الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((هولوكوست غزة)).. هل يضع المنطقة على حافات ((معركة هرمجدون)) الكبرى؟؟...... (جزء1:)

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2023 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


هـــرمـــجــــدون أو ((ومعركة هرمجدون)) :
معتقد يهودي مسيحي مشترك يؤرخ لنهاية العالم، وتقع هذه المعركة ـ حسب معتقداتهم ـ عند قيام (العالم!!) بشن حرب ضد "دولــة إسرائــيــل" ، بعد أن يتجمع أكثر من مائتي مليون جندي من الكفار (يعني من العرب والمسلمون) من كافة أنحاء العالم، في وادي فسيح محيط بجبل مجدون في أرض فلسطين المحتلة!!

فهـــرمـــجــــدون : هو اسم لوادي فسيح يحيط بجبل مجدون في فلسطين المحتلة ـ تسمى الآن بــ (تل المجيدية) ـ وتقع في مرج أبن عامر، وقد وقعت على أديم هذا الوادي معارك تاريخية كبرى لإمبراطوريات عظمى قبل الميلاد بقرون عيدة ... ومــجــدون ومــجــدو ومــجـــدل....إلخ هي أسماء فلسطينية كنعانية معروفة، ادعى اليهود عبريتها أو عبرانيتها .
ففي التراث الديني اليهودي والمسيحي وحتى الإسلامي، وصف لمعركة و (مقتلة عظمى) تقع حسب المعتقد الديني التوراتي في آخر الزمان، وقرب المنطقة التي تشكل اليوم مسرح (المقتلة العظمى) الدائرة على أرض غـــزة الآن، وربما تتطور هذه المعركة أو المقتلة الكبرى الحالية، وتشكل الحافات الأولية لمعركة هرمجدون التاريخية الموعودة، التي يذكرها التراث الديني اليهودي والمسيحي وحتى الاسلامي بصور واشكال متعددة بعد أن تدخلها اطراف أخرى من أمم عديدة.. لأن غـــــــــزة تقع ضمن المسرح الكبير ـ وهو بلاد الشام عموماً ومدينة القدس خصوصاً ـ الذي تتركز أهم وقائع وفصول معركة هرمجدون على أديمه..
و " هــرمـــجــــدون " هو الاسم الذي يطلقه اليهود والمسيحيون على هذه المعركة الكبرى، أما المسلمون فلا يعطون لهذه المعركة اسماً محدداً .
****
ففي المعتقدات اليهودية أن [المشيح أو المسيا بالعبرية: המשיח] هو إنسان مثالي من نسل الملك داوود سوف يبعثه الله من جديد، فينزل من السماء ويقود الجيوش اليهودية، ويحقق لهم النصر على جميع أولئك الكفار بعد صدام مهول معهم في معركة هرمجدون الموعودة ، ثم يقيم لليهود ["مملكة داؤود" (דָּוִד: بالعبرية) من جديد وعاصمتها القدس، وهي مملكة ـ حسب معتقدات الصهاينة من اليهود ـ ستحكم العالم بأسره، علماً بأن اليهود لا يعترفون بمسيح النصارى عيسى أبن مريم ويعتبرونه كذاباً ودجالاً!!

ويستند اليهود وفق عقيدتهم في معركة هرمجدون إلى (سفر الرؤيا: الإصحاح 16 في التوراة .. حيث يقول:
 ((ثم سكب الملاك السادس جام غضبه على النهر الكبير ـ أي نهر الفرات ـ فنشف ماؤه لكي يُعدَّ طريق الملوك الذين من مشرق الشمس)) يعني ملوك بلاد ما بين النهرين في سورية والعراق: [لأن بلاد ما بين النهرين تشمل العراق وسورية معاً!!]
ويصف (النبي يوئيل) هذا اليوم أو هذه المعركة بفرح عظيم!!
 ((انفخوا في البوق في صهيون، اهتفوا في جبلي المقدس، ارتعدوا يا جميع سكان العالم، يوم الرب مقبل، وهو قريب، يوم ظلمة وغروب، يوم غيم وضباب)) !!.
أما المسيحيون فيعتقدون بنزول (المسيح: عيسى ابن مريم) من السماء ليقودهم في معركة هرمجدون، مستندين في هذا إلى التوراة أيضاً، لكنهم يعنون (المسيح عيسى ابن مريم) مسيحهم، وليس المسيا مسيح اليهود!!
****
أما المسلمون فبعضهم يعتقد أيضاً بنزول السيد المسيح مع (الإمام المهدي المنتظر) في هذه المعركة، مستندين إلى أحاديث نبوية كثيرة، فيها خلاف واختلاف أيضاً بين السنة والشيعة.. فمضمون تلك الاحاديث يقول :
هناك حرب كبيرة ستقع في آخر الزمان ـ الفكرة نفسها ـ ذكرها النبي (صلى الله عليه وسلم) في أحاديثه عدة مرات وإنها ستقع حتماً بين المسلمين واليهود، وأن المسلمين سيقاتلون فيها اليهود ويتسلطون عليهم، وأنها ستقع عند خروج الدجال ونزول المسيح عيسى ابن مريم وظهور المهدي!!
ففي صحيحي مسلم والبخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 ((لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه يهودي: تعال يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله)) .
وفي لفظ مسلم:
 ((لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد)) .
وكذلك يستشهدون بالآيات الكريمة الواردة في سورة الإسراء
 ((وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً* فإذا جَاء وَعدُ أُولاهُمَا بَعَثنَا عَليّكُم عِبادَاً لَّنَا أولِي بِأسٍ شَدِيدٍ فِجِاسُوا خِلاَلَ الدِيار وَكَانَ وَعداً مَفعُولاً..........إلى آخر الآيات)) .. والتي تحتوي على تفاصيل كثيرة لهذه المعركة وتحذيرات أكثر لليهود منها!!
أما عند المسلمين الشيعة الاثني عشرية: فهي نفس هذه الرواية، لكن المهدي المذكور في الأحاديث النبوية عندهم هو الإمام الثاني عشر "الغائب المنتظر" محمد المهدي بن الإمام الحسن العسكري .
****
لم يقتصر الإيمان بمعركة (هرمجدون) على المعتقدات الدينية الصرفة وحدها وعلى المؤمنين بها وحدهم، إنما تعدتها إلى الشخصيات العامة الاجتماعية والسياسية والفكرية في الغرب، ومن مختلف الخلفيات الفكرية والسياسية والدينية! وقد ظهر هذا المعتقد في البدء عند اليهود، وكانوا أكثر الجميع تشوقاً لهذه المعركة، ولهذا اليوم الموعود – لأنهم يعتبرونه يومهم - ويطلقون عليه تسمية" "يـــوم الــلــه" :
وقد عاودت هذه المعتقدات الغيبية الظهور في العصور الحديث عند كثير من اليهود، وكان (تيودور هيرتزل) ـ مؤسس الحركة الصهيونية ـ أكثرهم فائدة منها، وقد اشتق أو استنبط فكرة (الحركة الصهيونية) من هذه المعتقد بالذات.... حيث قال :
 ((إنه ظهر لي المسيّا في عالم الرؤيا ـ وهو أسم المسيح عند اليهود ـ الملك على صورة شيخ حسن، وخاطبني قائلاً: اذهب وأُعلم اليهود بأني سوف آتي عما قريب لأجترح المعجزات العظيمة، وأسدي عظائم الأعمال لشعبي وللعالم كله)).. يقصد بشر شعبي اليهودي ـ شعب الله المختار ـ بالحركة الصهيونية، وكانت هذه هي نقطة الارتكاز، التي أقام عليها (تيودور هيرتزل) الأساس الإيديولوجي للحركة الصهيونية!!
وقول هرتزل هذا قريب الشبه بما قاله يوئيل النبي عن يوم هرمجدون :
 ((انفخوا في البوق في صهيون، اهتفوا في جبلي المقدس، ارتعدوا يا جميع سكان العالم، يوم الرب مقبل، وهو قريب، يوم ظلمة وغروب، يوم غيم وضباب))!! .

وقد بشرت شخصيات وحاخامات يهودية كثيرة غير هرتزل بمثل بشراه هذه، وبمعركة (هرمجدون) ويومها المنتظر..
وعلى سبيل المثال :
فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية نبأً من القدس المحتلة أثناء حرب الخليج الأولى عام 1991م للحاخام اليهودي (مناحيم سيزمون) الزعيم الروحي لــ "حركة حياد" اليهودية حيث قال:
 ((إن أزمة الخليج تشكل مقدمة لمجيء المسيح المنتظر)).. على اعتبار أن اليهود لا يعترفون بنبوة النبي (عيسى ابن مريم) ويعتبرونه نبياً كذابا، وهم ينتظرون (المسيّا) وهو مسيحهم المنتظر!!
وكما هي معتقدات اليهود في معركة "هر مجدون" كذلك معتقدات المسيحيين فيها، لأن الطرفين يستمدان معتقداتهم من مصدر واحد هو التوراة :
فمثلاً القس (بيلي جراهام) صرح في عام 1977 قائلاً:
 ((بأن يوم مجدو على المشارف، وأن العالم يتحرك بسرعة نحو معركة مجدو، وان الجيل الحالي سيكون آخر جيل في التاريخ، وأن هذه المعركة ستقع في الشرق الأوسط))!! .
وبهذا المعنى قال رئيس القساوسة الانجليكانيين
 ((سيدمر الملك المسيح تماماً القوى المحتشدة بالملايين للدكتاتور الفوضوي الشيطاني))!! .

فإذا كان معتقد (معركة هرمجدون) معتقد مشترك تقريباً بين الأديان السماوية الثلاث: اليهودية والمسيحية والاسلامية، فهل ستكون (مــعـــركـــــة غـــــــــــــــزة) ومذبحتها الكبرى الجارية على أرض غـــزة الآن، هي بداية شرارتها الأولى؟؟

*****
وإذا كانت هذه معتقدات دينية يؤمن بها رجال الدين وأتباعهم المتدينون، فهذا أمر طبيعي لا غبار عليه، أما أن يتبناها رجال فكر وقادة سياسيون ورؤساء لدول عظمى وكبرى، ويضعون سياساتهم على أساسها أو بوحي منها، فهذا هو الأمر الشاذ والغير طبيعي تماماً..

يـــــتـــــبــــــع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي