الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايديولوجيا

غسان الرفاعي
كاتب وباحث ماركسي من لبنان

2023 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


قرات ما كتبته ايها الرفيق العزيز عن " حق الاختلاف واشكالية التعامل مع الهوية الوطنية الكردستانية ". انه حقا موضوع شيق ويثير الجدل . حفزني على ولوج الحوار ، وان كنت لست في هذه الاونة متفرغا للحوارات الفكرية لاسباب تفرضها الاوضاع السياسية ، كما تعلم .
لقد نجحت ، ايها الرفيق ، برشاقة وعمق ، وبلهجة لا تخلو من التحدي الراقي المحبب ، في طرح جملة من المشاكل الفكرية المعقدة ، لكنها آنية وحاضرة ، على المفكرين وعلى السياسيين ، وعلى الجمهور ايضا ، تتطلب اجوبة واضحة ومحددة .
لابد لي من الاشارة الى ان ما اثار اعجابي بشكل خاص ، في مستهل البحث ، بانك " تتجاوز الحديث عن حق الاختلاف على صعيد الحقوق الفردية للانسان لتشمل الور قة موضوعة الهوية ، وما يخص المجموعات البشرية ..."
بمثل هذا الطرح الموجز والمركز و " البسيط " ، دفعت ، حسب اعتقادي ، بقوة ، على طاولة البحث ، اخطر فكرة تواجه وتتحدى عالم الفكر والمفكرين على صعيد علم الاجتماع البشري في كل فروعه هي مفهوم الايديولوجيا و " الالتباس " الذي يراد احاطتها به جراء اصطناع الانقسام – التناحر المفتعل بين الحق الفردي الطبيعي للانسان في الحوار وفي ابداء الراي، وبين الحق الجمعي ، الموضوعي ، للتكوينات الاجتماعية : الشعب ... الامة !
لقد بتنا نلمس تسرب بعض مظاهر هذا الالتباس ، مع الا سف الشديد ، حتى الى منطق ومنهجية بعض مفكري ورموز قوى التقدم هنا او هناك ، حيث صار توصيف الايديولوجيا يقتصر تحديدا وحصرا ، بالنعت السلبي ، غير الموضوعي ، المشوه للظاهرة الاجتماعية او السياسية ، وللتعبيرات الفكرية الموضوعية .
لا شك ان لفشل وسقوط التجربة الاشتراكية دورها الذي لا يجوز ولا يمكن اغفاله او استصغاره في خلق حالة الاحباط التي ولدت هذا " الارتداد الفكري "... بيد ان الموضوع ، في واقعه وحقيقته ، اوسع وابعد ، من حيث الاسباب، ومن حيث الاستهدافات . اننا ، حسب رؤيتي وتقديري ، امام ظاهرة ، او حملة فكرية – سياسية - اجتماعية خطيرة لقلب كل منجزات علم الاجتماع والسياسة، بمفهومهما العام والشامل من عصر الانوار الى الثورة الفرنسية ، بمنجزاتها التقدمية : الفكرية والمادية ... الى ما قدمه ماركس من نوعي في هذا المجال ، خصوصا .... ، الى التجربة الاشتراكية ( الثورة الاشتراكية ) اجل!.. باخفاقاتها ، هنا ، قبل انجازاتها ، حتى لمن لا يريد تقويم التجربة بموضوعية .



انا اعتقد ، انه في هذا المجال ، على وجه الضبط والتحديد ، يجري اللجوء الى تزوير وتشويه المنطق اللغوي والمنطق العلمي من اجل خلق وترسيخ ذاك المفهوم الخاطىء ، ذي الدلالة السلبية والمسيئة لمفهوم الايديولوجيا ! .... فحسب رؤيتي وقناعتي ان جميع الا راء والمواقف ذات الصلة بقضايا الاجتماع البشري ... وبالسياسا ت ذات العلاقة بها ، كانت وستبقى ايديولوجية : بمعنى انها
منحازة ، وستبقى متصادمة ومتعارضة فيما بينها ! هذه هي الحالة الموضوعية ، الواقعية ، لوضعية الاجتماع البشري ! وفي عالم السياسة كذلك ! ...
ان القوة الاساسية التي تثير هذه الحملة على الصعيد العالمي وتحر ض على تسعيرها هي الراسمال المعولم ومؤسساته الفكرية والاعلامية ، وخاصة في الولايات المتحدة ، تداركا لانبعاث بذور حية ، جديدة ، من رماد التجربة المنهارة ، عبر عملية اعادة تقييم لتلك التجربة ، خاصة في الظروف الراهنة حيث تعاني الراسمالية كنظام عالمي من ازمة مستدامة ، شاملة منذ بداية هذا القرن التي طاولت الصعيد الاقتصادي والمالي والتجا ي على صعيد كل بلد وعلى صعيد العلاقات الدولية ... كل هذه الوقائع والظاهرات الخطيرة التي نعيشها في وقتنا الراهن انما تؤكد ، من جديد ، وبسطوع ابلغ مما كانت تكشفه ايام ماركس ، بان طروحات ماركس النظرية مازالت تحتفظ بصحتها وحيويىتها من حيث الاساس ، وان تجلت التناقضات التي كشفها ماركس بصور واشكال جديدة . ومن الطبيعي ان تترك هذه المتغيرات انعكاساتها على صعيد العلاقات الدولية ... وان نلمس ونتحسس تاثيراتها في ميدان الفكر ، ليس بالضرورة كاستجابة تماشي الحملة التي يحركها الراسمال المعولم ، بل كنتيجة لما يمكن ان نسميها ظاهرة التداخل والتلاقح الفكري الفكري – الايديولوجي ، بحكم الاستقلالية النسبية لطبيعة حركة دماغ الانسان ووظائفه ( القدرة على التخيل ... بناء التصورات وصياغة الاستنتاجات ... المستقاة من انعكاسات الواقع الخارجي او من تحليل الافكار والاراء المتداولة) .
مع التحيات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -