بما يتخلق داخل هذا التاريخ من ظواهر مطلوب ، الشعور العميق باننا اولاد مرحة في التاربخ هي المرحلة الرأسمالية مطلوب وضىروري كي نعي كيف نبصر الاشياء كما هي ، واين نضع اقدامنا . تحليل علاقتنا بالرأسمالية هي الخطوة الاولى : لاننا سنفهم بعد التحليل بان التفاوت هو القانون الاساسي الذي يقوم عليها الانتاج الرأسمالي : بدون انتاج التفاوت السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لن يستمر الانتاج الرأسمالي ، ولن تستمر الرأسمالية نفسها بالوجود . وعليه فان النظام الرأسمالي الذي ينتج التفاوت هو الذي يجبر امريكا على الانشطار في سياستها الى : امريكا حقوق الانسان ، والى امريكا غير عاملة بمبدأ حقوق الانسان ، وتفضل عليه حصولها على مواد خام واسواق ومناطق نفوذ ، ومن يرتبط بها برباط ( التقوى ) هذا يصبح الصديق رقم واحد ، وتعامله معاملة تفضيلية ( الافضلية احد قوانين امربكا في علاقتها الدولية ، وكان تطبيقها على الصين
هو احد عوامل ارتفاع شأن الصين اقتصادياً برعاية خاصة من " هنري كيسنجر " مهندس السياسة الخارجية الامريكية وقتها ) ...


حين رأيتُ مشهد الاطفال الهاربين زحوفاً من القصف والانقاض ودوي الانفجارات ، ايقنتُ بان امريكا ومن ورائها اوربا اعجز من ان تطبق هذا المبدأ الانساني العظيم ، لا لان شعوبها بلا رحمة : كما يقول منطق البداوة المنبعث على لسان القومچيين والاسلاميين بل لان اانظام الاقصادي الرأسمالي : نظام البحث عن المزيد من الارباح ، ونظام انتاج التفاوت هو الذي بلا رحمة . فمن يبحث عن الرحمة والمحبة والاخوة والانسانية فلن يجدها مدفونة في قلوب الناس بل معلنة على شكل قوانين وشرائع وآليات عمل في جميع دول العالم ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز