الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القيادة في كتاب -لكي لا تكون القيادة استبدادا- خالد الحسن أبو السعيد-

رائد الحواري

2023 / 10 / 29
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات



تكمن أهمية النقد في أنه يعالج المشاكل/الانحرافات التي يقع فيها الحزب/التنظيم، مما يجعله سليم وقوي البنية، فكل التنظيمات والأحزاب التي نجحت في البقاء والاستمرار كان النقد الذاتي نهج وسلوك يومي للقيادة وللأعضاء أيضا، يسرد لنا الباحث نموذجا تراثيا عربيا بقوله: "نقرأ في كتاب البداية والنهاية، خطابا موجها إلى الأمام علي كرم الله وجهه بما يلي: "يا أمير المؤمنين: إن تكلمت خفت منك، وإن سكت خفت عليك، ألا إن قول القائل لك اتق الله، خير لك (ألف مرة) من قوله لك: إنكم من أهل بيت مغفور لكم" ص84، بهذا الروح يؤكد الباحث أهمية النقد وكيف أن إهماله سيؤدي إلى هلاك القائد/القيادة ومن ثم الأمة.
من هنا نجد المكتبة الحزبية/التنظيمية العربية تتحدث بروح النقد الذاتي، لكي تخلص أداة التغيير ـ الأحزاب/التنظيمات ـ من الشوائب وتطهرها من الانتهازيين والفاسدين، فها هو "خالد الحسن" يدلي بدلوه في النقد، موجها كتابه إلى حركة فتح التي ينتمي إليها، مبدي أهمية دور القيادة في رفع مكانة الحزب/التنظيم ثم الشعب/الأمة إذا ما أحسنت تصرفها، ووعت أهمية دورها كأداة تغيير ووسيلة لتحقيق أهداف الشعب/الأمة، أو دورها في تحطيم وضياع الإنجازات إذا ما أساءت التصرف، فهو يعي أن هناك انزلاق خطير تُقدم عليه قيادة فتح بتوقيعها اتفاقية أوسلو: "هذا الاتفاق ثمرة غير قابلة للهضم، للمنهج الخاطئ في القيادة، ثمرة تختزل النضال من أجل الكرامة والحرية، إلى نضال من أجل رغيف خبز وكفى" ص د، لهذا قدم هذا الكتاب إلى القراء، إن كانوا قادة/نخب متنفذة أم كانوا من العامة، من هنا وجدناه يبدي ملاحظة مهمة حول ما يجري في فتح من انزلاقات وما ستؤدي به حتما من ضياع كل ما أنجزته في السابق: "إن الانتصار صعب، والأصعب منه الاحتفاظ بالنصر، لأن الغرور الذي قد يصيب المنتصر، كثيرا ما يؤدي يصاحبه إلى فقدان من كان حوله، فيتدحرج عن قمة النصر، إلى القاع، لأنه لم يستمر في ممارسة أسباب النجاح" ص1، اللافت في هذا الكلام يمكن إسقاطه على كل التنظيمات والمؤسسات، فعدم الاستمرار بالنهج السليم والمحافظة على القيم والأسس التي اعتمدها التنظيم/الحزب في بدايته النقية والصافية، سيؤدي به إلى تهميش الجماهير له، ومن ثم فقدان مكانته وفقدان ما حققه في السابق.
ويتحدث عن سلبية استبداد القائد عندما يرى نفسه (أكبر/أعلى) من الآخرين بقوله: "أما محور تنامي مناخ أسباب الفشل والهزيمة، وما يتبع ذلك من عوامل الفشل والهزيمة، فهو في صمت أو تساهل زملاء القائد في القيادة، تجاه نزعة التفرد والاستبداد...مما يؤدي في النهاية إلى ممارسة الاستبداد والانفراد بشكل يلغي فاعلية القيادة الجماعية، عبر التمهيد لتجمع البطانة الفاسدة من حوله" ص2، طبعا هذا الأمر نجده في غالبية القيادات العربية التي عزلت وتجاهلت كل من عارضها، وأبقت المؤيدين والمنساقين معها، وكان نتيجة ذلك الكوارث ليس على التنظيم/الحزب فحسب بل على الأمة أيضا.
صفات القائد/القيادة
يتناول الباحث مجموعة من الصفات التي يجب توفها في القائد/القيادة منها: "اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب، لتحقيق الهدف المطلوب... أن الحب الأكبر لدى القائد هو الجماهير وقضاياها" ص8و9، وهو بهذا يؤكد أن قيادة الحزب/التنظيم ما هي إلا وسيلة لخدمة الجماهير وأهدافها وتطلعاتها، وإذا ما فقدت القيادة هذا الأمر فمعنى ذلك أن وجودها لم يعد له ضرورة، فكل ما تقوم به هو لخدمة الأمة/الشعب وليس لخدمه أشخاص في القيادة، من هنا نجده يؤكد دور القائد/القيادة في خدمة الشعب/الأمة بقوله: "أن القائد... هو تلميذ، والشعب هو المدرس الذي يمنح النجاح أو يحكم بالفشل" ص19، ضمن هذا الجدلية بين القيادة والشعب/الأمة يجب على الحزب/التنظيم أي يقوم بدوره، وإلا سقط في الجحيم، ومن ثم سيفقد مبرر وجوده وسينعكس ذلك سلبا على مصالح الشعب/الأمة.
ويشير إلى أهمية اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح وإلا ستكون تلك القيادة عبء على ذاتها قبل أن تكون عبء على شعبها: "أن القيادة تفقد شرعيتها وجودها، متى فقدت قدرتها على اتخذا قرارها، سواء كان ذلك عجز، أو نتيجة احتواء الغير لقرار القيادة، حتى لو كان هذا الغير شقيقا أو صديقا أو حليفا" ص21، وبهذا يكون الباحث قد أعطا صورة وافية عن صفات ونهج القيادة التي تريد أن تحقق أهداف شعبها/أمتها.
وعن سلبية هيمنة الأمين العام، قائد الثورة على أعضاء مجلس الثورة، المكتب السياسي يقول: "أن يكون الأمين العام، أو القائد العام كل شيء، فهذا يعني الديكتاتورية الفردية والاستبداد، أما أخطر أنواع هذا الاستبداد، فهو أن تكون الهيئة القيادية غطاء له، بسبب ضعفها وخوفها، فتتحمل مسؤولية القرارات الانفرادية التي تتحول بهذا الغطاء إلى ديكتاتورية واستبداد" ص35، هذا الأمر نجده في كغالبية القيادات ومجالس الثورة العربية، فهناك شخص واحد يحكم ويقرر وعلى الآخرين التوقيع، دون أن يبحثوا أو يناقشوا القرار، من هنا تجدنا في انزلاق دائم، إن كان على مستوى الرسمي وعلى مستوى أداة التغيير أيضا.
التنظيم /الحزب
يبين الباحث أن الحزب/التنظيم لا يضم كل الناس، بل هو يمثل مصالح وأهدافهم وتطلعاتهم، من هنا نجده يحد نسبة المنظمين حزبيا بقوله: "مجموع من ينتمي إلى تنظيم الحركات والأحزاب النضالية والسياسية 1.5% إلى 2%من مجموعة الشعب" ص89، وهذا يتناقض تماما مع ما سعت له حركة فتح بعد أوسلو هندما حاولت تنسيب أعداد كثيرة لها، دون الانتباه إلى أن هناك نسبة وتناسب، وإن هذا الكم سيكون عبئا عليها كما حصل بعد معركة الكرامة، وكما أفقدتها تلك الجموع التي دخلت دون تمحيص ولا بحث مكانتها المرموقة وفي الأردن، أفقدتها في فلسطين.
وعن سلبيات التفريغ ودوره في خراب أعضاء الحزب/التنظيم الذين سيتحولون إلى (مرتزقة/مأجورين) لمن يدفع لهم يقول: "أما إلغاء شعار العمل من خلال التنظيم، وتبديله من خلال العنصر الكفؤ (الكادر) المتفرغ في غير ما هو من الضرورات القصوى، فإن ذلك يحول المناضل إلى موظف" ص94، وهذا ما نجده بعد أن تحولت السلطة الفلسطينية إلى سلطة توظيف وموظفين وليس إلى سلطة وطنية عليها مهام وطنية يجب أنجازها وتحقيقها للشعب الذي ما زال يرسخ تحت نير الاحتلال وبطشه، من هنا نجد تراجع شعبية السلطة وحركة فتح في فلسطين ، لأنها اخترقت كل المحظورات السابقة التي أشار إليها "خالد الحسن أبو السعيد".
الكتاب صدر عام 1994 دون وجود اسم لدار النشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو